قبلي: متابعة سير الموسم الفلاحي وتقدّم عملية حماية صابة التمور من الآفات والتقلّبات المناخية    صفاقس: الإحتفاظ بشخص من أجل "الإنتماء إلى تنظيم إرهابي" ،محكوم ب32 سجنا    بطولة الرابطة المحترفة الاولى (مرحلة التتويج): حكام مباريات الجولة الثامنة    الاتحاد المنستيري يرفض اجراء مباراة النادي الصفاقسي قبل النظر في مطلب استئناف العقوبة    محمد رمضان يحيي حفل نهائي دوري أبطال أفريقيا بين الأهلي والترجي    القيروان:غلق الطريق وسط حالة من الاحتقان والتوتر    عاجل/ استئناف الحكم الصادر في حق مراد الزغيدي    المستشار الفيدرالي السويسري المكلف بالعدل والشرطة في وزارة الداخلية    الرابطة الأولى: النادي الإفريقي يستعيد خدمات نجمه في مواجهة الدربي    هذا ما قرّره القضاء في حق زوج قتل زوجته بساطور    تونس تطلق مسار مراجعة "الاستراتيجية الوطنية للانتقال الايكولوجي"    صفاقس تفكيك عصابة لترويج المخدرات وغسيل الأموال...حجز 50صفيحة من مخدر القنب الهندي    الجيش المصري يتدرّب على اقتحام دفاعات العدو    تونس نحو إدراج تلقيح جديد للفتيات من سن 12    تونس توقّع اتفاقية تمويل مع صندوق الإنماء الاقتصادي والاجتماعي لفائدة الفلاحة المندمجة بالكاف    غرفة التجارة و الصناعة : '' ندعو إلى إنشاء خط مباشر بين بولونيا وتونس ''    تسجيل 120 مخالفة اقتصادية في هذه الولاية    بطولة العالم لألعاب القوى لذوي الهمم: رؤي الجبابلي يحرز ميدالية برونزية جديدة لتونس    إستعدادا لمواجهة الترجي الرياضي: مدرب الأهلي المصري يستبعد عدد من اللاعبين    رئيس مجلس المنافسة في حوار حصري مع "الشروق"... فتحنا ملفات البنوك والعقارات والأعلاف    هام: بشرى سارة للعاطلين عن العمل بهذه الولايات..فرص شغل في هذا القطاع..    الخطوط التونسية: السماح لكل حاج بحقيبتين لا يفوق وزن الواحدة 23 كغ، و5 لترات من ماء زمزم    الجزائر: شاب يطعن شقيقته بسكين خلال بث مباشر على "إنستغرام"    الكيان الصهيوني يوبخ سفراء إيرلندا والنرويج وإسبانيا    عاجل : زلزال قوي يضرب بابوا غينيا الجديدة    اقتراب امتحانات الباكالوريا...ماهي الوجبات التي ينصح بالابتعاد عنها ؟    نقابة الصيادلة : إزدهار سوق المكملات الغذائية مع إقتراب الإمتحانات.. التفاصيل    عاجل/ السعودية تعلن عن قرار جديد يهم الحج..    الإسباني بيب غوارديولا يحصد جائزة أفضل مدرب في الدوري الإنجليزي    علي الخامنئي لقيس سعيد : ''يجب أن يتحول التعاطف الحالي بين إيران وتونس إلى تعاون ميداني''    الإبادة وهجوم رفح.. العدل الدولية تحدد موعد الحكم ضد الكيان الصهيوني    مشاريع بالجملة لفائدة المستشفى الجهوي بجندوبة تنتظر تجاوز اشكاليات التعطيل    مكلف بالإنتقال الطاقي : إنتاج 2200 ميغاوات من الكهرباء سيوفر 4500 موطن شغل    إحباط مخطط لعملية إجتياز للحدود البحرية خلسة وإلقاء القبض على 30 تونسيا    هلاك شاب في حادث مرور مروع..    قفصة: نقطة بيع من المنتج إلى المستهلك لبيع الأضاحي    «مرايا الأنفاق» لبنت البحر .. أسئلة المرأة والحرّية والحبّ والجمال    جائزة غسّان كنفاني للرواية العربية بفلسطين ..