أخذت مرحلة «البلاي أوف» منعرجها السوي كما يقال في لغة سباق الخيل وأصبحت لكل زلة قيمتها التي لا تقدر بثمن بما أن مصير أي فريق صار مرتبط الآن بتبعات تلك الزلة. هذه الزلة في حقيقة الأمرلا نعرف مصدرها فقد تكون هفوة دفاعية وربما قلة تركيز لاعب في لحظة زمنية قاتلة أو تفنن في إهدار فرص سهلة للتسجيل أو سوء تقدير من حارس المرمى كما لسوء الحظ دوره فتنهال الكرة على العارضة عوض أن تلج الشباك وللمدرب نصيب في المسألة حيث قد يخطئ في رسمه التكتيكي أو في اختيار التشكيلة باعتماد لاعب أو اثنين لا يظهران في المستوى المطلوب وللحكم دوره كذلك فيرتكب خطأ تقديريا تكون له نتائج سلبية. هذه كلها أشياء واردة في مقابلة كرة قدم وليس الفريق الأفضل هو الذي ينتصر بل هناك عوامل أخرى تدخل في قانون اللعبة والذي لا يعترف بهذه الجزئيات عليه بالابتعاد عن كرة القدم التي لم تكن يوما علما صحيحا, ونحن في تونس نعترف ظاهريا وعندما يخص الأمر فريقا غير فريقنا المحبوب ولكن عندما يتعلق الأمر بالفريق الذي نهواه تتغير الأمور ومن ضمن الأخطاء الواردة والممكنة لا نتشبث سوى بالخطإ الذي يرتكبه الحكم فلا يهم أن يسيئ المدرب اختيار لاعبيه أو رسمه التكتيكي ونغفر للاعب إهداره لفرصة سهلة لايهدرها حتى لاعب أداني ونغمض العينين عن سوء تمركز مدافع والسهو عن محاصرة منافسه ووو...أما إذا أخطأ الحكم فتلك الطامة الكبرى فالحكم ليس له الحق أن يخطئ في نظر المسؤولين على الأندية فهم يمسحون ذنوبهم واختياراتهم الفاشلة في تعيين مدرب وانتداب اللاعبين والتصرف معهم في الحكام فهم سبب البلية ولا أحد غيرهم فهم الذين يتلاعبون بالنتائج ويغيرون سير المباريات ويخدمون مصالح فرق على حساب فرق أخرى والمسؤولون مساكين فهم «غلابة» ومظلومون وملائكة وأنظف من النظافة. وبما أننا اتفقنا على أن المسؤول الأوحد والوحيد عن هزيمة أي فريق هو الحكم كيف لنا أن نتصرف في بقية المشوار حتى لا تشوب المباريات شائبة؟ إنه فعلا لسؤال ساذج لأن أنديتنا وصلت لمرحلة البلاي اوف بنفس الأسماء وهؤلاء الذين يديرون المباريات اليوم هم ذاتهم الذين أداروها منذ موسمين على الأقل وسيديرونها في المواسم الأخرى هل أتينا بحكام البلاي أوف من المريخ أم لنا مخزون من الحكام لا نستعمله إلا وقت الشدة؟ اين هم إذن الحكام الذين حان وقت الاستنجاد بهم؟ اتقوا الله يا ناس وكونوا واقعيين وارفعوا مستوى تفكيركم ولا تلهوا أحباء الفرق بالطرق الملتوية وبإلقاء مسؤولية الإخفاق على الحكام دون غيرهم. لقد دارت لحد الآن ست مباريات في البلاي أوف أدارها كل من محمد بن حسانة وسعيد الكردي ومراد بن حمزة وقاسم بن ناصر وغازي بن غزيل ومكرم اللقام وهم من خيرة ما هو موجود في الساحة المحلية مع التذكير بأنه لا مفر من الاعتماد على السوق المحلية. فماذا يعيبون عليهم؟ سعيد الكردي حكم دولي وهو مستعمل باستمرار من طرف الاتحاد الإفريقي وقد أدار في البطولة المحلية 6 مقابلات بالرابطة1و4 بالرابطة2 وهو يتميز عن البقية بالحياد لانتماءه لرابطة قابس ولو أنه من أحباء الإفريقي سرا ولكن الإفريقي في المركز الأخير فأي خدمة يقدمها له؟ محمد بن حسانة سطع نجمه خلال الموسمين الأخيرين وهو من أبرز الحكام أدار 8 مقابلات بالرابطة1و5 بالرابطة2 يعيب عليه النجم الساحلي إقصاء لاعبين وإنذار لاعبين آخرين في رصيدهما إنذاران فحرم النجم من خدمات 4لاعبين دفعة واحد في المقابلة التي ستلي ضد النادي الصفاقسي إنه لحساب ضيق ينم عن عقلية المؤامرة التي ما فتئ مسؤولو الأندية يقدمونها كلما تعرضوا لمثل هذه العقوبات. صحيح أن بن حسانة قام بأخطاء شأنه شأن الكردي ولكنها عادية ورأينا في بطولات أفضل بكثير من بطولتنا التعيسة أخطاء أفظع، أما مراد بن حمزة فقد أدار 11 مقابلة بالرابطة1و3بالرابطة2 ولئن لم يوجد بالقائمة الدولية بحكم السن فإنه يعتبر من أحسن الحكام على الساحة حاليا وإدارته للدربي كانت ممتازة رغم بعض الهنات وهذا طبيعي جدا وقاسم بن ناصر ورغم ابتعاده عن الميادين لفترة طويلة بسبب الإصابة وأيضا بسبب عقوبة سلطت عليه لهفوة إدارية ارتكبها يبقى قيمة ثابتة وسيعود لمستواه المعهود وقد أحسن إدارة لقاء النجم والصفاقسي رغم أنه في رصيده 3 مقابلات فقط بالرابطة1و4 بالرابطة2. نفس الإشكال(الإصابة) تعرض له غازي بن غزيل فلم يدر سوى ثلاث مباريات بالرابطة1ومبارتين بالرابطة2 وإدارته للقاء النجم والترجي لم تشبها شوائب عديدة ولا أحد تحدث عن مؤامرة أو تغيير نتيجة. الفريق الوحيد الذي يتحدث عن الفضائح التحكيمية والمؤامرة هو النادي الصفاقسي الذي انهزم ضد الترجي بسبب الكردي حسب زعمه دون الإشارة لضربة الجزاء التي استفاد منها وكادت تعيده في اللقاء وتعادل مع الإفريقي بسبب اللقام الذي منح ضربة جزاء خيالية لفريق باب جديد دائما حسب أقوال النادي الصفاقسي ولكن لماذا لم يتحدث مسؤولو عاصمة الجنوب عن الأهداف الخمسة السهلة التي أضاعها لاعبوه ؟ هل اللقام وحده المسؤول عن خيبة أبناء كرول؟ أليس من الفضيحة والعار أن يهدر لاعب يقدر ثمنه في هذا الزمن الأغبر بملايين الدنانير فرصا لا يهدرها لاعب مبتدئ أو متقاعد؟اللقام الذي أدار 7مقابلات بالرابطة1ومقابلتين بالرابطة2 لم يكن سيئا لدرجة الحديث عن الفضائح التحكيمية. فمثلما تحصل النادي الصفاقسي على ضربة جزاء مشكوك فيها ضد الترجي وقع الإعلان ضده عن ضربة جزاء مشكوك فيها فلماذا قبل بالهدية الأولى؟ إننا لا نريد الدخول في جدل عقيم حول شرعية هدف أو ضربة جزاء فهذا يدخل في باب الاجتهاد فمن اجتهد وأصاب فله أجران ومن اجتهد ولم يصب فله أجر واحد. وبالنسبة لمرحلة العودة فالمسألة واضحة والحكام الذين سيديرونها تقريبا معروفون فكل مباراة تنادي حكمها والذين يهتمون بالشأن الكروي والتحكيمي بإمكانهم إعطاء التعيينات من الآن فالأمور واضحة ولا تستحق اجتهادات كبيرة وإنما هناك من يبحث عن التصعيد لغاية في نفسه هم يعرفونها ونحن نعرفها وهشام قيراط أيضا يعرفها. ,إننا لا نريد الحديث عن المؤامرات والاستهداف فالجميع سواسية ولو كان بين هؤلاء «الكبار» فريق صغير الحجم لأمكن القبول بمثل هذه المهاترات. ونحن أمام مرحلة حساسة نرجو أن يتحلى المسؤولون فيها بالهدوء والرصانة ويبحثوا عن مكامن الداء الصحيحة وليس إلقاء المسؤولية على الحكام الذين لا يمثلون سوى حلقة من سلسلة كاملة.