بالأمس...في يوم من أيام شهر الصيام وسماحة الإسلام وفي ذكرى الاحتفال بعيد ميلاد «الجمهورية»،أريقت دماء محمد براهمي الزكية..بالأمس تحول عرس «الجمهورية» إلى جنازة وطنية...في يوم ليس كبقية الأيام العادية عاود ملايين التونسيين ذات الإحساس الذي خالجهم يوم اغتيال الشهيد «شكري بالعيد»...إحساس بالحزن والقهر الشديدين ممزوجين بطعم الخوف والريبة والتوجس من مستقبل يبدو ظاهره «مظلما»... على وقع الطلق الناري المكثف الذي «خرّب» جسده ودّع «البراهمي» أهله وذويه وعائلته السياسية الموسعة تاركا وراءه أكثر من نقطة استفهام حول ماهية الأيادي «العابثة الغادرة» التي أزهقت روح المنسق العام للتيار الشعبي امام منزله بجهة اريانة ووسط عائلته غير عابئة بفضائل شهر الصيام ولا بتعاليم الإسلام ولا حتى بالمصير الذي يتربص بأرملة رحل عنها عائلها وترك في ذمتها خمسة أيتام. على وقع الصدمة تلقت العائلة السياسية الموسعة فاجعة اغتيال رفيق التيار الشعبي والمجلس الوطني التأسيسي والجبهة الشعبية...نزل المئات من المتظاهرين الى شارع الحبيب بورقيبة رافعين شعارات التنديد بالحكومة الحالية والمطالبة بإسقاطها الى جانب شعارات حملوا من خلالها مسؤولية اغتيال «البراهمي» إلى «الترويكا» الحاكمة. غاز مسيل للدموع...لتفريق الجموع ! و ماهي إلا دقائق من الإعلان عن خبر اغتيال الشهيد «محمد براهمي» حتى تجمع المئات من المتظاهرين أمام مبنى وزارة الداخلية بشارع الحبيب بورقيبة بالعاصمة غير عابئين بالتعزيزات الأمنية المكثفة التي انتشرت بسرعة فائقة في كل أرجاء المكان للتصدي لاي رد فعل عنيف قد يؤتيه المحتجون،منددين بتواصل الاغتيالات السياسية في تونس. و أمام إصرار المحتجين على اقتحام مبنى وزارة الداخلية وبتتالي الاشتباكات بالايدي بين الامنيين والمتظاهرين،اطلقت الوحدات الأمنية الغاز المسيل للدموع بشكل مكثف حجبت معه الرؤية بكامل شارع الحبيب بورقيبة والانهج المتاخمة له ،كما استخدمت الهراوات لتفريق الجموع ولبسط سيطرتها على الشارع. اعتداء على شاب...و فتيل الغضب ينتهي بمواجهة و من المشاهد التي زادت في احتقان المحتجين وغضبهم هو إقدام بعض الأمنيين على انزال شاب من اعلى سيارة اتخذها منبرا ليلقي كلمته وسط المتظاهرين،و الانهيال عليه باللكم والصفع ...هذا المشهد تسبب في حدوث اشتباكات ومناوشات وتبادل للعنف بين المحتجين والعناصر الامنية. «الغنوشي» يعلق على الحادثة من جانبه،أصدر رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي بيانا نفى من خلاله أي ارتباط لحركته او للحكومة بحادث اغتيال «براهمي»-ما ذهب اليه المتظاهرون-، حيث ندد بالحادثة ووصفها بالعمل الجبان والدنيء وطالب راشد الغنوشي الحكومة ووزارة الداخلية بسرعة القبض على المجرمين. وفي ما يلي النص الكامل للبيان: «إنا لله وإنا إليه راجعون» تلقينا بكثير من الحزن والصدمة خبر إغتيال المناضل السياسي وعضو المجلس الوطني التأسيسي محمد براهمي اليوم الخميس. وإذ نند بهذا العمل الجبان والدنيء، نترحم على روح الشهيد محمد براهمي ونرفع اخلص التعازي لعائلته راجين من العلي القدير ان يرزقهم جميل الصبر. ونطالب الحكومة ووزارة الداخلية بسرعة القبض على المجرمين الذين اقترفوا هذه الجريمة وكشف الجهات التي تقف وراءه والتي تستهدف استقرار البلاد، كما نطالب جميع الأطراف السياسية في هذه المرحلة الدقيقة بالتحلي بالمسؤولية وضبط النفس.