أمين قارة يكشف سبب مغادرته قناة الحوار التونسي    الإتحاد العام لطلبة تونس يدعو إلى تنظيم تظاهرات طلابية تضامنًا مع الشعب الفلسطيني    مصر.. تصريحات أزهرية تثير غضبا حول الشاب وخطيبته وداعية يرد    خط تمويل ب10 مليون دينار من البنك التونسي للتضامن لديوان الأعلاف    وزيرة الاقتصاد والتخطيط تترأس الوفد التونسي في الاجتماعات السنوية لمجموعة البنك الإسلامي للتنمية    وزير الخارجية يتناول مع وزير المؤسسات الصغرى والمتوسطة الكامروني عددا من المسائل المتعلقة بالاستثمار وتعزيز التعاون الثنائي    صادم/ العثور على جثة كهل متحللة باحدى الضيعات الفلاحية..وهذه التفاصيل..    رئيس الاتحاد المحلي للفلاحة ببوعرقوب يوجه نداء عاجل بسبب الحشرة القرمزية..    ملامحها "الفاتنة" أثارت الشكوك.. ستينيّة تفوز بلقب ملكة جمال    القصرين: مشاريع مبرمجة ببلدية الرخمات من معتمدية سبيطلة بما يقارب 4.5 ملايين دينار (معتمد سبيطلة)    فرنسا تعتزم المشاركة في مشروع مغربي للطاقة في الصحراء    الرابطة الأولى: تشكيلة النادي البنزرتي في مواجهة نجم المتلوي    دورة اتحاد شمال افريقيا لمنتخبات مواليد 2007-2008- المنتخب المصري يتوج بالبطولة    وزيرة التربية تطلع خلال زيارة بمعهد المكفوفين ببئر القصعة على ظروف إقامة التلاميذ    القطب المالي ينظر في اكبر ملف تحيل على البنوك وهذه التفاصيل ..    سيدي حسين : قدم له يد المساعدة فاستل سكينا وسلبه !!    استقرار نسبة الفائدة الرئيسية في تركيا في حدود 50%    بي هاش بنك: ارتفاع الناتج البنكي الصافي إلى 166 مليون دينار نهاية الربع الأول من العام الحالي    سيدي بوزيد: انطلاق فعاليات الاحتفال بالدورة 33 لشهر التراث بفقرات ومعارض متنوعة    صفاقس : "الفن-الفعل" ... شعار الدورة التأسيسية الأولى لمهرجان الفن المعاصر من 28 إلى 30 أفريل الجاري بالمركز الثقافي برج القلال    الناطق باسم محكمة تونس يوضح أسباب فتح تحقيق ضد الصحفية خلود مبروك    بنزرت: الافراج عن 23 شخصا محتفظ بهم في قضيّة الفولاذ    أبرز اهتمامات الصحف التونسية ليوم السبت 27 أفريل    خبير تركي يتوقع زلازل مدمرة في إسطنبول    المجلس المحلي بسيدي علي بن عون يطالب السلطات بحل نهائي لإشكالية انقطاع التيار الكهربائي    استشهاد شابين فلسطينيين وإصابة اثنين آخرين بنيران الاحتلال الصهيوني غربي "جنين"..#خبر_عاجل    عاجل/ نحو إقرار تجريم كراء المنازل للأجانب..    هوغربيتس يحذر من زلزال قوي خلال 48 ساعة.. ويكشف عن مكانه    طقس السبت: ضباب محلي ودواوير رملية بهذه المناطق    عاجل/ الحوثيون يطلقون صواريخ على سفينتين في البحر الأحمر..    كيف نتعامل مع الضغوطات النفسية التي تظهر في فترة الامتحانات؟    "حماس" تعلن تسلمها رد الاحتلال حول مقترحاتها لصفقة تبادل الأسرى ووقف النار بغزة    مانشستر سيتي الانقليزي يهنّئ الترجي والأهلي    فضاءات أغلقت أبوابها وأخرى هجرها روادها .. من يعيد الحياة الى المكتبات العمومية؟    أخبار الملعب التونسي ..لا بديل عن الانتصار وتحذير للجمهور    ابتكرتها د. إيمان التركي المهري .. تقنية تونسية جديدة لعلاج الذقن المزدوجة    الكاف..جرحى في حادث مرور..    