وزير الشباب و الرياضة يجتمع بالمكتب التسييري للجامعة التونسية للسباحة    عاجل/ العثور على شاب عشريني مشنوقا في إسطبل    هذه أسباب تواتر حالات الموت المفاجئ عند الشباب: التفاصيل    طقس الليلة.. الحرارة تصل الى 35 درجة    طار 120 متراً في الهواء: ثامر حسني يقوم بعرض خطير أمام محبيه    برمجة حملات لقنص الكلاب السائبة بهذه الولاية    أحد حراس بايدن يتعرض للسرقة في كاليفورنيا    مكالمة هاتفية بين نبيل عمار و نظيره البرتغالي    صحيفة: الشرطة الفرنسية تستعد لاضطرابات بسبب الانتخابات البرلمانية    عاجل/ إنتحار عون سجون حرقا    حركية كبيرة بمعبر ذهيبة وازن الحدودي    وزير الشّؤون الدّينية يرافق الحجيج في رمي الجمرات    تطبيقة ء-هوية "E-Houwiya" الجديدة متاحة على "AppStore"    خبراء المناخ يتوقعون صيفا ساخنا وتسجيل معدلات حرارة قياسية    بنزرت: وفاة فتاتين غرقا بشاطئ الميناء بغار الملح    المنستير: تقدّم تنظيف شواطئ الجهة بنسبة 33 بالمئة    الفيلم التونسي"المابين" يفوز بالجائزة الكبرى لمهرجان جنيف الدولي للأفلام الشرقية    يهم المواطنين..بلاغ هام لوزارة الداخلية..    وزير الشؤون الدينية يرافق الحجّاج في رمي جمرات أيّام التّشريق    قفصة: تقديرات بإنتاج 2000 طن من الفستق خلال الموسم الحالي    تزيد العطش.. مشروبات عليك تجنّبها في الطقس الحار    وزارة الخارجية تنعى سفير تونس الأسبق بأندونسيا    مصدر بقنصلية تونس بجدة : وفاة 23 حاجا تونسيا بالبقاع المقدسة    البنك المركزي: تراجع طفيف في سعر صرف الدينار التونسي مقابل الدولار والأورو    البنك المركزي: تراجع طفيف في سعر صرف الدينار التونسي مقابل الدولار والأورو    وفاة الإعلامي والناقد السينمائي خميّس الخياطي    تاجروين:وفاة شابين على متن دراجة نارية    الحجاج يختتمون الفريضة برمي الجمرات وطواف الوداع    نائب بالبرلمان : سنسائل بصفة عاجلة كل المعنيين حول فقدان الحجيج    مواطنون يشتكون من '' الوضعية المزرية '' لقطار تونس بنزرت    لجنة مكافحة الإرهاب تعلن عن إطلاق حملة للتعريف باستراتيجية مكافحة التطرف العنيف    الرابطة الأولى: رهان المقاعد الإفريقية يلقي بظلاله على الجولة الختامية لمرحلة التتويج    عاجل/ "الفيفا" يوقف هذا اللاعب عن النشاط لمدة ستة أشهر..    إنطلاق الموسم الرياضي الجديد وموعد سوق الإنتقالات    الرابطة الأولى: ملعبا الشاذلي زويتن وأولمبي سوسة يحتضنان ملحقي تفادي النزول والصعود    مانشستر سيتي يبدأ دفاعه عن لقب البطولة الإنقليزية في ملعب تشيلسي    دعما للنمو: ضخ 330 مليون دينار لدعم تدويل المؤسسات في الفضاء المغاربي    رئيس البعثة الصحية يؤكد التعهد بالمرضى وحالات الضياع لكل الحجيج التونسيين حتى من خارج المنظومة    حوادث: 6 حالات وفاة خلال 24 ساعة..    خطير/ 3 حرائق في يوم واحد بهذه الولاية..    إصلاح الأعطاب و إرجاع التيار الكهربائي إلى هذه المنطقة    زلزال بقوة 5.5 درجات يضرب هذه المنطقة..    %60 نسبة سداد الدين الخارجي.. تونس توفي بالتزاماتها تجاه الدائنين    تصريح أثار جدلاً.. بسام كوسا يسخر من فيديو فاضح لممثلة سورية    إصدار أغنية جديدة : ريمكس عربي لأغنية Attraction ل Ramy Sabry و ETOLUBOV    عاجل/ تفاصيل جديدة عن وفاة "الأنستغراموز" فرح بالقاضي..    مستقبل سليمان: المطالبة باعتماد تقنية الفار .. وتعيين مباراة الباراج خارج اقليم تونس وولاية نابل    وزارة الصحة: بوابة إيفاكس ستشمل كل التلاقيح وستُمكّن المواطنين من الحصول على دفاتر علاج رقمية    توصيات وزارة الصحة لمجابهة ارتفاع درجات الحرارة    شهداء ومصابون إثر قصف الاحتلال الصهيوني لمخيم "النصيرات" وسط قطاع غزة..#خبر_عاجل    الاتحاد الفرنسي: مبابي يعاني من كسر في أنفه وسيرتدي قناعا    مقتل 10 مهاجرين بعد غرق قارب في البحر المتوسط    مدخرات تونس من العملة الصعبة تقدر ب107 ايام توريد منتصف جوان 2024    عدنان الشواشي : المنوّعات صنعت في وقت قياسيّ وغفلة ذوقيّة فيالق من أشباه "النّجوم" و"النّجيمات"    المرصد الوطني للفلاحة: نسبة امتلاء السدود لم تتجاوز 31،5 بالمائة الى غاية يوم 14 جوان 2024    وفاة الأنستغراموز فرح القاضي    نصائح وتوصيات وزارة الصحة لمجابهة موجة الحرارة    حجاج بيت الله الحرام يستقبلون أول أيام التشريق    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ولادة الحركة العمالية الوطنية التونسية 1924-1925
نشر في الشعب يوم 13 - 01 - 2007

كانت تونس في فترة العشرينات من هذا القرن مستعمرة فرنسية ذات مستوى اقتصادي منخفض جدا. فالصناعة الحديثة كانت في وضع جنيني ، لم تكن هناك من صناعة قائمة غير الصناعة المنجمية التقليدية التي عمل المستعمر على تطوريها في جميع بلدان المستعمرات، وهي تشمل في تونس الصناعات الاستخراجية للمواد الآتية : الفسفات والحديد والزنك والرصاص، تقوم الى جانبها المنشآت الاخرى من بناء وصناعات غذائية وصهر حديد ونشر أخشاب وطرق نحاس وخياطة وتجهيز الملابس مع بعض المؤسسات التجارية (كهرباء وغازوماء) أما المواصلات فقد كانت على حالة من التطور النسبي. سيطرة الرأسمال الأجنبي على جميع المنشآت الاقتصادية على اختلاف أهميتها.
لقد دفعت الحرب الكونية الأولى الوضع الاقتصادي في تونس بشكل محسوس : اذ تضاعفت في الفترة 1925 1919 استثمارات الرساميل ثلاث مرات، رافقها تكوين شركات جديدة وازدياد عدد المنشآت من صناعات استخراج المعادن ازديادا ملحوظا . بلغ عدد هذه المنشآت 58 منشأة في سنة 1924 بينما لم يكن عددها يتجاوز 37 في عام 1914 ، وكان نتيجة لذلك ارتفاع قيمة صادراتها من 15.0 مليون فرنك في عام 1914 الى 97,7 مليون فرنك عام 1924 (1).
