بعيدا عن الصراعات السياسية والفكرية التي شكلت الأساس لعلاقة الأحزاب بعضها ببعض وبعيدا عن سعي الأحزاب الفائزة تشكيل حكومة وحدة وطنية يسعى المواطن التونسي مهما كان وضعه عاملا بسيطا او رجل أعمال الى الاطمئنان على مستقبل البلاد الاقتصادي في ظل واقع سياسي جديد وهو ما توقنه حركة النهضة الحزب الفائز في انتخابات التأسيسي. فقد اعلن مؤخرا السيد راشد الغنوشي رئيس حركة النهضة عن خطة اقتصادية تبدأ بتحرير الدينار التونسي ليصبح قابلا للتحول دفعا للاقتصاد الحر وهو الذي ارتكز عليه برنامج الحركة. وقد بررت حركة النهضة هذه الخطوة بقول قادتها ان تحرير الدينار التونسي سيجلب الاستثمار الخارجي الذي سيعمل على تشغيل الشباب المعطل عن العمل وهو احد تعهدات الحركة غير ان الغنوشي أكد ان تحرير الدينار سيكون عبر مراحل وعبر خطط مدروسة كي لا يضر بقيمة الدينار التونسي كما أضرت هذه الطريقة بقيمة الجنيه المصري. غير ان خبراء اقتصاديين حذروا من المضي في هذا المشروع ان لم يكن مدروسا أو انه مبني على غايات سياسية فقط وطالبوا بان يكون تحرير الدينار تدريجيا ومنضبطا بقواعد صارمة كي لا يضر هذا القرار بالشركات التونسية التي تعمل على تصدير المنتجات الغذائية و الألبسة إلى السوق الليبية والأوروبية. من جانبه حذر احمد نجيب الشابي في برنامج "الصراحة راحة" من اعتماد متسرع لهذه الخطوة وأكد ان فشلها سيكون كارثيا على الاقتصاد الوطني خاصة فقدان العملة التونسية لقيمتها وهو ما سيؤدي إلى تضخم في العملة الوطنية وهي احد المشاكل التي تعيشها بعض الدول العربية والعالمية وبقيت تونس بعيدة عنها لسنوات. البعض رفض هذه الخطوة تماما وأكد انها ستفشل تماما فالاقتصاد التونسي لا يتحمل مثل هذه الخطوات الظرفية لحكومة لن تستمر أكثر من سنة وشكك في جدوى تحرير عملة لدولة غير نفطية ولا تملك قوة اقتصادية قائمة على التصدير إضافة إلى مخاطر غسيل الأموال وغيرها من الجرائم المالية التي تعتمد على تحرير العملة وتقليل الرقابة على المنظومة المصرفية. وفي العموم فان خطوة تحرير الدينار كانت من ابرز الاستراتيجيات التي كان نظام بن علي يعمل عليها فيما عرف "ببرنامج تونس الغد"وبالتحديد في النقطة السابعة منه لتسرع حركة النهضة من هذا القرار الذي نرجو ان يكون فاعلا ومفيدا للاقتصاد الوطني الذي يعيش صعوبات كبيرة .