القواعد الخمس التي اعتمدُها …فتحي الجموسي    طقس الليلة    تسجيل مقدّمة ابن خلدون على لائحة 'ذاكرة العالم' لدى اليونسكو: آخر الاستعدادات    عاجل/ ايقاف مباراة الترجي وصانداونز    تألق تونسي جديد في مجال البحث العلمي في اختصاص أمراض وجراحة الأذن والحنجرة والرّقبة    الرابطة 1 ( تفادي النزول - الجولة الثامنة): مواجهات صعبة للنادي البنزرتي واتحاد تطاوين    منظمات وجمعيات: مضمون الكتيب الذي وقع سحبه من معرض تونس الدولي للكتاب ازدراء لقانون البلاد وضرب لقيم المجتمع    بطولة الرابطة 1 (مرحلة التتويج): حكام الجولة الخامسة    وزارة التجارة تتخذ اجراءات في قطاع الأعلاف منها التخفيض في أسعار فيتورة الصوجا المنتجة محليا    مدير عام وكالة النهوض بالبحث العلمي: الزراعات المائية حلّ لمجابهة التغيرات المناخية    أكثر من 20 ألف طالب تونسي يتابعون دراساتهم في الخارج    تقلص العجز التجاري الشهري    أخصائي في أمراض الشيخوخة: النساء أكثر عُرضة للإصابة بالزهايمر    تُحذير من خطورة تفشي هذا المرض في تونس..    عاجل : القبض على منحرف خطير محل 8 مناشير تفتيش في أريانة    دورة مدريد : أنس جابر تنتصر على السلوفاكية أنا كارولينا شميدلوفا    أمين قارة: إنتظروني في هذا الموعد...سأكشف كلّ شيء    خطبة الجمعة .. أخطار التحرش والاغتصاب على الفرد والمجتمع    منبر الجمعة .. التراحم أمر رباني... من أجل التضامن الإنساني    أولا وأخيرا...هم أزرق غامق    ألفة يوسف : إن غدا لناظره قريب...والعدل أساس العمران...وقد خاب من حمل ظلما    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الدكتور حمودة بن سلامة ل «التونسية»: إرث الإقصاء يعسّر الحلّ بين الفرقاء السياسيين
نشر في التونسية يوم 07 - 09 - 2013

التونسية (تونس):
بعد إنقطاع طويل، عاد الدكتور حمّودة بن سلامة إلى المشهد من بوابة المؤتمر التاسع لحركة «النهضة» الذي كان أحد ضيوفه « المبجلين» وتواترت الأخبار عن قربه من الشيخ راشد الغنوشي حتى أنه تمّ اختياره لعضوية الوفد الحكومي في لجنة التحقيق في أحداث 4ديسمبر 2012 أمام مقر الإتحاد العام التونسي للشغل.
يعدّ الدكتور حمودة بن سلامة أحد الفاعلين الأساسيين في المجتمع المدني في عقدي السبعينات والثمانينات، فهو من أبرز مؤسسي الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان التي تحصلت على تأشيرتها في 7 ماي سنة 1977، وكان أول أمين عام منتخب لها في مؤتمرها الأول سنة 1982 ، وكان مقر عيادته بشارع الحرّية المقرّ الفعليّ للرابطة، كما كان أحد مؤسسي حزب «حركة الديمقراطيين الاشتراكيين» بقيادة أحمد المستيري. وقد ترأس الدكتور حمودة بن سلامة إتحاد الأطباء العرب لما يقارب العشر سنوات منذ أواخر السبعينات .
ترشح الدكتور بن سلامة في انتخابات 1981 ضمن القائمات الخضراء للحركة التي سرعان ما إنسحب منها صيف 1983 وواصل مشواره السياسي مستقلا وكان ذلك بقيامه بعديد المبادرات ومنها بالخصوص تنظيم لقاءات السلطة الحاكمة مع نخبة من السياسيين والمثقفين سنة 1983 ، ووفق في مسعى إطلاق سراح المساجين السياسيين من قيادات «حركة الاتجاه الإسلامي» في صيف 1984 ، كما عمل على إحداث منتدى للمستقلين سنة 1985.
وبارتقاء بن علي إلى سدّة الحكم في 7نوفمبر 1987 بدأت مرحلة جديدة في حياة الدكتور حمودة بن سلامة السياسية، إذ التحق بالحزب الاشتراكي الدستوري ليتسنى له المشاركة في الانتخابات الجزئية في ديسمبر 1987 ، واستمر عضوا في مجلس النواب حتى أفريل 1988 تاريخ تعيينه عضوا بالحكومة (كاتب دولة للصحة فوزيرا للشباب والرياضة).
كلّفه بن علي بالتحاور مع الإسلاميين، وحين تغيّرت سياسة النظام بقرار الحسم الأمني تمت إقالة الدكتور بن سلامة من الحكومة ، فاعتذر عن منصب سفير وانسحب من الحياة السياسية في فيفري 1991 .
