ايقاف 22 محتجا خلال تظاهرة داعمة للفلسطينيين في متحف بنيويورك    مدير عام منظمة الصحة العالمية.. الجائحة التالية ليست سوى مسألة وقت    أخبار المال والأعمال    دليل مرافقة لفائدة باعثي الشركات الأهلية    انقسامات داخلية حادة تهز الاحتلال حول خطة بايدن لإنهاء الحرب    منوبة .. تهريب أفارقة في حشايا قديمة على متن شاحنة    برنامج الغذاء من أجل التقدم 110 مليون دينار لدعم إنتاج التمور في تونس    إطلاق منصّة جبائية    لوقف الحرب في غزّة .. هذه تفاصيل المقترح الأمريكي    رابطة الأبطال: الريال بطل للمرّة ال15 في تاريخه    علوش العيد .. أسواق الشمال الغربي «رحمة» للتونسيين    رادس: محام يعتدي بالعنف الشديد على رئيس مركز    عادل خضر نائب لأمين اتحاد الأدباء العرب    بن عروس.. نتائج عمليّة القرعة الخاصّة بتركيبة المجلس الجهوي و المجالس المحلية    أمطار الليلة بهذه المناطق..    الفيضانات تجتاح جنوب ألمانيا    إختيار بلدية صفاقس كأنظف بلدية على مستوى جهوي    الرابطة 2.. نتائج مباريات الدفعة الثانية من الجولة 24    كرة اليد: الترجي يحرز كأس تونس للمرة 30 ويتوج بالثنائي    بنزرت: وفاة أب غرقا ونجاة إبنيه في شاطئ سيدي سالم    شاطئ سيدي سالم ببنزرت: وفاة أب غرقا عند محاولته إنقاذ طفليه    تحذير طبي: الوشم يعزز فرص الإصابة ب''سرطان خطير''    إستقرار نسبة الفائدة عند 7.97% للشهر الثاني على التوالي    محرزية الطويل تكشف أسباب إعتزالها الفنّ    الحمادي: هيئة المحامين ترفض التحاق القضاة المعفيين رغم حصولها على مبالغ مالية منهم    عاجل/ الهلال الأحمر يكشف حجم المساعدات المالية لغزة وتفاصيل صرفها    بداية من اليوم: اعتماد تسعيرة موحّدة لبيع لحوم الضأن المحلية    بلاغ مروري بمناسبة دربي العاصمة    عاجل/ إتلاف تبرعات غزة: الهلال الأحمر يرد ويكشف معطيات خطيرة    إمكانية نفاذ منخرطي الكنام إلى فضاء المضمون الاجتماعي عبر منصة 'E-CNAM'    وزارة التربية: نشر أعداد ورموز المراقبة المستمرة الخاصة بالمترشحين لامتحان بكالوريا 2024    الهلال الأحمر : '' كل ما تم تدواله هي محاولة لتشويه صورة المنظمة ''    كرة اليد: اليوم نهائي كأس تونس أكابر وكبريات.    غدا : التونسيون في إنتظار دربي العاصمة فلمن سيكون التتويج ؟    تجربة أول لقاح للسرطان في العالم    بعد إغتيال 37 مترشحا : غدا المكسيك تجري الإنتخابات الاكثر دموية في العالم    وزيرة الإقتصاد و مدير المنطقة المغاربية للمغرب العربي في إجتماع لتنفيذ بعض المشاريع    حريق ضخم جنوب الجزائر    أنس جابر معربة عن حزنها: الحرب في غزة غير عادلة.. والعالم صامت    وزير الصحة : ضرورة دعم العمل المشترك لمكافحة آفة التدخين    اتحاد الفلاحة: هذه اسعار الأضاحي.. وما يتم تداوله مبالغ فيه    قتلى في موجة حر شديدة تضرب الهند    عاجل/ بنزرت: هذا ما تقرّر في حق قاتل والده    لأول مرة بالمهدية...دورة مغاربية ثقافية سياحية رياضية    من الواقع .. حكاية زوجة عذراء !    غمزة فنية ..