تأجيل استنطاق سنية الدهماني    وزارة المالية تكشف عن قائمة الحلويات الشعبية المستثناة من دفع اتاوة الدعم    أثار ضجة كبيرة .. "زوكربيرغ" يرتدي قميصًا كُتب عليه "يجب تدمير قرطاج.. "    الترجي الرياضي: تواصل التحضيرات .. وكاردوزو يفرض "الويكلو"    مطار تونس قرطاج: العثور على سلاح ناري لدى مسافر تونسي    بورصة تونس .. مؤشر «توننداكس» يبدأ الأسبوع على انخفاض طفيف    البنوك تستوعب 2.7 مليار دينار من الكاش المتداول    أبرز اهتمامات الصحف التونسية ليوم الاربعاء 15 ماي 2024    البريد التونسي يصدر طابعا جديدا غدا الخميس احتفاء بعيد الأمهات    بسبب فشل سياسة الدولة وارتفاع الأسعار مئات آلاف العائلات محرومة من حلم امتلاك مسكن !    من بينهم طفلان: قوات الاحتلال الصهيوني تعتقل 20 فلسطينيا من الضفة الغربية..#خبر_عاجل    اللجنة القارة لأمن الطاقة والثروات الطبيعية المحدثة لدى المجلس الأمن القومي تدرس سبل دفع قطاع الفسفاط    أخبار النجم الساحلي .. ضغط على الجويني وتبرعات بربع مليار    أخبار النادي الصفاقسي .. المخلوفي يخطط للبقاء إلى 2030    أخبار المال والأعمال    مكتب مدنين : غدا استكمال الحصص التوعوية للحجيج    مفزع/ حوادث: 20 حالة وفاة خلال 24 ساعة..    ما حقيقة سرقة سيارة من مستشفى القصرين داخلها جثة..؟    عاجل : الفيفا تعلن عن الدولة التي ستستضيف كأس العرب    عقوبة ب20 مليار لشركة المشروبات ''SFBT''    نائب بالبرلمان : '' الأفارقة جنوب الصحراء يمثلون خطرا..''    تونس تهدف للتقليص ب60 % من النفايات    تصفيات مونديال 2026: حكم جنوب افريقي لمبارة تونس وغينيا الاستوائية    غوارديولا يحذر من أن المهمة لم تنته بعد مع اقتراب فريقه من حصد لقب البطولة    عاجل/ مقتل 3 مقاتلين ليبيين في اشتباكات مع مهربين قرب الحدود مع الجزائر..    حجز حوالي 08 طن من السميد المدعم بالقيروان..    زلزال بقوة 5.1 درجات يضرب هذه المنطقة..    أنشيلوتي يتوقع أن يقدم ريال مدريد أفضل مستوياته في نهائي رابطة أبطال أوروبا    ارتفاع عدد قتلى جنود الإحتلال إلى 621    عاجل/ مع انتهاء آجال الاحتفاظ: هذا ما كشفه محامي مراد الزغيدي..    التوقعات الجوية لهذا اليوم..    صفاقس: ينهي حياة ابن أخيه بطعنات غائرة    ضجة في الجزائر: العثور على شاب في مستودع جاره بعد اختفائه عام 1996    كيف سيكون طقس اليوم الأربعاء ؟    الرائد الرسمي: صدور تنقيح القانون المتعلق بمراكز الاصطياف وترفيه الأطفال    أول أميركية تقاضي أسترازينيكا: لقاحها جعلني معاقة    الرئيس الايراني.. دماء أطفال غزة ستغير النظام العالمي الراهن    "حماس" ترد على تصريحات نتنياهو حول "الاستسلام وإلقاء السلاح"    ماذا في لقاء وزير السياحة بوفد من المستثمرين من الكويت؟    البرمجة الفنية للدورة 58 من مهرجان قرطاج الدولي محور جلسة عمل    للسنة الثانية على التوالي..إدراج جامعة قابس ضمن تصنيف "تايمز" للجامعات الشابة في العالم    هل الوزن الزائد لدى الأطفال مرتبط بالهاتف و التلفزيون ؟    تونس تصنع أكثر من 3 آلاف دواء جنيس و46 دواء من البدائل الحيوية    قابس : اختتام الدورة الثانية لمهرجان ريم الحمروني    بن عروس: جلسة عمل بالولاية لمعالجة التداعيات الناتجة عن توقف أشغال إحداث المركب الثقافي برادس    الكاف: حريق اندلع بمعمل الطماطم ماالقصة ؟    سوسة: تفكيك شبكة مختصّة في ترويج المخدّرات والاحتفاظ ب 03 أشخاص    وادا تدعو إلى ''الإفراج الفوري'' عن مدير الوكالة التونسية لمكافحة المنشطات    أول امرأة تقاضي ''أسترازينيكا''...لقاحها جعلني معاقة    في إطار تظاهرة ثقافية كبيرة ..«عاد الفينيقيون» فعادت الحياة للموقع الأثري بأوتيك    بادرة فريدة من نوعها في الإعدادية النموذجية علي طراد ... 15 تلميذا يكتبون رواية جماعية تصدرها دار خريّف    نابل..