«التونسية» التقت الرجل فكان معه الحوار التالي:
أين اختفيت منذ عضويتك للجنة التحقيق في أحداث 4ديسمبر 2012؟
أنا لم أختف ، كلفت بمهمة وأعتقد أننا أتممنا عملنا في الحدود الممكنة ، وفي نهاية الأمر تم اعتماد تقريرين، تقرير أعده الوفد الذي عينه الإتحاد العام التونسي للشغل وتقرير قدمه الوفد الحكومي مع أنني لا أرى شخصيا تباينا كبيرا بين التقريرين وكان بالإمكان التوافق على تقرير واحد وجامع لو تحلى كل طرف بمرونة أكثر.
هل تعتقد أن ملف أحداث4 ديسمبر 2012 طوي بشكل نهائي؟
والله يبدو لي ذلك.
وكأن الطرفين متفقان ضمنيا على طيّ هذه الصفحة كلّ لأسبابه؟
أتصور ذلك ، لقد تمكنا من خلال عملنا المشترك في اللجنة ، وخاصة في المدة الأولى من عملنا من إعادة التسلسل الكرونولوجي للأحداث بأكبر قدر من الموضوعية وتحدثنا مع كل الأطراف من نقابيين وأمنيين وجماعة رابطة حماية الثورة ، وانتهينا إلى أنه قد وقعت أحداث عنف في تلك المناسبة التي لم يكن من المفروض ان تحدث فيها تلك الأحداث وأمام مقر الإتحاد إذ ما كان لمناسبة وطنية مثل إحياء ذكرى الزعيم فرحات حشاد أن تنزاح عن وجهتها والمغزى من إحيائها، ولكن تعمد عديد الأطراف رفع شعارات مستفزة مكتوبة وشفوية من هذا الطرف وذاك جعلت الأحداث تتطور إلى مسار سلبي ، لكننا إذا ننسّب ما حدث فإنه يمكن القول إن أحداث العنف المادي لم تتجاوز التسع دقائق من حيث المدة وتمكن رجال الأمن من الفصل بين الطرفين، بقي أن كل طرف له قراءته لما حدث، فالنقابيون يعتبرون أن أطرافا محسوبة على «النهضة» والحكومة تجمهرت بأعداد كبيرة بشكل قصدي لإفساد الاحتفال. أما الطرف الآخر فيعتبر أنه وقعت استفزازات من قبل قوى نقابية وقوى سياسية(الجبهة الشعبية) احتمت بالإتحاد في مناسبة ما كان على المسؤولين من سلط عمومية وأمنية وكذلك من نقابيين أن يتركوا مجالا لأطراف حزبية وسياسية لرفع شعارات مناوئة للحكومة من جهة وللاتحاد من جهة أخرى مثلما وقع. شعورنا أن عملنا كان منقوصا إذ أنه إنتهى دون أن نتفق على تقرير موحد رغم الجهود التي بذلناها للغرض والمحاولات التي قمت بها شخصيا بصفتي المنسق العام للجنة لحمل الأطراف المعنية على قبول تحكيم لضم التقريرين في تقرير تأليفي واحد ...
عبد اللطيف المكي كان هو رئيس الوفد الحكومي في هذه اللجنة وقد تابع الرأي العام حضوره الأيام الأخيرة في مشاورات الغنوشي مع حسين العباسي (امين عام المركزية النقابية) فهل المكي هو المحاور الأنسب للإتحاد؟
عبد اللطيف المكي صديقي منذ عهد قديم وخاصة منذ كان من أقطاب الحركة الطلابية الاسلامية وللرجل اليوم مكانة محورية لدى قواعد «النهضة» وضمن إطاراتها الفاعلين ، فلا غرابة إذن أن يمثل الحكومة أو حزبه في المفاوضات والمشاورات التي أشرتم إليها. وفي ما يخص لجنة أحداث 4 ديسمبر وخلال ترؤسه للجنة بمعية المولدي الجندوبي(رئيس وفد إتحاد الشغل) لم يصدر عنه وكذلك عن الأخ المولدي الجندوبي أي خروج عن القواعد الدنيا لآداب الحوار والنقاش بين الأطراف المعنية رغم مجالات الاختلاف والتباين التي طبعت المواقف ونتائج الأشغال ...
كثيرون يعتبرونه من صقور «النهضة»؟
أنا لا أرتاح لهذا التوصيف الجاهز، فالأصح أن نصفه بالثابت والمتمسك بقناعاته من منطلق رصيده النضالي.