واكب هذا النهوض الصناعي ازدياد في عدد افراد الطبقة العاملة . نأسف لعدم تحديدنا للعدد الاجمالي لكل العاملين بأجرة لا لشكل توزيعهم حسب فروع الانتاج لان المعطيات الاحصائية المتوفرة لا تسمح بذلك.
بناء على تعداد السكان 1921 ، كان من بين سكان تونس البالغ عددهم 2.93.931 نسمة 11.31 عاملا مياوما بالاضافة الى 3.929 من العمال الاوروبيين ، موزعين على كل من قطاعات ا لزراعة والصناعة والتجارة والنقل.كان معظم العمال التونسيين يشتغلون بالزراعة، ويتراوح عدد العاملين منهم بالصناعة والنقل ما بين 30,000 و35.000 يعمل نصفهم تقريبا في الصناعات المنجمية . ارتفعت هذه النسبة في السنوات التي تلت الحرب مباشرة . وهكذا على سبيل المثال ارتفع عدد المناجم من 1425 سنة 1920 الى 1992 سنة 1924 (2)
تفيد المعطيات التي قدمها جوهر أمين عام «الاتحاد العام للعمال في فرنسا C G T» ان عدد المشتغلين بالمناجم يبلغ 20000 عاملا من بينهم 80 من التونسيين(3).
كان معظم العمال التونسيين في بداية السنوات العشرين ينحدرون من اصل ريفي فهم من حيث أصلهم فلاحون او بدو ، وهم لذلك يشكلون جمهورا خاملا.
فالفقر والمواسم الرديئة والآفات الطبيعية المتكررة ومضايقات كبار الملاك تدفعهم الى هجر قراهم والنزوح الى المدن والى مزارع المستعمرين الفرنسيين، كما كانت ظاهرة التسول والتشرد متفشية في ذلك العهد.
يتحدر 95 بالمئة من العمال من أصل بدوي لا يعملون الا بعض أشهر بالسنة (ثمانية الى عشرة شهور في أقصى الاحوال) وعندما يحصل احدهم على مقدار زهيد من المال يعود الى موطنه الاصلي ليستهلكه ثم يعود من جديد باحثا عن لقمة عيش.
ونظرا لقوة التقاليد وللافكار الدينية المسيطرة على العقول، ظل معظم العمال التونسيين تحت تأثير مباشر لشيوخ القبائل وللطرق الدينية المنتشرة ولنفوذ الأولياء. يضاف الى ذلك تفشي ظاهرة الأمية بشكل واسع، ويكفي تدليلا على ذلك أن نسبة من يعرف القراءة والكتابة والحساب لا تتجاوز 2 في سنة 1924.
كان هؤلاء الريفيون الفقراء والأميون يخشون حياة المدينة . وهم يتعبون كثيرا في ايجاد عمل وخاصة بالصناعة، ولهذا السبب فان البطالة وان لم تكن متبلورة كظاهرة اجتماعية الا انها كانت موجودة بشكل مقنع . لذلك نجد المقاولين كثيرا ما يشتكون وبشكل مستمر من عدم توفر اليد العاملة بل ويذهبون في البحث عنها خارج البلاد (4).
أما تشريعات الشغل فقد كانت الى ذلك الحين في وضع بدائي جدا. لم تكن هناك من تشريعات في تونس العشرينات سوى التي تخص حوادث الشغل الصادرة بتاريخ 15 / 3 / 1921 . وكذلك بعض التشريعات المتعلقة بالتشغيل وبعطلة اخر الاسبوع ابتداء من 20 / 3 / 1925 (5).
كان ضغط الرأي العام الديمقراطي بفرنسا وبتونس الرامي الى تطبيق القوانين الاجتماعية الفرنسية على العمال التونسيين يصطدم بمعارضة شديدة من قبل ارباب العمل الفرنسيين ومن قبل السلطات الاستعمارية الواقعة في قبضتهم، وبصورة خاصة قاوم ارباب العمل بعنف قانون 1919 الفرنسي القاضي بتحديد يوم العمل بثماني ساعات محتجين بأن هذا القانون مضاد للاقتصاد وخيالي في نفس الوقت . علما بأن يوم العمل المحدد بثمان أو تسع ساعات كان معمولا به في تلك الفترة وفي معظم فروع الصناعة . أما القانون الذي كان سائدا قبل ذلك فهو قانون 15 جوان 1915 والذي حدد يوم العمل بعشر ساعات مع وجود استثناءات عديدة تخول لارباب العمل تمديده الى احدى عشر أواثنتي عشر ساعة (6).
رغم تواضع تشريعات العمل التونسية فقد كان امر تنفيذها يتوقف كليا على طيبة قلب ارباب العمل حيث لم توجد بعد محاكم تفصل بين العمال والمقاولين وحتى تفقد الشغل لم يكن منظما كفاية.
ترفض السلطات بشكل خاص حق العمال في التجمع ضمن نقابات، وهكذا فانها تحرمهم من أهم سلاح في الدفاع عن مصالحهم الطبقية أو مثل ما قال جوهر نفسه : «ان الاعتراف بالحق النقابي هو الشرط الضروري لتقدم اي تشريع اجتماعي» ومن الجدير بالذكر ان النقابات كانت تنشأ دون تخويل قانوني.
كان العمال التونسيون في العهد الاستعماري للحماية الفرنسية يخضعون لابشع انواع التفرقة العنصرية فبصرف النظر عن اختصاصاتهم المهنية ودرجة خبرتهم فيها فقد كانوا يعاملون دائما على أنهم عمال من درجة ثانية أو ثالثة، يلاحظ ذلك بشكل محسوس في عملية التفاوت في الاجور بينهم وبين العمال الاجانب.
الاجر اليومي (بالفرنك) لعمال صناعة المناجم 1923 (7)
كان بعض العمال التونسيين والاطفال بصورةعامة يتقاضون اجرة يومية تتراوح ما بين 2.24 فرنك و4 فرنكات في الوقت الذي يمنح فيه لجميع الموظفين الفرنسيين بصرف النظر عن مكان عملهم وعن نوعيته علاوة تعرف بالثلث الاستعماري وهي تساوي 33.3 من مرتباتهم.
تدهور الوضع المالي للعمال بصورة ملحوظة في السنوات التي تلت الحرب (1914 1918 ) مباشرة فبالمقارنة مع مستوى المعيشة لما قبل الحرب نجد ان الاسعار قد ارتفعت بشكل مهول . فإذا اخذنا الرقم القياسي لكلفة المعيشة (سنة الاساس 1914 = 100 ) لعائلة فرنسية تتألف من اربعة افراد تكون كلفة معيشتها تساوي 421 وهي 442 بالنسبة لعائلة ايطالية و410 لعائلة تونسية . وبالمقابل فان مؤشر الاجور الاسمية لعموم العاملين بالصناعة لا يتجاوز 300 لعام 1924 (سنة الاساس 1914 = 100)أما أجور الزراعة فهي في حدود 200 ، ونتيجة لهذا الوضع تكون الاجور الفعلية قد تقلصت تقليصا كبيرا.