الفنان التونسي مغلوب على أمره !    ماذا في مذكرة التفاهم بين الجمهورية التونسية والمجمع السعودي 'أكوا باور'؟    رئيس الحكومة يستقبل المدير العام للمجمع السعودي 'أكوا باور'    أول تعليق من نيللي كريم بعد الانفصال عن هشام عاشور    البرلمان : جلسة إستماع حول مقترح قانون الفنان و المهن الفنية    مستشفى الحبيب ثامر: لجنة مكافحة التدخين تنجح في مساعدة 70% من الوافدين عليها على الإقلاع عن التدخين    الشايبي يُشرف على افتتاح موسم الأنشطة الدّينية بمقام سيدي بالحسن الشّاذلي    الدخول إلى المتاحف والمواقع الأثرية والتاريخية مجانا يوم الأحد 2 جوان    الرابطة المحترفة الأولى: مرحلة تفادي النزول – الجولة 13: مباراة مصيرية لنجم المتلوي ومستقبل سليمان    الإعلان عن تنظيم الدورة 25 لأيام قرطاج المسرحية من 23 إلى 30 نوفمبر 2024    من أبرز سمات المجتمع المسلم .. التكافل الاجتماعي في الأعياد والمناسبات    مواطن التيسير في أداء مناسك الحج    عندك فكرة ...علاش سمي ''عيد الأضحى'' بهذا الاسم ؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الفن والحقيقة من خلال فلسفة هيدجير
❊ اعداد:ابراهيم العميري (تونس)
نشر في الشعب يوم 29 - 05 - 2010

يسود الاعتقاد، غالبا، ان البحث في الفن هو بحث يقطع، في اصله،مع المفاهيم المجردة، ويفتح على المحسوس والمرئي، أي على كل ما هو موضوع خبرة جمالية.وهو بهذا الشكل بحث يفلت من كل تحديد نهائي ويرفض الصياغة في مفاهيم مجردة.ان الفن حسب هذا الاعتقاد هو مجال الخيال والوهم، انه مجال الظن والهوى. وعلى هذا النحو فان التساؤل في الفن لا يمكن ان يكون باي حال من الاحوال تساؤلا يرمي كشف »حقيقة ما« ،بل ان الفن والحقيقة،في هذه الرؤية، يبدوان بهذا المعنى كضدين لا يلتقيان،وهما ميدانان لا رابط بينهما سوى مصدرهما أي الانسان.فالبحث عن الحقيقة يبدا مع افلاطون عندما نتجاوز مجال الفن وترتقي الى مجال الافكار الثابتة او الواضحة والبديهية حسب ديكارت.
ان هذا التوجه، وان وجد ما يدعمه في تاريخ الفكر الفلسفي،لا يجب ان يخفي عنا المنعرج الكبير الذي حصل مع هيدجير في تصور الحقيقة في الفلسفة عامة وفي الفن خصوصا.فسؤال الحقيقة بما هومشكل الفلسفة في جانبها المعرفي او هو احد اهم اشكالاتها، لايمنع مشروعية سؤال الحقيقة في الفن. فالفن مثله ،مثله مثل أي انتاج انساني، يعكس جهد الانسان في البحث عن معنى لوجوده عبر اضفاء نوع من »الحقيقة« على انتاجاته سواء كانت علمية او فنية.
لذلك علينا،اذا اردنا التوصل الى ادراك معني التجربة الجمالية وجوهرها،ان لا نهمل الاشكالات التي تطرحها مسالة الحقيقة في الاشكال الفنية وخاصة مع هيدجير الذي وجه عدة انتقادات للنظرية التقليدية حول الحقيقة »كتطابق من حيث انها تضع الحقيقة في الحكم« واسس لنظرية حول »الحقيقة كانكشاف«، محدثا بذلك انتقالا كبيرا في تناول مسالة الحقيقة من اطار معرفي يعتبرها بمثابة »صواب التمثل الذاتي وتوافقه مع موضوعه« الى تناولها في سياق انطولوجي لا يكتف فقط بمعيار الحقيقة.
