علمت «التونسية» ان الطفل الذي تم التغرير به يوم الثلاثاء من طرف بعض السلفيين الناشطين في مدينة القصرين واقناعه بالتحول الى «الجهاد» في سوريا ونجح في الهرب منهم بمدينة سوسة قبل ساعات قليلة من ترحيله الى ليبيا كشف لأعوان الامن عن معلومات خطيرة جدا حول تواجد شبكة لتجنيد أطفال وشبان بل وحتى فتيات من أجل إرسالهم الى الحدود السورية حيث افاد حسب ما ذكره في لقاء جمعه ب«التونسية» انه وقع اختطافه من امام المعهد الذي يدرس به في القصرين على متن سيارة فيها شخص يلتقي به من حين لاخر بمسجد في المدينة كان دائما يحاول اقناعه بأن الجهاد في سوريا واجب على كل مسلم قادر عليه وانه لما وجد منه تجاوبا خلال لقاءاتهما السابقة بالمسجد استدرجه صباح الثلاثاء الماضي إلى امتطاء السيارة صحبة شخصين اخرين ملتحيين دون ان يدري انهم كانوا سيأخذوه خارج القصرين ثم توجهوا به الى سوسة استعدادا لتمكينه من جواز سفر وترحيله الى مدينة بنغازي في ليبيا للخضوع الى تدريبات عسكرية قبل السفر الى تركيا ومنها نحو سوريا حسب ما ذكروه له اثناء الرحلة من القصرين الى سوسة.. وأضاف أنه استغل عطب حصل لسيارة مرافقة لهم في مدخل سوسة على متنها مجموعة اخرى من الاطفال والشبان المغرر بهم التقوا بهم في «سانية» قرب سوسة للهرب والتوجه الى أعوان الأمن وإبلاغهم بالامر .. و أفادنا انه خضع في منطقة الأمن بسوسة الى سلسلة من التحريات والاستنطاقات ذكر فيها كل المعلومات التي لديه منذ تعرفه على السلفي (كهل في العقد الخامس من عمره) في احد مساجد القصرين الى حين فراره مرورا بالرحلة التي قادته من القصرين الى سوسة بما في ذلك المكان الذي اخذوه اليه في «سانية» بضواحي سوسة قيل له في ما بعد انها على ملك احد اصهار الرئيس السابق بقيت مهجورة فتم استغلالها من طرف المجموعة لتكون مركز تجميع «المجندين» وقد شاهد فيها شخصين ملتحيين وعددا من الشبان في مثل سنه واكبر منه قليلا كانوا سيذهبون معه الى ليبيا.. و قد مكنت المعلومات المذكورة الامن من محاصرة «السانية» واقتحامها في ساعة مبكرة من يوم اول امس الاربعاء إلا انهم لم يجدوا فيها الا آثار المجموعة التي كانت بها لان هروبه منهم جعلهم ياخذون احتياطاتهم ويتركون المكان ويتجهون الى مكان آخر ما يزال مجهولا وربما غادروا سوسة نحو الجنوب في اتجاه ليبيا .. ولتعقبهم تم الاعلام بلون ونوعية السيارتين اللتين كانوا على متنهما احداهما «سطافات» ووضعهما على قائمة السيارات المفتش عنها مع تركيز دوريات لمراقبة مختلف الطرقات المؤدية الى سوسة والرابطة بينها وبين الجنوب.. هذا وكان من المفترض توجيه الطفل من سوسة الى فرقة القضايا الاجرامية بالقرجاني لمواصلة التحقيق معه كشاهد في الحادثة الا ان عائلته اصرت على استعادته ليبقى معها 24 ساعة حتى يتخلص من آثار الفترات العصيبة التي مر بها فتم السماح لها بارجاعه الى القصرين على ان يتحول صباح اليوم الى العاصمة. وفي هذا الصدد علمنا انه نظرا لظروفه الاجتماعية الصعبة فانه لا يستطيع توفير ثمن تنقله الى تونس فتوجه أمس الى منطقة الامن الوطني بالقصرين صحبة عمه وطلب مساعدته على السفر للعاصمة لكن وحسب ما علمنا من عمه فانهم افادوه بان ذلك غير ممكن وهو ما يعني (الى حد البارحة) انه لن يتمكن من التنقل إلى العاصمة لمواصلة الابحاث.. من جهة اخرى ومن خلال اطلاعنا على حالة عائلة الطفل فاننا اكتشفنا انها تعيش ظروفا اجتماعية صعبة جدا فوالده أصيب في حادث مرور منذ سنوات واصبح مقعدا تماما بعد ان كان يشتغل سائق سيارة تاكسي وهو ينتظر لفتة لتمكينه من رخصة لتعويض ما اصابه من اضرار بدنية جسيمة ووالدته مصابة بمرض مزمن (ضغط الدم) ولما علمت باختفائه تعكرت صحتها وتم نقلها الى المستشفى الجهوي بالقصرين أين بلغ ضغطها 22 وهي الى الان في وضعية حرجة وشقيقه عاطل عن العمل شارك قبل وبعد الثورة في عديد المناظرات لدخول سلك الامن أو الحماية المدنية دون جدوى وشقيقته الاخرى تلميذة وليس لهم اي مورد رزق .. وكانت هذه الوضعية الاجتماعية العامل الاول الذي جعل الطفل يدخل عالم السلفية ويتجاوب مع الافكار «الجهادية» قبل ان يستعيد رشده في آخر لحظة ويهرب من الطريق التي كانت ستؤدي به الى الهلاك في سوريا.. ومن خلال حديثنا معه هو وعمه ألح علينا هذا الأخير بأن نبلغ طلبا مؤكدا من العائلة الى السلطات الامنية بالقصرين من اجل توفير الحماية له لأنّ بعض الاطراف المعنية بالحادثة التي وقعت قد تحاول الانتقام منه بعد ان كشف مخططها وفر من بين أيديها.