تفيد المعلومات المتضمنة في تقرير السيد جوهر انه بالنسبة لجميع فروع الصناعة قد تقلصت الاجور الفعلية للعمال المختصين أي الاوربيين في الغالب بنسبة تتراوح ما بين 10 و15 . كما انخفض مؤشر الاجور الفعلية في كل من صناعات صهر الحديد وخياطة وتجهيز الملابس وفي الصناعة الغذائية وفي الطباعة وفي المناجم الى حد 80 95 عام 1924 (سنة الاساس 1914 = 100 ) . اما فيما يتعلق بالعمال المياومين أي الاغلبية الساحقة من العمال التونسيين فان الانخفاض كان الاكثر حدة، فالمؤشر هو 52 عام 1924 في مقابل 100 لعام 1914 (8) .
ان النتيجة الطبيعية المحتمة لتدهور الوضع المادي للعمال هي تعميق الصراع الطبقي . فقد انصبت نقمة العمال في البداية على النظام الاستعماري المتمثل في سلطة الحماية الفرنسية . كتب الشاعر التونسي الطاهر الحداد () (1901 1932) يقول بان العمال : «يعتبرون ان شقاءهم آت من الحكومة التي تحرمهم مما هو ضروري ولا تقيهم المصائب التي تعترضهم في طريقهم ولا توفر لهم المعرفة التي يحتاجونها ولا تنصفهم (9)» . لذلك ايد العمال الحزب الدستوري (تأسس عام 1920 ) وتجاوبوا مع شعاراته ودعموا نضاله ضد الامبريالية وهم بذلك ساهموا الى حد كبير في انتصاراته في الاعوام 1924 1925 .
يرى الحداد النضال السياسي يقصد بذلك حركة التحرر الوطني بقيادة حزب الدستور هو ما قد وعاه الشعب التونسي قبل أي نضال آخر الا أن الشعب بدأ يدرك أن النضال السياسي وحده لا يكفي.
كان حزب الدستور يعبر عن مصالح البرجوازية الوطنية وبصورة خاصة برجوازية تونس العاصمة وبعض كبار الملاك العقاريين ، فهو لهذا السبب لم يكن قريبا من الشعب ومن باب أولى لم يكن قريبا من الطبقة العاملة . كان هذا الحزب يكتفي بالمطالبة بالمصالح الوطنية مهملا كل الاهمال المصالح الطبقية. أدرك العمال التونسيون ذلك، خاصة وانهم متأثرون بالدعاية التي تروجها المنظمات الاشتراكية الفرنسية التي كان لها نشاطات واسعة بتونس.
ففي سنة 1919 تأسس فرع الحزب الاشتراكي الفرنسي بتونس وفي سنة 1925 انحاز معظم اعضائه الى صف الاممية الثالثة وبذلك تمت ولادة الحزب الشيوعي التونسي. اصدر قياديوه (لوزون وفندوري) اول صحف شيوعية بتونس: حبيب الامة (1921)والمستقبل الاجتماعي (1919) وقاموا بدعاية واسعة لنشر افكار ثورة أكتوبر.
كما كانت صحيفة تونس الاشتراكية() تتمتع بشعبية واسعة وكان الناشران كوهن حضرية ودوران انقليفال يقومان بتعريف التونسيين على وضع الحركة العمالية الفرنسية قصد أحداث تغييرات اجتماعية في القطر التونسي. وقد ظهرت في هذه الفترة أول ترجمات للمؤلفات الماركسية بتونس.
كانت الدعاية الاشتراكية على سذاجتها أحيانا وعلى اختلاف مصادرها بل وتناقضها تجد صدى لدى جماهير التونسيين وعلى الخصوص لدى شباب العاصمة المندفع بروح ثورية . ألف كثير من التونسيين الافكار الاشتراكية في فرنسا ذاتها. ففي الحرب العالمية الأولى تم تجنيد 23000 من التونسيين في الجيش الفرنسي وأرسلوا الى أوروبا . كما كان آخرون يعملون في المصانع الفرنسية حيث تعلموا الفوائد الجمة التي تنجم عن التنظيم وعن التضامن الطبقي.
انطلاقا من هذه الممارسة العملية في اروبا ومن التحريض الدعائي في الداخل يمكننا ان نفسر التحول الواضح في موقف التونسيين تجاه الحركة النقابية التي بدأت تظهر في تونس غداة الحرب الاولى . وبعد الحرب دعم التونسيون بشكل فعال النقابات الفرنسية القائمة بالبلاد بل وساهموا مع العمال الفرنسيين في بعث كثير من النقابات.
كانت توجد في سنة 1924 52 نقابة شبه شرعية. ومنذ 1919 كانت فروع النقابات قد تجمعت في اتحاد اقليمي تابع للاتحاد العام للعمال C. G. T الفرنسي اما القيادة فقد كانت بيد اروبيين وخاصة بيد اشتراكيين يمينيين بزعامة دوريل Durel.
على الرغم من النزعة الاصلاحية التي كانت عليها نقابة دوريل فانها مع ذلك قد اصبحت تلعب دور مدارس حقيقية للتثقيف الطبقي . ولاول مرة سمع أولئك الرعاة والفلاحون بشعارات من نوع : تحرير العمل، الحرية، المساواة، التآخي.
فالنقابيون كما يصفهم الحداد اصبحوا يعتقدون بأن : « دين العمال هو العمل وعدو هذا الدين هو رأس المال، فليس لهم بعد ذلك أن يتمايزوا بأجناسهم واديانهم فينقضوا حبل اتحادهم بايديهم، ويجعلوا من ذلك منفذا لرأس المال لتشتيتهم واحباط مساعيهم». (ص 247) . ويذكر الحداد ان هذه الخطابات كانت مؤثرة جدا على العمال المسلمين : «لقد اثر هذا العمل تأثيرا هاما في نفوس العمال التونسيين مما جعلهم ينفصلون عن تاريخهم الماضي في الرضا بالواقع المقدور والحذر كل الحذر من طلب الحق في غير مذلة واستعطاف ...».
وهكذا تجمعت لدى العمال التونسيين خبرة في صراع الطبقات من خلال تقديم مطالبهم وبالنضال من أجل تحقيقها.
كانت السنوات الأولى التي أعقبت الحرب فترة نهوض للحركة العمالية بتونس، فحركة الاضرابات العمالية قد اخذت شكلا جماهيريا واسع المدى في السنتين 1919 1920 . شملت تلك الاضرابات اهم المؤسسات حيث يتوفر التنظيم العمالي الجيد. وطالب العمال بحقوقهم النقابية وبزيادة في الاجور وبتخفيض يوم العمل . جرفت موجة الاضرابات معها حتى عمال المؤسسات الثانوية وذات الأهمية المحدودة.
ففي سنة 1920 اضرب كل عمال السكك الحديدية وعمال المناجم ومستخدمي الترمواي، وفي عام 1921 كان اضراب عمال مطاحن الحبوب اضرابا فعالا بلغ حدا اضطرت معه السلطات للجوء الى استخدام الادارة العسكرية لجلب الدقيق من ميناء مرسيليا (10).