فهل للاشكال الفنية مع هيدجير حقيقة ما؟واين تكمن هذه الحقيقة، في الاثر الفني، أم لدى الفنان، أم لدى المتذوق؟ الا يعبر الفن عن حقيقة لا يمكن بلوغها بالمناهج التقليدية للمعرفة العلمية؟وهل هذه الحقيقة الفنية واحدة أم متعددة ومتجددة ومفتوحة كما تؤكد الهيرمينوطيقا؟ وهل هي حقيقة تكشف الوجود؟ أم حقيقة وجود ابدعه الفن؟
ان جملة هذا التساؤلات حول الحقيقة الفنية كما صاغها هيدجير تضعنا امام اشكال رئيسي يتعين علينا الوقوف على شروطه النظرية وامكاناته العملية.هذا الاشكال يمكن صياغته كالتالي:ما هي الشروط الممكنة التي تجعل من التفكير الفلسفي الجمالي في حقيقة فنية امرا مشروعا؟لبلورة اجابة عن هذا الاشكال سنتبع الخطوات التالية:
اولا:بيان المبررات النظرية الفلسفية التي قدمها هيدجير للبحث في الحقيقة من جهة الفن.
ثانيا:ابراز اشكالات ودلالات الحقيقة في الفن من خلال اعمال هيدجير.
ثالثا:تحديد مدى وجاهة خطاب الحقيقة في الكشف عن جوهر الاثر الفني.
1 هيدجير والحقيقة كانكشاف:
لئن صار، منذ القرن الثامن عشر وبعد كانط، التفكير في الحقيقة من جهة الفن اكثر كثافة،فان هذا التفكير لم يكن واحدا ولا مرتكزا على نفس المبادئ.فلقد تعددت التاويلات لمفهوم الحقيقة عامة والحقيقة الفنية خاصة،حيث تراوحت هذه القراءات بين ربط هذه الاخيرة بالحقيقة العلمية او بحقيقة ميتافيزيقية وبين اعتبار الفن منشئا لحقيقة لا يدركها لا يدركها لا العالم ولا الميتافيزيقي.وتعتبر مقاربة هيدجير في هذا المجال ذات اهمية كبرى، ذلك انها طرحت مباشرة سؤال الحقيقة في الفن بعد ان نقدت الاسس التي انبنى عليها التصور التقليدي للحقيقة.
أ-نقد هيدجير للتصور التقليدي للحقيقة:
يعتبر هيدجيران التصور التقليدي انبنى على ثلاث فرضيات اومسلمات في بنائه للحقيقة.يقول في كتابه »الوجود والزمان« مبرزا ان هذه الاطروحات الثلاث تتلخص في اعتبار:
1 ان »مكان« الحقيقة هو المنطوق (الحكم).
2 ان ماهية الحقيقة تقوم في »تطابق« الحكم مع موضوعه.
3 ان ارسطو،اب المنطق،هو الفيلسوف الذي ربط الحقيقة بالحكم
كمجال اصلي وذلك في الوقت تفسه الذي افتتح فيه تعريف الحقيقة كتطابق (1).
ويقدم هيدجير عرضا لمراحل تصور الحقيقة كتطابق في النظرية التقليدية،ويكتب في ذلك: »عندما تاملنا لتصوص ارسطو وخاصة الكتاب السابع من الميتافيزيقا نجد ان ارسطو يؤكد على ازدواجية تحديد الحقيقة حيث يؤكد في الوقت نفسه ان اللاتحجب هو الطابع الاساسي الغالب على الموجود،ومع ذلك فإنّ أرسطو يقول: »ليس الكذب (الباطل) والصدق (الحق) في الاشياء (أو الموضوعات) نفسها...انما هو في الفهم« (2). وبهذ ه الطريقة في التاويل يكون »حكم الفهم هو موطن الحقيقة« وتكون العبارة حقيقة بقدر ما تتطابق مع الموضوع أي بقدر ما تكون تطابقا (هومويوزيس)..
ويرى هيدجير في هذا التعريف للحقيقة امرا لا يولي اية اهمية »للاليثيا« بوصفها الضد المقابل »للبسويدوس« أي الكذب او عدم الصحة.ان ما يعمل على ابرازه هيدجير هنا هو النظر الى الحقيقة لا في علاقتها بالمنطوق ومدى انسجامه الداخلي،بل ان كل نظرية في الحقيقة عنده لا معنى لها اذا لم تكن »كشفا« لحقيقة الموجود من اجل انارته وازالة تحجبه.ان الحقيقة عنده هي »تكشف الوجود« بحسب عبارته الشهيرة في بحثه عن ماهية الحقيقة.يقول هيدجير: »ان ماهية الحقيقة هي حقيقة الماهية أي تكشف الوجود«. فكيف تعامل هيدجير بهذا التصور الجديد مع الحقيقة في الفن؟ وكيف يكون الفن تكشفا لحقيقة الوجود؟.
