بقلم الأستاذ بولبابة سالم بدأ التسخين للإنتخابات الرئاسية و التشريعية القادمة , تحرّكات و مشاورات و صفقات و مفاوضات بين جميع الفاعلين السياسيين في الساحة الوطنية منذ استقالة حكومة السيد علي العريض و صعود السيد مهدي جمعه إلى رئاسة الحكومة وفق خارطة الطريق التي أقرّها الرباعي الراعي للحوار الوطني و تركيز هيئة الإنتخابات برئاسة الأستاذ شفيق صرصار . ماهو مؤكّد أنّ الخارطة السياسية في تونس بعد المصادقة على الدستور لن تكون نفسها قبل هذا الإنجاز , و التحالفات السياسية لن تبقى على حالها بعد إمساك حكومة التكنوقراط غير المتحزّبة بمقاليد السلطة التنفيذية . انتهت مرحلة الموالاة و المعارضة ليبدأ التفكير في الإستحقاق الإنتخابي القادم , إذا كانت حركة نداء تونس قد أعلن رئيسها السيد الباجي قايد السبسي عن ترشيح نفسه للإنتخابات الرئاسية منذ فترة خاصة بعد المصادقة على الفصل 73 من الدستور الذي ألغى شرط السنّ ضمن توافق بين النهضة و نداء تونس , و إضافة إلى إعلان العديد من رؤساء الأحزاب نيّتهم الترشّح لتلك الإنتخابات فإنّ اللافت للإنتباه هو إعلان قياديين في حركة النهضة { منهم لطفي زيتون منذ أيّام في موزاييك فم } عدم ترشيح أحد من الحزب للدخول في الإنتخابات الرئاسية لسببين وفق تصوّرهم : 1/ تجنّب إحداث انقسام داخل المجتمع بين الإسلاميين و القوى العلمانية . 2/ التركيز على الإنتخابات التشريعية للعودة إلى قصر الحكومة بالقصبة . لكن هذا الموقف لا يعني بقاء النهضة على الحياد في الإستحقاق الرّئاسي القادم , وهو ما جعل الكثيرون يخطبون ودّها لطلب دعمها و تأييد أنصارها لهم في المعركة الإنتخابية , لكن تفيد مصادر متطابقة أنّ حركة النهضة قد تدعم شخصيّة سياسية شابّة و محافظة و بعيدة عن صخب المشاحنات الإيديولوجية و لها نفوذ مالي قويّ وهو يشارك النهضة في مسألة الهويّة رغم أنّه براغماتي و ليبرالي من الناحية الإقتصادية و السياسية و كان لحزبه مواقف قريبة من النهضة في مسألة الدستور . الإنتخابات لا تُدار إلاّ بإمكانيات مالية ضخمة و ضمن ماكينة إنتخابية قويّة و فاعلة تشمل كل مناطق البلاد وفق خطاب سياسي واضح يلامس نبض الشارع و يتفاعل مع مشاغله و قضاياه , و الكل يعلم أن مشاغل التونسيين بعيدة عن صراعات الطبقة السياسية الغارقة في قضايا فكرية و عقائدية هي أشبه بالصراع العبثي و الجدل البيزنطي و لا يلتفت لها المواطن التونسي الغارق في مشاكله الحياتية من غلاء للأسعار و بطالة و غياب للتنمية , الأحزاب التي تملك القوّة المالية هم النهضة و نداء تونس بدرجة أولى رغم أنّ البعض يتحدّث عن امكانيات أكبر لنداء تونس لذلك سيكون التنافس قويّا . لا أحد من بارونات السياسة في تونس كان ينتظر أن يفرز الحوار الوطني عن شخصية السيد المهدي جمعه كشخصية وفاقية خاصّة بعد تداول أسماء من المرحلة السابقة مثل أحمد المستيري و محمد الناصر و مصطفى الفيلالي , و قد تفرز الإنتخابات الرئاسية عن شخصية أخرى غير الأسماء المتداولة اليوم فالإنتخابات لها مفاجآتها و استطلاعات الرأي التي نسمع عنها ماهي إلاّ صناعة لترويج أسماء و أحزاب , و الجميع يتذكّر نتائج الإنتخابات الفارطة و ما حقّقه تيار العريضة الشعبية و رئيسه الهاشمي الحامدي . لقد بدأت الحملة الإنتخابية مبكّرا و الجميع يستعدّ و يعقد الصفقات و التحالفات ممّا يجعلنا ننتظر عرسا ديمقراطيّا ساخنا .