ومع ان العديد من هذه الاضرابات قد انتهت الى الفشل فان العمال قد سجلوا في عمومها نجاحا مهما . ففي صناعات التعدين والبناء والخشب والفخار في حضائر حفر الطرقات اجبر أرباب العمل على النزول عند رغبات العمال في تحديد يوم الشغل بثماني ساعات وبتسع ساعات للعاملين بالسكك الحديدية . أما حركة عمال المناجم فقد انتهت الى نتائج أقل ايجابية حيث بقى يوم العمل يتراوح ما بين 9 و10 ساعات.
إن هذه الانتصارات التي سجلها العمال بحركتهم الاضرابية كانت في نتائجها ناقصة وغير شاملة . لان معظمها كان لصالح الأوروبيين دون التونسيين، إذ كان قادة النقابة مهتمين بالدرجة الأولى بتلبية احتجاجات العمال الاوروبيين، الامر الذي جعل العمال التونسيين بالرغم من مشاركتهم في الاضرابات يشعرون بانهم غرباء ضمن النقابات الفرنسية التي اقامت قيادتها الدليل على تعصبها وتحيزها: «تساهل زعمائهم في الاخذ بناصر العمال التونسيين وحتى في توزيع الاعانات لهم ايام الاعتصامات الاضرابات مع انهم يؤدون واجبا واحدا، كل ذلك جعل العمال التونسيين يشعرون بوجود الحيف والمين حتى داخل هذه النقابات التي تدعوهم الى مقاومة الحيف ونبذ المين والمفاضلة بالاجناس والأديان، فكانوا يتسللون من هذه النقابات شيئا فشيئا الى العزلة والتشتت او تأسيس جمعية مستقلة كصندوق تعاوني كما كان لعملة شركة السكك الحديدية المسلمين، الذين اسسوا جمعية «الاتفاق الودادي» اثناء الحرب الكبرى، وكذلك عملة معمل التبغ الذين رفضتهم النقابة الفرنسية التي لا تقبل المسلمين بنص صريح».
في مثل هذه الشروط التي رافقت بداية الحركة العمالية ومع استفحال التناقضات بين التونسيين وزعماء النقابة الفرنسية كان مجيء محمد علي القابسي الى تونس . تمت عودة ذلك الانسان الوطني الثورة الى بلاده. انه رجل ضرب في حياته مثال المناضل ضد الاستعمار من أجل مساعدة ابناء شعبه او من اجل مساعدة «إخوته في البؤس» مثل ما كان هو يعبر عنهم.
ولد محمد علي في قرية الحامة قرب مدينة قابس . سافر في شبابه الباكر الى المشرق فزار كلا من مصر وتركية . نزل طرابلس (ليبيا) في سنة 1911 لمقابلة الطليان. وفي ليبيا تعرف على انور باشا احد زعماء حزب تركية الفتاة (الاتحاد والترقي ) الذي اصطحبه معه الى اسطنبول بعد فشل التدخل التركي.
وفي عام 1913 تولى انور باشا وزارة الحرب وكان ذا تأثير قوي في حربه. انخرط محمد علي في تلك الاثناء في سلك الجيش التركي واصبح سائق انور الخاص. ثم انتقل معه سنة 1917 الى ألمانيا وهناك ابتدأ دراسة الاقتصاد السياسي حتى 1923 حيث تخرج وعاد الى تونس في شهر اذار. بعودته الى وطنه لم يكن ممكنا لمحمد علي أن يظل خارج الاحداث التي تجري في بلاده وقد رأى بعينيه الهوة التي تفصل الجماهير التونسية عن قيادة حزب الدستور.
انه مثل ما وصفه فيليكس غاراس (12) «كان يتمتع بحدس جعله يتصور ما قد يكون لنقابة وطنية تونسية من أهمية». وفي جميع الحالات لم ينخرط محمد علي في صفوف حزب الدستور واحترف كليا النضال من أجل قضية العمال التونسيين.
تعرف اثر عودته على ثلة من الشباب الثوري كان من بينهم العربي مامي والطاهر بوتورية والطاهر الحداد الذين كانوا متأثيرن بالأفكار الاشتراكية المنتشرة في الحلقات والمنتديات. لقد اطلعوا على مترجمات عربية لمؤلفات كارل ماركس مثل ما يؤكد ذلك مثال الطاهر الحداد (13) وانهم مثل محمد علي قد اتوا من المناطق النائية تحدوهم رغبة في التعليم وتدفعهم الى القدوم الى مدينة تونس العاصمة بجميع «عجائبها واهوالها وشوارعها الظليلة واكواخها وشقائها الاسود» . فكانوا يتساءلون عن اسباب آلام شعب تونس وبعد مناقشات طويلة وتأملات عميقة توصل محمد علي والطاهر الحداد ورفاقهما الى الخلاصة التالية : وهي ان النتائج التي حصلت عليها شعوب اوروبا كانت من ثمار تنظيم الطبقة العاملة لذاتها ولنضالها الطويل وبذلك فعلى الشعب التونسي ان يجتمع في اتحادات وجمعيات حتى يجبر الحكومة على السير في طريق التنمية الاقتصادية وتحقيق حياة كريمة للجماهير الشعبية. وفي النهاية استقر رأيهم على الانتاج الرأسمالي القائم على الربح هو السبب : فلا بد من تغييره بتكوين جمعيات انتاج تقوم على اساس تعاوني.
من المحتمل ان يكون مذهب الاشتراكية التعاونية هذا مستوحى من مفاهيم لاسال التي كان محمد علي قد تعرف عليها خلال اقامته بألمانيا . وعلى اية حال فانه قد تحمس منذ عودته الى البلاد لنشر مبادئ الحركة التعاونية بين رفاقه .. عدا ذلك فإن افكار الاشتراكية التعاونية ومبادئها كانت منتشرة بشكل واسع بين الاشتراكيين الفرنسيين وعلى الخصوص بين اتباع جان جوريس.
ومما لا شك فيه أنه تقرر عند الشباب الثورة بمساعدة الشباب الوطني تكوين فروع شركات تعاونية زراعية وغيرها في جميع انحاء البلاد التونسية على ان يتم توحيدها بعد ذلك بتكوين قيادة مشتركة قادرة على تحقيق هدفهم الاساسي: أمة المشاركين (المجتمع الاشتراكي التعاوني المترجم) . تعتمد قيادتها المعرفة والعقل في تسيير شؤون الجمعية وخاصة المؤسسات التي ستنبثق عنها فيما بعد.
اقتنع جميع انصار الاشتراكية التعاونية بأن مهمتهم الاساسية تكمن في تغيير المجتمع بواسطة خلق جمعيات انتاجية، الا انهم وقد اصطدموا بصعوبات عملية قرروا البدء يتنظيم جمعيات استهلاكية . ومن هذا المنظور فان عمل الشباب الثوري التونسي لم يشدّ عن القاعدة
نظرا لعدم توفر رأس المال وبالتالي استحالة اقامة جمعيات صناعية أو زراعية فقد قرروا البدء بخلق جمعية استهلاكية. وصاغوا مشروع قانون لجمعية سموها: «جمعية التعاون الاقتصادي التونسي» لتتناول في بدئها التجارة فقط في المعاش وحاجات المنازل. حددت لنفسها كهدف تحرير العمال من الاستغلال التجاري وذلك بواسطة تصفية الاحتكار التجاري . وبادخال المبادئ الاشتراكية في شراء وتوزيع البضائع كما كان في حسابها أن تنشئ صندوقا تعاونيا لمساعدة افراد الامة الذين اضرت ببعضهم البطالة مع تقديم مساعدة ادبية للذين لم يتمكنوا من ممارسة مواهبهم وذلك بتنظيم محاضرات واعداد تقريرات ونشرات، وكان من بين مهام الجمعية نشر الفكر الاشتراكي كما كان من مهامها ايضا المساهمة في محاربة الأمية.
