تعيش عاصمة الاغالبة منذ مدة حركية ثقافية كبيرة وغير مسبوقة حيث شملت كل المؤسسات الثقافية بالجهة وشكلت انتعاشة قصوى لهذا القطاع في وقت كانت فيه القيروان في حاجة اكيدة لمثل هذه التحركات حتى تخرج من الركود الذي عاشته على امتداد سنوات متتالية. وقد جاءت هذه الانتعاشة بعد ان عرفت بعض المؤسسات الثقافية تغييرات على مستوى مسيريها. ولمزيد تسليط الضوء على ما يحدث في عاصمة الثقافة كان لنا لقاء خاص مع السيد المولدي العنيزي مدير المركب الثقافي بالقيروان, الذي قال ان المركب احتضن اربعة تظاهرات كبرى في شهر ونصف (ربيع الطفل والمهرجان العالمي للقيتار في دورته الاولى والملتقى الوطني للابداع الادبي في دورته التاسعة وكذلك الدورة الاولى لربيع الكتاب التونسي) هذا بدون اعتبار الانشطة العرضية المناسبتية مثل عيد الاستقلال وحفلة الفنان حسن الدهماني وعيد الشهداء وورشات للرسم التي كانت تحت اشراف نجيبة عبان وسلامة القيرواني وجابر المطيري و«كورال عقبة». واكد العنيزي أن كل هذه الانشطة «أخذت من جهدنا ووقتنا الكثير بالاضافة الى الضغط الكبير الذي سببته لنا». واشار محدثنا ان هناك طلبات متزايدة على القاعة الداخلية والفضاء من قبل المنظمات والهياكل ملاحظا أن المركب بشكل عام احتضن ايضا ندوة حول التدخين ومائدة مستديرة لجمعية التوحد وندوة فكرية أخرى حول التشغيل وفعاليات مهرجان المسرح الحديث والمهرجان الوطني للخدمات الجامعية وافتتاح جهوي لشهر التراث كما ان تظاهرة ربيع الكتاب التونسي ومهرجان «القيتار» كانا بدعم كبير من المندوب الجهوي للثقافة شكري التليلي. وعن الظروف التي ادت الى هذه الانتعاشة الثقافية قال مدير المركب بأنه في اشهر مارس وافريل وماي عادة ما يشهدون انشطة لكن هذه السنة وللامانة هناك ارادة خاصة من المندوب الجهوي للثقافة الذي اكد ان حجم القيروان الثقافي يجب ان يعود الى الخارطة الوطنية. وأضاف: «كما اردنا صراحة اخراج المواطن في القيروان من طغيان السياسة لأن تونس ليست سياسة فقط بل هي ثقافة وفرحة خاصة وان الثقافة هي وجه البلاد وقادرة على تغيير وتحسين الوضع فيها وكذلك السلوك العام للفرد وهذا المغزى من الحركية». واضاف مدير المركب قائلا: «نحن طرحنا رهانا لأننا موجودين في القيروان ومازال امامنا الكثير خاصة المهرجان الدولي لربيع الفنون وهي محطة ثقافية بارزة الى جانب الملتقي المغاربي الأول للتراث الشفوي بحضور شعراء ومفكرين من المغرب والجزائر وموريتانيا وسنعطي صورة جيدة للدول بشكل عام خدمة للسياحة, خاصة وان البلاد تشهد تحسنا أمنيا مطّرد مما يعطي حركية اضافية سياحية». تراجع الميزانية السيد المولدي العنيزي تساءل في سياق آخر عن التراجع والنقص في ميزانية وزارة الثقافة بما يقارب 79 مليون دينار فنقصت الميزانية من 1 بالمائة من ميزانية الدولة الى 0.68 بالمائة في وقت كان فيه الجميع ينتظر زيادة فيها قائلا: «وهو ما اشعرنا بالخيبة وأجبرنا على الاحباط والضغط على المصاريف, لأن أي مسار يريد النجاح يجب ان يمر عبر ارضية ثقافية. ومثلما علمنا التاريخ في مثال للثورة الصينية فانظروا الى اين وصلت تلك الشعوب, يجب ألاّ تهمش ولا تحارب الثقافة». وأضاف السيد العنيزي بأنه من المفارقات العجيبة أن تشهد سنة 2013 رغم نقص الميزانية طفرة ثقافية غير مسبوقة لم تشهد مثلها الجهة من قبل والدليل عودة المهرجان الدولي لربيع الفنون وإضافة مهرجان دولي مغاربي جديد, وهو تحد للذين برمجوا وصادقوا على الميزانية قائلا: «انه تحد لأنفسنا (الكلام لمحدثنا) لأننا بصدد تقديم مادة ثقافية جيدة في محاولة للمس كل الفئات والطبقات والرقي بالذوق العام وتهدئة الوضع».