أبو مازن لا تنفع جرّة القلم وهو يقدّم الاعتذارات، ولا ينفع الضغط على أقراص لوح المفاتيح لكتابة حروف و كلمات، هذا قول رديء نشرتيه على النات، تقولين لم اقصد اهانات, بل ذاك هو القصد فنحن لم ننس من استشهد و مات، لم ننس ليلة الثالث عشر من جانفي يا فاضلة الفضليات، ساقوك لمنبر التلميع لتبرر ما فات، فتمحى نضالات و دماء و جراحات، وتخمد أصوات حوَت أنات و آهات. قلت ما قلت فلا أسف يصدّقه القوم وهم يتابعون الحوارات، دعاوى التقسيم ترتفع من تلكم العبارات، ايه على زمان لُبّس الرجال بالقاذورات، وشبّه الأبطال بالفضلات، عيبهم أنهم لم يسيروا وفق التيارات، وحكّموا عقولهم بما حوته من المعلومات. هذا الماضي المستبد الذي خبروه لسنوات، و هذه دعوة للحرية والديمقراطية رغم الاخفاقات. لكن العيب الوحيد أن تصدر عبارات كريهة من سلة مهملات، على لسان الحداثة و اناقة الصالونات، فتغازل المزابل التي تركتها البلديات، أكداسا مكدسة لتستلهم منها سلمى العبارات. تلك هي الصحافة على مراد الله في زمن الثورات، تدرّس بمنهجية الاستكانة لمن يدفع للقنوات، فيبلّغ اشاعة او كذبة ثم يمعن في التعليلات، فيحسبها المتفرج المسكين قرآنا أو من المسلّمات. لقد روّض الاستبداد الصحافة ومعهدها فصارت من الغانيات، لا تظهر إلا الابتسامة و الكلام الرطب وجمالا يخفي الويلات. لا فض فوك المتعجرف ناطق المنكرات، هؤلاء ليسوا بالفضلات ولا يعرفون سلة المهملات، بل طهارة وعنفوان و بشارات، يتنفسون هواء نقيا من الاعماق، و ينقعون زيتا بكرا صافي القطرات. هؤلاء شامخة رقابهم كلما جمعوا عراجين التمرات، هؤلاء لا يعرفون الكره و لا يحبذون المهاترات، فلا تحملي عليهم بأقسى العبارات، لأنهم ببساطة لا تخدعهم الخزعبلات. لو تعتذرين أمام وسائل اعلامك فيعلم القاصي والداني ما قيل قبل ساعات، فينشد لك الجميع العذر من الزلات. هذا وطن يسكن اليه الجميع ويكد في سبيله بثبات، هذا تاريخ الأجداد والعباد فأنى تغيره كلمات منكرة تتلوه اعتذارات.