تعالت أصوات داخلية منذ خلع بن علي تنادي بضرورة إدراج الشّعب التّونسي ضمن قائمة مرشّحي جائزة نوبل للسّلام وذلك على اعتبار أن الشعب انتفض في خطوة غير مسبوقة في العالم العربي ضد الاستبداد والقمع وهما من أهم أسباب التخلف الاجتماعي والاقتصادي والسياسي الذي تعانيه كلّ الدّول العربية ولم يقم بخلع حاكمه فقط بل كان له دور هام في تشجيع الشعوب العربية الأخرى على الخروج على حكامها بعضهم قائلا "كفى" والبعض الآخر مطالبا بالإصلاح.. أين هو السّلام الذي يريدون جائزة باسمه.. صحيح انه حقق نصرا في تحدي الخوف والظلم ولكن منذ 14 جانفي لم ننعم بلحظة هدوء حتى أننا لم نفرح بما حققه الشعب التونسي بل وصل الأمر بالبعض للعن ذلك اليوم وآخرون صاروا يتحسرون على أيام المخلوع التي ورغم كل السّلبيات والمشاكل الاقتصادية والاجتماعية كانوا ينعمون بالأمن والذي هو أهم من المأكل والعمل فبدونه لا يتحقق شيء.. أي نوبل للسّلام في ظلّ شعب انقسم بين ملتح سلفي يكفّر الآخرين وعلماني متطرف يتهم الجميع بالجهل.. شعب انقسم بين معتصم منادي بإسقاط النظام وإقصاء التجمعين ومضرب عن العمل مطالبا بالزيادة والترسيم وطرد "العرف" ولا يهمّ إن كان ذلك على حساب مواطنين لا ذنب لهم.. بين قاطع طريق لص يرعب الآخرين ويهدد أمنهم وقاطع طريق انتهازي يريد الضغط على الجهات المسئولة لقضاء حاجته ولا يهم إن وصل الثمن إلى إزهاق روح بريئة.. يوميات ما بعد الثورة لا ... لا ... لا في المقابل يستحق الشعب التونسي استحداث جوائز نوبل أخرى تتناسب أكثر وما يعيشه اليوم كجائزة نوبل "لإضاعة الفرص" فاستجابة القدر لإرادة الحياة فرصة ثمينة والفرصة لا تأتي إلا مرة واحدة.. كان من الممكن تحقيق كل الأهداف والإصلاحات التي قامت لأجلها الثورة عبر التفاهم والانسجام بين كافة أبناء الشعب فخلع بن علي لم يكن ليحدث لولا توحّد صفوف التونسيين أما الآن كل يغني على ليلاه وكل تونسي يريد "خاتم قد صبعه".. وأخشى ما أخشاه أن يحوم حولنا شبح رومانيا شاوشيسكو ويضيع الشعب حقا فرصة إبعاد بقايا النّظام السّابق ليصحو ذات يوم على أصواتهم مناديين "أفق انتهى الحلم إلى العمل عدنا بفضل غباءكم وانغماسكم في الصراع مع طواحين الهواء".. كان بالإمكان كسب تعاطف مستثمرين أجانب ليفتحوا مصانع هنا ويساهموا في رفع نسبة التشغيل وبالتالي حلّ واحدة من أكبر مشاكل تونس فكيف لمستثمر أو حتى سائح التفكير في زيارة تونس في ظلّ هذه الفوضى والانفلات الأمني.. إضافة إلى نوبل "لإضاعة الفرص" مؤهلات الشعب التونسي تسمح له للترشح لنيل "نوبل للشائعات" فيوميا يتمّ تفريخ مئات الشّائعات التي قد تتجاوز خطورتها الخطوط الحمراء مثلما حدث في الكاف وحدث في قفصه وأدى إلي قتال بين عرشين وغيرها.. و"نوبل للخوف من الآخر وتخوينه" حتى دون معرفته وتكلّف عناء البحث عن معلومات أكيدة عنه و"نوبل للفوضى" التي ليست خلاقة بالمرّة.. وطبعا دون أن ننسى قدرته على نيل "نوبل للتنبير".. طبعا للشعب التونسي مواقف بطولية ومشرفة جدا خاصة مع الفارين من الجحيم الليبي يستحق لأجلها "نوبل للكرم"...