تونس :كلفة فترة المراجعة لتلميذ الباكالوريا بين'' المليون و3 ال ملاين''    الإصلاح التربوي ..نحو تجديد التّاريخ المدرسي    تقدر ب142 مليون دينار: أستاذ قانون بنكي يكشف مآل الخطايا المالية المسلطة على البنوك..    قيس سعيد : '' المسؤولية الوطنية تقتضي إرساء العدل بتشريعات جديدة تنصف المظلوم''    عاجل/ رئيس الدولة يطالب باعفاء هؤولاء المسؤولين..    الأقسام... صناديق حديد جاهزة ...معاناة الصيف في مدرسة الفتح بفوسانة    بمدرسة حي المطار بتوزر ...المربية حنان بدرالدين تودّع تلاميذها كالنجوم    بوادر صابة القمح الصلب واللين محور لقاء رئيس الدولة بوزير الفلاحة و كاتب الدولة    عاجل/ بقوة 7 درجات: راصد الزلازل الهولندي يحذر من زلزال قوي خلال أيام..    بسبب مشاركة إسرائيلي.. عراقي ينسحب من نهائيات بطولة سباحة    تصفيات مونديال 2026 : المنتخب التونسي من اجل الفوز الثالث على التوالي والمحافظة على الصدارة    "كاف" يعلن مواعيد انطلاق النسخة الجديدة لمسابقتي رابطة الأبطال والكونفدرالية    ديوكوفيتش غير متأكد من استمراره في فرنسا المفتوحة بعد إصابته في ركبته    هام/ المجمع المهني المشترك للتمور ينتدب..    طقس الثلاثاء: أمطار بعد الظهر في هذه المناطق والحرارة بين 24 و40 درجة    في المعهد العالي للفنون والحرف بتطاوين ...7 آلاف كتاب هبة لمكتبة المعهد    استراليا: اكتشاف سلالة شديدة العدوى من فيروس إنفلونزا الطيور    اكتشاف سلالة شديدة العدوى من إنفلونزا الطيور في أستراليا    عاجل/ اكتشاف سلالة شديدة العدوى من فيروس إنفلونزا الطيور في هذه الدولة..    منها مخزون المياه بالسدود: هذه محاور لقاء رئيس الجمهورية بوزير الفلاحة    قرارات وزارة الشباب والرياضة إثر معاينة الأضرار بملعب رادس    حرائق شمال الكيان الصهيوني.. التهمت 4000 دونم وإصابة 11 شخصا    الكيان الصهيوني يواصل مجازره.. استشهاد 6 في غزة و5 في الضفة الغربية    صواريخ حزب الله تحرق "كريات شمونة"    رسميا.. جوائز "الأفضل" في دوري أبطال أوروبا    الثّلاثاء: كيف ستكون حالة الطّقس و درجات الحرارة؟    الملتقى الوطني لفنون الصّورة والسّينما والفنون التّشكيلية بالمهدية .. عروض ثريّة للإبداعات والمواهب التلمذيّة    بتعلّة أنه يسبّ الجلالة ...إرهابي يذبح شابا في جبل الأحمر بالعاصمة    جبنيانة.. ثراء فاحش لشبكة مختصة في الاتجار بالأشخاص    القصرين..اختبار الباكالوريا.. أكثر من 5 آلاف مترشّح و16 حالة تتمتع بإجراءات استثنائية    المغرب/ إحباط محاولة تهريب أكثر من 18 طنا من المخدرات    صفاقس.. قلع 168 كلم خطيّا من التين الشوكي المصاب بالحشرة القرمزية    سوق الجملة ببئر القصعة: ارتفاع سعر البصل ب137 %    عاجل : التن المعلب الموجود في الاسواق هو تن مجمد مورد يتم تحويله في تونس    بيت الحكمة يُصدر كتابا بعنوان "رحلة اليوسي" لمحمّد العيّاشي بن الحسن اليوسي عن تحقيق الباحث التونسي أحمد الباهي    كهل يُقدم على الانتحار داخل منزل مهجور بهذه الجهة    المؤسسات الصناعية في تونس : تشغيل حوالي 534 ألف عامل    المشتبه به عربي الجنسية: إلقاء قنبلة على سفارة الاحتلال في رومانيا    حادث اصطدام بين تاكسي جماعي وسيارة بسوسة..