لم يمرّ التعادل الذي حقّقه فريق النادي الإفريقي في مباراة الجولة الفارطة ضدّ الترجي الجرجيسي على ملعب رادس بالذّات مرور الكرام بما أن جماهير النادي ورغم ارتفاع سقف التطمينات بشأن مستقبل الفريق باتت تخشى على ضياع ورقة العبور في ظلّ احتدام المنافسة في أعلى الترتيب وعودة كلّ من النادي البنزرتي والمستقبل الرياضي بالمرسى في السباق من أجل الفوز بإحدى الورقتين المؤهلتين إلى مرحلة البلاي أوف... النادي الإفريقي تنتظره مواجهات صعبة ضدّ القناوية والنادي البنزرتي وخاصة دربي العاصمة الذي قد يكون هذه المرّة أشبه بمباراة كأس بحكم التقسيم الجديد للبطولة وتجاور الفريقين في الترتيب العام... البداية ستكون بمواجهة مستقبل المرسى غدا بملعب عبد العزيز الشتيوي حيث لا خيار أمام الأفارقة سوى تحقيق الانتصار لفكّ الارتباط مع أقرب ملاحقيهم وتحصين موقعهم في المركز الثاني في انتظار خوض مباراتهم المؤجّلة ضدّ النادي البنزرتي... تحويرات مرتقبة... التشكيل الأساسي الذي اعتمده نبيل الكوكي في مباراة الترجي الجرجيسي يبدو منطقيا هو الأمثل بالنظر إلى الأسماء التي ضمّها والى قيمة العناصر التي لازمت بنك الاحتياط غير أن مجريات الشوط الثاني وتصٍّرف الكوكي في الرصيد البشري الموجود بين يديه جعلا الكوكي يراجع حساباته لمباراة الغد ويختار ربّما التعويل على أسماء جديدة بحثا عن إعطاء نفس جديد للفريق الذي لاح جليّا أنّه يعاني نقصا فنيّا بدنيا صارخا...مدرّب الإفريقي عدّل من رسومه التكتيكية ومن خياراته الفنيّة واختار على ما يبدو الزجّ باللاعب الكونغولي بادي مبينزا عوضا عن أشرف الزيتوني في حين سيستعيد مراد الهذلي مكانه في التشكيلة حتّى لو تأخرّ ظهوره إلى الشوط الثاني...في الدفاع تأكّد مرّة أخرى أن الإفريقي يعاني نقصا كبيرا على الجهة اليسري لدفاع الفريق ذلك ان لاعبي الترجي الجرجيسي فعلوا ما اشتهوا وأرادوا في ظهر الإفريقي بحكم تواجد أسامة الحدّادي الذي لا يجيد سوى لعب «التماس»...لذلك تتجّه النيّة لتشريك عمّار الجمل على الجهة اليسري لتأمين الواجب الدفاعي للفريق غير انّ القرار مازال مرتبطا بالجمل نفسه الذي يسعى للتخلّص من بعض الكيلوغرامات الزائدة والتي حالت دون الظهور بحيوّته المعهودة... «جابو» يمارس صلاحياته... لا يختلف عاقلان حول القيمة الفنيّة للاعب الجزائري عبد المؤمن جابو الذي يعتبر أفضل لاعب في الفريق و البطولة على حدّ السواء وهو هدّاف الإفريقي إلى حدّ الآن برصيد خمسة أهداف وارتقى في زمن وجيز إلى مرتبة معشوق الجماهير الأوّل...كلّ هذا ما تسرّب إلى نفسية اللاعب الذي بدأ يمارس صلاحيات النجم الحقيقي حيث تغيّرت تصرّفاته وطريقة معاملته مع زملائه... جابو الذي سمعنا عنه الكثير من خلال بعض الزملاء الصحفيين الجزائريين خلال إقامتنا بجنوب افريقيا ينبض على الميدان على ايقاع آهات الجماهير وهو من صنف اللاعبين الذين يعشقون الثناء على مردودهم والتنويه بمخزونهم الكروي الكبير وهو يميل في داخله إلى استعراض نجوميته والتعالي على بقيّة