فضلا عن شرعيته السجنية؟
لا ليس هذا قصدي، أنا يهمني تكوين الشخص وقدرته على ممارسة صلاحياته وعمله الحزبي والحكومي وأنا أعتبر أن عبد اللطيف المكي مؤهل لآداء هذا الدور، لماذا تريدني أن ألومه على تمسكه بمواقفه ودفاعه عنها بقوة وعناد إلى حد نعته بالتشدد ؟ شخصيا أنا أرى انه رجل ثابت في مواقفه ، وهذا ليس بعيب سواء نوافقه أو نخالفه التوجه والمواقف ...
هل مازلت قريبا من حركة «النهضة»؟
صداقاتي قديمة مع الشيخين راشد الغنوشي وعبد الفتاح مورو وكذلك مع حمادي الجبالي وعلي العريض وزياد الدولاتلي وغيرهم من رموز وقيادات الاتجاه الاسلامي «النهضة» وبالمناسبة أود التأكيد على علاقاتي القديمة في هذا الصدد بالمرحوم صالح كركر وخاصة بالمرحوم سحنون الجوهري الذي ربطتني به علاقات متينة خلال سنين الجمر عندما عملنا معا في الهيئة المديرة لرابطة حقوق الانسان في ظروف صعبة جار علينا فيها حتى بعض الحقوقيين الذين كانوا يعتبرون الدفاع عن حقوق الاسلاميين (المضطهدين آنذاك) في غير محله ولا مبرر له...
هناك أشياء تجمعني بالمنظومة السياسية الإسلامية ( التمسك والذود عن الهوية بالأساس)، وهناك أشياء أختلف فيها معها بشكل جذري ، انا لا أخفي أن لي صداقات مع عدد من قياداتها وأبنائها من الجيل الثاني ولا أعتقد أن هذه الصداقات تعني أنني موال ل «النهضة» ، أنا لست نهضويا كما يريد البعض ترويجه لأهداف معينة وللمزايدات المجانية ...
إلى أين تتجه «النهضة» ، هل إلى التحاور مع المعارضة ومد جسور التواصل أو إلى الانغلاق والتشدد؟
أعتقد أن «النهضة» لا تملك حاليا كل خيوط اللعبة وليست هي وحدها سيدة الموقف ، «النهضة» إرتكبت خطأ استراتيجيا منذ البداية وكنت نبهت إلى ذلك في الإبان إذ كان عليها أن تعتني أساسا ومباشرة بعد انتخابات أكتوبر 2011 بالعمل التأسيسي وتتجنب العمل البرلماني والإنغماس في العمل الحكومي ، هذا خطأ أصلي وهي حاليا تعاني من تبعاته... مجال التدارك متاح في رأيي إذا هي أقدمت على تحول استراتيجي نحو البحث عن توافق حقيقي أي نحو تصور جديد وجريء في التحاور ومد الجسور مع من هو ليس منها وحتى مع من يخالفها الرأي ، شريطة أن تتم عملية طمأنة متبادلة بين الفرقاء لإنهاء أزمة الثقة الطاغية حاليا : السياسيون الإسلاميون يخشون من نزعات الاقصاء وحملات الشيطنة والوعد والوعيد التي لم تغادر أجندات بعض النخب في الأحزاب والإعلام والمثقفين وأوساط التأثير والضغط وهي التي لا ترى في الاسلاميين مجرد خصوم سياسيين بل وما زالوا لا يقبلون وجودهم وبقاءهم في الحلبة السياسية وحتى كمعارضين...
بماذا تنصح النهضة اليوم؟
أنصح «النهضة» وغير «النهضة» من الفرقاء في الساحة السياسية بإنهاء المرحلة الإنتقالية في أقرب وقت بإغلاق ملف الدستور وتواريخ الانتخابات والهيئة العليا المستقلة للانتخابات وملف القانون الانتخابي. وحين أقول إغلاق فلا يعني ذلك أن تقبل بأي شيء فالقانون الانتخابي مثلا يحتاج إلى نقاش جديد وإلى إصلاح القانون الذي سير انتخابات أكتوبر 2011 ويكون ذلك مثلا بالتفكير الجدي في مراجعة طريقة الاقتراع بما يفسح المجال للترشح حسب قاعدة الأفراد ...
