لا يختلف إثنان في أن أكبر مشكل يعاني منه الترجي الرياضي في هذه الفترة يكمن في افتقاد جل لاعبيه القيمة الفنية الثابتة والإمكانيات التي تخّول لهم اللعب في فريق كبير اسمه الترجي الرياضي صاحب الأرقام القياسية على مستوى الألقاب ... هو ليس المشكل الوحيد في فريق باب سويقة حاليا لكنه الأبرز لأن المستوى الجماعي للفريق تحدده الفرديات أولا وقبل كل شيء ... ما من شك أن الأحمر والأصفر يدفع الآن ثمن خروج لاعبيه أصحاب القيمة الثابتة كالدراجي والمساكني ونجانغ واستحالة تعويضهم بسرعة ، صحيح أن الترجيين وضعوا آمالهم في الجزائري يوسف البلايلي الذي يملك كل المؤهلات الفنية التي تسمح له بتقديم الإضافة وقيادة هجوم الفريق لكن « اليد الواحدة ما تصفقش» لأن هذا اللاعب في حاجة إلى المساندة بعناصر هجومية أخرى تملك المستوى الضروري الذي يسمح لها بفرض نفسها في فريق كبير قدره التتويج بالألقاب هذا علاوة على أن البلايلي يشكو من مشكل كبير جدا هو ذهني بالأساس حيث يبدو أنه « غلط في روحو» وتاه في الطريق بعد أن ظن أنه أصبح نجم الفريق واعتقد أن الوصول إلى هذه الدرجة يفتح أمامه الأبواب واسعة أمام التراخي على الميدان واللعب «على زي راسو» بأن يفعل ما يريد وما يشتهي على حساب اللعب الجماعي المفيد الذي ينفع المجموعة ويضمن أهداف الفريق... الجزائري لا يفقه أولا أن « الكرة أهداف» وهو ما يفسر اختياره الإستعراض الفني على حساب النجاعة وكاد بجهله هذا أن يتسبب في خروج الترجي الرياضي أمس الأول من الكأس بعد أن أهدر في بداية اللقاء ضد نجم المتلوي فرصتين ذهبيتين سانحتين للتهديف كانتا تغيران مجرى المباراة من تأهل صعب بركلات الترجيح إلى انتصار عريض وترشح سهل ... الجزائري لا يفقه أيضا أن المقابلات الممتازة التي لعبها مع الترجي الرياضي لا تتعدى أصابع اليدين بمعنى أنه مازال في بداية الطريق وليس من حقه أن يفكر بهذا الأسلوب المتعالي وأن يعتقد أنه وصل إلى القمة وأصبح فعلا نجما حقيقيا في فريق عرف عبر تاريخه لاعبين أفذاذ يعدون فعلا نجوما للمواسم الرائعة التي أنجزوها والألقاب التي ساهموا فيها... كما أن الجزائري لا يفقه شيئا هاما آخر وهو أن الترجي الرياضي أكبر من كل الأسماء ولم ولن يعلو عنه أي لاعب مهما كان شأنه ، لم يتعال عليه لاعبون صنعوا البطولات والكؤوس فما بالك بلاعب مازال يجري وراء أول لقب له مع الفريق... هذا ما لا يدركه ولا يعلمه ولا يفقهه يوسف البلايلي وعلى المسؤولين تذكيره به حتى يضع رجليه على الأرض ويكف عن التحليق حتى لا يقع بطريقة لن ينهض منها أبدا ... هذا الكلام لا يشكك في الإمكانيات الكبيرة والعريضة التي يملكها هذا اللاعب لكن المستوى الفني وحده لا يكفي للبروز في فريق كبير جدا مثل الترجي الرياضي والمحافظة على قمة العطاء لسنوات بل يجب أن يتميز بالإنضباط والجدية والإبتعاد عن الغرور وهو الفخ الذي سقط فيه البلايلي من سوء حظه... نتمنى أن يستفيق الجزائري من غفوته قبل فوات الأوان لأن جماهير الأحمر والأصفر لا ترحم ، وله في ابن بلده عنتر يحيى وأيضا حسين الراقد خير مثال لسلك الطريق الصحيح والضروري في الجدية والتواضع والعطاء. العكايشي لم يستوعب الدرس... وبعد البطولة كاد أن يضيع الكأس إذا كان مشكل يوسف البلايلي ذهني بالأساس فإن مصيبة العكايشي شاملة تحتوي على الجوانب الذهنية والفنية والتكتيكية ، هذا