يبدو أن الذهب الأسود قد تحول تعريفه في تونس من مادة النفط إلى مادة الاسمنت كيف لا وقد أصبحت هذه المادة باهظة الثمن بل وعملة نادرة فكيس الاسمنت الواحد ارتفع من 6 دنانير إلى 12 دينارا وحتى إلى 18 دينارا في بعض المناطق لتصل نسبة الزيادة إلى 400 في المائة . طبعا أسباب عديدة أدت إلى هذه الوضعية المؤسفة أولها تراجع إنتاج مادة الاسمنت بنسبة 6 في المائة في الأشهر الأخيرة نتيجة اضطراب الأوضاع بعد أن كنا نصدر مليون طن من هذه المادة سنويا لبلدان عربية مجاورة وحتى للدول الأجنبية إضافة إلى سياسة الاحتكار وغياب الرقابة وارتفاع نسبة الطلب في فصل الصيف والبناء العشوائي دون رخصة كلها أسباب وعوامل أدت لمثل هذه الأوضاع. من جانبها أكدت السلطات المختصة أنها قامت بعدة خطوات لتجاوز هذه الأزمة تمثلت في توريد ما يقارب من 200 ألف طن من الاسمنت بصفة استعجاليه وهي محاولة لإعادة ثمن هذه المادة إلى وضعه الطبيعي إضافة إلى الترفيع في نسق الإنتاج المحلي لكي يغطي العرض الطلب. طبعا أول من يتحمل مسؤولية ارتفاع أسعار الاسمنت هو المواطن نفسه الذي تهافت بصفة غير طبيعية إلى شراء هذه المادة وبكميات هائلة كما تتحمل الدولة مسؤولية في غياب الرقابة وعدم تسعيرها لكيس الاسمنت فاستغل أصحاب محلات بيع مواد البناء هذه الفرصة للتربح على حساب المواطن كما لا يمكن ان نستثني جشع سائقي الشاحنات الدين ينقلون الاسمنت من المصانع الكبرى إلى المخازن فهؤلاء طالبوا بتحسين أوضاعهم فكانوا أكثر المنتفعين من غلاء أسعار مادة الاسمنت الذهب الأسود التونسي أصبح عائقا جديدا أمام المواطن الذي سيضطر إلى دفع مبالغ ضخمة لبناء مسكن او حتى مجرد غرفة او تحسين بيت في حين يزداد أصحاب الثروات غنى مستغلين أوضاعا ثورية تراجعت فيها سلطة الدولة كسلطة مراقبة زجرية لذلك أصبح المواطن يتساءل هل تحولت ثورة الحرية والكرامة ثورة الفقراء إلى ثورة تكديس الأموال من قبل أصحاب النفوذ والسلطة والمال أي ثورة الأغنياء . كريم بن منصور