بقلم: شكري بن عيسى (*) واسعة ومترامية هي الحملة الإعلامية التي دشنت هذا الاسبوع على وقع البيان التخويني التجريمي لحملة "وينو البترول" من نداء رموز الفساد (التوصيف كما تعلمون لبن تيشة).. إذاعات وقنوات فضائية برتبة أجهزة بوليسية قمعية في تنظيم انغلاقي استبدادي لا يقبل بالرأي الآخر ولا بالمعارضة ولا بالحق في التعبير والتظاهر السلمي.. ويتهم باللاوطنية كل من يخالفه الرأي والتصور.. حملة شعواء تدعو للمنع وتمارس التشويه وتستهدف في العمق القضية ومن يحملها.. شيطنة مباشرة واتهامات دون أدلة ومحاكمة للنوايا.. هكذا من اعلام يدعي زيفا امتلاك الحقيقة ويرفع كذبا شعار الوطنية.. يصادر بفضاضة حقوق الآخرين ويفرض عليهم وصاية مقيتة.. Photo Archives وفي الوقت الذي كنا ننتظر ان يدافع هذا الإعلام على الحق الصحفي الذي تم ضربه بوحشية من بوليس بن علي يوم السبت.. وفي الوقت الذي كنا ننتظر التضامن مع الصحفيين المتضررين والتنديد بالقمع والتنكيل الذي طالهم.. تفنن فرسان السابع في اختلاق الذرائع والتحريض ضد حق التعبير وحق التظاهر.. وبعد افتضاح كذبة استهداف الجزائر.. وكذبة تلقي المرزوقي 6 مليارات من قطر لضرب شركات بترولية جزائرية بعد نفي الشخص الذي نسبت اليه الرواية الأمر جملة وتفصيلا على موجات "جوهرة أف أم" يوم الاثنين.. انتقلوا إلى العناوين الحساسة والمثيرة من "زعزعة امن تونس" و"تفكيك الدولة" و"إثارة النعرات الجهوية" و"إثارة الفتنة" و"ضرب الاقتصاد" و"تهديد الشركات البترولية" وأخيرا "فتح الباب للدواعش" الذي اصبح اليوم كلمة "التوافق".. برغم الصفعة الحادة التي وجهها لهم كاتب الدولة للأمن على قناة "نسمة" الذي نفى ان تكون ثمة إثباتات قطعية على وجود من سموا تكفيريين في دوز كما ادعى الكثيرين.. أما التهديد باقتراب الدواعش من حدودنا فقد نفاه العميد المتقاعد بالجيش مختار بن نصر واعتبره إشاعة ويندرج ضمن حملة الحرب النفسية.. من اجل ضرب معنويات الجيش والأمن.. الإعلام الذي انطلق منذ فرار المخلوع في نشر الفوضى وتقسيم البلد ونشر الاشاعات الزائفة وتهميش القضايا وحرّض على قتل التونسيين في تلك الليالي السوداء.. وبعد ان حرّض على الانقلاب في فترة حكم الترويكا.. وبعد ان كان وقود كل الحملات الخارجة عن سلطة الدولة صار اليوم "يهدي" و"يسب الماكرين".. التشابك بل التماهي مع تنظيم النداء مجمع الفاسدين (والوصف لبن تيشة للتذكير) صار جليا.. والاتحاد اليوم على محاربة حقوق أساسية بكل شراسة.. والجدل والاتصال عبر الطرق الدستورية في الفضاء العام صار اليوم حكرا عليهم وهم من يتحكمون في "حنفيته" ويفتحونها متى يشاؤون ويغلقونها متى يشاؤون.. أو هكذا هم يتخيّلون.. مصادرة لكل الحقوق الفردية والجماعية الحق في التعبير والتظاهر السلمي وفي الرقابة وفي المعرفة وفي النفاذ للمعطيات العامة وفي الشفافية وفي الضغط على الحكومة وتقديم البدائل.. ومحاربة الفساد.. وغيرها من الحقوق السياسية بامتياز.. والأمر وصل إلى استهداف الأحزاب السياسية على الطريقة الفاشية والنازية.. تحت عناوين "الدفاع عن الوطن" و"الوحدة الوطنية".. كما فعل هتلر بالضبط.. على طريقة "ما اريكم إلا ما أرى وما أهديكم إلا طريق الرشاد".. كاتب الدولة للأمن في فضيحة لا سابقة لها الاثنين على "نسمة" يتحدث عن عدم اعلام الداخلية بوقفة يوم السبت برغم الأدلة الموثقة وخاصة ما عبر عنه ب"الترخيص" و"انجموا تقبلوا وانجموا ما نقبلوش".. في تجاوز صارخ للقانون.. وتملّك السلطة المطلقة.. وكأن التظاهر هو فضل أو منٌة من السلطة وليس حقاً أصيلا تضمنه الدولة بموجب الفصل 37 من الدستور.. التشويه والمنع والتهديد والشيطنة والتخوين.. حوّل الجدل والاتصال إلى شبكات التواصل الاجتماعي التي كانت فضاءا رحبا.. والى الميدان.. بالصوت العالي.. ومقاومة تجاوز السلطة والقانون ومصادرة الحريات ستكون شرسة من شباب المقاومة السلمية دفاعا عن الوطن واستقلاله والثروات وعلى العدالة والحقوق.. وعلوية القانون والمواطنة.. لا يبدو ان اعلام السابع استوعب الدرس.. ولا يبدو أيضاً ان الحزب ذو النزعة الفاشستية الذي يريد ان يفكّر الناس بطريقته سيستوعب الدرس.. وقوّة القانون والسلمية ولكن بالارادة والحشود هي التي تكسر القمع والاستبداد.. ما نرجوه فقط ان لا تترك الأحزاب والمنظمات المدنية مربع الحريات وتتأثر بالخطاب التخويني وخاصة التيار الديمقراطي الذي يقود حملته بالاثباتات وبكل عقلانية وضمن أفق الشرعية.. معركة المواطنة على اساس علوية الحقوق والدستور انطلقت لا تسلموا في حقوقكم للفاسدين!