أعلن الجيش اللّبناني أمس الأربعاء أنه اتخذ اجراءات "للردّ الفوري" على أيّ "خرق" سوري جديد، في حين أكد رئيس الجمهورية اللبنانية ميشال سليمان حق بلاده بتقديم شكوى الى الجامعة العربية والأممالمتحدة، وذلك بعد ساعات من قصف مروحية سورية وسط بلدة حدودية متعاطفة مع المعارضة السورية. وفي المقابل أكّددت سوريا احترامها لسيادة لبنان. حساسيات مذهبيّة قتل 60 شيعيا غالبيتهم من المسلحين في اشتباكات مع مقاتلين اسلاميين في شرق سوريا، ما يهدد بزيادة الحساسية المذهبية في النزاع السوري، بينما شكل النزاع السوري محور لقاء بريطاني أميركي في واشنطن. وقالت قيادة الجيش اللبناني في بيان ذي لجهة حازمة، وهو نادر الحدوث تجاه سوريا، انه خرقت طوافة حربية قادمة من الجانب السوري الأجواء اللبنانية في منطقة جرود عرسال حيث أطلقت صاروخين من مسافة بعيدة باتجاه ساحة البلدة". وأضافت "اتخذت وحدات الجيش المنتشرة في المنطقة الإجراءات الدفاعية اللازمة للردّ الفوري على أيّ خرق مماثل"، وأن القصف أدّى إلى اصابة شخص بجروح وأضرار مادية. ويعدّ هذا التحذير نادرا في التعامل بين لبنان وسوريا التي حظيت لقرابة 30 عاما بوجود عسكري ونفوذ سياسي واسع في لبنان. ويتمتع الجيش اللبناني الذي يعاني من نقص في التجهيز، بعلاقة تعاون مع الجيش السوري الذي يخوض منذ أكثر من عامين في نزاع دام مع المقاتلين المعارضين لنظام الرئيس بشار الأسد. ميشال سليمان: خرق سيادة لبنان اعتبر الرئيس اللبناني ميشال سليمان في بيان "أن القصف المتكرر على بلدة عرسال من قبل المروحيات العسكرية السورية يشكل خرقاً لسيادة لبنان وحرمة أراضيه ويعرّض أمن المواطنين وسلامتهم للخطر"، ويتعارض مع "المعاهدات التي ترعى العلاقات بين البلدين ومع المواثيق الدولية في وقت تسعى الدولة اللبنانية للمحافظة على استقرار لبنان وسلمه الأهلي". ودعا سليمان إلى "عدم تكرار مثل هذه الخروقات"، مؤكدا بعد التشاور مع رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي "حق لبنان في اتخاذ التدابير الكفيلة بالدفاع عن سيادته وحماية أبنائه وأمنهم وسلامتهم، بما في ذلك تقديم شكوى إلى جامعة الدول العربية ومنظمة الأممالمتحدة". وبعد ساعات من ذلك أعلنت سوريا أنّها لاحقت الأربعاء متمردين حتى الحدود اللبنانية مع اطلاق صواريخ من مروحية على بلدة في شرق لبنان ولكنها أكدت أنها تحترم سيادة ووحدة أراضي لبنان المجاور. وأضاف الجيش السوري أنه سيواصل مهاجمة المتمردين في الأراضي السورية ولكنه "يتعهد باحترام سيادة الجمهورية اللبنانية ووحدة أراضيها وأمن مواطنيها"، حسب وكالة الأنباء السّورية الرسمية سانا. اختراق الحدود اللبنانيّة ومنذ بدء النزاع منتصف شهر مارس 2011، تعرّضت مناطق عدة في شمال لبنان وشرقه لقصف مصدره الأراضي السورية، لكن الجيش امتنع عن أيّ رد على مصادر النيران. وهي المرة الأولى يطال القصف السوري وسط عرسال التي قصفت أطرافها مرارا القوات النظامية السورية. واستقبلت البلدة مؤخرا عشرات الجرحى ومنهم مقاتلون، أصيبوا في معارك منطقة القصير الاستراتيجية التي سيطر عليها النظام وحزب الله اللبناني. وبعد ساعات من هذا الهجوم بالمروحية سقت اربع صواريخ اطلقت من سوريا على بعلبك شرق لبنان ذات الأغلبية الشيعية ومعقل حزب الله. والمنطقة التي سقطت فيها الصواريخ شبه غير مأهولة بحسب مسؤول لبناني أمني لم يعط تفاصيل عن اضرار او ضحايا محتملين. تصاعد الخطاب المذهبي السياسي أدّت مشاركة حزب الله في المعارك السورية إلى تصاعد الخطاب المذهبي والسياسي في لبنان المنقسم بين موالين للرئيس السوري بشار الاسد ومعارضين له، في حين تعرضت معاقل له لقصف من مقاتلين معارضين، قالوا إنّه ردّا على تدخله في سوريا. وشكل النزاع السوري محور لقاء أمس لأربعاء بين وزير الخارجية الاميركي جون كيري ونظيره البريطاني وليام هيغ، في خطوة تأتي بعد اعلان البلدين انهما يبحثان في "الخيارات" لمساعدة المعارضة، لا سيما بعد تفوق النظام في القصير. وقال وزير الخارجية البريطاني بعد اجتماعه بنظيره الاميركي جون كيري ان على لندن وحلفائها "القيام بالمزيد" لإنقاذ ارواح بشرية في سوريا. من جانبها خففت الولاياتالمتحدة عقوباتها ضد سوريا لمصلحة المعارضة. وقالت الخارجية الاميركية إن الصناعيين الأميركيين سيكون بإمكانهم الحصول على تراخيص ، حالة بحالة، لتصدير معدات تهدف الى "تسهيل اعادة اعمار المناطق المحررة" في سوريا. إعادة التوازن بين المعارضة والنظام قال وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس إنه "يجب تحقيق اعادة توازن بين قوات النظام ومقاتلي المعارضة لأنّه في الأسابيع الأخيرة حققت قوات بشار الأسد وخصوصا حزب الله والايرانيين تقدما هائلا بواسطة الأسلحة الروسية". كذلك، أعلن رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون الاربعاء انه سيبحث مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في ملف سوريا الاحد في لندن على هامش قمة مجموعة الثماني التي تنظم في 17 جويلية و18 منه في ايرلندا الشمالية. وتأتي هذه الحركة الدبلوماسية وسط استعدادات لعقد مؤتمر دولي سعيا للتوصل الى حل للأزمة السورية بمبادرة روسية أمريكية. ولم تؤد الجهود لجمع ممثلين عن النظام السوري والمعارضة في جنيف إلى نتائج، مع تواصل النزاع الذي حصد أكثر من 94 ألف شخص.