يبدو أن الزخم السياسي والإعلامي لم يهدأ في تونس منذ انتخاب منصف المرزوقي رئيسا للجمهورية ظهر يوم الاثنين فالحديث بين النخب الإعلامية والسياسية تجاوز رئاسة المرزوقي التي أحدثت جدلا بين معارض لطريقة انتخابه ومؤيد لشخص المرزوقي ولتوليه منصب الرئيس لما بذله من جهد في مكافحة الدكتاتورية إلى الاهتمام بالسيد حمادي الجبالي الذي سيكلف من قبل المرزوقي بتشكيل الحكومة يوم الأربعاء. رئيس الحكومة المرتقب ليس شخصا عاديا فهو أمين عام حزب حركة النهضة التي تقف بين تيارين واحد مؤيد لها بشدة وآخر مستميت في معارضتها فحمادي الجبالي مهندس الطاقة الشمسية سيخط لنا حكومة قادرة على تجاوز أزمات البلاد الاقتصادية والاجتماعية وتكريس الديمقراطية. حمادي الجبالي الذي سجن 16 سنة من بينها 10 إنفرادي سيكون اليوم صاحب مسؤولية تاريخية إن نجح فيها سيتمكن من تخليد اسمه في تاريخ البلاد وستحفظ سنوات سجنه بأحرف من نور وستكون أوسمة لرجل كافح من أجل تطوير البلاد وإن أخفق فإن الشعب التونسي سيخرجه من الباب الصغير ولن يتذكر معاناته وربما يكون سببا في ازدياد العداء لحركته. وربما ان وضع رئيس الحكومة أكثر حرجا من رئيس الجمهورية لأنه يتمتع بصلاحيات أكبر ولأن شخصية الجبالي أثارت جدلا كبيرا بعد خطاب "الخلافة السادسة" وما أحدثته من ردة فعل وما أثارته من شكوك ليس فقط من معارضيه ومعارضي حركة النهضة وإنما من داخل الأحزاب التي دخلت في مشاورات معها حول طبيعة الحكم وتوزيع الحقائب الوزارية وقد هدد حزب التكتل آنذاك بالانسحاب من المشاورات. على كل حال ستكون الأضواء الإعلامية الوطنية والعالمية منصبة على حمادي الجبالي وستنقل وسائل الإعلام المختلفة مراسيم تنصيبه وتكليفه من قبل الرئيس منصف المرزوقي ليشكل بعدها حكومة يبدو أن أبرز أطرافها أصبحت معلومة خاصة الوزارات السيادية. بعد تشكيل الحكومة سيبدأ العمل الجدي من قبل الوزراء الذين سيؤدون القسم وينتشرون في الأرض كي يعالجوا مشاكل المواطن الحقيقية ويصطدموا بالواقع المرير واقع البطالة والفقر واختلال التنمية الجهوية وتراجع الاقتصاد. مهمة صعبة تنتظر رئيس الحكومة ووزرائه لكنها لن تكون مستحيلة إذا توفرت النية في تطوير البلاد وإخراجها من محنتها وسننتظر لنعاين ذلك.