انعقد اجتماع في 29 حزيران 1924 بقاعة الخلدونية حضره كل من الطيب بن مصطفى ومحمود بورقيبة وعثمان الكعاك واخرون وبعد السماع الى الخطب التي ألقاها كل من الطاهر الحداد صفر ومحمد علي تمت المصادقة على قانون جمعية التعاون الاقتصادي التونسي. بعد اسبوع اي في 6 تموز اسست لجنة لجمع التبرعات ولجنة اخرى للاشراف على رزسها محمد علي نفسه. انطلقت هذه الاخيرة على اثر تأسيسها مباشرة لبث دعايتها في شرح اهداف ومبادئ الجمعية، فأقامت مهرجانات خطابية واجتماعات عامة في جميع انحاء مدينة تونس خطب أثناءها محمد علي ورفاقه، وكان الشاب الحبيب بورقيبة يستمع الى محمد علي فذكر ان «خطاباته كانت تؤثر بقوة لصدق لهجته ووضوح طرحه وعمق نظرته». اكتسب محمد علي بنشاطه عطف الشبيبة الثورية بسرعة كما اتسعت شعبيته بين صفوف العمال التونسيين.
على اثر مباشرة عملهم الدعاوي اصدمت قيادة الجمعية بصرامة الواقع، واقع الصراع الطبقي. وسريعا ما انعتقوا من اوهامهم في اعادة تنظيم المجتمع سلميا حسب تعاليم التعاونية الاشتراكية خاصة وان الجفاف ورداءة الموسم لسنة 1924 قد زادا في تفاقم التناقضات الطبقية.
في هذه الفترة كانت دعاية الوطنيين والشيوعيين تلاقي رواجا كبيرا، فقد ازدانت المقاهي التونسية بشعارات «تونس للتونسيين» و «الاستقلال او الموت». ولاقت نداءات الشيوعيين بالاجهاز على نظام الحماية الاستعمارية وبطرد القواد المتنفذين وبتوزيع الراضي على الفلاحين، لاقت تلك النداءات تجاوبا كبيرا لدى اوسع الجماهير.
قام في هذه الاثناء العمال التونسيون بالاضرابات دون موافقة زعماء النقابة التونسية بل بالرغم عنهم وأخذت بسرعة طابعا واضحا.
ففي 12 نيسان 1924 اضرب ألف عامل من عمال رصيف ميناد تونس مطالبين باجرة تساوي اجرة مرسيليا. قاموا باضرابهم معتمدين على انفسهم حيث تخلى الاتحاد العام للعمال C. G. T. عن دعمهم وواصلوا اضرابهم لمدة 23 يوما و لعب مختار العياري دورا بارزا في هذا الاضراب وهو مناضل محترف وشيوعي المذهب وعامل مطرود من عمله بالسكك الحديدية.
تعرضت لجنة الاضراب لحملة معادية من الصحافة البرجوازية التي طالبت بارسال الجيش والمساجين الى الميناء من أجل فك الاضراب.
وفي 25 نيسان رفضت لجنة الاضراب وساطة شيخ المدينة. وفي 28 من الشهر نفسه نظمت مظاهرة احتجاج على تشغيل البدو الذين جيئ بهم لكسر الاضراب. وخلال الاصطدام مع البوليس جرح ثلاثة من العمال المتظاهرين .
اتسعت حركة الاضراب اتساعا كبيرا في مدينة بنزرت والمناطق المجاورة لها. ففي 15 أوت 1924 اضرب عمال الميناء في بنزرت وما لبث ان التحق بهم في نفس الشهر عمال معمل الآجر «منزل جميل»، ثم عمال اعادة بناء ميناء بنزرت في 4 ايلول . وانتشرت حركة الاضرابات فعمت عمال الزراعة في جبل الخروبة، وسائقي العربات بسيدي احمد. وجد المضربون دعما كبيرا من الشيوعيين المحليين (بتونس) وقد بلغ الاقتتال الطبقي اوجه حدة واحتداما في الحوادث التي جرت يوم 11 ايلول 1924 في مدينة بنزرت . ففي ذلك اليوم اعتقلت السلطات محمد خميري أمين فرع النقابة ببنزرت وفي المساء تجمع حشد غفير أمام بناية محافظ الشرطة، فتكلم الخطباء من فرنسيين وتونسيين ودعوا المتظاهرين الى عدم التفرق قبل اطلاق سراح رفيقهم . في تلك الساعة اطلق البوليس مع مجموعة من الجنود السنغاليين النار على المتظاهرين فأسفرت النتيجة عن مقتل عامل وجرح ستة وطرد محمد خميري من تونس.
غيرت موجة الاضرابات برنامج محمد علي وصحبة تغييرا كبيرا. فقد هبوا منذ بداية الايام الساخنة بالتطاحن الطبقي لمساعدة المضربين ولم يدخروا اي جهد في العمل على تخفيف اثر الوطأة على العمال.
كانت حركة الاضرابات قد تركزت في تونس وفي بنزرت وهي في مجملها حركة عفوية ينقصها التنظيم الجيد، اذ لم يكن للعمال منظمة خاصة بهم كما حالت خيانة قيادة الاتحاد العام للعمال الفرنسي دون مساعدتهم بشكل فعال.
في هذه الظروف ادرك محمد على ورفاقه ضرورة استقلالية البروليتاريا وتنظيمها . لهذا السبب قرروا تغيير برنامجهم في خلق جمعية التعاون وتأجيل ذلك الى وقت لاحق والعمل بدل ذلك على تكوين نقابات للعمال.
عرفت حركة تكوين النقابات الوطنية توسعا وانتشارا كبيرين خلال موجة الاضرابات، فبادر عمال رصيف ميناء تونس العاصمة الى خلق النقابة الاولى وعلى غرارهم حذا عمال بنزرت وفي الفترة ما بين شهر أكتوبر وديسمبر 1924 تشكلت نقابات مستقلة في كثير من مؤسسات العاصمة كما عمت الحركة خلال شهري تشرين وكانون الأول اكثر مدن ومراكز الوسط والجنوب . فقد تأسست نقابات عمالية وطنية في كل من صفاقس وقفصة والمتلوي وسوسة وماطر وغيرها.
اعطى الشيوعيون التونسيون كل دعمهم لمحمد علي فقاموا بدعاية ناشطة لصالح المضربين وبطرح شعار العداء للامبريالية وبمطالبهم باعادة الارض الى الفلاحين : «تونس للفلاحين والعمال وليست للفرنسيين (15)» . كما تحدى الشيوعيين تخاذل النقابات الفرنسية في اكثر من مناسبة : في اضرابات جبل الخروبة ايلول 1924 وبرج السدرية كانون الثاني 1925 يشهد ذلك بمساهمتهم الفعلية في حركة الاضرابات، بل يحتمل ان يكون الكثير من الاضرابات نتيجة لمبادراتهم. كما كان الشيوعيون على رأس انتخابات الهيئات النقابية.