«برلتراس» لنصر سامي في القائمة الطويلة    «حلمة ونجوم» تمدّ جسور التواصل بين تونس واليابان    ‬قصص قصيرة جدا    رئيس الجمعية المكافحة الفساد يكشف عن انتدابات مشبوهة تتجاوز ال200 الف    ايران: بدء مراسم تشييع عبد اللهيان في مقر وزارة الخارجية    أتلانتا بطلا للدوري الأوروبي بعدما ألحق بليفركوزن أول هزيمة في الموسم    اليوم: درجات الحرارة تصل إلى 42 درجة مع ظهور الشهيلي    قرقنة : قتيل في حادث مرور ثالث في أقل من اسبوع    4 ألوان "تجذب" البعوض.. لا ترتديها في الصيف    بطولة العالم لالعاب القوى لذوي الاعاقة: برونزية لمحمد نضال الخليفي في سباق 100 متر كراسي (فئة تي 53)    بشخصية نرجسية ومشهد اغتصاب مروع.. فيلم عن سيرة ترامب يثير غضبا    مهرجان كان : الجناح التونسي يحتضن مجموعة من الأنشطة الترويجية للسينما التونسية ولمواقع التصوير ببلادنا    قفصة: تقديرات أولية بإنتاج 153 ألف قنطار من القمح الصلب هذا الموسم    وزارة الصحة: جلسة عمل حول تركيز مختبر للجينوم البشري لتعزيز جهود الوقاية والعلاج من الأمراض الوراثية والسرطانية    تضاعف المخزون الاستراتيجي للحليب مقارنة بالعام الماضي    أبرز اهتمامات الصحف التونسية ليوم الاربعاء 22 ماي 2024    مسرحية "السيدة المنوبية" تفتتح الدورة الرابعة لأسبوع المسرح البلدي بتونس    هل فينا من يجزم بكيف سيكون الغد ...؟؟... عبد الكريم قطاطة    لتعديل الأخطاء الشائعة في اللغة العربية على لسان العامة    منبر الجمعة .. المفسدون في الانترنات؟    عاجل: سليم الرياحي على موعد مع التونسيين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



التطبيع الرياضي.. مفتاح التطبيع الشامل
نشر في باب نات يوم 20 - 09 - 2016


بقلم: شكري بن عيسى (*)
طبعا لطالما انتهج الكيان الاسرائيلي المحتل للاراضي العربية في فلسطين وعديد الاراضي العربية استراتيجيات الخبث والدهاء والحيلة للايقاع بالعرب والمسلمين للاعتراف به وبوجوده باي شكل رسمي او مجتمعي او حتى على مستوى الافراد، ووضع لذلك امكانيات بشرية وفكرية واعلامية وعلمية واتصالية ونفسية ولوجستية ومادية ضخمة وضخمة جدا لتحقيق هذا الهدف الحيوي بل الوجودي بالنسبة له، وكسر الحصار الذي واجهت به الامة العربية-الاسلامية وكل احرار العالم هذا الكيان الغاصب المعتدي الذي ارتكب افظع الجرائم وابشع عمليات الابادة ضد الانسانية والتطهير العرقي.
والحقيقة ان العدو المحتل واجه تهديدا عاليا في وجوده باستمرار الحصار الشامل، واقترب في بعض الاوقات من الاتجاه نحو الفناء لولا انه احدث اختراقا في جبهة الصد، وعَبَرَ من خلال بعض الدول في مرحلة اولى مثل مصر والاردن وقطر والسعودية والامارات، قبل ان تلتحق بهم السلطة الفلسطينية وعديد النخب المتعفنة الانتهازية التي نظّرت للامر وكان اغلبها مكلفا تحت اجندا صهيونية مدفوعة الثمن، وفتحت ابواب "الخير" امام التطبيع، وشككت في جدوى المقاطعة والحصار الشامل معتبرة الامر عبثيا يائسا بلا افق.