وعلى الرغم من إنتقادنا في عديد المناسبات السابقة لأداء المجلس التأسيسي فإنه لابد من تثبيت شرعيته والإقرار بما تحقق في صلبه رغم كل ما يقال. لماذا يتم تجاهل التوافق على تركيبة الهيئة العليا المستقلة للانتخابات مثلا ؟ لم تكن «النهضة» هي من اختارت وحدها الأعضاء الثمانية بل تم التوافق عليهم بأغلبية الثلثين، ماذا يعني ذلك؟ يعني أن «النهضة» وبقية الأطياف السياسية قادرة على التوافق والتفاهم وهو ما نأمل أن يستمر في لجنة التوافقات حول الدستور. التوافق ممكن إذن إن توفرت إرادة سياسية وفي تقديري إذا كانت «النهضة» تريد أن تنقذ مواقعها من الضروري أن تذهب الى الانتخابات في أقرب وقت لأن لها مصلحة في ذلك والأمر كذلك في رأيي بالنسبة لأحزاب المعارضة الكبيرة التي تعطيها عمليات سبر الآراء حظوظا وافرة للحصول على تمثيلية معتبرة في البرلمان القادم. وفي نهاية الأمر فإن الإسراع بانتخابات شفافة يخدم مصلحة لا فقط هذه الأحزاب بما فيها «النهضة» و«النداء» بل وبالأساس يوضح المشهد السياسي في البلاد بما ينهي الضبابية الحالية والشك والتشكيك في التمثيلية الحقيقية للأطراف السياسية ويفرض على الجميع الانصراف الجدي بعد ذلك الى الحسم لخدمة الملفات التنموية والحياتية المتضررة حاليا من حالة الفرقة والركود...
كيف تفهم «التناقضات» في مواقف القيادات النهضوية، هل هو إختلاف حقيقي أو تقاسم للأدوار؟
لا أبدا ، هو اختلاف حقيقي، ولكنه إختلاف عادي وطبيعي فكيف تريد لمجموعة سياسية تكونت منذ أكثر من ثلاثين عاما وتضم أفرادا مختلفين
في السن وحتى في المزاج أن تكون بلون واحد وموقف واحد « كيفاش ما يكونوش مختلفين ؟»
أليس راشد الغنوشي هو صاحب القول الفصل في «النهضة»؟
إلى حد معين ، وهو يعرف ذلك ، الشيخ راشد له سلطة أدبية بحكم شرعيته والكاريزما التي تميزه ولكن إلى حدّ ...
فضلا عن مبدإ السمع والطاعة للشيخ؟
ولماذا لا تعتبر هذا التقدير لمؤسس الحركة ميزة لحركة «النهضة» ؟ ما حصل أن «النهضة» انتقلت من حزب سياسي غير معترف به إلى حزب في السلطة بل هي السلطة نفسها وهذا الانتقال يفرض التأقلم مع إكراهات الحكم، لم يعد ممكنا تناول القضايا من منطلقات إيديولوجية وأضرب لك مثالا على ذلك: تطور مواقف حمادي الجبالي بعد ترؤسه للحكومة وهذا تطور طبيعي وأنا مرة أخرى أقول إن التونسيين سيحاسبون «النهضة» على آدائها في السلطة ولا ينتظرون منها أن تعلمهم الصلاة والصوم والفقه ...
«موش مطلوب منك ذلك» الناس انتخبت «النهضة» لتواجه قضايا حياتية إستعجالية مثل البطالة وتحقيق التوازن الجهوي والعدالة الإجتماعية ... في هذه القضايا لا دخل للإيديولوجيا ولكن مع الأسف تبين أن كثيرا من الإخوة في «النهضة» تنقصهم التجربة والتقدير المسبق للأوضاع وانغمسوا في التفاصيل الجانبية.
أسكرتهم السلطة؟
إذا كان السكر حلالا ...
هل تعتقد أن مبادرة الإتحاد العام التونسي للشغل هي الحل الوحيد للأزمة السياسية؟
أعتقد أن هذه من المفارقات الغريبة، فحين تريد أن تكون حكما وجامعا للفرقاء من المفروض ألاّ تكون لك مبادرة لأنك ستصبح طرفا في الجدال القائم، فحين أقرأ مبادرة الإتحاد ألاحظ أن البند الأول هو استقالة الحكومة وهو بند ليس محل إجماع بين الفرقاء فهناك من يطالب به ويعمل على تحقيقه وهناك من هو رافض لحل الحكومة فكيف للإتحاد العام التونسي
للشغل أن يطمح إلى أن يكون خيمة تظل الجميع وهو ينطلق في مبادرته من موقف مسبق هو موقف فصيل سياسي بعينه؟
رأيي أيضا أن مبادرة الإتحاد ينقصها من جهة أخرى بند رئيسي هو التعهد بسلم اجتماعية فلا إضرابات ولا إعتصامات لمدة معينة، كيف تطالب بتنازلات وتضحيات سياسية وأنت لا تلتزم بشيء؟ هل كل الإضرابات التي حدثت وتحدث قانونية ومبررة ؟ كان ضروريا أن يعلن الإتحاد والمنظمات الراعية للحوار(إتحاد الصناعة والتجارة، الهيئة الوطنية للمحامين والرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان) عن تمسكهم بسلم إجتماعية تسمح للاقتصاد التونسي ان يسترجع أنفاسه ...