وهذه حصيلة الجرحى..    الاستعداد للحج .. "شوق" وعادات وفيه "منافع للناس"    الشركة الوطنية لاستغلال وتوزيع المياه الدولية: تراجع النتيجة الصافية ب30 بالمائة في 2023    وزير الشؤون الخارجية يشارك بسيول، في الاجتماع الوزاري التحضيري للقمة الأولى الكورية-الإفريقية    "الهريسة التونسية" إصدار جديد للتعريف بهذا التراث الغذائي التونسي المسجل على لائحة اليونسكو    التواتي: تحديد سعر لحم الضأن ب43 دينارا للكلغ    مباراة تونس و غينيا الاستوائية : أسعار التذاكر ... متى و أين ؟    أحرز اللقب على حساب دورتموند .. الريال «ملك» رابطة الأبطال    الهند: 25 ألف ضربة شمس ووفاة العشرات بسبب موجة حر    اليابان : زلزال قوي بلغت شدته 5,9 درجات يضرب وسط البلاد    الفنانة إبتسام الرباعي ل«الشروق».. أتمنى تطهير الساحة الفنيّة من الدخلاء    القيروان: برمجة ثرية في مهرجان المشمش بحفوز (صور)    فيلم "المابين" لندى المازني حفيظ يتوج بجائزة أفضل فيلم في مهرجان الفيلم العربي بروتردام    عاجل - تونس : ارتفاع استهلاك السجائر لدى اليافعين والأطفال تزداد أكثر فأكثر    نقص أدوية وطول إجراءات...مرضى السرطان يعانون في صمت!    لأول مرة في الكويت: نجوم مصريون يحيون 'ليلة النكد'    وفاة المخرج الشاب محمد أمين الزيادي    متى تبدأ ليلة وقفة عرفة؟...وموعد صيام العشر الأوائل من ذي الحجة    من الواقع .. حكاية زوجة عذراء !    الشايبي يُشرف على افتتاح موسم الأنشطة الدّينية بمقام سيدي بالحسن الشّاذلي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



محمد عمران (رئيس اتحاد الطرق الصوفية بتونس) ل«التونسية»:«تونس ترابها سخون».. وكل من يكفّر مسلما كافر
نشر في التونسية يوم 10 - 04 - 2013


الإسلام ليس بضع آيات مكية تبرّر سلوك المتشدّدين
لسنا في حاجة إلى أوصياء على العباد... فللجميع ربّ يحاسبهم
الفكر الوهابي فكر هدّام وجاهزون لمجادلة دعاته بالكتاب والسنة
كان «اتحاد الطرق الصوفية» سباقا الى التنديد بعمليات إحراق الزوايا وأضرحة الأولياء من قبل اطراف رأت في هذه الأماكن فضاءات للشرك بالله فيما يصر الإتحاد على ابراز دور الزوايا في نشر التعاليم الصحيحة للدين الإسلامي بعد أن قامت بدور استراتيجي في حماية المناضلين إبان الإستعمار الفرنسي الذي ظل يحترم هذه المقامات ويقدسها ولا يقدم على اقتحامها بالرغم من تأكده من اختباء المجاهدين التونسيين داخلها.
السيد محمد عمران رئيس «اتحاد الطرق الصوفية» تطرق في حواره مع «التونسية» إلى أهم الأنشطة التي قام بها الإتحاد منذ تأسيسه مبرزا ان تونس لها مشايخها وعلماؤها وأنها بذلك في غنى عن الدعاة الذين يأتون لتغيير النمط المجتمعي للتونسي المتسامح والمتفتح.
ودعا السيد عمران الى ثورة ثقافية فكرية على التيارات المنغلقة التي ترفض الانصهار صلب المجتمع التونسي المتعدد الألوان حاثا الى الابتعاد عن سياسة التكفير التي تنتهجها بعض الجهات المتطرفة التي تتهدد وحدة البلاد.