عندما مُنع محمد علي اثناء اضرابات حمام الانف وبرج السدرية من الدخول الى منطقة الحوادث تطوع المناضل الشيوعي فندوري رئيس تحرير التقدم الاجتماعي لقيادة الحركة (16) . لم تحمل السلطات الاستعمارية محمد علي وحده مسؤولية اضرابات 1924 1925 بل القت تبعتها ايضا وبنفس المستوى على كاهل الشيوعيين التونسيين ولا نستطيع أن نقتنع ببعض الحجج التي يقدمها بعض المؤلفين.
واستنادا الى الوقائع الملموسة تغدو احكام السيد علال البلهوان (17) التي مفادها ان الشيوعيين قد تحالفوا مع الاشتراكيين واحزاب اليمين في وجه محمد علي، تغدو مثل هذه الاحكام فاقدة لاي اساس تقوم عليه.
عملت قيادة الحركة على تأسيس فروع للنقابات في الشركات التجارية ولدى كل من عمال الطرقات ومقالع الحجر في الوقت الذي كانت تعمل فيه من أجل توحيد النقابات وتأسيس هياكلها المركزية. وفي بنزرت اصبحت عمليا مركز الحركة تم الاعلان عن توحيد تسع نقابات محلية وتكوين «جمعية عموم العملة التونسية» وذلك بتاريخ 12 10 1924 فشكلت قيادة مؤقتة من ثلاثة اشخاص وفي 14 10 تشكلت منظمة مماثلة في مدينة تونس . وفي 3 12 1924 اندمجت الجمعيات تحت قيادة محمد على الذي اصبح دون منازع اهم قائد معترف به من عموم الحركة الوطنية العمالية.
ظل محمد علي متمسكا لغاية توليه قيادة الحركة بجوهر مفاهيمه القديمة وتظهر لنا المفارقة الصارخة التي كان عليها موقفه حيث كان ينكر في المجال النظري ضرورة الصراع الطبقي بل كان يعتقد بان تجديد المجتمع يقوم على تحالف جميع طبقات الامة.
في 3 12 1924 انعقد اجتماع للمندوبين النقابيين وتم خلاله المصادقة على النظام الداخلي للجامعة النقابية وعلى تكوين هيئاتها القيادية المتكونة من لجنة تنفيذية مؤقتة ومن لجنة دعاية واعلام. انتخب للجنة التنفيذية كل من محمد علي (آمين عام)وابراهيم بن عمار (أمين عام مساعد) ومحمد بن قدور (أمين مال) وبشير جودي (أمين مال مساعد) . وانتخب للجنة الاعلام كل من مختار العياري ومحمد اللابادي ومحمد الغانوشي والطاهر الحداد وبشير الفالح.
اثار تشكيل جامعة عموم العملة التونسية فزع دوريل وبقية زعماء اتحاد منطقة تونس التابع لمنظمة (س ج ت) الفرنسية . قابل دوريل محمد علي في شهر تشرين الأول وابدى له استياءه من عملية تقسيم العمال في مواجهة القوى الموحدة لرأس المال على حد عبارته . وفي 18 10 1924 ادانت جريدة تونس الاشتراكية خلق نقابة انفصالية مسلمة، مع ذلك تمكن قادة المنظمة التونسية من الرد على مزاعم دوريل وحقه في احتكار تمثيل العمال التونسيين.
ذكر محمد علي ردا على دوريل بان النقابات التونسية قامت على نفس الاسس التي تعمل بمقتضاها الحركة العمالية وهي مفتوحة في وجه العمال الفرنسيين مثل التونسيين وان التونسيين مثل جميع الشعوب الاخرى لهم مطلق الحق في تكوين نقاباتهم الخاصة بهم.
وفي 24 10 1924 قدم السيد جوهر (أمين عام اتحاد العمال الفرنسي) شخصيا من أجل انقاذ الموقف. كان جوهر على اتصال وثيق بالرئيس ادوارد هيريو وحكومة تحالف اليسار غير الشيوعي (المترجم ) (دامت من 14 2 1924 الى 10 5 1925 ) .
اثارت حوادث تونس هلع الاوساط المسؤولة في باريس، فقد رأى الرئيس هيريو في محمد علي قائدا وطنيا تونسيا كما رأى في الحركة التي يقودها تهديدا للمواقع الفرنسية بتونس. وقد صرح حول مهمة ارساله جوهرالى تونس قائلا : «طلبت منه المساعدة في سبيل تطبيق برنامج نقابي بحث لا برنامج سياسي يتستر وراء برنامج نقابي (18)».
غادر جوهو تونس في 6 11 24 بعد ان قام بجولة دعائية لمدة يومين دون ان يظفر بنتيجة اذ رفض العمال التونسيون الانضمام الى الاتحاد النقابي الفرنسي وفي ذلك الحين غير هذا الاخير سياسته واختار موقف العداء الصريح للنقابة الوطنية الناشئة.
برجوع جوهر الى باريس شارك في اللجنة الاستشارية التي تشكلت من أجل بحث الوضع في تونس لاعداد التوجيهات اللازمة لتهدئة الوضع.
صرح هيريو اثناء مداولات مجلس النواب في دورته المنعقدة بتاريخ 20 28 كانون الثاني 1925 بان اللجنة والحكومة مستمرتان في دراسة مسألة شمول التشريعات الفرنسية المتعلقة بالحريات النقابية وجعلها تنسحب على تونس.
وبالرغم من ذلك فان رئيس الحكومة الفرنسية قد رفض رفضا قطعيا اعتبار محمد علي زعيما نقابيا لتونس ورفض بالتالي اي معاملة معه.
وهكذا وقف كل من قادة اتحاد (س ج ت) وهيريو وحكومته موقفا سلبيا فيما يتصل بالحركة العمالية الوطنية بتونس وبذلك يكونون قد تضامنوا عمليا مع ارباب العمل ومع الاوساط الامبريالية المطالبة بتنزيل اشد العقاب «بالمشاغب» محمد علي .
الحزب الشيوعي هو القوة الوحيدة التي وقفت موقف الدفاع عن محمد علي فقد دعم تكوين تقابة تونسية سواء في صحافته او داخل البرلمان. كما اضرب عمال مرسيليا في شهر اب 1924 تضامنا مع الحركة الاضرابية بتونس . وفي 10 ايلول اصدر اتحاد الشيوعيين (س ج ت الموحد) بيانا احتج فيه على اطلاق النار على العمال في بنزرت ووصف «الديمقراطيين المسالمين» الماسكين بالسلطة بانهم «احقر اعوان الامبريالية» (19) . كما اعتلى برتون النائب الشيوعي (نائب من 1920 الى 1923 ) منصة البرلمان الفرنسي ليدافع عن النقابة التونسية وقد اطلق عبارته الشهيرة «بمقتضى معاهدتي باردووالمرسى ليس هناك سوى حق واحد لفرنسا بتونس وهو حقها في الرحيل « التي صعقت بنصها ابواق الدعاية الاستعمارية . وفي 17 شباط 1925 ادان برتون مرة اخرى المحاولات الرامية الى ضرب الحركة العمالية التونسية وقد رفض البرلمان مناقشة لائحة النواب الشيوعيين واكتفى بسماع رد هيريو الذي لم يزد على تأييد موقف الحكومة.
