بطاقتا إيداع بالسجن في حق المخرج والممثل نصر الدين السهيلي والمصور مراد المحرزي ,كان القرار الذي قضت به صباح أمس المحكمة الابتدائية بالعاصمة على إثر مثول المذكورين أمام أنظار وكيل الجمهورية . ويأتي هذا القرار على خلفية اعتداء نصر الدين السهيلي على وزير الثقافة مهدي مبروك الذي جدّ يوم الجمعة الفارط بدار الثقافة المغاربية ابن خلدون . وتعود أطوار هذه القضية إلى شكاية رفعها وزير الثقافة مهدي مبروك ضدّ الممثل والمخرج نصر الدين السهيلي على إثر رشقه ببيضة على هامش إحياء أربعينية الفنان عزوز الشناوي , متهمّا إياه بالاعتداء عليه بالعنف. كما تمّ إيقاف المصوّر بقناة «اسطرلاب تي في» مراد المحرزي الذي قام بتوثيق حادثة الاعتداء في فيديو تداولته عديد المواقع ... تصعيد في الحكم وفي تصريح ل «التونسية» قال محامي المتهمين أيوب الغمداسي إن إصدار قرار الإيداع بالسجن جاء في ساعة متأخرة نسبيا وهو ما يحول دون معرفة نوع التهمة الموّجهة لكل من الفنان نصر الدين السهيلي والمصوّر مراد المحرزي والاطلاّع على مجريات القضية بسبب ضغوطات ضيق التوقيت الإداري الصيفي. ولم يستبعد الأستاذ الغمداسي أن يكون هذا الأمر متعمّدا قصد تعطيل عمل هيئة الدفاع . وعبّر لسان الدفاع عن استغرابه من إيقاف المصوّر مراد المحرزي الذي لا ذنب له في القضية سوى أنه تواجد في مكان الحادثة لنقل فعاليات إحياء أربعينية الفنان عزوز الشناوي حسب ما تستوجبه طبيعة عمله, فشاءت الصدفة أن تحدث الواقعة بحضوره... البعض تساءل عن سر اقتصار التصوير على الحادثة في اشارة ضمنية الى امكانية علم المصور بما يضمره السهيلي خاصة بعدما أطرد وتوجه الى محل «العطار» لجلب البيضة. وصرّح الغمداسي أنه كان ينتظر تمشيّا معتدلا في قضية منوّبيه خصوصا أن رؤساء دول وشخصيات مرموقة سبق أن رشقوا بالبيض .... وقفة احتجاجية وتضامنية إصدار قرار الإيداع بالسجن ضد الفنان نصر الدين السهيلي والمصور مراد المحرزي سبق بوقفة احتجاجية أمام وزارة الثقافة للتضامن مع الموقوفين وللمطالبة بإطلاق سراحهما قبل أن تتحوّل الوقفة إلى أمام مقر المحكمة الابتدائية بالعاصمة والتي حضرها بضع العشرات من المثقفين ومن مكونات المجتمع المدني... وبصوت مبحوح بسبب الصدح بالخطابات والشعارات ,تحدّثت أماني ذويب الصحفية بقناة «اسطرلاب تي في» والعضو في الهيئة التسييرية لحركة «خنقتونا» عن دواعي هذه الوقفة الاحتجاجية قائلة: «أنها وقفة احتجاجية تضامنية مع زميلي المصور مراد المحرزي والفنان نصر الدين السهيلي للمطالبة بالسراح اللامشروط للطرفين» . واعتبرت ذويب أن السهيلي لم يقم بجريمة برشقه وزير الثقافة ببيضة بل افتتح أولى نشاطات حملة «ارحل»... كما استنكرت إيقاف زميلها في العمل مراد المحرزي مؤكدة أنه كان يقوم بواجبه المهني بعد أن تحصل على تكليف رسمي من قناة «اسطرلاب تي في» لتغطية فعاليات أربعينية الفنان عزوز الشناوي. وإن