بداية، ماهي اهداف الإتحاد وماهي ابرز انشطته منذ تأسيسه ؟؟؟
الحقيقة ان الصوفية موجودة في تونس منذ القرن السابع هجريا (حوالي سبعة مائة عام ونيف) بفضل علماء هذا المقام (أي التصوف) الذين تتلمذوا على ايدي كبار المشايخ في تونس وفي الدول الإسلامية الأخرى. وقد تكوّن الاتحاد أواخر عام 2011 ولكن نشاطه الفعلي انطلق خلال شهر رمضان المبارك 2012.
نحن نسعى الى نشر التوعية الصوفية في اذهان المعاصرين والى الإسهام في الحفاظ على استقرار بلادنا ونمائها. فنحن لدينا في تونس اعداد كبيرة من الأولياء الصالحين على غرار سيدي علي ابن زياد الذي كان أول من أدخل الموطئ للإمام مالك إلى تونس وشمال افريقيا خلال القرن الثاني هجريا وسيدي محرز ابن خلف حفيد الخليفة الراشد الأول سيدي أبو بكر الصديق رضي الله تعالى عنه وسيدي أبو سعيد الباجي شيخ كبير العارفين سيدي محيي الدين بن عربي، وسيدي ابراهيم الرياحي وسيدي أبو الحسن الشاذلي...
والحمد لله ان تونس ما يزال بها العلماء والصالحون من علماء الزيتونة. ومرجعيتنا هي العقيدة الأشعرية التي تعلّم المريد والمحب وتعلّم كذلك طالبي العلم وعامة الشعب الإعتدال في الدين بما يعني تحقيق التوازن الذهني والروحي حتى يبتعد عن التعصب والتطرف والتشدد ويكون قريبا من اخيه المسلم متفاعلا معه بمحبة ورحابة الصدر امتثالا لقوله صلى الله عليه وسلم : «لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه». وكل هذه الأهداف في الحقيقة استقيناها من الكتاب والسنة النبوية فرسول الله صلى الله عيه وسلم يقول: «انما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق» ونحن على خطاه وهديه نسير ونجتهد والله الموفق. فلولا مكارم الأخلاق لما بعث الرسول الكريم.. وهنا تتجلى اهمية الأخلاق، فالله تعالى يقول عن رسوله: «وانك لعلى خلق عظيم». فالله تعالى اهدى الأمة الإسلامية نعمة الأخلاق، ولذلك يصح القول بأنه لولا رسول الله صلى الله عليه وسلم لما خلق الكون.
والحمد لله، ان الثورة اخرجت كل ما في داخل التونسي من حب لله ولرسوله الأكرم، خاصة ان النظام القديم كان يمارس ضغطا على الناس حيث احتل المساجد وزرع أمنه فيها حتى أن التونسيين لم يعودوا راغبين في الصلاة بالجوامع كما أرسى خطابا دينيا غريبا عن الإسلام قوامه السياسة مما زاد في ابعاد الشعب عن اسس دينه. وخلال فترة الانغلاق هذه، انتشرت الفضائيات التي اختصت في تفسير الدين الإسلامي كلا على طريقتها.
فالتونسي العادي عامة من ذوي المستويات التعليمية العادية، لما يشاهد على الفضائية شخصا ملتحيا يبكي ويتكلم ويفسر الآيات القرآنية والأحاديث النبوية على طريقته، فإنه من الطبيعي ان يتأثر به ويتبع ملّته، وبالتالي فكل من يتابع قناة وهابية يصبح وهابيا هو وكافة اسرته وكل من تابع قناة صوفية يتصوف هو وعائلته إلخ...
ولما جاءت الثورة، اخرج التونسي بفضل حرية التعبير التي منحتها لنا الثورة، كل ما لديه من معطيات متضاربة وتكوين خاطئ في اغلب الأحيان حول تعاليم الإسلام من مخلفات الفضائيات... كما عمت حالة من الفوضى والإختلاف في الرأي والموقف جميع اوجه الحياة والدليل ما نراه اليوم من انقسام وتصادم وصل حد الإغتيال السياسي. وقبل الانتخابات وصلنا الى احتلال المنابر من طرف فئة معينة تدعو الى التصويت لها باعتبارها المرجعية الدينية الوحيدة والوصية على الإسلام، ونحن نقول لهذه الفئة لسنا في حاجة الى من يعلمنا بحسب هواه ديننا.