المهاجم الذي لعبته الظروف بأن أصبح المهاجم الأساسي للترجي الرياضي يتميّز بأكبر نسبة إخفاق أمام المرمى في تاريخ هدافي ومهاجمي فريق باب سويقة ولن تشفع له الثلاثية أمام النادي البنزرتي ولن تغير من حكمنا عليه قيد أنملة... الإهدار الغريب للفرص السهلة في كل مباراة هو ميزة هذا اللاعب ، فعل ذلك في لقاءات البلاي أوف وخاصة في مواجهتي النجم في سوسة والنادي الصفاقسي في تونس وكان بالتالي سببا رئيسيا في ضياع البطولة عن الأحمر والأصفر وكاد أن يعيد السيناريو أمس الأول أمام نجم المتلوي بإضاعة فرص وجها لوجه مع حارس المرمى كاد أن يحرم بسببها أبناء باب سويقة من مواصلة مشوار الكأس بعد أن لعب دورا هاما في تحويل النسر من باب سويقة إلى باب الجبلي... المشكل في الفرص الضائعة المتتالية التي يهدرها هذا اللاعب هي أنها تتشابه وهذا دليل على أنه لم يستوعب الدرس ولم يحاول إصلاح غلطاته وبالتالي تطوير آدائه ونجاعته ولذا فإن الإستمرار في هذه الهفوات القاتلة مرفوض بل ممنوع في فريق قدره تحقيق الإنتصارات والتتويج بالألقاب وهذا ما لا يمكن للعكايشي تأمينه ... هذا المهاجم يمكن أن يبرز في مباراة أو اثنتين مثلما فعل في بنزرت لكن المطلوب من المهاجم الأول في الترجي الرياضي هو الإستمرارية في المردود والنجاعة والقيام بالمهمة الموكولة إليه في كل لقاء دون استثناء ، فلا مكان في الفريق لمهاجم يغط في سباته أسابيع عديدة لينهض يوما واحدا ثم يعود إلى نومه مجددا... مثلما قلنا لعبت العكايشي ظروف الترجي الرياضي على مستوى الزاد البشري للهجوم ووجد نفسه وحده ضمن المجموعة لكنه لم يستغل الفرصة ولم يكن في المستوى الأدنى المطلوب بالنسبة لمهاجم هداف في فريق لا يمكنه أن يتوقف عن جني البطولات والكؤوس. حارس مرمى ... ثلاثة مدافعين ... وثلاثة بيفوات على دكة الإحتياط يقول ويؤكد الفنيون أن قوة أي فريق تٌستمد من بنك احتياطه وبالتالي من البدلاء الذين يمكنهم إعطاء الحلول للإطار الفني عند الحاجة ... هذا العنصر مفقود اليوم في الترجي الرياضي باعتباره يشكو من نقص كبير على مستوى الهجوم لم يعرفه الفريق على مدى تاريخه الكبير ، ففي لقاء الكأس أمس الأول ضد نجم المتلوي تخيّلوا ممن كان يتكوّن بنك احتياطي الأحمر والأصفر؟ ... لقد كان يتكوّن من حارس مرمى وهو نوارة ومن ثلاثة مدافعين وهم النفزي والذوادي وحسني ومن ثلاثة « بيفوات» وهم بن سالم والنغموشي وعبود ... غياب كامل لعنصر واحد هجومي في المجموعة وهذا غريب في فريق مثل الترجي الرياضي يتوخى الطرق الهجومية ويلعب من أجل الإنتصارات... ربما هذا ما جعل البلايلي يفعل ما يريد فوق الميدان وجعل العكايشي يصبح المهاجم الأول للفريق إضافة إلى لاعبين آخرين لا يتمتعون بأبسط الإمكانيات التي تسمح لهم بتقمص اللونين الأحمر والأصفر ويعتبرون بالتالي مولودين في ليلة القدر بالدخول في التركيبة الأساسية لشيخ الأندية التونسية... هجوم الترجي الرياضي منقوص جدا ولا يلبي طموحات العائلة الموسعة للنادي وهذا ما يفرض تعزيزات كبيرة وكثيرة لإحداث ثورة كاملة هو في حاجة إليها إذا ما أراد الترجيون فعلا المحافظة على المكانة التي اكتسبوها في السنوات الأخيرة على الصعيد القاري ... الصفقات الجيدة من الطراز الرفيع تفرض نفسها بإلحاح وإلا فيا خيبة المسعى لأن عبور دور المجموعتين صعب جدا بالمجموعة الحالية في الخط الأمامي.