أبو مازن كنت سأعتبر انّ الامر مجرد دعابة غايتها انتخابية بحتة و أنّه مجرّد تحفيز انتخابي من حركة النهضة التي دأبت على استعمال عنصر المفاجأة في حملاتها الانتخابية. فبعد ترشيح سيمون الذي أسال الحبر الكثير في الداخل والخارج وبعد ترشيح سليمة الذي بعثر أوراق النمط ومزّق الصورة الكاريكاتورية لحزب النهضة صرنا ننتظر عند كلّ لحظة من لحظات الحملة الانتخابية والى غاية يوم الصمت تقليعة "نهضاوية" تزيد الطين بلّة عند معارضيها وتؤسس لسجال سياسي مدني بامتياز فيخرج الجميع من بوتقة الايديولوجيا و اللباس و اللحية و القميص و يقيمون برامج حقيقية مبنية على احلام يمكن انجازها. لكن مسارعة العديد من أبواق الاعلام و الادارة بالتكذيب والتنديد باعتبار وعد "الويفي " هراء لا ينطلي و لا يستقيم تقنيا ولا تشريعيا جعلني اطرق الباب ليستفيد المتابع لغمزات النهضة و لبقية البرامج الانتخابية ان كانت مجانية الويفي حقيقة يمكن انجازها أو وهم يباع لشراء العقول و من ثمّ الأصوات. لعلّ المتابع للأحداث سواء كان موقنا بإمكانية تعميم الويفي على منطقة بلدية أو من المستغربين لمثل هذا القول بل وحتى المكذبين على شاكلة الصافي سعيد الذي يفهم في كل شيء، قد أخذته لأول وهلة الدهشة من اعلان رئيس حركة النهضة بالأمر فاستعمل العقل وحاول البحث في امكانية الفعل أو الغائه مباشرة دون التريث والاستنجاد بالتجارب الحالية في عددي الدول والامصار. نعم يمكن للويفي أن يغطي مدينة بأكملها وهذا ما يعلنه تقنيو هذه التكنولوجيا و ما يجده العامة على النات من مزودين و مكاتب دراسات . لقد أضحى مثل هذا الأمر مجرد قرار يتخذه المجلس البلدي المكلف ليطلق العنان لذبذبات الويفي فتتركز في الساحات العمومية و عند محطات الأرتال والحافلات وفي دور الشباب و حتى حذو الملاعب. و للمهتم بمثل هذا الحدث نقدّم على سبيل المثال مدينة لياج البلجيكية التي تتمتع منذ 4 سنوات بشبكة ويفي مجانية في المناطق الحضرية و اسمها (LIEGE_DIGITAL_CITY ) و يشغل حاليا حوالي 15 منطقة . و للمتابع لمثل هذا الموضوع يجد في مدينة جينيف السويسرية التي تعتبر ديناميكية للغاية من حيث الدمقرطة في الوصول إلى الإنترنت، شبكة لديها الآن أكثر من 635 نقطة وصول عامة ومجانية للويفي ، موزعة على 78 موقعًا. وما على كلّ ماسك بجهاز إرسال في مدينة جينيف سوى اختيار الشبكة city-geneva . ليتمكّن بعد ذلك من تسجيل الدخول إذا كان لديك حساب، أو يمكنك الحصول عليه مجانًا عبر الرسائل القصيرة. امّا مدينة نيويورك فقد اتجهت منذ سنوات الى مثل هذه الخدمة بعد أن تمكنت من ربط الصلة بين تعميم الويفي المجاني و استخلاص الاشهار الذي يقدّمه كبريات الشركات الصناعية و شركات الخدمات . و نحت هذا المنحى مدينة ليون الفرنسية فاستخلصت تكاليف الويفي عبر اعتماد حلّ مقترح من قبل شركة Hippocketwifi المحلية ، والتي توفر تأجير صناديق جي4 . عديدة هي التجارب الناجحة في العالم المتقدم و في الدول النامية في مثل هذا المضمار ويبدو أن اسطورة الويفي المجاني أضحت أمرا يمكن تحقيقه بأيسر الطرق لاسيّما اذا تناغمت السلط التشريعية والتنفيذية مع مثل هذا القرار في اطار ما حُبّر في مجلة الجماعات المحلية الواعدة من ديمقراطية تشاركية في اطار باب الحكم المحلي.