«التكتل» مع الحوار وضدّ المقاطعة نتشاور مع بعض الأحزاب لتكوين قوى وسطية حداثية ولدت لبنى الجريبي في 22 أكتوبر 1973 بتونس العاصمة، وهي واحدة من أكثر الشخصيات النسائية المعروفة في المشهد السياسي بتونس ما بعد الثورة. ترشحت عن قائمة «التكتل» من أجل العمل والحريات عن دائرة تونس (2) ومنذ 23 أكتوبر 2012 أصبحت عضوا بالمجلس الوطني التأسيسي ثم عضو المكتب السياسي لحزب «التكتل». درست لبنى الجريبي هندسة الكمبيوتر لمدة 5 سنوات في ليون بفرنسا قبل أن تتحصل على دكتوراه في نفس المجال. شغلت مواقع مختلفة وكانت باحثة وأستاذة في جامعة السوربون، باريس 1 لمدة عامين وكذلك عملت محاضرا في كلية الهندسة بتونس. وقد أسست كذلك شركة الخدمات المعلوماتية للهندسة والتكنولوجيا في سان دييغو عام 2006 وشاركت في برنامج تبادل MEPI ودرست في كلية إدارة الأعمال علاوة على مشاركتها في شبكة من الجمعيات وأصبحت بعد ذلك رئيسة جمعية شمال أفريقيا التابعة للمعهد الوطني للعلوم المطبقة. في هذا الحوار الذي جمعنا بها أكدت لبنى الجريبي على أنه لا خيار لتونس اليوم سوى تشكيل حكومة غير متحزبة لضمان الوصول إلى الانتخابات، مبدية تفاؤلها بعد قبول حركة «النهضة» مبادرة الاتحاد كمنطلق للحوار. وشددت على ضرورة ألاّ يستأنف المجلس أشغاله إلاّ بعد عودة النواب المنسحبين، كما دعت في ذات السياق إلى تجاوز مرحلة النوايا والانتقال إلى مرحلة الحوار الفعلي. ما هي قراءتك للخطوة التي قامت بها حركة «النهضة» بقبولها مبادرة الاتحاد العام التونسي للشغل؟ هي خطوة ايجابية لحلّ الأزمة نأمل أن تكون بداية الانطلاق الحقيقي للحوار، وقد حثّ القرار الجريء والشجاع بتجميد أشغال المجلس الوطني التأسيسي جميع الأطراف للانطلاق في الحوار رغم ما شاهدناه من تصعيد هنا وهناك خلال الفترة السابقة. وقد قلنا يوم الأحد الفارط خلال انعقاد المجلس الوطني لحزب «التكتل» إن هذا الأسبوع سيكون أسبوع الأمل فمن خلال مشاوراتنا مع جميع الأطراف لمسنا رسالات ايجابية دفعتنا للتفاؤل بأنه أسبوع الأمل ونأمل أن نذهب اليوم بخطى حثيثة للشوط الثاني من المرحلة الانتقالية لامتصاص الاحتقان واسترجاع الثقة والبعث برسالات طمأنة للشعب التونسي. نرى اليوم اختلافات هامة صلب الكتل وحتى داخل حركة «النهضة» حول تجميد أشغال المجلس ورسالات تصعيد هنا وهناك زادت الأزمة حدة، واليوم كل الأطراف مسؤولة وعلى وعي بعامل الوقت الذي يخدم المصلحة الوطنية من جميع الجوانب فهذه الأزمة السياسية لها تداعيات اقتصادية الأمر الذي دفع إلى تجاوز المواقف المبدئية ونأمل أن تكون مصلحة الوطن فوق كل اعتبار. قرار «التكتل» الذي اتخذه في مجلسه الوطني الداعي إلى تشكيل حكومة غير متحزبة مثل خطوة هامة لتوفير كل الظروف لإنجاح مبادرة الاتحاد والتقاء الأحزاب الوسطية والمنظمات الراعية حولها. وماذا عن تأكيد «النهضة» في بيانها بأن حكومة «الترويكا» لن تستقيل وستواصل مهامها إلى أن يفضي الحوار الوطني إلى خيار توافقي يضمن استكمال الانتقال الديمقراطي وادارة انتخابات حرة ونزيهة، هل تشاطرين الرأي القائل بأن «النهضة» تقوم بمناورات سياسية؟ أعتبر بعد تبنّي حركة «النهضة» مبادرة الاتحاد أن حكومة «الترويكا» مستقيلة واليوم يجب تجاوز مرحلة النوايا والذهاب إلى مرحلة الحوار الفعلي. يجب أن يضفي الحوار مهما كانت الحلول والآليات إلى الأهداف الأساسية لاسترجاع الثقة واستعادة الأمن وتأمين المرحلة الانتخابية المقبلة وذلك من خلال توفير آليات لتحييد الإدارة وتحييد دور العبادة والمؤسسات الأمنية والجمعيات ومراقبة المال السياسي المراقبة القانونية من خلال تفعيل قانون الأحزاب والجمعيات. ونحن في «التكتل» اقترحنا انشاء مرصد لمراقبة حياد المؤسسات يتكون من لجان من المجتمع المدني المختص في الشفافية والحيادية والحوكمة. أليس لديك تخوفات من أن تفشل المفاوضات حول تشكيل حكومة وحدة وطنية على غرار فشل المفاوضات السابقة التي تمت اثر اغتيال شكري بلعيد والتي دعا إليها رئيس الحكومة السابق حمادي الجبالي؟ ما أفضت إليه المفاوضات بالنسبة للتجربة الفارطة والتي أفضت إلى تشكيل حكومة علي العريض لا أراه سلبيا، بل بالعكس فهذه المفاوضات أدت إلى تغيير أهم الوزارات الحكومية من وزراء كانوا منتمين إلى حركة «النهضة» إلى شخصيات مستقلة وقد ثبت من خلال التجربة الفارطة استقلاليتهم الحقيقية ونحن نعتبر أنها خطوة هامة تحسب ل«التكتل» كطرف اشترط في مشاركته في الحكومة تحييد وزارات السيادة. كما أضفت هذه المشاورات إلى مذكرة سياسية وقع فيها تعهّد من طرف ثلاثة أحزاب بمراجعة التعيينات والتسميات وتكثيف الآليات التشاركية وحل المجموعات العنيفة قضائيا، وقد صدر في هذا الإطار أمر حكومي بحل رابطات حماية الثورة ووقع الإعلان عنه رسميا قبل المصادقة على حكومة علي العريض. غير أن زمن تفعيل الآليات التشاركية لمراجعة التسميات في الأربع أشهر منذ انطلاق حكومة علي العريض طال رغم حث «التكتل» لحزبي الائتلاف ووقع بطء وتململ لتفعيل مراجعة التسميات وتسريع حل الرابطات العنيفة وهذا ما نعيبه أساسا على حركة «النهضة». ماذا لوتشبثت حركة «النهضة» بضرورة أن يكون رئيس الحكومة نهضويا؟ بالنسبة ل «التكتل» الذهاب إلى حكومة غير متحزبة هو مبدأ أساسي وهوالحل الوحيد الذي سيمكن من استرجاع الثقة والبعث برسالات طمأنة إلى التونسيين كما انه الحل الوحيد الذي سيضمن الوصول إلى الانتخابات، فهذه هي الأهداف الأساسية من تشكيل حكومة غير متحزبة. وأنا لدي كل الثقة في ذكاء وابداع التونسيين للتوصل إلى حلول فريدة ومستنبطة. هل تعتقدين أن المجلس الوطني التأسيسي سيستأنف نشاطه بعد اعلان حركة «النهضة» قبولها مبادرة الاتحاد؟ المنتظر هو الانطلاق الحقيقي للحوار حتى يقع اتخاذ القرار باستئناف أشغال المجلس بكل نوابه، لأننا لا نتصور مواصلة أشغال المجلس والتصويت على تركيبة الهيئة العليا المستقلة للانتخابات أوعودة لجنة التوافقات على الدستور وكل تداعياتها الجوهرية بدون النواب المنسحبين. وماذا عن مواصلة تشبث بعض الأطراف بضرورة حل المجلس الوطني التأسيسي، رغم قبول حركة «النهضة» بمبادرة الاتحاد؟ نحن من النواب الذين تموقعوا في الوسط وحاولوا التفاعل مع المواطنين الذين اعتصموا بباردووحاولوا التفاعل مع كل مطالبهم، ورغم أننا لا نشاطر طلب حل المجلس الوطني التأسيسي فمن واجبنا كمسؤولين أن نستمع بكل اهتمام إلى كل أسباب هذا الاحتقان والتأزم وفقدان الثقة ومن جهة ثانية الاستماع والتحاور مع الأطراف الأخرى لأننا لا يمكننا أن نكون ضد المؤسسات ونحن بصدد بناء دولة المؤسسات ولكن في نفس الوقت لسنا مع منطق المقاطعة بل نحن مع الحوار وموقفنا من ايقاف أشغال المجلس جعلنا على نفس المسافة من القطبين وكنا بصدد تقديم مبادرة وسطية ونحن في مشاورات مع عديد الأطراف تدعو إلى الحوار والتوافق والذهاب إلى حلول سلمية للخروج من الأزمة والابتعاد عن التصعيد وعن التشنج أوالتعنت والهدف أن تشكل هذه القوى قوة مقترح تدفع إلى الأمام وليس في موقع الانتقاد السلبي المجمّد وقد شاطرنا في هذا الموقف «حركة التونسي للحرية والكرامة» و«حزب التحالف الديمقراطي» وبعض الكتل النيابية الأخرى. هناك أخبار تروج مفادها أن هناك مشروع تحالف سياسي بين «التكتل» و«التحالف الديمقراطي» و«حركة التونسي للحرية والكرامة» بالإضافة إلى تشكيل كتلة نيابية داخل المجلس الوطني التأسيسي، هل من تأكيد لهذا الخبر؟ نحن بصدد التحاور مع العديد من الأطراف حول تكوين قوى وسطية حداثية قائمة على العدالة الاجتماعية وعلى القطع مع منظومة الاستبداد ونأمل أن هذه القوى الوسطية ستأخذ كل الأهمية ويكون لها وزن كبير على الساحة السياسية. وماذا عن تشكيل كتلة برلمانية جديدة؟ في الحقيقة لا وجود لهذه الفكرة حاليا ماهي النقاط التي حددها حزب «التكتل من أجل العمل والحريات» بالنسبة لأشغال المجلس الوطني التأسيسي في المرحلة القادمة؟ أولا تحديد تواريخ نهائية محددة من الهيئة العليا المستقلة للانتخابات لتوضيح الرؤية للتونسيين وللمستثمرين في تونس وتحديد تاريخ الانتخابات والمصادقة على القانون الانتخابي وقانون العدالة الانتقالية. ما هو موقفكم من استئناف النواب غير المنسحبين من المجلس الوطني التأسيسي أشغال لجنة التوافقات حول الدستور؟ بلغتني رسالة قصيرة عبر هاتفي الجوال وهي استدعاء رسمي من مبروك الحريزي لحضور الاجتماع التحضيري للجنة التوافقات، والحقيقة أنا استغربت كثيرا لأن الدعوة لم تأتني من رئيس المجلس مصطفى بن جعفر لاستئناف لجنة التوافقات ولا لاستئناف أشغال المجلس. ورغم أن هذا الاجتماع تحضيري وليست له صيغة رسمية فلا أعتقد أنه سيكون له جدوى بما أن عددا من النواب المنسحبين وغير المنسحبين لن يشاركوا إلى حين الاستئناف الرسمي لأشغال المجلس من طرف رئيس المجلس. اجتماع لجنة التوافقات قد يراه البعض وسيلة ضغط للحث على استئناف أشغال المجلس ولكن لا أظن أن ذلك سيغير من موقف الرئيس الذي ربط الاستئناف بالانطلاق الفعلي للحوار.