نحن لدينا جوامعنا ومساجدنا واولياؤنا الصالحون ومشايخنا الزيتونيون ولدينا العقيدة الأشعرية.. عندنا علماء الحديث والفقه وتاريخ الإسلام... ثم ان اقدام فئة متطرفة على حرق 40 مقاما من مقامات الأولياء الصالحين بمختلف جهات البلاد لم يمس عزيمتنا واصرارنا على المحافظة على قيمنا واسس طرقنا الصوفية كما يقول عز وجل في الحديث القدسي: «من عادى لي وليا فقد آذنته بالحرب». وبالفعل فقد تضاعفت رغبتنا في دعم «اتحاد الطرق الصوفية» بعد ان ازدادت اللحمة بين اعضائه طالما ان الخطر بات حقيقة نلمسها كل يوم في دعوات التكفير والحرق والتخريب ونبش القبور ونشر الفكر الظلامي.
بالإضافة الى ان اعتداءات الفئة الظلامية على مقامات أسيادنا طوّر حرص المشايخ على تكوين كتلة واحدة في وجه الظالمين الذين الحقوا ضررا كبيرا بالمقامات ولكنهم لم يصلوا الى اجتثاث واستئصال العقيدة الثابتة في نفوسنا ...
ولكن التيارات المتشددة تقول ان هذه المقامات أضحت فضاءات للشعوذة ولممارسة طقوس تكفيرية تشرك بالله؟؟؟
حاشا أولياءنا الصالحين وشيوخنا ان يكونوا عملوا او يعملون على نشر الشعوذة او ممارستها او السماح لمنتحليها ان يمارسوها في مقامات الصالحين حاشاهم.. انهم سخروا حياتهم لتعليم الأصول الصحيحة للدين الإسلامي وقواعده وقيمه السمحة المبنية على إيثار الغير وحبه والوفاء له والإخلاص لله والسير على الطريق الصحيحة فلا ايذاء ولا ظلم ولا اجرام في حق الآخر..
فشرب الخمر وتعاطي المفاسد والسرقات والتخريب نهى عنها الإسلام فلا تنسب إليه بمجرد أن مسلم أو بعض المسلمين ارتكبوها، ومع ذلك لم يكفر الإسلام مرتكبي هذه الخطايا.
إن اولياءنا الصالحين بنشرهم الدين الإسلامي كانوا يؤسسون لحياة ديمقراطية مسؤولة فما من دين كالدين الإسلامي يعترف بحق الإختلاف مع الآخر مع ضمان احترامه مهما بلغت درجة الإختلاف... والإسلام كرم الإنسان ووضع المرأة الأم والأخت والإبنة في منزلة تليق بها واعطى قيمة للأسرة، حتى أن إحدى النائبات في الكونغرس الأمريكي طالبت بتشريع قانون يضمن للمرأة الأمريكية بعض ما ضمنه الإسلام للمرأة المسلمة بعد 14 قرنا تقريبا..
ونحن اليوم في امس الحاجة الى فهم هذه القيم والرجوع اليها وتطبيقها لإنقاذ مجتمعنا من الأهوال والمخاطر التي تترصده من كل جهة. ونحن مدعوون كشعب الى التكاتف والتضامن فيما بيننا بعد ان كان النظام السابق قد ضربنا في عمودنا الفقري، في ديننا، في عزتنا بين الأمم ولكن والحمد لله الأصل لا يزال بخير.. صحيح ان الشعب فقد صبره ولكن علينا ان نغذي احساسنا بالصبر وان نضاعفه في قلوبنا ..
صحيح أن هناك من تفوق أجرته الألف دينار ولكنه يضرب عن العمل مطالبا بالزيادة والحال ان بلادنا بها اكثر من 800 ألف عاطل عن العمل، وهذا دليل على تجذر «الأنا» عند البعض ممن يجب توعيتهم التوعية الدينية الإسلامية بضرورة إيثار الغير.
