بقلم: شكري بن عيسى (*) بعيدا عن مناصرة الإعلامي نجم قناة الجزيرة احمد منصور من كثير مناصريه الايديولوجيين أو المناهضة من العديد من عذاله الشامتين على خلفية إيقافه في ألمانيا.. بعيدا عن الجدل والتراشق الإعلامي الحاد.. الثابت ان الايقاف والافراج عن احمد منصور وضع على السطح من جديد مشكل العلاقة بين السياسة والقضاء.. وبالتحديد تدخل الحكم في السلطة القضائية.. حتى في اعرق البلدان تقدما وديمقراطية.. المؤكد ان القضية بعد ايقاف منصور هيمن عليها السياسي والايديولوجي.. فالتدخل على الخط كان من أعلى مستوى في قطر وتركيا.. من الأمير تميم بن خليفة والرئيس اردوغان.. والضغط على سلطات ألمانيا كان قويا.. ولكن أثبتت مجريات القضية ان التدخل الأصلي القوي كان من نظام السيسي.. واتضح على الظاهر انه تمت صفقة بين ميركل والسيسي لاعتقال احمد منصور عند دخوله الأراضي الألمانية.. وهذا الأمر أكدته طريقة الإفراج عن منصور الذي كان ينتظر يوم الاثنين مثوله امام المدعي العام الألماني ليقرر في شأنه.. إلا انه تم المرور مباشرة إلى إعلان الإفراج عبر الإعلام بعد ان اعلمه قبل ذلك حاكم التحقيق الذي استجوبه انه لا يمتلك السلطات ليفرج عنه.. الإنتربول سبق أن رفضت مذكرة الاعتقال المصرية لأنها لا تنسجم مع القواعد المعمول بها.. وسلمت شهادة لأحمد منصور كانت بحوزته حين إيقافه بانه ليس تحت طائلة تتبعاتها.. وملاحقتها.. استظهر بها امام الشرطة التي لم تكترث للامر واستمرت في تنفيذ "التعليمات".. وهو ما اعتمدت عليه وسائل الإعلام الألمانية والدولية والمنظمات الحقوقية لتشن هجوما كاسحا ضد حكومة ميركل.. واعتبرت الأمر عارا في حق القضاء الألماني المستقل.. السلطات الألمانية أشارت في البداية إلى وجود تشابه في الأسماء.. وفي مرحلة ثانية صرح الناطق القضائي ان الإيقاف تم على أساس وجود عدة تهم.. وفي النهاية يتم الإفراج دون وجود أي تهمة.. سقوط سياسي وأخلاقي.. وفضيحة كبرى يبدو أنها ستذهب بميركل التي أمضت الصفقة على الأغلب مع السيسي.. لكنها لم تكن تعلم ان الأمر سيفتضح بسهولة.. وان الرد الإعلامي سيكون مزلزلا.. وإذ اتضح ان ميركل وحكومتها سيكون مستقبلها قاتما.. فان السؤال الذي ننتظر ان تكشف عنه سلطة الإعلام الحقيقية هو ما هو الثمن عال القيمة الذي قبضته رئيسة الحكومة الألمانية مقابل التزامها باعتقال احمد منصور وتسليمه لنظام السيسي؟ وهل كان الثمن المقبوض خاصا وبالتالي فما مدى قيمته المادية؟ وان كان لفائدة ألمانيا فالثابت ان تنازل السيسي سيضع بالمؤكد السيادة والمصلحة العليا المصرية في الخطر.. هذا ان لم يكن المستفيد الأساسي هو الكيان الصهيوني.. عبر الراعي الألماني.. لا شك ان الهزيمة كانت قاسية لنظام السيسي.. فالافراج مثل ضربة قاسمة للنظام المصري والته القضائية وللحكومة الألمانية التي تواطأت معه.. ولكن خاصة للذراع الإعلامي (وفرعه التونسي) الذي أبدى شماتة كبرى.. واطلق شماريخ "الانتصار" في السماء.. وافتضحت أجندته السياسية.. لاعتقال إعلامي صحيح كان لا يخفي انتماءه الايديولوجي والسياسي.. ولكنه في النهاية إنسان لا يُقبل تمني سجنه طالما لم يرتكب جريمة مؤكدة.. وأيضاً إعلامي وجب الدفاع عن حقه في التعبير الحر عن مواقفه وأفكاره مهما كان الخلاف معه..