بقلم: شكري بن عيسى (*) لئن أبدت أحزاب المعارضة في اغلبها حدا معتبرا من ضبط النفس ونكران مصلحتها وحقوقها في النقد والمعارضة.. برغم التقصير الفادح في ما حدث بعد مقتل 38 وجرح 40 بين سواح وتونسيين.. في عملية دموية هي الرابعة في ظرف اقل من عشرة ايام.. في ذات الوقت تصاعدت ردود الفعل المقابلة من السلطة ومن نداء تونس وتوابعها واذرعتها الإعلامية التي انقلبت في الأشهر الأخيرة على السبسي.. النداء في تصفية حسابات سياسية وجه سهامه يمينا ويسارا صراحة وضمنا.. وكلها كانت في وجه المعارضة.. وخاصة التي تبنت حملة "وينو البترول".. وكان ذلك امتدادا وتأكيدا لما ورد على لسان السبسي.. بعد اتهامه وتخوينه لكل من "استهدف" الحكومة بالنقد.. وجعله في وضع استهداف الدولة.. السبسي الذي انتقل لموقع الحادثة مصحوبا بنجله حافظ وجّه أيضاً سهامه في وجه حزب التحرير وتوعّده.. وهدده بصوت قوي.. في تماهي مع ما صرح به أمين عام النداء مرزوق الذي توعّد جميع من لم يرق له في تصفية حسابات سياسية واضحة هدفها إلقاء المسؤولية على الغير والتفصي من كل مسؤولية سياسية عن التقصير الجليّ المسجل.. محسن مرزوق وصل إلى حد تجريم تنقل شفيق جراية إلى ليبيا وإعلان ان كل من رافقه من نداء تونس سيقع فصله.. موقف تقارب مع نقابة الصحفيين التي استندت إلى ما حدث لطلب النيابة تتبع جراية.. وإعلان استجواب صحفيي "نسمة" الذين رافقوه.. "نسمة" التي كانت وراء صعود نداء تونس للحكم وبعد الخيبة الكبرى لصاحبها القروي.. انقلبت على الحكومة والرئيس وكانت اليوم بوقا صادعة ليس لفضح الإخفاقات فقط بل لإعلان الانهيار التام.. فعددت الإخفاقات والتقصير الفادح وركزت على نقل صور القتلى والفزع والترويع.. وكانت صورة دعائية ضاربة للسياحة بتركيزها على إلغاء الحجوزات وانطلاق الرحلات الجوية لإجلاء السواح.. وهو نفس الأمر الذي انتهجته إذاعة "جوهرة".. التي كانت صورة ناصعة لما حصل.. في إطار نقل الحقيقة ولكن أيضاً في نطاق عملية جفاء مع النداء لأسباب اخرى.. ولكن في النهاية كشفت بشكل كاف حقيقة المشهد الذي سعت بعض الأطراف لتعتيمه وبعض الإعلاميين تعرضوا للعنف وثنيهم على متابعة رحيل السواح في المطار.. "جوهرة" كانت في الموعد وقدمت المعطيات تباعا.. خلاف اغلب فضائياتنا الخاصة والعمومية التي ارتبكت وقاطعت الاخداث وسلمت الصلاحية للقنوات الأجنبية وخاصة "فرنسا 24" التي تفرغت للأمر منذ الساعة الأولى.. كان منتظرا الحقيقة أمام العجز الكبير للنداء وحكومته والرئاسة في الإيفاء بتعهداتهم الكبيرة في "الإنقاذ" وتكريس "هيبة الدولة" و"تحقيق الأمن".. وغيرها من الوعود في الرفاه والتنمية والتشغيل.. وبعد ان كانت هذه الأطراف لا تفوّت أيّ مناسبة لعملية ارهابية في عهد الترويكا للتنديد بالصوت العالي واتهام السلطة في ذلك الحين.. وهي من قادت التمرد.. وحتى الدعوة للانقلاب على المؤسسات وإسقاط الحكومة.. كان منتظرا ان تتنصل من مسؤولياتها وترمي بالكرة إلى الخصوم.. ولا "مهرب" إلا عبر الاتهامات المجانية.. النبرة والمحتوى كانت تحمل رسالة واضحة للتضييق على الحريات والحقوق.. والصحفي سفيان بن فرحات دعا صراحة وبصوت حاد بإعلان "الأحكام العرفية".. وان كان الأمر ليس بالسهل فلا ندري إلى أي حد ستسير حكومة النداء في هذا الاتجاه خاصة وأنها فقدت مصداقيتها.. والحقيقة انه لا بد من تحمل مسؤوليتها بعد تتابع العثرات القوية والاستقالة في الحد الادنى.. العجز بات سمة هذه الحكومة.. وان كانت ستتبع سياسة "الهروب إلى الامام" فالثابت انها ستقودنا نحو غد قاتم لا محالة!!