ولئن كنا نجحنا في ثورتنا فاليوم من واجبنا ان نوشح هذا النجاح بثورة روحية تعيد للإسلام مكانته في القلوب... وتحببنا لبعضنا البعض. نعم ينقصنا حب بعضنا وقبولنا بالآخر وينقصنا أيضا التشبع بوصايا الوحيين كتابا وسنة...
ليعلم الجميع، ان الزوايا والمقامات كان لها دور تربوي وتعليمي وأخلاقي واجتماعي ونضالي أيضا. فقد كانت الزوايا فضاءات لتعليم الدين واسسه وقيمه. والتاريخ يحفظ للمقامات والزوايا حرصها على اخفاء الفلاقة والمناضلين من اجل استقلال تونس عن المستعمر الفرنسي ابان حرب التحرير. كما تثبت كتب التاريخ ان الفلاقة الذين كان لهم الفضل في طرد المستعمر خرجوا من الزوايا ومن جامع الزيتونة باعتبار قدسية هذه الأماكن التي كانت بمثابة الخط الأحمر الذي لم يتجاوزه المستعمر.
أية نظرة يلقيها «اتحاد الطرق الصوفية» على المشهد المحلي هذه الأيام خاصة وان اعضاء الإتحاد هم تونسيون بالأساس ويتفاعلون مع الواقع اي انهم في اتصال وثيق بالمجتمع ولا يعيشون عزلة كما كان المتصوفون القدامى؟؟؟
نحن في الاتحاد على قناعة راسخة بان تونس لا تتحمل العنف بكل تمظهراته. وكما يقول اسيادنا «تونس ترابها سخون» وكلها اولياء صالحون والتونسيون لا يطيقون العنف ويرفضونه ويعارضون النوايا الدنيئة والسلبية الرامية الى تحقيق اغراض سياسية أو مادية أو جريا وراء المناصب. فلا سبيل الى فسح المجال امام هؤلاء المفسدين ونحن لهم بالمرصاد ولا سبيل لإعطائهم الفرصة للتواجد بيننا.
هل تتطارحون صلب الإتحاد الشأن السياسي ام تكتفون بالأمور الدينية الروحية الصرفة؟؟؟
بصدق، نحن في الإتحاد نسعى الى الحفاظ على حيادنا تجاه التجاذبات السياسية والتوجهات الحزبية الضيقة، لأن حيادنا هو شعارنا ولا نبغي سوى التمسك بحصانة المقامات والزوايا وحيادها عن الصراعات السياسية التي نعيشها اليوم.
ولكن في صورة تراكم اخطاء الحكومة، فان لنا كلمتنا من خلال صناديق الإقتراع بالنظر الى حجم قاعدتنا التي تفوق حجم اي حزب سياسي بالرغم من جهل البعض بطرقنا. فنحن نغلب مصلحة البلاد على مصالح الفئات المتحزبة جميعها. صحيح ان الشأن الديني يهمنا بالدرجة الأولى ولكن مصلحة البلاد تضاهي اهتماماتنا الدينية، وكل مس بها نعتبره مسا بمصلحة الوطن ككل.
وأؤكد هنا انه لو اضطرتنا الظروف الى دخول معترك السياسة من اجل الإسهام في تحقيق استقرار بلدنا، فلن نتردد لحظة واحدة في ذلك... ان تونس عزيزة علينا ولن ندعها في ايدي الغزاة الجدد من وهابيين وظلاميين لم يكن لهم دور في استقلالها ولا في الرفع من شأنها... لا مجال ان نهدي تونس الى هذه الفئة الظلامية ونحن على اتم الإستعداد للنضال الى جانب المجتمع المدني لمكافحة الأنماط المجتمعية الغريبة التي جاءت من بلدان اخرى وما قيام هذا الإتحاد إلا دليل على حرص أعضائه على مصلحة البلاد العامة التي لا يمكن تحقيقها في معزل عن الدين وينبوعه الكتاب والسنة..