ب الاثر الفني وكشف حقيقة الموجودات:
لقد احدث هيدجير نقلة في تصور نظرية الحقيقة،لذلك اكتست هذه النقلة اهمية بالغة .وهذه الاهمية تصبح مضاغفة حين نجعل منها معيار نجاح الاعمال الفنية أي معيارا للفن ككل.لذلك تبرز مسالة »الحقيقة الفنية« بجدتها لدى هيدجير، وبدلالاتها العميقة في اتجاه ايجاد اساليب جديدة لقاربة التجربة الفنية ككل. ويبرز هيدجير من هذه الزاوية كاحد رواد الفينومنولوجيا اوالظواهرية الذين جددوا في مناهج البحث في التجربة الجمالية عموما.
وتعد مقالته »أصل العمل الفني« لدراسة الاساسية التي يمكن ان نستمد منها فكر هيدجير حول الفن بمختلف ابعاده.وقد القاها فيما بين 1935و1936في ثلاث محاضرات:اولا في فرانبورخ ثم في زيوريخ وفرانكفورت، ولم تصبح في متناول الجمهور الا سنة 1950عندما نشرت كمقالة افتتاحية في كتاب »المتاهات«. وتعد مقالة »هلدرلين وماهية الشعر« التي القيت سنة1936 مكملة لها (3). ونتبين في هذه المقالة خصوصية تناول هيدجير لمميزات التجربة الجمالية.يبدا هيدجير هذه المقالة بالبحث عن تحديد لاصل الاثر الفني. يقول في هذا الشان: »ان الاصل هنا يعني ذلك الذي منه ومن خلاله يكون شيئ ما يكون وعلى نحو ما يكون.فما يكونه شيء ما ؟ على النحو الذي يكون عليه- نسميه ماهيته.فاصل العمل شيئ ما مصدر طبيعته ومن ثمة فان السؤال عن الاثر الفني هو سؤال عن مصدر طبيعته« (4). وتجدر الاشارة هنا ان الماهية عند هيدجير ليست فقط ما يكونه الشيء وانما الاهم هي: »الكيفية التي يكون عليها الشيء«. ان الماهية عنده ليست خاصية اسمية ثابتة بل هي ايضا خاصية نعتية ووصفية وظرفية أي خاصية للحالة التي يكون عليها الشيء او التي جرت وفقا لها.فالماهية هي عملية حدوث اوظهور وليست عملية تامة التحقق.فكلمة ماهية عنده ليست ماخوذة من معنى الكينونة بل من الاصل الالماني القديم(wesan) والذي يعني »يدوم« أو »يبقى«.
ولهذا فإنّ ماهية شيء ما هي تحديد للكيفية التي بها يحدث ويبقى على ما هوعليه.ومن هنا ايضا يرتبط مفهوم الماهية عند هيدجير بمفهوم الحقيقة التي تعتبر هي ايضا »حدوثا او ظهورا«. ان السؤال عن اصل الاثر الفني هواذن-يوضح هيدجير-سؤال عن مصدر ماهيته أي فهم لطبيعة وجوده ولاسلوبه في الوجود.
وهكذا نرى ان هيدجيريريد منذ البداية ان يوجه تركيزنا الى الاثر الفني ذاته،لذلك فهو يرفض عن الاثر الفني في شيء خارج عنه كان نبحث عنه لدى الفنان،بل يجب ان نبحث عنه في الفن نفسه. وبهذه الشكل يتحول السؤال حول اصل العمل الفني الى سؤال عن طبيعتة الفن.فهل نصل الى تحديد طبيعة الفن من خلال عمل مقارن للاثار؟لكن كيف-يكشف هيدجير-ان نعرف اننا نقارن اثارا فنية اذا لم نكن نعرف ماهو الفن؟ اننا نقع بهذا في الدور، اذ ان طبيعة الفن نبلغها من خلال الاثر الفني وطبيعة الاثر الفني نتعرف عليها فقط من خلال طبيعة الفن.فكيف يمكن الخروج من هذه المفارقة؟
يشدد هيدجير هنا ان الفن باعتباره اصلا ومصدرا ينبغي ان يكون نقطة البدء الصحيحة »في الكشف عن طبيعة الفن من خلال الموضع الذي يتجلى فيه بطريقة ملموسة وهو الاثر الفني نفسه«، أي ان الفن يكون حاضرا في الاثر الفني، فنحن نرى ماهية الفن، حدسا وتحليلا ووصفا، في الاثر الفني، فهو ماثل في كل اثر، ولكن حضوره متخف،لذلك لا بد من الجهد التاويلي حتى نكشف عنه.ففي الاثر الفني فقط نفهم على حد السواء كل من الفن وتجربة المتذوق وتجربة المبدع.
