أحد يمكنه أن ينكر المسيرة الفنية الطويلة والزاخرة بالعطاء للفنان التونسي لمين النهدي الذي قدم منذ سنوات العديد من الأعمال المسرحية والسينمائية على غرار "فردة ولقات أختها"و"ريح السد"و"عرب"و"الكريطة"كما نجح باتياز في مسرحيتي "المكي وزكية"و"في هاك السردوك انريشو".ولمين النهدي الذي اختار الدخول في اضراب جوع منذ أيا قليلة بعد قرار رفض مشروعه التلفزي الرمضاني والذي يحمل عنوان"المفتش خليفة"وفكرة هذا العمل مقتبسة بالأساس من الشريط السينمائي الجزائري"المفتش طاهر"من قبل لجنة قراءة الاعمال الدرامية التلفزية التي يترأسها المخرج محد الحاج سليمان وعضوية كل من الممثل فتحي الهداوي والاستاذ والسيناريست الطاهر بن غذيفة والمخرج والسيناريست عبد القاجر الجربي والمخرج هشام العكرمي والكاتبة امال موسى،فان لمين لم يرق له هذا القرار الذي لم يشمله فقط باعتبار ان هذه اللجنة استكملت قراءة الاعمال الدرامية التلفزية المعروضة عليها وعددها تسعة اعمال ،وأجمعت هذه اللجنة على عمل وحيد توفر فيه الحد الأدنى من المقومات والجهازية وهو مسلسل "أبناء الكاباس"للروائي عبد القادر الحاج نصر. كما أكدت هذه اللجنة فان قرار رفضها ل"مفتش خليفة"لم يكن من فراغ حيث جاء سيناريو هذا العمل عبارة عن جملة من المواقف غير المضحكة تجاوزها الزمن الى جانب السذاجة والمطيط الممل في الاحداث. هكذا جاء قرار هذه اللجنة ..واضراب الجوع كان القرار الأخير للمين النهدي الذي أكد في أحد تصريحاته بأنه ظفر بموافقة من المدير السابق للتلفزة التونسية مختار الرصاع،مؤكدا في نفس الوقت بأنه كلف محاميه بالتوازي مع دخوله في اضراب جوع برفع قضية ضد التلفزة التي أساءت معاملته وتجاهلت مسيرته الزاخرة بالابداع والعطاء. لكن يبدو أن لمين النهدي تناسى بأنه لم يكن يوما ممثلا ناجحا ولعل سلسلة "التاكسي"التي تم بثها على القناة التلفزية التونسية منذ سنوات كانت أكبر دليل على أن لمين رجل مسرح بالأساس ولم يتمكن من اقناع المشاهد بقدرته على أن يكون ممثلا تلفزيا،ورغم أننا لم نطلع على سيناريو "المفتش خليفة"فيمكننا القول بأن "ضمار""فردة ولقات أختها"أو"الكريطة"تجاوزته الاحداث والعقليات فعلا،فلايعني أن يكون لمين مبدعا فذلك ترخيص مجاني له بأن تكون أعماله بالضرورة "ضامرة" وناجحة. ولسائل أن يسأل لماذا قبل لمين النهدي قرار هذه اللجنة منذ سنتين عندما رفضت عمله التلفزي "بياع الوهم"واستشاط غيظا من قرارها هذه المرة إلى درجة الدخول في إضراب جوع؟ سؤال بريء نسوقه الى لمين الذي وحده يعرف الإجابة ثم هل يحتاج المشهد الثقافي اليوم المزيد من التصعيدات لهذا القرار "المرتجل"؟فتونس تزخر بالمبدعين وتعترف بكل كفاءاتها ولم تلد لمين النهدي وحده لتطاع رغباته وتنفذ أعماله مهما كان مستواها "الابداعي" فاذا كان هذا "المبدع"الرافض لقرار اللجنة غاضبا ومواصلا في قرار اضراب الجوع فكيف سيكون مثالا للمبدعين الصغار الذين بدورهم يملكون الموهبة والكثير من الطموح.