وانتهز هذه الفرصة لأؤكد لكل الذين يحلمون بتونس وهابية على انه من المستحيل ان يكون لهؤلاء مكان بيننا، فتونس بلد الإعتدال والتسامح والتعاون وبلد الإسلام المعتدل ولا سبيل الى دعاة الظلامية والوهابية... هؤلاء لا مكان لهم بيننا ولا تربطنا بهم اية سلطة لا في الماضي ولا في الحاضر ولا في المستقبل... ليكن هذا الأمر معلوما وندعوهم كما ندعو لهم بالعودة إلى جادة الإسلام على منهج العقيدة الأشعرية التي هي أصل العقيدة في بلاد المغرب العربي كله...
برز «اتحاد الطرق الصوفية» أكثر بعد الإعتداءات التي طالت مقامات الأولياء الصالحين، الى اين وصلت تحقيقاتكم الخاصة صلب الإتحاد حول منفذي ومخططي هذه الأعمال الإجرامية؟
كنا نبّهنا منذ حرق العشرين مقاما الأولى واكدنا ان الزوايا ليست خطوطا حمراء فحسب بل حائط من الترسانة... كما وجهنا رسائل مضمونة الوصول عبر وسائل الإعلام لكل من تسول له نفسه التعدي على احد المقامات. كما وجهنا نداء الى وزير الداخلية بضرورة توفير حماية لهذه الزوايا المهددة من طرف فئة غريبة عن المجتمع التونسي، الا ان وزير الداخلية للأسف الشديد لم يحرك ساكنا فاستفحل الأمر ووصلنا الى 40 زاوية تم حرقها وتخريبها... فإذا كان وزير الداخلية غير قادر على توفير الأمن، وهو المسؤول رقم واحد عن توفير الأمن للشعب، فمن سيوفر الأمن اذن ؟؟؟ واذا كان وزير الداخلية يقول انه غير مطالب بحماية الزوايا، فما معنى هذا الكلام ؟ نحن نستغرب هذا التصريح ونرد لنقول بانه من مشمولات وزير الداخلية، مهما كانت انتماءاته الفكرية والايديولوجية اشاعة الأمن وحماية المكتسبات الخاصة والعامة.. والزوايا جزء هام من المكتسبات العامة.ثم لنا ان نتساءل:
أين وزير الشؤون الدينية؟؟؟ لماذا هذا الصمت الرهيب حيال عمليات الإعتداء على مقامات اوليائنا الصالحين ..؟؟؟
الأمر واضح لدينا: انها عمليات نشر للفكر الوهابي الذي انطلق ب«تمبكتو» حيث تم تدمير 330 زاوية ثم كل زوايا الخُمس التي أتلفت بالكامل ثم وصلوا الى مقام سيدي عبد السلام الأسمر واستعانوا في تدميره بالتجهيزات الثقيلة... الأدهى والأمر ان هؤلاء المجرمين لم يكتفوا بتخريب المقامات والزوايا بل نبشوا القبور واخرجوا رفاة الصالحين,,
وقتها صرح الإتحاد بان هذه العمليات الإجرامية لها اسم الا وهو الغزو الوهابي لتونس، فتعالت اصوات تكذبنا وتستنكر ما قلناه ..والغريب ان الأسباب والتعلات الواهية التي قدمتها الجهات الرسمية لتبرير وتبسيط الأعمال الإجرامية من نوع خلل كهربائي او سقوط شمعة محترقة على ارضية المقام او تعمد احدهم رمي سيجارة ملتهبة داخل المقام... كانت مثيرة للسخرية حقيقة...
«يا ناس ما عادش تجد على أحد تعلات وتبريرات بن علي».
لقد كنا سباقين الى لفت انتباه الشعب بمختلف مكوناته الى خطر الفكر الوهابي الزاحف على بلادنا على ظهور شبابنا وبناتنا الذين عمد قياديو الفكر الظلامي الى استغلال براءتهم وخلو عقولهم من الدنس ليجعلوا منهم سفراء للفكر الوهابي في تونس... انه فعلا فكر هدام ومخرب للمجتمع التونسي.