ولكن ما يمدنا به الاثر الفني في علاقتنا المباشرة به يبدو لاول وهلة بوصفه شيئا: »فاعمال المعمار والنحت يمكن مشاهدتها في الاماكن العامة...وحتى في اماكن السكن... ونحن اذا نظرنا الى الاعمال الفنية في وجودها الواقعي الغفل،ولم تخدع انفسنا فانها ستبدولنا حاضرة بشكل طبيعي كحضور الاشياء« (5). فالطابع الشيئي للاثر الفني لا يمكن انكاره حتى ولو اكدنا على وجوب تناول الاثر الفني من خلال تجربة المتذوق أي كمصدر للمتعة الجمالية.يقول هيدجير: »فهناك شيء ما حجري في الصرح المعماري ، وشيء ما خشبي في الاثر الخشبي، وشيء ما ملون في اللوحة، وشيء ما منطوق في الاثر اللغوي، وشيء ما رنيني في المقطوعة الموسيقية،فالعنصر الشيئي يكون حاضرا راسخا في الاثر الفني« (6).
فهل بهذا يمكن القول اننا لكي نعرف طبيعة الاثر الفني ينبغي اولا معرفة شيئيته؟
ب1- من الشيء الى الاثر الفني:
يتاكد لدينا اذن مع هيدجير ان اول التجارب من الاثر الفني تبدا باعتباره شيئا.فاول ما تلتقي به في الاثر الفني هو شيئيته.فهل نبلغ ماهية الاثر الفني من خلال معرفتنا ماهيته الشيئية؟وبما ان الماهية عند هيدجير-كما بينا- هي نمط وجود فما هي الكيفية التي تكون عليها شيئية الاثر الفني؟ اذا كانت ماهية الاثر الفني هي طريقة تشيئه فان اسلوب تشيئه هذا يختلف عن طريقة تشيؤ الاشياء المحضة الاخرى.ولهذا من الضروري-يوضح هيدجير- تعريف ماهية الشيء حتى يتسنى لنا تبين الماهية الخصوصية للاثر الفني كشيء.
ان تعريف الشيء حسب هيدجير عرف ثلاث تاويلات في تاريخ الفكر الغربي.يعتبر التعريف الاول للشيء بوصفه جوهرا يحمل مجموعة من الخصائص المميزة، وبهذا المعنى فاننا حسب هذا التاويل نعرف الشيء عن طريق خواصه فنقول مثلا »عن كتلة حجر انها صلبة، ثقيلة، ممتدة، ضخمة، خشنة، ملونة«. ولكن هذه الخصائص تشير الى الشيء وليست هي الشيء ذاته. اما التعريف الثاني فيعتبر الشيء حجموعة من المعطيات الحسية. فالشيء يفهم هنا كما يبدو لنا في تجربتنا المباشرة وهي تجربة تفهم بمعناها الحسي أي كتجربة حسية للشيء.لكن هيدجير يؤكد ان هذا التصور يبعدنا عن الاشياء ذاتها: »فالاشياء ذاتها تكون اقرب الينا من كل الاحساسات.فنحن في المنزل نسمع الباب يقفل، ولا نسنع ابدا احساسات سمعية حتى مجرد اصوات،فلكي نسنع صوتا محضا، فان هذا يقتضي ان نسمع بمناى عن الاشياء،ان نصرف اذاننا،اعني ان نسمع بطريقة مجردة« (7). فالاحساسات لا تدرك بمعزل عن الاشياء.
