استفاقت صباح امس عائلة «سهيل السبوعي» محافظ شرطة اول القاطنة بمنطقة «حي التحرير» على نبإ مقتله في منطقة جبل جلود بالعاصمة اين تم العثور عليه مذبوحا من الوريد الى الوريد ومصابا بطعنة على مستوى ساقه اليمنى . وفور علمها بالحادث حلت الفرق الامنية لمعاينة الجثة قبل نقلها الى قسم التشريح بمستشفى شارل نيكول، وقد فتح تحقيق في الغرض لتحديد ملابسات هذه الجريمة البشعة فيما تعهدت محكمة تونس 2 بالقضية. ورجحت مصادر اولية في انتظار استكمال البحث والكشف عن خفايا القضية ان يكون محافظ الشرطة قد قتل في مكان آخر ونكّل به قبل ان يتم القاء جثته في المكان الذي عثر عليها به. «التونسية» تحولت الى منزل الضحية الكائن بحي التحرير بالعاصمة للحصول على مزيد التوضيحات بشأن ملابسات القضية كما تنقلت الى منطقة جبل الجلود وبالتحديد إلى «نهج 9240» أين عثر على الضحية في بركة من الدماء وتحدثت الى شهود عيان تفطنوا الى جثته وبادروا باعلام اعوان الأمن. كانت شهادات السكان المجاورين لمكان العثور على الجثة مختلفة لكنها أقرت كلها بفظاعة الجريمة المرتكبة في حق محافظ الشرطة ورجحت اغلبها ان تكون وراءها أغراض شخصية. وأكد صالح الماجري العامل بالكسارة (مقطع الحجارة) المطلة على مكان الجثة انه اول من اكتشف الجثة ومن بادر بإعلام السلطات الامنية التي حلت على جناح السرعة بالمكان. كما اكد صالح ان العلمية تمت في اللحظات الفاصلة بين الساعة الخامسة و45 دقيقة والخامسة و50 دقيقة صباحا مشيرا الى ان رئيس مركز المكان طلب منه التعرف على هوية القتيل فاخبره ان الجثة ليست لرجل من سكان جبل الجلود فهو حسب ما اكده لنا يعرف كل صغير وكبير في الحي. من جهة اخرى اعلمنا صالح الماجري انه طلب من زوجته لحافا يغطي به جثة الهالك التي كانت تسبح في بركة من الدماء فمكنته من ذلك ورجح ان يكون قد قتل في مكان آخر غير المكان الذي عثر به على الجثة وان الذين قاموا بالقاء الجثة هم غرباء عن منطقة جبل الجلود لأنهم لوكانوا حسب رأيه من أهل المنطقة لرموا بالجثة في «الكاريار» أي مقطع الحجارة كما اكد على ان جثة الهالك حملت على متن سيارة والقي بها في المكان وذلك نظرا لوجود آثارعجلات سيارة بالقرب من بركة الدم حسب قوله. ذبح من الوريد الى الوريد ونكل بجثته صالح اكد ايضا انه رأى منظرا مفزعا لما حاول التعرف على الجثة قائلا: «لقد نكلوا بالجثة تنكيلا» و«أضاف ذبحوه من الوريد الى الوريد واوشكوا على قطع راسه كما قطعوا شرايينه على مستوى اليدين والساقين» وهو ما يؤكد حسب قوله ان من قتله كان يريد موته بسرعة حيث عمد الى إفراغ جسده من الدم. شاهد عيان آخر رفض الكشف عن اسمه اكد ان القاتل لم يكن ينوي ذبح الضحية حسب رأيه وأنه طعنه على مستوى ساقه فلما كانت الطعنة غير قاتلة عاد اليه وذبحه من الوريد الى الوريد حتى يضمن موته واستدل على كلامه بقطرات الدماء التي كانت منثورة على كامل الطريق المؤدية الى المكان الذي وجدت به الجثة. وقال: «حسب التحاليل الاولية التي سمعتها من بعض رجال الأمن فان من قتل محافظ الشرطة طعنه وبقي يترقب نتيجة الطعنة». وأضاف أن «الضحية مشى بعض الامتار وكان ينزف فلما تاكد القاتل من عدم هلاكه عاد اليه وذبحه من الوريد الى الوريد فسقط في المكان الذي عثر عليه فيه». واستبعد محدثنا ان يكون قد القي بالجثة من على متن