هل كان للدعاة الذين جاؤوا الى تونس وحاضروا وخلفوا استنكارا واسعا لدى اغلبية التونسيين، اسهام في ذلك؟
طبعا برنامجهم مكشوف لدى عامة التونسيين، ثم ان فترة تراخي السلطة في القبض على المعتدين على الزوايا طالت كثيرا مما ادخلنا في معترك الشك، وامام يقيننا من البرنامج الوهابي ببلادنا، ها هي النتيجة في الشوارع التونسية.
وحتى بعد اغتيال السياسي شكري بلعيد، تتعالى اصوات لتكفير الفقيد وحرمانه من الصلاة عليه وهو ميت؟؟؟ ما هذا؟؟؟ الى اين نحن ذاهبون؟؟؟؟
نحن على يقين ان الفكر الوهابي المتشدد اساسه التكفير ثم التفجير... وهذا ما حصل بالضبط..
واني لأتساءل كيف لمسلم ان يكفر اخاه المسلم وهو حرام ؟؟؟
كيف لمؤمن بالدين الإسلامي الذي قوامه حسن المعشر والكلمة الطيبة ان يؤتي عملا اجراميا...؟؟؟
ان الله تعالى يقول في كتابه العزيز مخاطبا الرسول صلى الله عليه وسلم: «ولو كنت فظا غليظ القلب لإنفضوا من حولك». صدق الله العظيم. وهذه شهادة نعلقها على صدورنا اقتداء بلطف الرسول وكلامه الطيب وقلبه النقي الصافي... ونحن على هديه وسنته نسير.
ونحن نسعى اليوم الى كسب الشباب المتشدد ومجالسته ومقارعته بالحجة والدليل من كتاب الله وسنة رسوله في محاولة لإقناعه بخطإ اختياره ولندعوه الى انتهاج سلوك اسلامي صحيح مبني على اللطف والمحبة والتعاون ونبذ العنف. «شبابنا ما يهونش».
فالإسلام ليس بضع آيات مكية يستدل بها المتشددون لتفسير سلوكهم العدائي. فتلك الآيات نزلت في مكة على الرسول صلى الله عليه وسلم وهي موجهة للكفار ، ولم تتوجه للمسلمين. الرسول ظل 13 عاما في المدينة المنورة والآيات المدنية كلها ترمي الى بناء الدين والمجتمع والسلطة والقانون المنظم للحياة وارساء المحبة والإخاء بين الناس.
ان المدرسة الزيتونية هي التي تصدر الدين الإسلامي خارج تونس ولدينا أيمة خطباء تونسيون يعملون في مساجد بعض الدول الخليجية والمشرقية اعترافا بقيمة تكوينهم الزيتوني، ولذا اعيد واقول انه حري بنا ان نؤطر شبابنا اكثر فاكثر حتى نجنبه الإنسياق وراء التيارات المتشددة. الم يقل الله تعالى في كتابه العزيز: «وجادلهم بالتي هي الأحسن».؟
وكل من يكفر اخاه المسلم فهو كافر وكذا قلت عن كل من كفر الشهيد شكري بلعيد، وانا أتحدث عن التكفير هنا لأبرز الى اي مدى وصل بنا التيار الظلامي بعد ان استوطن في نفوس البعض. ثم ليتساءل كل من اتبعهم لماذا لا ينزل شيوخ الظلامية الى الشارع للتظاهر مثلا ولماذا لا يذهبون الى دول اخرى للجهاد عوض الإكتفاء بارسال شبابنا البريء؟؟
اننا ندخل اليوم الجهاد الأكبر وهو جهاد النفس، نريد ان نقترب من بعضنا البعض اكثر ان نتفاهم بالرغم من اختلافاتنا وليست من مشمولاتي ان كان فلانا ملتحيا أو فلانة غير متحجبة، المهم ما في القلب وتحترم الآخرين ولا تتسبب في قيام فتنة بين الناس ولا تغتصب حقهم... وللجميع رب يحاسبهم ولا احد يحل محله وينصب نفسه حسيبا على العباد.