أعيد طرح سؤالي هل مبادرة الإتحاد هي الحل الوحيد؟
لو كانت الحل الوحيد لانتهت الأزمة، الحل ليس في طرح مبادرة في شكل حزمة من البنود لا يمكن فصل بعضها عن البعض الآخر، في تقديري لابد من الانطلاق من المشترك بين الفرقاء السياسيين كأن يتم الانطلاق من التوافق على دور المجلس التأسيسي بوضع رزنامة محددة لعمله والشروع فيها دون مزيد الانتظار ، فالحوار لا بد أن ينطلق دون شروط مسبقة وينطلق من المشترك دون الزام هذا الطرف أو ذاك بجملة لا تجزأ من الشروط والمطالب على شرعية ووجاهة العديد منها، إن نحن نريد حلاّ لا بد لنا أن نكتفي بما يستطاع ...
النهضة هي التي كانت تتمنع وترفض الحوار ؟ ولا يمكن للحوار أن يستمر إلى ما لا نهاية له؟
ليس هناك خلاف ، لابد من وضع برنامج محدد للحوار وذلك يختلف عن تحديد مسبق للمواقف.
هل هناك مخاوف من دخول البلاد في دوامة العنف؟
إن حدث ذلك لا قدر الله فسيكون بسبب أجندات خارجية وإقليمية لأنه لا مصلحة لأي تونسي في أن تنزلق البلاد إلى هذا المنزلق «ما نتصورش هناك قوى أو نخب عندها مصلحة او رغبة في جرّ البلاد إلى العنف»
هل هناك حل سياسي في الأفق؟
طبعا، اليوم لا وجود لطرف واحد يمتلك كل الخيوط بين يديه ليقرر بمفرده ، كما لا يمكن التعويل فقط على الحسم الديمقراطي بتحكيم الناخبين لأننا نمر بمرحلة انتقالية ، بقي أمامنا خيار وحيد هو التوافق وفي غياب قواعد مضبوطة فإن التوصل الى توافق يتطلب وقتا ولهذا نحن نراوح مكاننا منذ اغتيال الشهيد محمد البراهمي رحمه الله ...
عوّل كثيرون على لقاء الشيخين الغنوشي وقائد السبسي ولكن بدا وكأن اجتماعهما كان في إطار العلاقات العامة؟
وإن يكن ، فهو لقاء مفيد لأن الرسالة كانت إيجابية لعموم المواطنين ، كان لقاؤهما رسالة طمأنة للتونسيين وللعالم ولكنها رسالة وقتية لا يمكن استثمارها طويلا .
هل كان اللقاء صفقة سياسية؟
أنا لا أتصور ذلك لأن الغنوشي وقائد السبسي لا يمثلان نفسيهما فقط بل كلاهما في وضعية تنظيمية لا تسمح لهما بعقد صفقة سياسية، كل منهما وراءه حزب وعلاقات بأحزاب ومواقف ومواقف مناقضة ولذلك يصعب الحديث عن عقد صفقة.
والتدخل الخارجي؟
أكيد موجود.
ألا يمس ذلك من سيادة القرار الوطني؟
لنكن واضحين وصرحاء: حين ترهن اقتصادك بضمان دولة مثل الولايات المتحدة الأمريكية لجملة من القروض أو ترهن إقتصادك بمساعدة من منظمة مثل الإتحاد الأوروبي فلا يمكنك وقتها إغلاق الباب أمام تدخل الأطراف الخارجية، ثم علينا أن نقبل أننا لا نعيش بمفردنا ولا ضرر في الإنصات إلى نصائح جيراننا وأصدقائنا «ثمة تدخل من تدخل» ، فالتوافق على مكافحة الإرهاب مثلا ليس تدخلا في الشأن الوطني ، فعيون الخارج وآذانه على ما يقع في بلداننا معطى ليس بجديد وبمعزل عن الطابع الاقليمي وحتى الدولي للتطورات والأوضاع الانتقالية التي تمر بها البلدان العربية راهنا ، وهذا طبيعي وعلى رجل السياسة أن يقرأ حسابا لهذه المعطيات بما لا ينال من مفهوم السيادة .
