رحَّبت قوى سياسيّة مصرية بقرار مد فرض حالة الطوارئ لمدة شهرين لمواجهة عمليات "العنف والإرهاب" التي تشهدها البلاد، فيما ندد غالبية هذه القوى بالقرار، واعتبرته يضر ب"الأمن الاجتماعي وصور مصر الخارجية"، أو من مخططات ما وصفته ب "الانقلاب". وكانت السلطات المصرية فرضت حالة الطوارئ في 14 أوت الماضي لمدة شهر في القاهرة و13 محافظة أخرى، في أعقاب فض اعتصام مؤيدي الرئيس المعزول محمد مرسي في ميداني رابعة العدوية والنهضة بالقاهرة، بالقوة، مما أدى إلى مقتل المئات وإصابة الآلاف. وأرجع المتحدث باسم الرئاسة المصرية، إيهاب بدوي، سبب مد حالة الطوارئ في بيان إلى أنه "ارتباطا بتطورات الأوضاع الأمنية في البلاد". ويأتي قرار تمديد حالة الطوارئ مخالفا لما جاء في الكلمة الأخيرة للرئيس المؤقت عدلي منصور والذي توقع فيها رفع حالة الطوارئ في البلاد في ظل ما وصفه ب"تحسن الأوضاع الأمنية". وقال نبيل عتريس، عضو المكتب السياسى لحزب التجمع، إن "هناك ضرورة لتفعيل حالة الطوارئ بشكل أكبر؛ بسبب الأوضاع السيئة المتكررة في سيناء، واستهداف القادة والمسئولين بجانب الشخصيات الإعلامية الكبيرة" لافتًا إلى أنه "ضد الطوارئ، ولكن المخططات التى تستهدف الدولة المصرية تفرض علينا ذلك". وفي مداخلة تلفزيونية قال شهاب وجيه، المتحدث الرسمي باسم حزب المصريين الأحرار، إن الحزب يؤيد القرار في الظروف الراهنة التي تمر بها البلاد من عمليات "إرهاب" و"قتل"، مما يؤثر على أمن وسلامه المواطنين الآمنين. في المقابل، قال المتحدث الإعلامي باسم تحالف "التيار الشعبي"، عماد حمدي، في تصريحات صحفية إن تمديد حالة الطوارئ "يؤدي إلى تعقيد المشكلة وليس حلها"، غير أنه اعتبر أن ذلك "شر لابد منه"، ولكن يجب تطبيق حالة الطوارئ في المحافظات المتوترة فقط مثل سيناء، مع تقليل ساعات حظر التجول، والإسراع في تطبيق "خريطة الطريق". ورأى علاء أبو النصر، الأمين العام لحزب "البناء والتنمية"، المنبثق عن "الجماعة الإسلامية" أن فرض حالة الطوارئ هي "من ضمن مخططات الانقلاب" على الرئيس المعزول محمد مرسي، واعتبرها "آليات وإجراءت لا أهمية لها، السلطات تقوم بتنفيذ ما تشاء، ولا حاجة لها لتفعيل قانون الطوارئ مدة أطول". وأشار أبو النصر في تصريح صحفي إلى أن تفعيل قانون الطوارئ "عودة للقبضة الحديدة التي كانت توجد أيام نظام مبارك البائد". ورفض هيثم الخطيب، عضو حزب "الدستور"، قرار مد حالة الطوارئ، معتبرا أن الحالة الأمنية "استقرت نسبيا" في القاهرة والكثير من المحافظات، وإن أشار لإمكانية استمرار حالة الطوارئ في محافظة شمال سيناء، شمال شرقي البلاد، مرجعا ذلك إلى أنها "ما زالت تشهد أعمالا إرهابية وتفجيرات بشكل كثيف". وأضاف الخطيب أن مصر "لابد أن تقوم بإنهاء حالة الطوارئ خلال الأيام القادمة، وذلك للحفاظ على موقفها أمام العالم الخارجي". وقال يونس مخيون، رئيس حزب النور، المنبثق عن جماعة "الدعوة السلفية" إن "القوانين الاستثنائية لن تنهي العنف، ولكن الذي يعمل على إنهائها هو المزيد من الحرية واحترام حقوق الإنسان وسيادة القانون وتحقيق مبدأت العدل و والمساواة بين المصريين وإرساء العدالة الاجتماعية". وفي بيان له حذر من أن مد حالة الطوارئ "يبعث برسالة سلبية عن مصر للخارج، مما يؤثر تأثيرا بالغا على الاستثمار والحركة الاقتصادية عموما". وأصدر حزب "مصر القوية" بيانا أكد فيه "رفضه لتمديد حالة الطوارئ التي لم يحقق فرضها الأمن المزعوم، والذي يكفي لعودته إعلاء سيادة القانون وتطبيقه على الكل سواسية". وخارجيا، دعت الولاياتالمتحدة والبرلمان الأوروبي الحكومة المصرية المؤقتة إلى الرفع الفوري لحالة الطوارئ التي فرضتها في 14 أوت الماضي ومددتها أمس الخميس لمدة شهرين. وقالت ماري هارف، مساعدة المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية: "ما زلنا نعارض فرض حالة الطوارئ وكما كنا منذ البداية. ونحث الحكومة الانتقالية على وضع حد لها فورا". وحثت المسؤولة الأميركية أيضا "الحكومة الانتقالية والجيش على إحالة المواطنين الذين اعتقلتهم الشرطة أو الجيش أمام المحاكم المدنية فقط". ودعا البرلمان الأوروبي في بيان أصدره عقب اجتماع في بروكسل، أمس، السلطات المؤقتة لإنهاء حالة الطوارئ والإفراج عن جميع السجناء السياسيين، بمن فيهم الرئيس المعزول محمد مرسي، وذلك لإيجاد الظروف اللازمة لعملية سياسية شاملة. وقال البيان إن السلطات المؤقتة والجيش المصري يتحملان واجب ضمان سلامة جميع المواطنين بغض النظر عن وجهات نظرهم أو انتماءاتهم السياسية، وطالب أعضاء البرلمان الأوروبي أيضا بإجراء تحقيق مستقل في أعمال القتل التي حدثت حتى الآن. وتم فرض حظر التجول في نفس يوم فرض حالة الطوارئ 14 أوت، وكان من الساعة السابعة مساء، وحتى الساعة السادسة صباحا، ثم تم تخفيفه لاحقا كي يبدأ من الساعة 11 مساء. وانتقدت حركة "شباب 6 أبريل - جبهة أحمد ماهر" مد حالة الطوارئ، مشيرة إلى أن فرض حالة الطوارئ في فترة سابقة لسنوات طويلة "لم يمنع الإرهاب". وقال خالد المصري، مدير المكتب الإعلامي للحركة، في بيان صحفي إن الحركة ترى أن قانون العقوبات كفيل بفرض الأمن وتقديم المجرمين للعدالة، محذرا من أن استمرار الطوارئ "سيضر بالأمن الاجتماعي". ولا يجوز للسلطات المصرية تمديد حالة الطوارئ فترة أخرى بعد انتهاء الشهرين إلا باستفتاء شعبي؛ إذ ينص الإعلان الدستوري الذي أصدره الرئيس المؤقت، عدلي منصور، جويلية الماضي على حق رئيس الجمهورية في فرض حال الطوارئ لمدة 3 أشهر بعد موافقة مجلس الوزراء، على أن يجري استفتاء شعبي في حال تقرر مدها لفترة أطول.