ماهي برامج الإتحاد المستقبلية خاصة في ما يتعلق بإعادة بناء المقامات وإعمارها ومن ثمة حمايتها من كل اعتداء؟
كنت قد وضحت سابقا أن من أهم الأهداف هي بناءات المقامات، وأقصد هنا البناءات المعنوية أي الروحية والفقهية ثم المادية داخل الزوايا، ولما بدأت الأعمال التخريبية لمقامات أولياء الله الصالحين، اتصل بنا بعض المريدين من الطرق الصوفية والذين هزتهم الغيرة على الزوايا وذلك للمساهمة الفعلية والمادية لبناء هذه المقامات. ونحث كل الطرق الصوفية والمريدين بأن يحموا المقامات المرتكزة بجهاتهم والدفاع عن المكاسب الروحية. فقد لاحظنا أخيرا بعد الثورة المجيدة أن جل المواطنين المعتدلين يبتغون الإلتحاق بحلقات الذكر وقراءة القرآن والمدائح داخل الزوايا. لأنه لم تكن للمواطن التونسي قبل الثورة الحرية التامة بالدخول إلى هذه الأماكن الطاهرة.. لذا آن الأوان لتسترجع الزوايا قيمتها الأصلية المبنية على القرآن والسنة والعقيدة الأشعرية، والإطلاع على معالمنا الصالحين بكامل البلاد. والمواطن العادي تعوّد على نمط معين في حياته والأنظمة السابقة لا تفسح له المجال إلى الحرية الفكر التعبير، فلا نترقب منه العطاء في حب الآخرين ويسبق مصلحته ومصلحة ذويه على المصلحة العامة التي نادى بها الرسول الأكرم بقوله صلى الله عليه وسلم: «كونوا كالبنيان المرصوص يشده بعضهم بعضا»، وهنا يبين الرسول صلى الله عليه وسلم أن محبة الآخر واجب مقدس كحب المسلم لأخيه وحب الوطن.
أنتم الإتحاد يجمع الطرق الصوفية ؟ كم يبلغ عدد الطرق الصوفية الموجودة في بلادنا وما هي أهمها؟
وهو كذلك، فكرة تكوين الإتحاد هو لمّ الشمل، وتجميع جل الطرق الصوفية في تونس، ضمن هيكل واحد يعنى بشؤون الطرق الصوفية التي يناهز عددها العشرة طرق منها: الطريقة القادرية نسبة للغوث الأعظم سيدي عبد القادر الجيلاني الذي يوجد ضريحه ببغداد، والطريقة الشاذلية نسبة لسيدي أبو الحسن الشاذلي وزاويته الشهيرة موجودة بالمقام الأعلى للجلاز، والطريقة التيجانية نسبة لسيدي أحمد التيجاني وسيدي ابراهيم الرياحي، والطريقة المدنية، والطريقة الرفاعية القادرية، وبعض الطرق الأخرى...
من اين جاء نبع فكرك الصوفي وكيف أصبحت متصوفا أو صوفيا حداثيا؟؟
لقد نشأت وترعرعت في باب سويقة وسط العاصمة، وحفظت ما تسير من كلام الله في جامع سبحان الله بباب سويقة عن الشيخ سيدي مصطفى رحمه الله، حيث كان والدي يلتحق بحلقات الذكر في المساجد والزوايا وسط العاصمة وخاصة في سيدي بوزيد حيث أخذ العهد والطريقة القادرية عن شيخه وأستاذه سيدي محمد الجيلاني الشريف حفيد سيدي ابراهيم بن أحمد الشريف دفين نفطة وشريف النسب وشيخ الطريقة القادرية آنذاك. وسيدي ابراهيم بن أحمد كان من أحد المناضلين وكان الوزير الأكبر والمستشار الأول لسيدي الأمير عبد القادر بالجزائر، لذلك تعلمت من والدي ما تيسر من علم الصوفية. وإن شاء الله سأواصل تعلمي في الفقه والعقيدة الأشعرية من مشائخ الزيتونة الأجلاء، والله موفق الجميع لما يحبه ويرضاه.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.