تردي الوضعية البيئية بالبرج الأثري بقليبية ودعوات إلى تدخل السلط لتنظيفه وحمايته من الاعتداءات المتكرّرة    نور شيبة يهاجم برنامج عبد الرزاق الشابي: ''برنامج فاشل لن أحضر كضيف''    مفتي الجمهورية... «الأضحية هي شعيرة يجب احترامها، لكنّها مرتبطة بشرط الاستطاعة»    أولا وأخيرا: نطق بلسان الحذاء    مفتي الجمهورية : "أضحية العيد سنة مؤكدة لكنها مرتبطة بشرط الاستطاعة"    عاجل: سليم الرياحي على موعد مع التونسيين    لتعديل الأخطاء الشائعة في اللغة العربية على لسان العامة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الإعلام التونسي و تخريج الدّواعش
نشر في باب نات يوم 06 - 03 - 2015


منجي المازني
أثارت سلوكيات تنظيم الدّولة الإسلامية في العراق والشّام (داعش) استياء واشمئزاز غالبية النّاس في العالم العربي والإسلامي، لا بل وفي كلّ أرجاء المعمورة. حيث أنّهم ما إن تمكّنوا واستولوا ، حتّى طغوا وبغوا وتجبّروا وأهلكوا الحرث والنّسل. ولم يسلم منهم لا بشر ولا شجر ولا مدر. والمصيبة أنّهم يرتكبون الجرائم والكوارث باسم الإسلام. حيث أنّهم جمعوا بين جهل الخوارج ووحشية التّتار كما صرّح بذلك الشيخ راشد الغنّوشي. وبدل أن تنقل كلمات "تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشّام" المستمع إلى عدل وسماحة الإسلام غدت كلمة "داعش" وبسرعة البرق ترمز إلى العنف والتحجّر والانغلاق والجهل والتطرّف والمغالاة. حتّى أصبح من يريد أن يصف أحدهم بالجهل والتخلّف والتحجّر لا يجد من بين النعوت أفضل من أن يقول له أنت إنسان داعشي. ولعلّ هنا سؤال يطرح نفسه بإلحاح، وهو هل أنّ التطرّف والتحجّر والغلوّ سلوكيات تقتصر على بعض الجماعات الإسلامية المتشدّدة أم هي سلوكيات لا لون ولا دين لها ؟
إنّ الأحداث المتواترة تبيّن أن هذه السلوكيات لا دين ولا ملّة لها وهي كالماء تجري وتصبّ في المنحدرات وتستوطن وتسكن وتستقر في الفراغات. بل وتنبت في الأنفس المريضة التي لها القابلية للتطرّف والتحجّر والغلو، كما في أنفس من يعيشون الخواء العلمي والتربوي والرّوحي.
في بداية الثورة هاجم الاستئصاليون اليساريون الإسلاميين بغية تغييبهم نهائيّا عن السّاحة وعن المشهد السّياسي كما فعلوا ذلك في زمن المخلوع بن علي. وحاولوا إلصاق عديد التهم من مثل التطرّف والعنف بالمسلمين عموما وبحركة النّهضة تحديدا. وبعد أن فازت حركة النّهضة في انتخابات أكتوبر 2011 استمات هؤلاء الاستئصاليون في الكيد لحركة النّهضة وغلّفوا عداءهم وحقدهم الإيديولوجي بالحديث عن فشل حكومة الترويكا في إيجاد حلول لكل المسائل والمعضلات المعاشة، من مثل الإرهاب وتدنّي المستوى المعيشي والبطالة و ... وأصرّوا على خروج حركة النّهضة من الحكم بحجّة الفشل ولا شيء غير الفشل. وجدت حركة النّهضة الباب مواربا فخرجت من الحكم بذكاء وأنقذت الشّعب التونسي من حمّام دم ومن حرب أهلية تذهب بالأخضر واليابس. حصول حركة النّهضة على المرتبة الثّانية في انتخابات أكتوبر 2014 وحنكة قادتها السياسيين جنّبا الحركة العديد من السّهام وجعلاها تنأى بنفسها عن أخطر السّهام التي وجّهت لها زمن حكمها، كما انتقلا بها إلى وضعية مريحة من دون أن تغيب عن الحكم وعن المشهد السّياسي. ماذا بقي للاستئصاليين والمرضى النّفسانيين أن يقوموا به من مناورات إذن ؟ إنّهم لا يستطيعون هذه المرّة مهاجمة حركة النّهضة بدعوى الفشل وبدعوى نقص التّجربة والخبرة و... ؟ وكذلك هم لا يستطيعون أن يبقوا بدون خصام وبدون مشاكل وبدون "شريان شبوك" وإلاّ فإنّهم سيمرضون وسيموتون غمّا وكمدا وحقدا وغلاّ. رجعوا إذن مرّة أخرى للإيديولوجيا وللحديث عن الدين وأصل الدّين. ورجعوا إلى محاربة الإسلام السّياسي ومحاربة حركة النّهضة باسم الدّين ونصّبوا أنفسهم ناطقين باسم الدّين وفعلوا كما فعل مسيلمة الكذّاب عندما بعث إلى رسول الله رسالة يقول فيها : "من مسيلمة رسول الله إلى محمّد رسول الله. أمّا بعد فلك نصف الأرض ولي نصف الأرض ولكنّ قريشا قوم لا يعدلون."