وفي خصوص التعريف الثالث-والذي ساد اكثر من التاويلين السابقين- فهو التعريف الذي يقدم الشيء بوصفه »مادة متشكلة« أي مادة او هيولى تحمل صورة اوشكلا معينا،وهذا الشكل هو الذي يمنح النظام والترتيب الى الفوضى في اجزاء المادة. ان هذا التصور قائم على جعل الاشياء الموجودة من جنس الاشياء المصنوعة الموجهة نحو غاية خارجية.فيكون الشكل هو الغاية السابقة في ذهن الصانع الذي تصاغ وفقه المادة.وهذا هوالتفسير اللاهوتي للشيء ولكل الموجودات، وهومبني على التحليل الارسطي للعلة الغائية في الطبيعة.ان هذا التفسير الثالث هو الذي »هيمن اكثر على تاريخ التفكير في الشيئ كما احال اليه التاويلين السابقين باقامة تداخل بينهما:فالذي يعطي الاشياء ثباتها (الفكر) وحركة خصائصها (الحس) هو مادتها...فالشيء في معناه الاصلي مادة (هيولى) لها شكل.انه مادة متشكلة« (8).
لكن هذا التعريف الاخير-فيما يرى هيدجير- لا يمككننا من فهم »شيئية الشيء« وبالتالي »اثرية الاثر« وما بينهما أي »المنتوج الصناعي«. فهوتاويل لم يبين لنا طبيعة الاشياء المحضة اذ ان فكرة الصورة و المادة ليست تحديدا اصيلا لشيئية الشيء وانما هي تنطبق على أي نوع من الاشياء ،فالادوات والاشياء المصنوعة هي ايضا مادة متشكلة.مع الملاحظة هنا ان هيدجير يميز بين الاشياء المحضة التي تختلف عن الادوات من حيث انها متجردة من»طابع النفعية والاستعمال« ومن حيث كونها لم تصنع.فكتلة الحجر لم تتخذ شكلها الذي هي عليه وفقا لغاية خارجية، فالشيء »المحض هو ان شئنا اداة قد تجردت من ذاتيتها«.
و يبين هيدجير بهذا عجز كل هذه التفاسير للشيء عن تحديد ماهية الشيء في الاثر الفني،اذ ان كل تلك التاويلات نتطلق من فروض قبلية تحول بيننا وبين فهم طبيعة الاشياء ذاتها.فهي تبعدنا عن الاشياء وتحيلنا على تصورات.
ولكن اذا كانت كل تلك التاويلات غير قادرة على تحديد شيئية الشيء، وبالتالي شيئية الاثر الفني، فإنّ السؤال يظل قائما:كيف نفهم الاثر الفني؟ هل يكون ذلك من خلال الاشياء المحضة؟ ام من جهة اعتبار الاثر الفني كمنتوج صناعي؟
ان مما لا شك فيه ان الاثر الفني هو شيء مصنوع، لكن وجوده المادي ليس له مثل الشيء المصنوع عاية خارجية.ان الاثر الفني شيء ما ، هذا لاشك فيه، لكنّه شيء ما اكثر من مجرد شيء واكثر من مجرد منتوج صناعي.ان ما بجب التاكيد عليه هنا هو اننا الى حد الان لم نستطع من خلال مختلف التأويلات التي خضع لها الشيء ان نعرف ما هو الشيء وما هو المنتوج الصناعي وما هو الاثر الفني، ذلك لان كل تلك التاويلات التقليدية هي تفسير خيالي للموجود، فهي تاويل غير مباشر للافر الفني كما يبدو في التجربة المباشرة من خلال اسلوبه في الوجود،وبالتالي فان هذه التاويلات لا يمكنها ان تكشف طبيعة الاثر الفني كشيء.ان فهم اسلوب وجود الاثر الفني يشترط التخلي عن كل فروض مسبقة والبدء مما هو معطى لنا في التجربة المباشرة،ولهذا فاننا نخطئ حين ننشد ماهية الاثر الفني انطلاقا من ماهية الشيء.وهكذا يكتب هيدجير: »تكون صياغتنها للسؤال عن الاثر الفني قد تزعزعت، لاننا لم نسال عن الاثر وانما كنا نسال مناصفة عن الشيء وعن المنتوج الصناعي« (9).لذلك من الضروري حسب هيدجير ان نعكس المنهج المتبع الى حد الان اذا كنا نريد ادراك ماهية الاثر الفني.