في مثل هذه الظروف كان مصير الجامعة النقابية يتوقف الى حد كبير على دعم حزب الدستور الذي كان يتمتع في السنوات 1924 و1925 بنفوذ واسع بين جماهير تونس. لكن قيادة الحزب الدستوري من «الشيوخ المعممين» كانت معادية لمحمد علي. فلازمت الصمت مترقبة به اسنح الفرص . كان اعضاء القيادة يريدون استخدام النقابات التونسية كورقة مبادلة اثناء مساوماتهم مع السلطات.
وقد ذهب الوفد الثالث للدستور في كانون الأول 1924 الى باريس ثم عاد وقام باتصالات مع المقيم العام «لوسيان سان» وهو سياسي ذكي وعارف بدقائق الامور . قرر هذا المقيم الاستفادة من حذر البرجوازية التونسية تجاه الحركة العمالية مستهدفا فك لحمة الجماهير بعزل الحركة العمالية عن قيادة حزب الدستور وبخلق تعارض بينهما حتى يتمكن من اضعاف الحركة الوطنية في مجملها. وفعلا نجح في استدراج قيادة الدستور نحو الفخ الذي نصبه لها. كتب بورقيبة في هذا الصدد يقول : «همس المقيم لوسيان سان خفية في آذان افراد اللجنة التنفيذية، وكان قد اغراهم بوعود غامضة مؤكدا لهم ان كل ما يمنع فرنسا من انصافهم في تلبية مطالبهم السياسية هو فقط خوفها من الحركة العمالية المشبوهة بتواطئها مع الشيوعيين . لذا لا بد من الابتعاد عن محمد علي ومن التبرؤ منه وبذلك تحصلون على دستوركم».
لم يلبث حزب الدستور ان حسم اختياره عمليا. فقد نشرت جريدة ليبرال Liberal لسان حال الحزب الدستوري بتاريخ 7 شباط 1925 تقول : «ان الحركة العمالية التي يتزعمها محمد علي لا تربطها اي علاقة بالحركة الدستورية».
وفي 22 شباط نشرت جريدة النهضة الناطقة باسم الحزب الاصلاحي نداء وجهه خمسة عشر زعيما من زعماء الحركة الوطنية التونسية يحمل توقيعها كل من احمد الصافي (امين عام حزب الدستور) وصالح فرحات (مساعده) ومحمد شنيق رئيس غرفة التجارة التونسية، وبشير العنابي رئيس القسم الاهلي من المجلس الكبير وحسن القلاتي زعيم الاصلاحيين. وهذا هو نص النداء : «ان الكاتب العام لجمعية اتحاد النقابات (اي دوريل)، استدعى لحضور الاجتماع فلم تخف عنه العواقب الوخيمة التي تنجم من وجود جامعة العملة التونسية تجاه اتحاد النقابات الاممية العامة . وبين الفائدة التي ستحصل عليها العملة التونسيون من عدم قطع الوحدة.
وبعد المناقشة وتبادل الآراء قرر الجميع مع تصريحه بانه ليس له سلطة مباشرة على العمال، لكنه عزم على استعمال قوة نفوذه بواسطة الصحافة والعمل على نضج العمال التونسيين للانضمام لجامعة اتحاد النقابات حتى تتم بذلك المشاركة في ميدان العمل».
في السادس من اذار 1925 حصلت الموافقة على موقف قيادة الحزب الدستوري في اجتماع ضم زعماء الحزب وامناء فروعه بالعاصمة مع ممثليه في المناطق الداخلية. ان هذا الموقف هو الذي ساعد الاقامة العامة الفرنسية في تشديد العزلة السياسية حول النقابة التونسية ومكنها من تسديد الضربة القاضية لها . لهذا الموقف لم تدخر السلطات واجهزتها القمعية وسعها في التضييق على الحركة العمالية واقامة العراقيل امامها، فعلاوة على استخدام الرصاص في بنزرت وفك الاضرابات، وتشتت المظاهرات، كانت السلطات بواسطة التوقيف التعسفي وعمليات طرد العمال وخطر الاجتماعات باستخدام البوليس تشكل عقبة كأداء امام النشاط العادي، التنظيمي والدعاوي لجامعة عموم العملة التونسية. ففي كانون الأول اوقعت السلطات ثم طردت المختار العياري من ماطر ومحمد علي من المتلوي . وفي كانون الثاني 1925 منعت الشرطة محمد علي من الدخول الى منطقة الاضطرابات ببرج السدرية ثم اعتقلت السلطات محمد علي والمختار العياري وفندوري وبعض قياديي الحركة.
وفي 26 شباط اي بعد نشر النداء سالف الذكر بأيام تم اتهام خمسة عشر من مشاهير الحركة بالتآمر ضد أمن الدولة . وقد استقبل الشعب بالسخط نبأ ايقاف قادة النقابات الا ان رد فعله كان ضعيفا.
تخلى حزب الدستور عن محمد علي فترة كان الشعب فيها مثل ما قال عنه بورقيبة : «فاقد لاي تنظيم ولا يملك اية خبرة في العمل السياسي» فلم يتحرك غير حوالي 300 عامل من ميناء تونس وفي 7 شباط قاموا باضراب مع محاولة للخروج بمظاهرة احتجاج.
وفي اول ايار نشرت النقابة التونسية احتجاجا على «كل تدخل الاحزاب السياسية في شؤونها (22) « اوردته جريدة التقدم الاجتماعي لسان حال الشيوعيين بتونس.
بعد ان حرمت الحركة العمالية الوطنية بتونس من قيادتها اخذت في الانطفاء بالتدرج.
عرضت القضية على المحكمة العدلية بتونس واستمرت المحاكمة من 12 الى 17 تشرين الثاني 1925 ، فأصدرت حكمها على ستة اعضاء من قادة الحركة ومن خلالهم حكمها على الحركة التي يمثلونها. فكانت احكامها كما يلي : عشر سنوات نفي خارج الوطن لكل من محمد علي والمختار العياري وفندوري، وخمس سنوات لكل من الفنوشي والكابادي وعلي القروي.
أبعد فندوري الى الجزائر ووضع تحت مراقبة السلطات هناك، ونفي الخمسة التونسيون الى ايطاليا . وقد توفي الجميع تقريبا خارج وطنهم اثناء نفيهم.
تسلل محمد علي من ايطاليا الى المغرب الاقصى لكي يقاتل مع ثوار الريف ، إلا انه اكتشف امره فتم ايقافه من جديد ثم تم طرده الى مصر . قضى فترة زمنية هناك زاول خلالها اكثر من عمل : القاء دروس في الاقتصاد السياسي في مدرسة الفلاح بالقاهرة، سائق سيارة نقل عام، سائق خصوصي لاحد الباشوات . ثم انتقل الى الجزيرة العربية وتوفي عام 1936 في الطريق ما بين جده ومكة بحادث اصطدام سيارة.
بالرغم من ان فشل النقابة (جامعة عموم العملة التونسيين) قد انسحب بقوة على مجمل حركة التحرر الوطنية الا ان هذه التجربة كانت لها اهمية كبرى.
لقد استطاع محمد علي ومختار العياري والطاهر الحداد وبقية قيادة البروليتاريا التونسية الناشئة بتبنيهم الافكار الاشتراكية وبالاستفادة من تجربة الحركة النقابية في اروربا ان ينظموا العمال التونسيين، ولاول مرة ، وان يقودوهم الى خوض نضال من أجل مصالحهم الطبقية.