هذا الوضع الإقليمي الجديد يؤثر علينا سلبا وإيجابا ويمكننا أن ندافع عن الاستثناء التونسي فمثلما نجحنا في إسقاط نظام بن علي يمكن للتونسيين أن يثبتوا أنهم قادرون على إرساء نظام ديمقراطي أساسه التعايش بين تيارات الإسلام السياسي وتيارات حداثية ويسارية فنحن شرعنا في عملية إصلاح ذكي وهناك مجال لتجاوز الخلافات الفكرية ، ما نعيشه الآن من تأزم يعود إلى ان الفصيل الأساسي الحالي في الساحة غير مقبول منذ خمسين سنة فالإسلام السياسي لم يقبله لا بورقيبة ولا بن علي ولا حتى النخبة قبلته ...
التونسيون سيحاسبون «النهضة» على أدائها في السلطة ولن ينتظروا منها تعليمهم الصلاة والصوم والفقه
خطأ من؟ هل هو خطأ السلطة أم خطأ الإسلام السياسي؟
أنا اتصور أن الأخطاء مشتركة فإذا كنت أنت ترفض الإعتراف بوجودي فكيف تريدني أن أتحاور معك وأمنحك ثقتي.
هل للإسلاميين مخاوف من العودة إلى المنافي والسجون؟
«وكيفاش ما يكونوش عندهم مخاوف؟» خاصة أمام ما يحدث في مصر؟ لو كان الخلاف مقتصرا على خلاف سياسي في إطار التداول على السلطة لكان أمرا مقبولا ولكن الموضوع متعلق برغبة البعض في إقصاء الآخر وهو سيناريو غير مقبول.
المشكل يتمثل في وجود نزعة قد تستند إلى بعض المبرّرات لدى هذا الطرف أو ذاك لتصفية بعضهم البعض ، أذكر أننا حين بدأنا الدفاع عن الإسلاميين في بداية الثمانينات من منطلق الدفاع عن حقوق الإنسان لامنا شق من النخبة التونسية «كيفاش تدافعوا عن الإسلاميين؟».
هل مازال هذا الموقف موجودا؟
طبعا ، ولو بدرجة وحدّة أقل كثيرا مما كانتا عليه في السبعينات والثمانينات ، ما يحدث الآن امتداد لخلافات الطلبة بالمركب الجامعي بين اليساريين والإسلاميين، مرّ الزمن وكبروا في السن ولكن الخلافات ظلت كما هي ... في رأيي هذا الخلاف هو الذي يعسّر الحلّ اليوم في غياب الثقة بين الطرفين لأن الخلاف الحالي امتداد إلى إرث ثقيل من الإقصاء منذ أكثر من أربعين عاما ... «قاعدين نعيشوا» في مخلفات الماضي والحال أن هناك مجالا للنظر إلى المستقبل.
ما تعليقك على عودة الدكتور حامد القروي إلى واجهة الأحداث السياسية؟
أنا أعلنت موقفي منذ الأسبوع الأول لسقوط بن علي، وقلت إن العائلة الدستورية موجودة ولا يمكن ان ننكر وجودها، أنا قلت هذا رغم أني لا أنتمي فكريا إلى هذه العائلة التي جحدتني خلال المدة الوجيزة التي انتميت لها تنظيميا في أواخر الثمانينات بهدف المساهمة في إصلاح حزبها...
لم تكن موافقا على قرار حل «التجمع»؟
كان قرارا متسرعا لم يراع البعد السياسي ، كنت أتوقع وأتمنى ان يترك مجال مثلما تم لجبهة التحرير الوطني في الجزائر نهاية الثمانينات ليراجع الدساترة أنفسهم ، من حل «التجمع»؟ كان بمبادرة من وزير الداخلية آنذاك فرحات الراجحي الذي أحترمه كقاض ولكن في السياسة لا رصيد له وليس له القراءة السياسية ، هناك نظرة أخرى لا بد أن يتميز بها رجل الدولة ، أنظر مثلا الى موقف أحمد نجيب الشابي الذي رفض حل «التجمع» وبطبيعة الحال موقفه لم يرض كثيرين ولكن منذ متى كان دور رجل السياسة إرضاء الناس؟ أحيانا على السياسي أن يتخذ مواقف ضد التيار لا أن يتّبع الرأي السائد والغالب، لو تمكن الدساترة من تطهير حزبهم وعقد مؤتمر استثنائي بقيادة جديدة تقطع مع الماضي وتقوم بنقد ذاتي للأخطاء التي ارتكبها حزبهم واعتذروا من الشعب ، لربحنا كثيرا من الوقت ...
