أبو مازن صفاقس مدينة لا يكاد أهلها يتركون مواطن العمل والرزق حتى يعودوا اليها في بضع ساعات بعزم و نشاط. هذه مدينة تعمل دون أنات و آهات لأنها فقدت الأمل في من يستمع لصيحاتها وقد قضى عليها التلوث البيئي و استحوذ على هواءها وشواطئها و غابتها. صفاقس مدينة ظلمت لعقود و عقود ولم تنل من نشوة الاستقلال غير المؤتمرات و الاجتماعات، فلا بنية تحتية متطورة كغيرها من المدن و لا محولات و لا طرق سيارة واسعة تجوب أرجاءها. صفاقس ودعت بروتوكولات تقاسم ثروة البلاد منذ اجتماع 15 نوفمبر 55 و قضت على باقي أحلامها في امتلاك محيط نظيف و بيئة سليمة منذ أن أقيمت لسبع خلين من نوفمبر احتفالات وأعياد. لقد من الله علينا بنعمة الأمطار في سالف الشهور كغيرها من الجهات ولكننا مازلنا نعيش على وقع بعض الغدران و ارتفاع مستوى المياه في عديد جهات المدينة، فهذه مياه اصبحت مستنقعا و تحولت الى مطار لملايين الوشواش تلجأ اليه لتفرخ و تبني أعشاشها و تملأ خزاناتها من دمائنا كلما ناشدنا النسيم العليل و الهواء النقي. كارثة بيئية تعيشها تلك المناطق المنحدرة من المدينة وقد تورمت وجناتهم و أرجلهم و كل ما وصلت اليه جحافل الوشواش. زد على ذلك ركود الماء لأشهر في مجرى حزام "بورقيبة" الذي برمج لحماية المدينة من الفيضانات فأضحى ثكنة للناموس وعديد الحشرات، فلا يد تتعهده بعنايتها و لا سياسيون يحاولون تجنب الحديث في أمر كهذا الا من أراد الارتزاق وجمع الاصوات من هنا وهناك أو الكيد لخصومه بركوب هذا الحدث فيسب الحاضر وثورته ويتمنى عودة نظام السابع. ما أهلك محيط صفاقس و بيئتها ومتنفسها البحري وغابتها العذرية الا مخططات "الفكر الحكيم" و اللفتات الكريمة "لسيادة الرئيس" المخلوع التي خربت مدينتنا و نشرت فيها الآفات والعاهات. تذكروا البلاد العربي و صنايعيتها الذين هجروها تحت وطأة التهريب وتوريد ما رسكلته المصانع الصنية.تذكروا شواطئنا كيف خربت ونحن نترقب تبرورة 2050 (ربّما). صفاقس مدينة لا تكاد تسير بسيارتك محاذيا الحزام المذكور دون ان تغلق بلور سيارتك وتشغل المكيف ان كانت مجهزة بذلك، فما بال من يسكن لسنوات و قد ترعرعت أجيال و هي تستنشق روائح كريهة انبعثت من تلك المياه الراكدة بالقنال وقد اختلطت بمياه التصريف فدكن لونها واشتدت نتانتها. قد نسينا الم السياب وأمراض الربو والسرطان عافاكم الله فقد سلمنا امرنا لله و لكن غياب هواء نقي لا تشوبه الروائح الكريهة اضحى حلما لآلاف العائلات التي تجاور القنال فلا تعلم ان قرب الفرج ام ان الاحلام مازالت تطول و ان الاستيقاظ منها مناط بكارثة بيئية تهلك ما بقي من الحرث والنسل. دعوة لسياسيي المدينة أن لا يتعهدوا بشيء من هذا القبيل فقد مللنا العهود و وخبرنا وجود أياد تخطط لخنق هذه المدينة وتركها دون هواء نقي ولا شاطئ للاستجمام و ربما لا مصانع وهي التي تعمل لتركيز أكبر عدد من المقاهي و قاعات الشاي.