أعلن مكتب المجلس التأسيسي، اليوم الإثنين 3 جوان 2013، أنه سيتم نشر مشروع قانون تحصين الثورة على الموقع الالكتروني للمجلس على أنه يتم لاحقا تحديد جلسة عامة لمناقشته. وأثار مشروعا قانون تحصين الثورة وقانون العدالة الانتقالية جدلا في الأوساط السياسية بين نواب المجلس التأسيسي وكذلك بين ممثلي المجتمع المدني وذلك لوجود نقاط تقاطع بين المشروعين. واختلفت الآراء بين من يعتبر أنه بمجرد المصادقة على قانون العدالة الانتقالية يمكن الاستغناء عن قانون تحصين الثورة ومن يعتبر أنّ المشروعين منفصلين ولا يلغي أحدهما الآخر. وقد اتصلت وكالة "بناء نيوز" وكان سؤالها الرئيسي: هل أنّ قانون العدالة الانتقالية وقانون تحصين الثورة يلغي أحدهما الآخر؟ قانون العدالة الانتقالية أفضل قانون يحصن الثورة فمن جانبه، اعتبر الأستاذ في العلوم السياسية وعضو اللجنة الفنية للإشراف على الحوار الوطني حول العدالة الانتقالية، إبراهيم العمري أنّ قانون العدالة الانتقالية أفضل قانون يحصن الثورة وذلك بناء على أسس قانونية، حيث أنّ قانون العدالة يقوم على المحاسبة الفردية والقانونية غير أنّه تغيب في قانون تحصين الثورة مسألة المحاسبة القانونية ويدعو إلى العزل السياسي الذي يمكن أنّ يكون جماعيا. وقال العمري في تصريح لوكالة "بناء نيوز" إنّ مسألة العزل السياسي يجب أنّ لا تشمل أفرادا ليسوا مورطين في جرائم خطيرة وممنهجة وأنّ العزل يجب أن يطبق على عدد محدود من الأشخاص خاصة منهم من أجرم في حق الشعب. وأشار العمري إلى أنّ منشأ القانونين يختلف حيث أنّ قانون العدالة الانتقالية طرحه المجتمع المدني وهو نابع من تشريع قانوني يتمثل في الفصل 24 من الدستور المصغر المنظم للسلط المؤقتة، والذي يدعو المجلس الوطني التأسيسي إلى تشريع قانون يتعلق بالعدالة الانتقالية، وتنازل المجلس عن هذا التشريع للمجتمع المدني ووزارة حقوق الإنسان والعدالة الانتقالية. في حين، بيّن العمري أنّ قانون تحصين الثورة هو مبادرة من الأحزاب السياسية التي تتبنى هذا المشروع، مؤكدا حق هذه الكتل النيابة في الدفاع عن مشروعها إلا أنّ لقانون العدالة الانتقالية أولوية النظر. واعتبر العمري أنّ قانون العدالة الانتقالية له الأولوية نظرا إلى أنّ رئيس الحكومة له أولوية المبادرة وتقديم المشاريع وأنّ قانون العدالة الانتقالية تمّ عرضه على الرؤساء الثلاث وهو الآن في طور المناقشة في إطار اللجان داخل المجلس الوطني التأسيسي. وبيّن محمد بنور الناطق الرسمي باسم حزب التكتل من أجل العمل والحريات لوكالة "بناء نيوز"، أنّ قانون تحصين الثورة يكرس للمحاكمة الجماعية وهي مسألة لا يمكن قبولها من منطلق حقوق الإنسان واصفا إياه بقانون الغاب. واعتبر بنور أنّ هذا القانون يؤسس لاستبداد جديدة وذلك بإقصاء مجموعة كاملة من الأشخاص سوى كانت مورط في جرائم أم لا في حين أنّ الاقصاء يجب أن يكون مبنيا على وقائع وجرائم مارسها الشخص في نظام معين. ورأى بنور أنّ قانون العدالة الانتقالية هو شكل حضاري نجحت في تطبيقه عديد الدول على غرار جنوب افريقيا. لا وجود لعدالة انتقالية حقيقية دون عزل سياسي وفي المقابل، أكّد سمير بن عمر القيادي في حزب المؤتمر من أجل الجمهورية أنّ مسارا العدالة الانتقالية والعزل السياسي لا يتعارضان ولا يلغي أحدهما الآخر وإنما يتكاملان، مشدّدا على أنه لا يمكن أن تكون هناك عدالة انتقالية حقيقية دون عزل سياسي. وأوضح بن عمر أنه إذا لم يتم العزل السياسي لبعض الأطراف لا يمكن مؤاخذتهم في المستقبل وذلك لإمكانية تقلدهم مناصب تمنحهم الحصانة وتكون عندها اجراءات العدالة الانتقالية لا معنى لها، مشيرا إلى سعي هذه الأطراف في إطار غياب قانون تحصين الثورة إلى الحصول على المناصب للإفلات من العقاب. وأعطى بن عمر مثال عن الافلات من العقاب في قضايا الشهداء والجرحى حيث لم يقع تتبع عدد من المسؤولين الأمنيين المباشرين بعد الثورة لأعمالهم رغم تورطهم في هذه القضايا وذلك لتمتعهم بالحصانة. وأشار سمير بن عمر إلى أنّ من يعتبرون أنه بمجرد المصادقة على قانون العدالة الانتقالية يمكن الاستغناء عن قانون تحصين الثورة، يخلطون بين العدالة الانتقالية كإجراء جزائي للمحاسبة على الأعمال والعزل السياسي كإجراء وقائي. وتجدر الإشارة إلى أنّ الرابطة الوطنية لحماية الثورة نظّمت اليوم الاثنين 3 جوان 2013 وقفة احتجاجية أمام مقر المجلس الوطني التأسيسي للمطالبة بتمرير قانون تحصين الثورة. وشهدت أرجاء المجلس التأسيسي يوم الثلاثاء 28 ماي 2013، حالة من التشنج والغضب بين نواب حركة النهضة والمؤتمر من أجل الجمهوريّة ضد رئيس المجلس مصطفى بن جعفر وذلك على إثر مطالبتهم بالتسريع بتمرير مشروع القانون الأساسي المتعلق بالتحصين الثورة. وهدد عدد من النواب المؤتمر من أجل الجمهورية والنهضة بسحب الثقة من رئيس المجلس التأسيسي مصطفى بن جعفر في حال عدم الإسراع بتحديد جلسة عامة قبل مكتب المجلس للنظر في هذا مشروع.