يرى البعض أن عودة الدساترة خطر على الديمقراطية؟
أبدا، لأنه لا يمكن أن يعود «التجمع» أو غيره من الأحزاب بالطريقة التي كان عليها، حزب بأموال الدولة وعقاراتها وبملايين المنخرطين، هذا غير ممكن الآن ، لقد حاولنا إثر 7نوفمبر 1987 أن نحقق هذا التغيير وكنت من بين من حاولوا ولكننا لم ننجح ...
ولكن الوجوه القديمة نفسها عادت؟
مثلما وجدنا ذات الوجوه القديمة في المعارضة ، هذه مسألة ظرفية
لماذا هذه العودة إلى الشيوخ بترشيح أحمد المستيري ومصطفى الفيلالي والشاذلي العياري لرئاسة الحكومة؟
نظام بن علي كسّر تجدد الطبقة السياسية وأوقف نموها الطبيعي، فمنذ نهاية الثمانينات وتحديدا منذ إنتخابات 1989 إلى الثورة لم تتجدد الطبقة السياسية لأن كثيرا من الفاعلين في التجمع لم تكن لهم أي صلة بالسياسة فهم رجال أعمال أو مقربون. أما أحزاب المعاضدة فإنتهت صلاحيتها بعد الثورة ، ولم يبق سوى بعض «الانتحاريين» من أحزاب المعارضة الراديكالية لبن علي الذين ظلوا إلى اليوم في المشهد كما أن الفترة الانتقالية شهدت إنهيار البنية التقليدية فاضطرت الأحزاب الى اللجوء إلى وجوه جاهزة لأنه ليس من السهل تكوين أحزاب بأشخاص غير معروفين «باش تعمل حزب يلزمك عشرة سنين»، لا تقس على «نداء تونس» فهو حالة خاصة فقضية شيخوخة الوجوه السياسية مرتبطة بالفترة الانتقالية وستأخذ الأمور مجراها لاحقا ولذلك دعوت إلى اختصار هذه الفترة تجنبا لقضايا جدالية في غياب قواعد واضحة للعبة السياسية.
هل يمكن للمنصف المرزوقي أن يؤدي دورا في هذه الأزمة؟
أنا يهمني أن أتحدث عن مؤسسة الرئاسة فهي تجسد الدولة، والمرزوقي إذا كان محاطا بفريق عمل في نطاق جماعي قادر على المساهمة في الحل، المشكل بالنسبة للمرزوقي وللآخرين(بن جعفر والعريض) أن عيونهم على الانتخابات القادمة ربما كان هذا من حقهم ولكن في إعتقادي هذه الوضعية تعطل إنهاء الفترة الانتقالية وهذا في حد ذاته خطأ ويشوش على الساحة السياسية.
هل يمكن للباجي قائد السبسي ان يكون رئيسا في إطار حل ما للأزمة؟
مؤسسة الرئاسة بالصلاحيات الحالية لا أتصور أنها قادرة أن تؤثر سلبا أو إيجابا في إنهاء المسار الإنتقالي خلافا للمجلس الوطني التأسيسي ورئاسة الحكومة اللذين لهما صلاحيات واسعة ، لذلك فإن المسألة لا تتعلق بشخص قائد السبسي بل بصلاحيات مؤسسة الرئاسة نفسها حسب الدستور الصغير...
سي الباجي ليس في حاجة إلى أن يكون رئيسا للدولة ليكون له دور في الحل بل هو قادر على ذلك بصفته شخصية وطنية وزعيم حزب له مكانته ، «يحب يترشح في ما بعد فله ذلك بطبيعة الحال» ...
ورشيد عمار؟
لاحظت أن كثيرين يتحدثون نيابة عن الرجل لذلك من الضروري أن نستمع إلى رأيه هو قبل كل شيء ، ولكن في إعتقادي حسب ما تبين لنا أنه شخص محترم لعب دورا إيجابيا في مرحلة دقيقة من حياة البلاد ، ولكن لا أتصور أنه راغب أو قادر على أداء دور سياسي بحكم تكوينه ، المشكل ليس في ممارسة السياسة بل في القدرة على النجاح ، مع تقديري لما قدمه الفريق أول رشيد عمار لتونس في وقت معين ونجاحه العسكري لا يعني هذا ان يصبح منقذا وهذا يصح عليه وعلى غيره.
هل مازلت على تواصل مع راشد الغنوشي؟
طبعا بصفة دورية وكلما كان ذلك ممكنا ولا يتعلق الأمر به فقط ، ألاقي الإخوة الذين أتصور أن لهم دورا في البلاد وتجمعني بهم صداقات.. والكلام الذي سمعته مني اليوم في هذا الحديث هو عينه الذي اقوله لأصدقائي ولكني لست مستشارا لأي منهم وليسوا ملزمين بالأخذ برأيي ....


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.