أبو مازن، جامعي عرفناه استاذا في عهد الزعيم الراحل يندفع اليه الطلبة نهلا للعلم وللأخلاق وللاحترام الكبير الذي كان يكنّه لكل من يعترضه في أروقة الجامعة. كان معطاء بلا حدود تتعدد ساعاته و تتكرر لمن يرغب في الرياضيات و غيرها دون ان تحتسب. كان شمعة تضيء سماء جامعة صفاقس التي انطلقت بجهده وجهد زملاء له فصارت اليوم في أفضل المستويات على الصعيد الوطني و الاقليمي. اختفى ذات يوم من بين ظهرانينا وسمعنا روايات غريبة و مفزعة: استاذنا الجليل ‘‘زميم‘‘ عصابة مفسدين ترغب في قلب النظام. رحل الزعيم الى اقامته الجبرية وجاء المخلوع بعد أن بارك استاذنا الجليل انقلابه و ساعده في عديد الردهات الترتيبية دون أن يشعر وأطلق سراحه ليلتقي بطلبته وزملائه من جديد و يروي لنا قصصا جعلته يكبر في أعيننا أكثر فأكثر، يومها علمنا معدن الرجل: علم و خلق كريم وكذلك حس وطني وتضحية لأجل الوطن. لكنّ المخلوع أوجس خيفة لا متناهية من مدني جامعي قدّر في لحظة فارقة انقاذ الدولة من براثن الفوضى واستبداد اللوبيات فعاداه الى الأبد وضيّق عليه قوته ومشربه وهواءه فسمعنا ثانية روايات أغرب من الخيال تصنف الاستاذ الوزير رجلا ذا رباطة جأش و اقتدار فزاد اعجابنا. كنا نلتقيه يبيع الخضر بكل أنفة و شموخ ونشتري منه دون أن يتداركنا من وُكّل مراقبا لحركاته و سكناته أينما حلّ و أقام. و يوم رحل المخلوع، كان أستاذنا الوزير الهمام منهكا من المظالم التي سلطت عليه و من شظف العيش و من سقم أصابه جراء التعذيب و الاذلال الممنهج ولكنه واصل التحدي و خاض مرحلة التأسيس. وزيرنا رحمة الله عليه جابه مجمل مشاكل الجامعة التونسية بطيبة مبالغة و استماع متواصل لكافة الاطراف المشرفة على سير الحياة الجامعية بكامل فروعها، ولكن ترهات الايديولوجيا كانت نار تكتوي بها الوزارة و يسعرها الاعلام الرديء فيخوض الحمقى في خصوصيات الرجل و يتهم بالفساد و الاستثراء الفاحش. لاحول ولا قوة الا بالله، هاهو قد غادرنا فايبحث الاعلام الرديء عن غيره ممن يتّبع عوراته فان لم يجد لخلفه عيبا فليختلق له ما شاء من الكذب والبهتان. غادرنا الاستاذ الوزير في عمر المصطفى صلى الله عليه وسلم وفي ذلك ان شاء الله دلالة خير وحسن قبول عند ربه. رزق الله أهله وذويه وكامل العائلة الجامعية جميل الصبر والسلوان و تقبله الله بقبول حسن فينصفه حقه ويزيد وهو الغني الكريم. الله أكبر الله اكبر فاعتبروا يا أولي الابصار فلكل بداية نهاية ويبقى الحي القيوم رقيبا على عباده الأحياء والأموات الى يوم يبعثون. رحم الله سي المنصف وانا لله وانا اليه راجعون.