ونجح بذلك في فك الحصار الى حد واتجه نحو المجالات غير التقليدية، وركّز خاصة على المربعات الاكاديمية والبحثية والتعليمية والرياضية والثقافية والفنية والاعلامية، التي يسهل عبرها الاختراق والتجنيد، والهدف هو كسر الحاجز النفسي في التواجد في نفس المساحة مع العرب والمسلمين، والغاية هي اضفاء الشرعية على وجوده، وبالتالي تسويق نفسه كدولة لها وجود قانوني وفعلي، ومحو صفة الكيان المحتل الغاصب للحقوق المعتدي، الوحشي والقاتل والمشرد والمغتصب.
لا بد من الاقرار ان المجال الرياضي كان شامل المقاطعة تقريبا، ويحسب للرياضيين العرب بصفة تكاد تكون ساحقة انسحابهم بكل شرف وسعادة، وعدم الدخول في المواجهة مع الفرق او الافراد الاسرائيليين حتى لو كلفهم ذلك الغالي والنفيس، وحتى لو كلفهم ذلك العقوبات العالية وحتى لو وصل الامر الى قطع مسارهم ونشاطهم الرياضي نهائيا، المهم ان لا يمكنوا "اسرائيل" من فرصة الاعتراف والقبول واعتبارها كدولة واعتبار افرادها شعبا، وكانت الجدارة لهؤلاء الرياضيين ولكن اساسا للشعوب العربية التي استقبلتهم استقبال الابطال عند الانسحاب ورفعتهم الى المرتبة المرموقة، ولم تقل الواقع حركاتهم عن البطولات العظيمة في ساحات المعارك.
وتجدر الاشارة في الصدد انه لا يمكن تطبيق "الروح الرياضية" ومبدأ "التسامح" مع منتسبي كيان اجرامي، فالتسامح لا يكون مع اعداء الانسانية واعداء القيم الاخلاقية والعنصريين، ولا ندري الحقيقة الملابسات والمسوغات التي جرّت لاعب التنس الجزيري لمواجهة اسرائلي، ولكن في كل الحالات ومهما كانت الاعتبارات فالامر مرفوض، ومهما كان التتويج الحاصل فالامر سيظل عار عليه وعلى الحكومة، اذ هذا الكيان الغاصب يعتبر دوليا وقانونيا في حالة حرب مع العرب وعدوان مع بلدنا بصفة مباشرة بعد عدوانه في 1984 على حمام الشط وبعد اغتيالاته للرموز الفلسطينية على التراب الوطني وحشره لمخابراته داخل بلدنا التي اضرت بامننا القومي.
واليوم نستغرب صمت الحكومة وعدم ردة فعل وزارة الخارجية وزارة الشباب والرياضة وجامعة التنس، وايضا مجلس النواب الحامي لموقف تونس السيادي المعلن في مقاطعة الكيان الصهيوني على جميع المستويات، وكذلك غياب الاحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني التي ترفع شعار الدفاع عن فلسطين وتحريرها ومعاداة محتلها، كما ان موقف النخب كان شاحبا، بل ان البعض اعتبر فوز الجزيري "انجازا"، وطفق البعض يبرر المواجهة مع الصهاينة ويرى الانتصار عليهم "شرفا" ورفعا للراية الوطنية والانسحاب هروبا، وان ترك المكان سيكلف اللاعب العقوبة العالية ولن يحقق المقاطعة ولن يلحق الاذى بالعدو، و"الفتاوى" في الصدد تعددت وتنوعت.
والعدو المحتل الحقيقة عكس كل ذلك يعاني من المقاطعة ويتكبد الخسائر الجسيمة معنويا وادبيا وسياسيا وماديا، والمواجهة معه جماعات او افراد او دول تمنحه شرعية عالية القيمة، ويكسر السياج المضروب حوله ويخفف عنه كثير من الاضرار، كما ان المقاطعة اليوم صارت دولية وعديد الدول والمنظمات والجمعيات والشخصيات الدولية غير العربية وغير الاسلامية تقاطع على عديد المستويات الكيان المحتل وافراده ومؤسساته، والنتائج اليوم فعّالة ومتصاعدة الاثر والخناق احيانا يحتد بعدونا، وعديد الشركات والمنتجات التابعة له واجهت صعوبات كبرى ومنها ما اندثر.
