بقلم الأستاذ بولبابة سالم سيظلّ تاريخ غرّة جوان يوما مشرقا في تاريخ وزارة التربية و النقابة العامة للتعليم الثانوي بعد التوصّل إلى اتّفاق أنهى حالة من الترقّب و الحيرة بين الأساتذة و الأولياء و التلاميذ بعد قرار حجب أعداء الثلاثي الثالث . كثيرون شنّوا حملة شعواء على نقابة الثانوي ذكّرتنا بما كان يحصل في العهد البائد من اتّهامات بالمتاجرة بأعداد التلاميذ و التوظيف السياسي بل وصل الأمر إلى حدّ اتّهامهم بخيانة الأمانة التربوية. طبعا لا تخلو تلك المواقف المتشنّجة من شحنة سياسية , و أكاد أجزم أن بعض هؤلاء لا يفقهون شيئا في آليات العمل النقابي و لا في الطرق النضالية لتحقيق بعض المكاسب فالتصعيد ضروري أحيانا و رفع سقف المطالب لابد منه لتحقيق الممكن , و تناسى هؤلاء أنّ النقابة العامة للتعليم الثانوي كانت صحبة نقابات أخرى قليلة تناضل زمن المخلوع عندما كانت الإضرابات شبه محرّمة . الوصول إلى هذا الإتّفاق مهّد له السيد سالم لبيض وزير التربية لمّا عيّن المناضل النقابي المخضرم السيد زهير العيدودي كمستشار لديه مكلف بالتفاوض مع النقابات , و لمن لا يعرف السيد زهير العيدودي , فقد كان عضوا لمدّة عشر سنوات بالنقابة العامة للتعليم الثانوي كما كان عضوا بالمكتب التنفيذي للإتحاد العام التونسي للشغل وهو يدرك جيّدا مشاعل الأساتذة بل كان من المدافعين عن بعض المطالب التي تحققت في الإتفاق الأخير . طبعا , لا يخفى أن السيد العيدودي قد أدرك الفرق بين المطلوب و إمكانيات الدولة في الفترة الحالية لذلك كان من الضروري تقديم بعض التنازلات المتبادلة للوصول إلى اتّفاق , وهو الذي كان مهندس الإتّفاق مع نقابة التعليم الأساسي و نقابة المتفقّدين و أخيرا نقابة التعليم الثانوي . و يحسب للأخ المناضل لسعد اليعقوبي الكاتب العام للنقابة العامة للتعليم الثانوي استماتته في الدفاع عن مطالب الأساتذة التي تراكمت لسنوات و بعضها لعقود , و رفض منطق التسويف الذي اتّبعه الوزارة مع الوزير السابق عندما تنصّلت من تنفيذ محاضر الإتفاقيات المبرمة . المشكل إذن في مصداقية الطرف المفاوض وهو ما وجدته النقابة مع الطرف الوزاري المفاوض مع حرص شخصي من السيد سالم لبيض الذي أصرّ على الوصول إلى هذا الإتّفاق الذي زكّته الهيئة الإدارية للتعليم الثانوي , و لمن لا يعلم فقد ساهم السيد زهير العيدودي في التكوين النقابي للسيد لسعد اليعقوبي باعتراف هذا الأخير . ما يحسب للسيد سالم لبيض هو نجاحه في تسوية أغلب الملفات النقابية العالقة منذ سنوات وهو الذي يعتبر النقابات شريكا رئيسيا في عملية الإصلاح التربوي الذي نرجو أن يكون في مستوى انتظارات الجميع , لذلك فهو مطالب في الفترة القادمة بمراجعات عميقة للمنظومة التربوية . وجد هذا الإتّفاق قبولا من عموم الأساتذة كما وجد معارضة من بعض الأساتذة و النقابيين المستقلين الذين يتّبعون مبدأ " الكل أو لا شيء " وهو منطق تعجيزي بل يرتقي للتوظيف السياسي في صراع إيديولوجي محموم ضدّ خصم سياسي يمسك مقاليد السلطة و لا علاقة له بالمطالب المهنية . يشمل الإتفاق تمكين الأساتذة من منحة خصوصية تقدر ب 90دينار على مدى 3 سنوات بداية من جانفي 2014 بعنوان مشقة المهنة / تطبيق اتفاقية تخفيض ساعات العمل / تمتيع الأساتذة بمنحة العمل الدوري / تمتيع المديرين و النظار و المكلفين بعمل إداري و تربوي بمنحة قدرها 25 د تصرف على دفعتين / مضاعفة منحة مستلزمات العودة المدرسية / إدماج المعوّضين الذين قاموا بالتدريس أكثر من سنتين بعد المرور بحلقة تكوينية و الخضوع لمحادثة مع لجنة بيداغوجية و يتم انتدابهم كأستاذ متربص سنة أولى . لطالما دافعت عن السيد سالم لبيض عند تعيينه وزيرا للتربية ضدّ الهجمة الفرنكفونية , وهاهو يثبت نجاحه في معالجة الملفات المتراكمة بعد أن تخلّص من بعض البيروقراطيين الإداريين الذين كادوا يتسببوا له في أزمة مع نقابة التعليم الثانوي عند أوّل لقاء .