ضمن هذا السياق ، جمع الإعلامي إلياس الغربي سفيان بن فرحات وهيثم المكّي ومحمّد بوغلاّب في قناة الحوار التّونسي وشنّ بمعيّتهم حملة مسعورة على الكتاتيب والروضات القرآنية قائلا أنّها تكاثرت وأصبحت مصانع لتفريخ الدّواعش. ولتأكيد قوله عرض فلما لفتية صغار يتدرّبون على القتال على أنّهم أطفال روضات قرآنية في حين أنّ الفيلم المعروض مصوّر في أفغانستان. وفي إذاعة كاب أف أم شنّ سفيان بن فرحات هجوما عنيفا على الشيخ عبد الفتّاح مورو على خلفية زيارته إلى الشيخ يوسف القرضاوي. وقال ما كان لعبد الفتّاح أن يزور القرضاوي لأنّه أصبح نائبا لرئيس مجلس الشعب ويمثّل الدولة وما كان له أن يلتقي بعضو من جماعة الإخوان المسلمين المحظورة !!!. إذن رجع الجماعة إلى أصل الدّين ونصّبوا أنفسهم ناطقين باسمه ليعلّموننا أصول الفقه (ولو على مذهب مسيلمة الكذّاب). وليبلّغوننا بما يفيد : أنّه لا يجوز لأي كان وخاصّة إذا كان من حركة النّهضة أن يسعى لفتح الكتاتيب وتشييد المساجد أو أن يسافر لمقابلة شيخ علم أو لحضور مؤتمر إسلامي إلاّ بعد أخذ الإذن المسبّق منهم. كما يجب على كلّ داعية أو فاعل خير من هنا فصاعدا إذا ما أراد أن ينخرط في نشاط ما إلاّ أن يتقدّم بطلب في ذلك إلى هؤلاء القوم. فإذا أراد مثلا زيد من النّاس فتح روضة قرآنية فما عليه إلاّ أن يتجه بطلب إلى العالم العلاّمة إلياس الغربي لكي يأشر عليه. مع العلم أنّه مطالب كذلك بإرفاق الطلب بشهادة في حسن السّيرة وبطاقة عدد 3 والتزام خطّي بعدم تعليم الأطفال الرّياضة والرّماية والكاراتي لكي لا ينخرطوا فيما بعد في أعمال جهادية داعشية مشبوهة. وإذا أراد داعية من الدّعاة السفر إلى الخارج لحضور مؤتمر فيجب عليه تقديم طلب في الغرض لسفيان بن فرحات مع إرفاق ذلك بتقرير شامل ومفصّل لكلّ اللّقاءات المقرّر إجراؤها مع كلّ المفكّرين والعلماء مع وجوب ذكر المكان والزّمان والمواضيع المطروحة للنّقاش. وهكذا تحلّ المسألة على طريقة المخلوع وعلى طريقة تجفيف الينابيع. وهكذا يفرّ الشّباب ويلتحق بأوّل وأقرب مركز لإيواء ورسكلة الدّواعش. ولمن لا يعرف مقر مكاتب العلماء الجدد من أمثال سفيان بن فرحات وهيثم المكّي وسفيان بن حميدة ،والقائمة طويلة، نقول لهم لا تقلقوا ولا تكترثوا ستجدونهم طوال الوقت وعلى مدار السّاعة على ذمّتكم في مقرّ الإفتاء في قنوات العار وقنوات وإذاعات المجاري ينتقلون من قناة إلى قناة ومن إذاعة إلى أخرى وذلك بهدف تبليغ "الإسلام الصّحيح"-الذي تضلّعوا فيه- إلى كلّ النّاس. والله لا يضيع أجر المحسنين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.