الخسائر الاقتصادية المباشرة للاقتصاد الاسرائلي بعشرات مليارات الدولارات سنويا من جراء المقاطعة العربية والدولية، اما الاعتبارية والنفسية فهي عالية القيمة ولا تحدد بقيمة، والحرب النفسية اثارها مدمرة على العدو وهو جوهر المواجهة، فالمعنويات والتمسك بالمبادىء هو ما لا يجب ان يسقط، وهو ما تخشاه "اسرائيل"، واخواننا الصامدون في غزة وفي بقية الاراضي الفلسطنية المجاهدة لا ينتظرون منا مساعدات مباشرة مادية او غيرها لمواجهة الة الدمار الصهيوني، هم يحتاجون منا اساسا التضامن معهم عبر المقاطعة وعدم القبول والاعتراف بالعدو، وطبعا لمن يقدر التشهير بجرائمه واجراء التتبعات القضائية ضد المجرمين، وكل اشكال الاحتجات الميدانية والمناشط الفنية والفكرية والثقافية..
الكيان الصهيوني عبر الته الدولية مترامية الاطراف يضع المطبات والفخاخ للايقاع بالعرب في شراك التطبيع، وفي عديد الاحيان يضع الحوافز الكبرى لتشجيع المعنيين، وهناك من تغريه الانتصارات والتتويجات والمحتل يفرض حتى الانهزام في عديد الحالات على المنتسبين له لدعم سياسته، والايقاع باي فرد في شراكه له قيمة كبرى فالمسألة رمزية لان دخول اي عربي يعني جعل المسألة "طبيعية" امام العديدين، وفي كل الحالات فلا يمكن ان يعتبر نصرا ومغنما ما يتحقق على جثث الفلسطينيين وما يختلط بدماء الشهداء وما يتلوث باغتصاب الفلسطينيات وما يتداخل مع تدنيس الاقصى.
تبرير مواجهة اسرائيليين تحت مسمى "سحقهم" بالانتصار عليهم وغيرها من التبريرات التي انتشرت بعد "تتويج" الجزيري، سيفتح الباب على مصراعيه امام الفنانين المهرولين للتطبيع والمثقفين والاكاديميين والشباب والمجتمع المدني والحركات النسوية وحتى السياسيين وسيصبح الامر "معتادا" و"دارجا" و"لا حرج فيه" خاصة امام اعتراض المجلس التاسيسي تحت تاثيرات وضغوط دولية على تبني مقترح الفصل 27 في الدستور الذي يجرّم التطبيع وامام تجميد مشروع قانون موجود في رفوف مجلس النواب يجرّم هو بدوره التطبيع، واليوم تونس على مشارف التطبيع السياسي بعد طرح مبادرة فرنسية جديدة "للسلام" تجاوبت معها الخارجية التونسية في ظل توجه عربي رسمي مهادن داعي للتطبيع في اغلبه.
في المقابل تتصاعد حركة المقاطعة الدولية للكيان الصهيوني بكل فعالية، أكاديميا وثقافيا واقتصاديا وسياسيا وحتى فنيا وثقافيا، وسجلنا في 2010 قرار مقاطعة نقابة عمال النرويج السفن الاسرائيلية، وفي 2006 قرار أعضاء الرابطة الوطنية للمعلمين ورابطة اساتذة الجامعة في بريطانيا مقاطعة الاسرائيليين أكاديميا، و في عام 2009 قرار الحكومة الأسبانية منع جامعة "اريئيل" الإسرائيلية من المشاركة في المرحلة النهائية للمسابقة الدولية بين كليات الهندسة المعمارية، وطبعا مقاطعة عديد الفنانين الغربيين والسينيمائيين والكتاب والمثقفين، زيادة على قوائم الشركات والبضائع الاسرائيلية التي اصدرتها عديد الهيئات الدولية لمقاطعتها..
كلمة الفصل:
لا مواجهة لنا مع الكيان الغاصب الا في ساحات الوغى من أجل تحرير الاراضي الفلسطينية والعربية الاخرى المحتلة ولاستعادة الشرف العربي المهدور.
(*) قانوني وناشط حقوقي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.