سجلّت الوقفة الاحتجاجية شبه غياب للفنانين والمثقفين ما عدى حضور ضئيل لعدد من الأسماء المعروفة ,فإن الفنان التشكيلي وكاتب عام الرابطة التونسية للفنون التشكيلية إبراهيم العزابي كان من بين الحضور ووصف موقف وزير الثقافة تجاه ما حدث ب «الفاشي والانتقامي» على حد تعبيره، معتبرا أن الرشق بالبيض من أشكال الاحتجاج السلمي المعمول بها في العالم ومشيرا إلى ضرورة تقبّل الطرق الجديدة في التعبير عن الرأي التي ينتهجها الشباب التونسي اليوم على غرار السهيلي وأمينة «فيمن»... كما ندّد العزابي بايقاف المصوّر التلفزي مراد المحرزي ونعت ذلك ب «السابقة الخطيرة التي لا يجوز السكوت عنها لأنها ضرب صارخ لحرية الإعلام والتعبير» ... و كشف الفنان ابراهيم العزابي أنه كان ينتظر من الوزير إسقاط الدعوى وأن يكون أكثر مرونة في موقفه ...لكنّه لم يفعل. جمعيات مساندة للوزير أمام مقرّ وزارة الثقافة صبيحة أمس,لم يكن المنادون باطلاق سراح الفنان نصر الدين السهيلي والمصوّر مراد المحرزي والمناهضون لوزير الثقافة وحدهم المحتّجين ...فبدورهم تجمّع ممثلون عن عدد من الجمعيات الثقافية في الطرف المقابل رافعين شعارات تدين الاعتداء على وزير الثقافة والمسّ من كرامته.وتتمثل هذه الجمعيات في جمعية «مسرح الشمس بتونس»و جمعية «المنتزه الثقافي للمسرح والموسيقى» وجمعية «الاتحاد التونسي للمسرحيين الهواة» وجمعية «مسرح الورد بأريانة». وفي تصريح ل «التونسية» قال المسرحي منير ساسي عن جمعية «مسرح الشمس بتونس» إن الوقفة الاحتجاجية تتنزل في سياق التنديد بسياسة العنف ورفضها رفضا قاطعا مهما كانت درجتها ومهما كان مأتاها .ووافقه في هذا الرأي بقيّة رفاقه من الجمعيات الأخرى مستنكرين صدور العنف عن فنان كان يفترض أن يجعله فنّه من أكثر الفئات دعوة لثقافة الحوار...و قد اقتصرت هذه الوقفة على مجرّد رفع الشعارات المكتوبة دون تحويلها إلى منطوقة ,وقد ورد في هذه الشعارات التعبير عن الرفض الشديد للمس بكرامة الوزير والمطالبة بردع المعتدي... والد نصر الدين : «أنا مطمئن» في لقاء بدا أنه الأوّل بينهما لما صاحبه من مقدّمات التعارف ,كان والد الفنان نصر الدين السهيلي يتحدّث إلى محامي ابنه الأستاذ أيوب الغمداسي مستفسرا ومستفهما عن مآل قضية نجله ...و ذلك أمام مقرّ المحكمة الابتدائية بالعاصمة . وفي حديث ل «التونسية» ذكر مقداد السهيلي أنه «مطمان «على ابنه وأن إحساس الأب الداخلي يخبره أن المسألة ستنقضي على خير... و بخصوص الوضع الصحيّ للممثل نصر الدين السهيلي بعد رواج خبر نقله إلى معهد التغذية على إثر تعكرّ حالته الصحية ,أفاد والده أن ابنه مصاب بداء السكري وهو ما يضطره إلى حقن مادة «الأنسولين» ثلاث مرات في اليوم لذلك أصاب صحته بعض الوهن في الساعات الأولى من إيقافه لكن حالته اليوم مستقرة. وأضاف مقداد السهيلي أنه زار ابنه في الإيقاف فوجده في وضعية جيدّة ومعنويات مرتفعة ...