زملائه حتى يكون النجم الأوحد وهذا ما لاحظناه في المباراة الأخيرة حيث تعمّد جابو التوجّه مباشرة إلى حجرات الملابس بعد تعويضه في الشوط الثاني في محاولة منه لتمرير استيائه من مردود زملائه ومن خيارات مدرّبه الذي لم يفهم بعد أنّه يملك لاعبا فريدا من نوعه اسمه عبد المؤمن جابو... وللسماسرة نصيب... نبقى مع النجم الجزائري لنشير إلى أن هيئة الإفريقي بدأت تجد صعوبة في تهدئة خواطر لاعبها والمحافظة على تركيزه بما أن اللاعب بات يفكرّ مليا في مغادرة الفريق نزولا عند حلم الاحتراف الذي يستهويه... الأمر يبدو مفهوما جدّا فاللاعب لفت إليه الأنظار منذ وطأت قدماه الملاعب التونسية والسماسرة يترصدونه من كلّ حدب وصوب وكلّ يغنيّ على ليلاه...من جانبها قدّمت هيئة الافريقي تطمينات الى عبد المؤمن جابو مفادها إنها مستعدّة لتسريحه متى توّفر العرض المناسب وما عليه سوى التركيز على مباريات الفريق وعلى تطوير مستواه حتى يكون العرض في مستوى طموحات الطرفين... أيّ إضافة ل«الكوكي»...؟ ليس من المستبعد أن يدخل الإفريقي مرحلة البلاي أوف بمدرّب جديد خلفا لنبيل الكوكي هذا طبعا في صورة تحقيق فريق باب الجديد الترشّح لأن رئيس الإفريقي غير راض بالمرّة على قيمة العمل الذي يقوم به الكوكي على رأس الفريق ذلك وانه ورغم الانتصارات الخمسة التي حقّقها الإفريقي في الجولات الستّ الأخيرة فان لمسة المدرّب كانت غائبة تماما وكلّ ما حصل على الميدان كان بفضل انجاز فردي من بعض الأسماء القادرة على صنع الفارق في كل زمان ومكان... نقول هذا الكلام لأنه من غير المعقول ان يواصل ماهر الحداد اللعب بتلك الطريقة البدائية فيما يكتفي الكوكي بالفرجة كلّ هذا الوقت كما انهّ من غير المعقول أن يلعب الإفريقي بأربعة لاعبين «جوكير» دفعة واحدة دون أيّ انضباط تكتيكي وهم الذوادي والحداد و جابو وأشرف الزيتوني لا لشيء سوى لان المدرّب يجهل طريقة توظيفهم في الفريق وكيفية انتشارهم على الميدان كما أنّه من الغريب حقّا أن ينحني الفريق في كلّ الأشواط الثانية التي لعبها ويفسح فيها المجال لمنافسيه في وقت من المفترض أن تظهر فيه حنكة المدرّب وبصمته وحسن تصرّفه مع مجريات المباراة وليس الاكتفاء بافتعال الإثارة والقفز من على حافة الميدان... ليس هذا من باب التجنّي على نبيل الكوكي لكن من يشاهد مباريات الافريقي يدرك جيّدا طبيعة ما نقول فالكرة تتنقّل على الميدان وفق ميولات اللاعبين وصنعة البعض منهم ولا وجود لما يمسّى بالرسم التكتيكي أو لبصمة المدرّب ويمكن القول إن صلاحياته الوحيدة تبدأ وتنتهي عند اختيار التشكيلة فقط لا غير... أحيانا قد تكون وفرة الأسماء وتعدّد النجوم في فريق ما سلاحا ذا حديّن خاصة إذا لم تتوفّر في مدرّب الفريق عدّة شروط من بينها قوّة الشخصيّة وتعوّده على ترويض الأسماء الكبيرة كما هو الحال في الإفريقي في نسخته الحالية...إبقاء الحدّاد أو جابو على البنك أو تغيير الذوادي ما بين شوطي المباراة تعديلات لا يفعلها أيّ مدرّب خاصة أولئك الوافدين حديثا على عالم التدريب...