أحيانا تتسّرب من بين ثنايا العتمة بارقة أمل تقطع مع مخلّفات الماضي وتعيد ولو باستحياء قليلا من الثقة« لواقع» مرير خلنا لحين أنّه لن ينصلح قريبا طالما أن هوس الأنا ونرجسية الذات هما الطاغيان ... الصورة المشرقة جاءتنا غير بعيد وتحديدا من دار الجامعات حيث التقى وزير الشباب والرياضة طارق ذياب ومحرز بوصيان رئيس اللجنة الاولمبية بمناسبة حفل التكريم الذي نظمته الوزارة على شرف المتوّجين في ألعاب «مرسين» التركية... لمّة دار الجامعات كانت وديّة بالأساس وحفل التكريم فاح منه وعلى غير العادة عطر الودّ والوئام خاصة وانّ الجمع ضمّ هذه المرّة اسمين عرفا بتصادمها في كثير من المرّات بل انعكست تجاذبات حربهما الباردة على المشهد الرياضي بشكل لافت سيّما وأن الرجلين يتصدّران أهمّ المواقع على الساحة الرياضية التونسية... كلام الرجلين خلال حفل التكريم حمل الكثير من التطمينات والوعود في ما يتعلّق بمستقبل العلاقة بينهما وهذا ما يهمّنا أساسا لان الرياضة التونسية لا يمكن أن تعيش بمعزل عن هذا الحراك الذي يعتبر علامة صحية تقيم الدليل على تعافي الرياضة من وهن السياسة ومن فلسفة التوصيات... طيّ صفحة الخلاف بين طارق ذياب ومحرز بوصيان كان معلنا إلى درجة تلاوة نصّ التوبة في العلن والتقارب الحاصل في وجهات النظر بين الرجلين بدرجة أولى قبل الحديث عن الهيكلين الراجعين إليهما بالنظر يؤكّد بما لا يدع مجالا للشكّ أن التحوّل الجذري في مسار العلاقة بين الوزير ورئيس اللجنة الاولمبية يصبّ أوّلا وأخيرا في مصلحة الرياضة التونسية لانّ التصادم بينهما لا يمكن إلاّ أن يجرّنا قسرا إلى الخلف ويوقعنا غصبا في الخطإ.. طارق ذياب وعد ببذل كلّ ما في وسعه لتسهيل عمل اللجنة الاولمبية بل ثمّن مجهوداتها وهذا ما يحسب له كخطوة أولى لوأد نار الخلاف ومحرز بوصيان من جانبه أشاد بموقف الوزير واستبشر خيرا بنواياه المعلنة وغير المعلنة ووعد بدوره بالعمل ضمن منظومة متكاملة متجانسة تسمتد وجودها من شرعية اللجنة وسلطة الوزارة... على مستوى النوايا يمكن القول إنّ ما بدر عن طارق ذياب ومحرز بوصيان يبشرّ بكلّ خير فكلاهما أعطى المثل وبتجاوز خلافاتهما الضيقة فتحا باب الأمل لغد جديد أكثر إشرافا مدعاة للتفاؤل بعيدا عن صراعات الأضداد وهو الدرس الذي نتمنى أن يعيه كلّ الفرقاء السياسيين الذين يصرّون على السير عكس التيار وجرّ البلاد إلى جبهة الصدام ... ننتظر أن يمرّ وزير الشباب الرياضة إلى تطبيق وعوده على أرض الواقع ونأمل أن يكون بوصيان في مستوى خطابه وهذا ليس بغريب عنهما حتى يضرب كلاهما أحسن مثال وحتى يعي البعض أن الخلاف لا يمكن أن يفسد للودّ قضيّة طالما أنّنا ننبض جميعا في السرّ والعلن لإعلاء الراية الوطنية...