سيارة لانه لم يستمع إلى أي ضجيج أو حركة حسب قوله وهو القاطن بمنزل محاذ تماما للمكان الذي وجدت به الجثة إضافة الى أنه يملك عددا كبيرا من الكلاب كانت ستقيم الدنيا بالنباح لو سمعت ضجيج السيارة حسب ما اكده لنا. الضحية عرف بدماثة أخلاقه التقينا صدفة إحدى تلميذات القتيل وهي على ما يبدو من سكان منطقة جبل الجلود وقد كانت مستعجلة ولم تصدق نبأ وفاة أستاذها. اقتربت منا وقالت لنا وقد بدت عليها علامات الحزن: «هو مكون نفسي وتقني بالمدرسة الوطنية للتكوين بقرطاج بيرصا وانا اعرفه جيدا فقد كان على خلق حسن». وأضافت: «لقد قتلوه بعد أن أحرقوا البارحة سيارته بجهة باب عليوة. ولما سالناها عن حقيقة اقامته سابقا بجبل الجلود كما اعلمنا بذلك بعض سكان الحي نفت علمها بذلك. الجريمة تمت في ساعات الصبح الأولى أكد رمزي البناني أحد متساكني «نهج 9240» ان الضحية قتل في ساعات الصبح الاولى أي ما بين الرابعة والنصف والخامسة صباحا وانه لم يقتل بالمكان الذي عثر فيه على جثته لان الدماء التي تحيط بالمكان ليست بالكمية الكبيرة وهو ما يعني حسب رأيه أن الضحية قتل في مكان آخر ثم القي به في المكان المذكور. وأشار رمزي الى ان القاتل ليس من جهة جبل الجلود وان الجهة تضم أناسا شرفاء وذوي اخلاق طيبة لكن كل مرّة هناك من يحاول الزجّ بها في جريمة يكون مرتكبوها من جهة أخرى. ماذا قالت عائلته؟ انتشر خبر مقتل المحافظ في حيه كالنار في الهشيم وتناقلته الألسن في الأزقة والمقاهي . وما إن وطأت أقدامنا بيت الضحية حتى اعترضتنا وجوه حزينة توافدت لتأدية واجب العزاء لعائلة الفقيد التي اصابتها الدهشة ونزل عليها الخبر كالصاعقة. وبمجرد الحديث اليهم حول الحادثة اكد اغلبهم انهم لا يمتلكون المعطيات الكافية حول حيثيات الحادثة، فيما فضل البعض الاخر عدم الحديث عن هذا الموضوع بتعلة ان الوقت غير مناسب وطلبوا منا العودة في وقت آخر. وقد ارتسمت علامات الحزن والاسى على محيى والده الذي انزوى في ركن من المنزل متأثرا بالمصاب الذي حل بفلذة كبده، وعجز لسانه عن الكلام واكتفى بحركات بسيطة عند الحديث معنا، ورغم محاولة الحصول على بعض المعطيات فإنّ جانبا من العائلة اصر على عدم الادلاء بأيّة تصريحات واصفا إياها بانها لا تغني ولا تسمن من جوع. وأكد لنا بعض الجيران أنهم تلقوا خبر مقتل «سهيل» عند الساعة التاسعة صباحا، مشيرين الى انه في العقد الرابع من عمره وانه متزوج وليس له ابناء، مضيفين انه يشغل خطة محافظ شرطة اول يدرس تلامذة الشرطة والحرس في ثكنة صلامبو، واشاد كل من التقتهم «التونسية» بدماثة اخلاق الضحية وحسن سلوكه، وقال أحدهم: «المرحوم كان بحبوح ورجّال، الله يرحمو وينعّمو...». الجثة لم تكن مقطوعة الاطراف أصدرت وزارة الداخلية أمس بلاغا قالت فيه إنه تم فجر أمس العثور بجهة جبل الجلود على جثة إطار أمني تابع للمدرسة الوطنية للتكوين ببيرصا تحمل جروحا على مستوى الرقبة بواسطة آلة حادة. كما اكدت على انه تم نقل الجثة إلى مستشفى شارل نيكول على ذمة الطبيب الشرعي، وأن الإدارة الفرعية للقضايا الإجرامية تعهدت بالبحث بموجب إنابة عدلية صادرة عن قاضي التحقيق بالمحكمة الابتدائية تونس2. ونفت وزارة الداخلية الأنباء التي تم ترويجها بخصوص العثور على جثة الهالك مقطوعة الأطراف.
راضية القيزاني ومنتصر الاسودي تصوير نبيل شرف الدين