في إطار سلسلة الحوارات التي تجريها «التونسية» مع المترشحين لرئاسة مجلس الهيئة الوطنية للمحامين نلتقي اليوم الأستاذ «محمد فاضل محفوظ» رئيس الفرع الجهوي بصفاقس وممثل «الشباب» في المهنة على حد تعبير زملائه باعتباره أصغر المترشحين سنا لانتخابات 23 جوان الجاري. الأستاذ «محفوظ» تطرق في هذا الحوار الى العديد من الملفات المتعلقة بقطاع المحاماة والشأن العام وتأثير الحراك السياسي على المهنة . لماذا اخترت الترشح للعمادة في هذا الظرف بالذات رغم أنه لا يزال أمامك مقارنة ببقية المترشحين المجال للعمل صلب الهياكل قبل الوصول إلى سدة العمادة ؟ الترشح نابع من مسألة موضوعية اعتقد انني اكتسبت تجربة في تحمل المسؤوليات في فرع صفاقس والهيئة لمدة 12 سنة. بعد ست سنوات من العمل انطلقت في عمل الهياكل وهو ما خول لي الاطلاع على مشاكل المهنة من يوم الترسيم الى طلب الاحالة على التقاعد. والعميد والهيئة المقبلة مطالبون بأن يكونوا على استعداد للتعامل مع المشاكل التي يعيشها القطاع الذي يعاني حاليا من أزمة حقيقية ناتجة عما قاسته المحاماة وتأثيرات الازمة الاقتصادية والانتقال الديمقراطي. فالمطلوب الآن ألا نكتفي بتشخيص بل ايجاد الحلول. وأرى أن الحل الأساسي يتمثل في توسيع مجال عمل المحامي ورد الاعتبار اليه وتحقيق كرامته المادية والمعنوية ، وأعتبر أن رد الاعتبار يكون عبر تحقيق الكرامة المادية وذلك بإلغاء القوانين المعيقة لمجال عمل المحامي وبفتح آفاق جديدة في عمله متمثلة خاصة في نيابة المحامي الوجوبية لكافة الاشخاص والذوات المعنوية وإقرار مؤسسة المحامي المستشار الوجوبي على غرار مراقبي الحسابات في الشركات والتوزيع المتكافئ لقضايا الدولة والمؤسسات العمومية والذي يجب مواصلة العمل من اجله بعد ان فتحه مجلس العمادة الحالي. كما يجب الاقرار الآن بأن سلك المحاماة شاب بنسبة تفوق 60 بالمائة وإن هؤلاءالمحامين يجدون صعوبات كبيرة في بداية حياتهم المهنية وأرى أنه يجب الاتجاه نحو تخصيصهم بنوعية من القضايا على غرار النفقات وحوادث الشغل ..... والأعمال الولائية ثم اعفاؤهم من الضريبة في مرحلة أولى واقرار حوافز جبائية واجتماعية مع تمكينهم من قروض يصرفها صندوق الهيئة بفوائض معقولة وفي حدود معينة . وبهذه الطريقة تتأهل المكاتب على المستوى المادي والمستوى المعرفي. والجانب الثاني في البرنامج هو التكوين لأننا عندما نطالب بفتح مجالات عمل يجب أن نكون مؤهلين لذلك وهذا التكوين يجب أن يشمل اختصاصات متعددة يعني مع المحافظة على الجانب التقليدي في المحاماة المتمثل في ما يسمى بالقضايا العادية ويجب اقرار التخصص وأن يكون ذلك اساسا بواسطة هياكل التسيير للمحامين وبإقرار شراكة فعلية مع المعهد الأعلى للمحاماة بعد تنقيح النصوص المنظمة له . اذا تم تحقيق هذين المطلبين فإنه يمكن الحديث عن رد الاعتبار للمحامي وكرامته كل ذلك يكون متوازيا مع اقرار التضامن بين المحامين ووحدة المحاماة واستقلاليتها ووقوف هياكل التسيير إلى جانب المحامين كلما تطلب الأمر ذلك ومن ذلك الدفاع عن الدفاع وعن حصانة المحامي الواردة في الفصل47 من المرسوم عدد 79 لسنة 2011. هذا الفصل بالذات محل تأويلات مختلفة تتعلق بالحصانة أو بحماية المحامي ربما كانت سببا في بعض المشاكل مع السادة القضاة ؟ أنا اعتبر أن الفصل 47 واضح وإنه غير قابل للتأويل وهذه الحصانة تكون بمناسبة مرافعات المحامي وتقاريره وهذه الحصانة هي أيضا من ضمانات الدفاع وضمان لحقوق المتقاضين والاشكالات التي جدت في الآونة الأخيرة ليست مرتبطة بالفصل ذاته ولكنها مرتبطة بواقع قضائي يشكو من عديد الهنات باعتبار ان مرفق العدالة بحاجة الى اصلاح شامل. كيف ترى هذا الاصلاح؟ هو من مسؤولية الدولة وانا اطالب ان تتحمل الدولة مسؤوليتها في الاهتمام بمرفق القضاء وذلك باقرار ميزانية اكبر لوزارة العدل والتي من خلالها يمكن ان نحدث انتدابات للسادة القضاة الكتبة والتواصل عن بعد والاعلامية وغيرها من وسائل العمل وتجهيز المحاكم واقرار فضاءات لائقة بالقضاء وتحفظ حرمته . فبهذه الطريقة تتقلص مشاكل العمل اليومية التي يعاني منها المحامون وما قد يحدث لاحقا بين السادة القضاة والسادة المحامين يجب الانطلاق فيه من الفصل 47 بالنسبة للسادة المحامين لكن لا ننسى ايضا أن الاخلال قد يصدر من الطرف المقابل ويتوجب في هذاالأطار اقرار هيئة تعديلية فعلية بين الهياكل المسيّرة لمهنة المحاماة والجهات القضائية المسؤولة لايجاد الحلول لكل أزمة يمكن ان تنشأ بين جناحي العدالة . وجميع ما تطرقنا اليه مرتبط اساسا باستقلالية القضاء واستقلالية المحاماة . هل ترى ان المحاماة يمكن أن تكون مستقلة في ظل التجاذبات السياسية الكبرى خاصة ان هذا القطاع يضم العديد من الفاعلين في الساحة السياسية اليوم؟ المحاماة كانت ولا زالت وستبقى مستقلة وقد ناضلت من أجل ذلك كثيرا وانتماء بعض الزملاء إلى الاحزاب السياسية لا ضير فيه لكن المطلوب هو ان يكونوا صوت المحاماة في احزابهم لا صوت الاحزاب في المحاماة . لكن يقال أنك مدعوم من فصيل سياسي هو الخصم السياسي الرئيسي لحركة «النهضة»؟ أنا مرشح جميع المحامين باختلاف انتماءاتهم واطيافهم بانتسابي داخل المهنة لتيار مهني مستقل وسياسيا كل التيارات قريبة مني لأني اتعامل مع زملائي من منطلق مهني وليس سياسي. وانا اطلب ثقة زملائي المهنيين الغيورين على مصلحة المهنة . هل تعتبر أن حظوظك وافرة في حضور مرشحين من الوزن الثقيل؟ أعتبر أن الحظوظ جدية و التوفيق من عند الله فأنا أمثل المحاماة الشابة التي كنت اتحدث عنها ولي من الخبرة التي اكتسبتها من 12 عام تسيير ما يخول لي تسيير الهيئة واعتبر ان المحاماة في حاجة الى طاقة وجرأة في التعامل مع الملفات وانها ليست في حاجة الى مسيّرين يتوجون حياتهم المهنية بخطة العمادة . من بين المترشحين الستة من تراه الاكثر حظا للتربع على عرش العمادة ؟ لنا في المحاماة تقاليد ديمقراطية وانتخابية عريقة ومن يحظى بثقة زملائه يكون عميدا لكافة المحامين بمن فيهم من شارك ونجح في الانتخابات وفيهم من شارك ولم يفز . هل سيحظى المترشحون بدعم الاحزاب؟ في كافة المحطات الانتخابية التي مرت بها المحاماة التونسية لا يمكن ان نحجب الضوء عن محاولات التأثير باعتبار أن المحاماة هي نفسها تؤثر وتتأثر بالمحيط الخارجي ولكن اثبتت التجربة ان الزميلات والزملاء غيورون على استقلالية المهنة ويحافظون عليها من كل التجاذبات. ولكن بصمات الاحزاب واضحة في انتخابات جمعية المحامين الشبان ؟ أنا لا أشاطرك الرأي واعتبر ان زملائي الذين ترشحوا للجمعية كلهم مهنيون ولكن هذا لا ينفي ان لكل محام مرجعية فكرية وهذا من حقه لكن كما اشرت منذ قليل ان المهم هو العمل من اجل مصلحة المهنة . من هو العميد الذي سيكون قدوتك في صورة فوزك في الانتخابات ؟ هو بالضرورة الاستاذ العميد منصور الشفي دون انكار دور بقية العمداء لأن المسؤولية في التسيير هي بناء وتراكمات يحققها البعض في فترة ويكملها البعض الآخر . هل تعتبر أن المدة النيابية التي يقضيها العميد (3 سنوات) كافية لتحقيق برنامج متكامل من الاصلاحات ؟ انطلاقا من الاجابة السابقة اعتبر ان ثلاث سنوات هي مدة كافية لتحقيق البرنامج الانتخابي او على الاقل اغلب مضامينه . كيف تقيّم آداء المحامين في الهيئات و في المجلس التأسيسي ؟ المحاماة التونسية شاركت بصفة فعالة في الثورة وعملية الانتقال الديمقراطي وفي الهيئات التي واكبت عملية الانتقال الديمقرطي وقامت بدور كبير ولا زالت ومطلوب منها الآن المشاركة في العبور من المرحلة المؤقتة الى المرحلة الدائمة لإقرار ما نطمح اليه جميعا أي الدولة الديمقراطية والمجتمع الديمقراطي. وعلى المحاماة ان تضطلع بدورها في الشأن العام وفي تأسيس الوعي في القضايا العادلة . في كل الدورات السابقة كان للتحالفات السياسية تأثير كبير على نتيجة الصندوق هل ستكون التحالفات هذه المرة أيضا ؟ اعتقد ان المشهد مختلف والمحامون سيركزون على استقلالية المترشح من جهة وخاصة على مهنيته واطلاعه على مشاكل المحامين الحقيقية. حاورته : إيمان الحامدي