بقلم: شكري بن عيسى (*) اشاهد من حين لآخر بعض حلقات من مسلسلات الفضائيات التي تنهب مال المواطن عبر الاشهار الفاحش والعاب القمار.. وبعد ان اختصت على مدى السنين الفارطة في التضليل السياسي وضرب قيم الثورة.. وزرع الفتنة في المجتمع.. ونشر الاحباط والسوداوية.. للترويج لعودة المنظومة النوفمبرية.. اليوم تركز اساسا على منتوج المسلسلات التي تناسلت مثل الفقاع.. ولكن في المستنقعات الآسنة.. مستنقعات وقنوات التصريف الصحي للاوناس.. بمنتجات سمجة.. تطوّر "نوعي" وخاصة مع مسلسل "اولاد مفيدة" واخيرا "حكايات تونسية".. يركّز على ضرب القيم والاخلاق والارادة والذكاء.. عبرنشر الرذيلة وترسيخ سلوكيات الدعارة والعهر والمجون واستهلاك المخدرات والمشروبات الكحولية.. والاغتصاب.. والخيانة.. والانحراف.. واطفال الزنا.. وفي مسلسلات اخرى التركيز على التمييز الجهوي والاستهزاء من الجهات المسحوقة.. خلق "نماذج" المتحيلين والانتهازيين والسراق والمنحرفين ومتعاطي المخدرات والخائنين وحتى الخونة.. والترويج لهذه الشخصيات وجعلها "نماذج ناجحة" مع اعتماد كل المؤثرات الفنية والدرامية والسيكولوجية لجعلها ابطال ترسخ في النفوس والقلوب والافكار والسلوك.. وتنتقل للواقع بسرعة قياسية خاصة عند الاطفال والشباب والفئات الهشة وحتى عند الكهول.. اذ ان الاستعداد الروحي والنفسي والفكري للتقبل والتأثر في رمضان يكون عاليا.. فضلا عن الهشاشة الفكرية والبسيكولوجية التي تحصل للشعب بعد الثورات.. مسلسلات لا غاية تربوية ولا اخلاقية ولا حضارية ولا فنية لها.. والاغلب ان مرجعياتها صهيونية اسرائيلية لضرب الشخصية العربية عموما والتونسية بوجه خاص.. تحطيم الشخصية يتم عبر ضرب منظومة القيم والاخلاق ولكن ايضا بضرب الارادة التي يقع سلبها عبر سد افق الخلق والانتاج والطموح الايجابي.. وترويج امثال الربح السريع.. وضرب قيمة الاستحقاق والجدارة والمساواة.. وفي كثير من الحالات عبر نشر امثلة الغباء والرداءة والركاكة والابتذال التي يتأثر بها اصحاب العقول البسيطة.. وفعلا الة تدميرية هائلة.. طالت كل مكونات الشخصية.. وما بقي من بعض وحدة وطنية فقد تم استهدافها عبر تقديم الشخصيات الريفية والقادمة من المناطق المهمشة عبر سلوكاتها او لهجتها او "اجرامها" لالصاق طابع الدونية وحتى الرعونة والوحشية بهم.. في تمييز جهوي وعنصري اخرق.. مسلسلات لا علاقة لها بالفن والابداع والارتقاء بالذائقة والتربية الحضارية والاخلاقية والسمو القيمي.. راسخة في العنف الادبي والمعنوي والبربرية الاخلاقية.. وزهق للفضيلة.. واعدام للادب.. تفضي في النهاية الى انتاج الدوعشة في صناعة من الوزن الثقيل.. بتحقيق الاغتراب الفكري والروحي.. الذي يقود في حالة ما الى تخريب الشخصية وتمزقها وجعها واهية وهشة امام رياح العنف والنقمة والضغينة الساحقة.. والتدمير الرهيب.. انها المنطقة الحقيقية التي وجب ان تعلن عليها حالة الطوارىء.. وتحظر فيها كل الاضواء.. سحقا لحرية التعبير التي تنتج الارهاب والخراب..!! متى تنجز ثورتك الحقيقية يا شعب على من يدمرك باموالك!!؟