بقلم وسام الأطرش تعوّدنا جميعا متابعة أخبار إرهابٍ لا يتخلف عن موعد، يأتي حسب الطلب، وفي توقيتات سياسية منضبطة، وعلى مُددٍ زمنية مدروسة. هذه المرة، كان الموعد مع بداية الصمت الانتخابي وتزامنا مع ذكرى انتخابات التأسيسي، حيث تكلم الرصاص كعادته وبلهجته دون سابق إنذار، فراح ضحيته أحد أبرياء الأمن، ليضاف إلى قائمة من طالتهم يد الغدر الآثمة. أما الفاعل، فلم يعد قادرا على الصمود أكثر نتيجة انهياره النفسي وانفعال أعصابه، حيث كان يشغل الناس في الماضي بلحى الدّمى المتحركة لينفي حقيقة صناعة الإرهاب وتحريك أدواته وحقيقة تمويله وتوفير أسبابه. ولكن هذه المرة، راح يسب خصومه السياسيين ضمن خطاب انهزامي يقدم فيه نفسه مباشرة كمنقذ لهذا البلد بشكل واضح فاضح، مقتنعا في داخله بأنه المستفيد الوحيد مما يجري. ليس غريبا أن ينتظر الإرهاب طيلة الفترة السابقة ليطل برأسه من جديد قبيل الانتخابات بأيام قليلة، فقد كان صانعوه منشغلون بحملتهم الانتخابية، ولكن إخراجه جاء مختلفا نسبيا بما تعودنا في الماضي، وكأن الغاية من وجوده هي الدعاية فقط، حيث تم عبر سيناريو هوليودي دعائي شغل الناس طيلة يومهم بقصة محاصرة بيت بواد الليل، ثم تزامنا مع عرض هذا المشهد المُطوّل، طفقت الأبواق الإعلامية لرعاة الإرهاب تعين أصحابها على إتمام مهمتهم القذرة، ظنا منهم أنهم سيحققون على وتيرة الإرهاب ما عجزوا عن تحقيقه عند تواصلهم الطبيعي مع الناس واكتشاف حجمهم الحقيقي. إن انهزام صناع الإرهاب في تونس صار مصيرا حتميا لا ينتظر انتخابات ليقتنع بحقيقته أبناء هذا الشعب المسلم، ولكن عدم استيعاب الحلف الشيوتجمعي لطبيعة المرحلة يجعله بالضرورة إرهابيا مستدعيا للعنف لإخفاء ضعفه وعجزه مستعينا بالأجنبي على حساب أبناء بلده، وطامعا في أن يعتبره خصومه ورقة ذات وزن لا يمكن التخلي عنها نهائيا بأي حال من الأحوال. كما أن حصول هذا الحلف على الضوء الأخضر من قبل غرف التحكم في الخارج، تعطيه نشوة النصر الموهوم، والحال أنه يرقص رقصة الديك المذبوح، لسبب بسيط هو أن نفس تلك الغرف في الخارج قد أيقنت أن للإرهاب مفعول عكسي إعلاميا، يكتشف من خلاله أبناء الشعب، في المستوى الأدنى من وعيهم، بشاعة وفظاعة جرائم المستنصرين بغول الإرهاب للحصول على أصوات الناخبين، فيندفعون بكل قوة لإقصائهم وإبعادهم عن موضع السلطة التي يطلبونها، بل إلى ركلهم في مزبلة التاريخ. هذا الأمر، يعني بالضرورة التوجه نحو الإسلام المعتدل كخيار لدى الناخبين، ومن قبلُ كورقة يراهن عليها الغرب في المرحلة القادمة بما أنه لا يترك المجال لنفسه كي يغامر أو يقامر في السياسة. وهو ما يعني بدوره أن دوائر صنع القرار في الغرب على وعي تام بأن الإرهاب في تونس، لم يعد يخدم صنّاعه المحليين، وإن أغدقوا عليه الأموال الطائلة، وإنما هو أداة في أيدي الصنّاع الأجانب، وقطاع يستثمر فيه الغرب لتثبيت نفوذ الإسلاميين المعتدلين. قال تعالى: " إن الذين كفروا ينفقون أموالهم ليصدوا عن سبيل الله فسينفقونها ثم تكون عليهم حسرة ثم يغلبون ". من هنا يمكن القول، أن الإرهاب قد استنفذ رصيده في تونس، ولم يعد هناك من دواع سياسية لوجوده بعد الانتخابات، لذلك يُنتظر أن ينتهي قريبا هذا المسلسل الذي طالت حلقاته طلية فترة ما سمي ب"الانتقال الديمقراطي".