المراجع :
نقل عن : «افريقيا في الدراسات السوفياتية» جويلية 1968 من صفحة 105 الى صفحة 119 الطبعة الفرنسية.
انقسمت النقابات الفرنسية تبعا للانقسام الذي حصل في الحزب الاشتراكي الفرنسي في مؤتمر تموز 1920 الى حزب شيوعي والى حزب اشتراكي . كان جوهر رئيس الاتحاد العام للعمال C. G. T. التابع للحزب الاشتراكي وهو رجل اصلاحي انتهازي عمل في الحقل النقابي مدة نصف قرن كامل ويمتاز بمساندته للاستعمار وعمل على احباط الحركة العمالية في المغرب العربي. اما الاتحاد الثاني ويسمى (س ج ت ) C. G. T. V فقد كان شيوعي القيادة . توحد الاتحادان بعد المؤتمر السابع للأممية الثالثة الذي نادى بالوحدة مع الاشتراكيين في مواجهة الفاشية وتمت الوحدة في فرنسا عام 1936.
الطاهر الحداد (1 19 1936) نموذج للمثقف الثوري الملتزم . فقد كان شاعرا وطنيا «ترك ديوان شعر ملتزم» ومفكرا ديمقراطيا ناضل في سبيل تحرير المرأة. خلف كتابا يدافع عن المرأة «امرأتنا بين الشريعة والمجتمع» كما كان داعية في سبيل قضية العمال والثورة الاشتراكية، يشهد بذلك سلوكه والتزامه وما خلفه لنا في كتابه «العمال التونسيون وظهور الحركة النقابية».
وهو بنظرنا اهم مثقف ثوري عرفته كل البلاد العربية في الثلث الاول من هذا القرن . ولم يقع الاهتمام به الا ككاتب ديمقراطي دافع عن المرأة وتلقى من أجلها العذاب حيث اهتم به بعض المثقفين في تونس اما في بقية البلاد العربية فلم يحصل حتى التعريف بهذا الرائد المغبون.
تونس الاشتراكية لسان حال فرع الحزب الاشتراكي الفرنسي بتونس. كان لهذا الفرع علاقة قوية بالحزب الاصلاحي وبالحزب الدستوري القديم، كما ربطته علاقة مناصرة ومساندة للحزب الدستوري الجديد (أسس في اذار 1934) دامت هذه العلاقة حتى انتهاء حكم الجبهة الشعبية بفرنسا خريف 1937 .
يشير الكاتب الى طوباوية المشاريع التعاونية التي لا تقوم على اساس طبقي سياسي بل على اسس اخلاقية اجتماعية وفشلها امام واقع الصراع الطبقي في جميع المستويات.
يذكر الطاهر الحداد ان مختار العياري طالب بانضمام النقابة التونسية الى الاممية الثالثة.
يشير المؤلف الى بعض الكتابات التي حملت باطلا الشيوعيين مسؤلية فشل محمد علي.
والمعلوم ان الشيوعيين في تلك الاثناء كانوا تابعين للاممية الثالثة ويسلكون سياسة يسارية حقيقية. نجد هذا الحكم في كتابات علال الفاسي وفيلكس غاراس، وعلال البلهوان وهو وطني بورجوازي من قيادة حزب الدستور توفى 1957 كتب كتابا اسمه تونس الثائرة طبع بمصر 1904 والفترة المشار اليها هي : «وكانت الاسباب التي انهزم امامها محمد علي متنوعة اعظمها تألب جامعة النقابة الفرنسية العامة والحزب الاشتراكي الفرنسي والحزب الشيوعي الفرنسي والاحزاب الاستعمارية اليمينية التي حملت في صُحفها حملة شعواء على النقابات التونسية ... ص 80»
اي اتحاد ال C. G. T.
استفاد حزب الدستور الجديد من تجربة محمد علي وخاصة الاتصال بالشعب وسط الجماهير. وشهد بورقيبة في أكثر من مناسبة بالموقف الخياني للحزب القديم متصورا غلطا ان المسألة وطنية وليست مسألة طبقية . لكن مواقف حزب الدستور الجديد في قسمة الطبقة العاملة 1956 ثم ضرب النقابة بل والقتال مع الجيش الفرنسي ضد جماهير الفلاحين المطالبين بالاستقلال التام اي عودة الارض لهم في السنوات 1955 1956 واخيرا ضرب الحركة العمالية الاخيرة اذار 1972 واعتقال المئات من المدافعين عن قضية الشعب ومحاكمتهم باسم التآمر على امن الدولة كل هذا لا يتماشى ونقد بورقيبة للحزب الدستوري القديم.
حذف المترجم بعض المراجع المكررة او ذات الاهمية الثانوية وبالمقابل فقد ذكر الترجمات العربية لبعض الكتب مع اختلاف الطبعات.
1 - Statistique générale de la Tunisie Année 1927 Tunis 1928 P. 169
2 - Annuaire : Statistique de la Tunisie. Années 1940 - Tunis S. D. P. 113
3 - Renseignements Coloniaux 1925 N! 10 bis P. 485
4 - Tunisie. Commission d'études économiques et financiéres. Rapports de la sous - Commission d'études économiques. Tunis 1932 PP. 277 - 278
5 - Paul Sebag : la Tunisie Essai de monographie . Paris 1951 P. 167.
6 المرجع (2) ص 483
(7) نفس المرجع السابق ص 485
(8) الحبيب بورقيبة: تونس وفرنسا طبع في باريس 1954 ثم نقل الى العربية.
(9) الطاهر الحداد : العمال التونسيون وظهور الحركة النقابية (الطبعة الاولى 1927 . طبع من جديد في تونس 1966 في الدار التونسية للنشر . ونظرا لكثرة الاستشهاد من هذا الكتاب ولاختلاف الطبعتين من حيث ترقيم الصفحات لم نذكر رقم الصفحات واكتفينا بوضعها بين مزدوجين .
10 - Jacque Berque : Le Maghreb entre les guerres . Paris 1962 , P. 17.
(11) مرجع (4)
12 - Felix Garas : Bourguiba ou la naissance d'une nation. 1956 P. 192.
مترجم الى العربية بعنوان : بورقيبة ومولد أمة . صدر عن المركز الاعلامي لحزب الدستور تونس 1957 .
13 - Tribune du Progres Tunis1961 N! 1.
14 - abdelkader Ben Cheikh in Tribune de Progres N! 3.
(17) علال البلهوان : تونس الثائرة مطبوعات مكتب تحرير المغرب العربي بالقاهرة (القاهرة 1945) ص 80
18 - Annales de la Chambre des députes , Débats parlementaires Session 1925 xl Paris 1925 P. 868.
19 - L'humanité . 16 xl - 1924 .
20 - L'Afrique Francaise N! 2 1925.
15 - Le Temps 1 . XI - 1925.
16 - L'afrique Francaise 1921 N! 2 P/ 65.
مرجع (16)
(21 ) الطاهر الحداد، العمال التونسيون ص 211 طبعة 1966
22 - L'afrique Francaise 1925 N! 3 P. 113.
بقلم : ن . أ. ايفانوف


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.