نظّم الاتحاد الجهوي للشغل بالقيروان يوم 24 جانفي 2010 تظاهرة هامة لإحياء ذكرى تأسيس الاتحاد واحداث 26 جانفي 1978 حضرها بالخصوص الأخ حسين العباسي الأمين العام المساعد والأستاذ الدكتور علي المحجوبي. قدّم الأخ صلاح الدين السالمي الكاتب العام الجهوي للتظاهرة مرحّبا بالحضور الغفير وبالربط بين الذاكرة النقابية والوعي النقابي واعتبر أنّ مثل هذه الأنشطة التي دعا إلى تنويعها لايمكن إلاّ أن تكون مفيدة للنقابيين منوّها بقيام الاتحاد بتنظيم ندوة حول احداث 26 جانفي 1978 لأوّل مرّة داعيا إلى احياء كلّ المحطات التي مرّت بها المنظمة وطنيا وجهويا. في البداية وقع عرض شريط وثائقي تضمّن ملخصا لتاريخ الحركة النقابية التونسية وشهادات لقيادات نقابية تاريخية كما تضمّن مقتطفات من الشريط الوثائقي الذي بثته قناة »الجزيرة« الوثائقية والذي اهتمّ بملابسات اغتيال الشهيد فرحات حشاد. بعد ذلك تناول الأستاذ علي المحجوبي الكلمة ليحاضر حول موضوع »الحركة الشغيلة التونسية بين النضال الاجتماعي والنضال الوطني«، وفي مستهل حديثه ركّز الأستاذ على أهمية النضال الاجتماعي في تاريخ التجارب النقابية الثلاثة مرجعا ذلك إلى سببين رئيسيين، الأول يتمثّل في الظرفية العصيبة التي عرفتها البلاد ما بين 1924/1920 وفي سنة 1936 (سنة الارز) وما بين 1948/1944 هذه الأزمات الاقتصادية الاجتماعية جعلت من الدفاع عن المصالح المادية للشغالين قضايا عاجلة، والسبب الثاني يتمثّل في الجذور الاجتماعية لرواد التجارب النقابية الثلاثة الحامي والقناوي وحشاد وما تمتّعوا به من حسّ اجتماعي مرهف. في حديثه عن تأسيس الاتحاد العام التونسي للشغل ذكر الأستاذ المحجوبي بالسيرورة التي أفضت إلى مؤتمر الخلدونية في 20 جانفي 1946 وأكّد من جديد على أنّ مطالب الاتحاد حتى مؤتمره الثالث في أفريل 1949 بقت مطالب اجتماعية، ولم يقع المزج بين النضال الاجتماعي والنضال الوطني إلاّ في مطلع الخمسينات، والأسباب في نظر الأستاذ هي تحسين الوضع الاقتصادي بعد انقشاع أزمة 1948/1944 وتأثير الموظفين من جامعة الموظفين التونسيين الذين مثلوا العمود الفقري للاتحاد وكانوا مناضلين في الحزب الدستوري الجديد وهكذا انخرط الاتحاد في العمل السياسي معتبرا أنّه لا يمكن تحسين أوضاع الشغالين بدون حكومة وطنية وفي هذا تندرج مطالب تعويض المجلس الكبير ببرلمان تونسي وحكومة وطنية وبعث لجنة للضمانات الدستورية وللتمثيلية الشعبية، كما يفهم في هذه الظروف تخلّي حشاد عن الصراع الطبقي لصالح مفهوم الوحدة الوطنية. وفي قضية اغتيال الزعيم فرحات شحاد اعتبر الأستاذ المحجوبي ان تواطؤ السلط الفرنسية أمر ثابت باعتبار أنّها لم تقم بحمايته علما بالمخاطر المحدقة بحياته من جرّاء تحريض الأوساط الاستعمارية، كما أنّها لم تقم بتحقيق حول ملابسات اغتياله. واستبعد من جهة أخرى أن يكون للزعيم بورڤيبة أي دور في الاغتيال معتبرا أنّ ماذكره »انطوان ميليرو« في شهادته عبر قناة »الجزيرة« هو ناجم عن إلتباس تاريخي في ذهن هذا المجرم ذلك أنّ مشكل الزعامة في سنوات 1955 و1956 لم يكن مطروحا بتاتا في سنة 1952 عندما كانت البلاد تعيش أحلك الظروف من جرّاء القمع الاستعماري. حديث الأستاذ عن أحداث 26 جانفي 1978 لم يكن مطولا واعتبر فقط انّ هذه الأحداث ذات جذور اقتصادية اجتماعية ولكنّها أيضا ذات جذور سياسة، واختتم بالدعوة إلى اعادة الاعتبار للنضال الاجتماعي ولبعض رموز الاتحاد. الأخ حسين العباسي اقتصر في تدخله على توضيح مساعي الاتحاد من أجل فتح تحقيق يحدّد المسؤوليات في اغتيال مؤسس الاتحاد فرحات حشاد وأشار إلى أنّ الجهود تتجّه إلى تكليف فريق من القانونيين والمؤرخين لدرس الامكانيات المتاحة، وتتجّه النيّة نحو رفع قضيّة لدى المحاكم التونسية وربّما إن أمكن ذلك لدى محكمة العدل الدولية والمحكمة الجنائية الدولية.