ب 2 من الاثر الفني الى الشيء:
تجدر الملاحظة هنا ان هيدجير حين يبرز عجز الانطلاق من شيئية الاثر الفني للكشف عن ماهيته فانه ، مع ذلك، لا يرفض الاقرار بشيئية ما للاثر الفني، بل هو يريد الوصول الى تحديد الجانب الشيء في الاثر الفني انطلاقا من الكيفية التي يوجد عليها الاثر الفني نفسه.وعليه فان المنهج المتبع ينبغي ان يكون لا من الشيء الى الاثر الفني وانما العكس :من الاثر الفني الى الشيء.
ونستشف من هذا القلب للمنهج المتبع مدى الاهمية التي يمنحها هيدجير للتجربة الفنية كتجربة خصوصية متميزة لا نحصل عليها لا في تجربة المتذوق ولا في تجربة الفنان المبدع، بل ان هذه التجارب نفسها لا تدرك حقيقتها الا من خلال فهم الاثر الفني نفسه.فطبيعة هذه التجارب ستنكشف لنا من خلال الاثر الفني ذاته.
يبين هيدجير ان السؤال الحقيقي الذي يوصلنا الى الاثر الفني بما هو شيء وبما هو موضوع تذوق وبما هو موضوع ابداع ليس »سؤال كيف يصبج ادراك شيء ما خبرة باثر فني« وإنّما هو سؤال »كيف تصبح خبرتنا باثر فني خبرة بشيء«. فالسؤال في شكله الاول يبحث عن الاثر الفني بوصفه منتوجا صناعيا،أي هو يبحث في الاثر الفني من خارجه أي بارجاعه الى اطار سابق عليه، »فليس هناك شيء يتعلق بالجانب الشيئي للاثر الفني يمكن اكتشافه طالما ان الكيان الذاتي الخالص للاثر لم يظهر نفسه بوضوح«. وهذا التوجه الذي يرجع الاثر الفني الى اطر سابقة عليه وخارجة عنه هو القراءة السائدة في فلسفة الجمال: »فالاسلوب الذي به تنظر فلسفة الجمال الى العمل الفني من الخارج قد ساد بواسطة التفسيرات التقليدية لكل الموجودات« (10). وهي نتيجة للتصور الميتافيزيقي في رؤيته للموجودات باعتبارها اشياء، »وليس من حيث ان كل موجود يكون له اسلوبه في الوجود«. ان فلسفة الجمال التقليدية هي التي تنظر الى الاثر الفني من زاوية كونه شيئا أي من خلال مفهوم الشيء سواء باعتباره معطى حسيا او مادة متشكلة.
وينقد هيدجير فلسفة الجمال التقليدية من خلال نقده لتصور الشيء الذي ساد في الفكر الغربي، ومن خلال ابرازه لفرادة مفهوم الشيء في الاثر الفني،الذي هوليس شيئا يمكن تحويله الى منتوج استعمالي ولا هو شيء مركب ينحل الى معطيات حسية او الى مادة وصورة. فالمادة في الاثر الفني لا تكون مستهلكة لغرض خارجي مفلما تكون في الاداة واي منتوج صناعي استعمالي: »ففي صنع الاداة-كمطرقة على سبيل المثال-فان الحجريستخدم ويستهلك فهو يختفي في نفعيتها.فكلما كانت المادة افضل واكثر صلاحية للاستخدام، كانت اقل مقاومة للتلاشي في الوجود الاداتي للاداة« (10).
وعلى العكس من ذلك فان المادة في الاثر الفني تعطى بكل وجودها الخاص وليس لغرض خارجي: »فمن المركد ان النحات يستخدم الحجر تماما مثلما يستخدمه البناء...ولكنه لا يستهلكه، فان هذا يحدث بطريقة معينة فقط عندما يساء تنفيذ الاثر الفني.ومن المؤكد ايضا ان المصور يستخدم الاصباغ اللونية ولكن على ذلك النحو الذي لا يستهلكها فيه، وانماهي تأتي لتسطع،ومن المؤكد ان الشاعر ايضا يستخدم الكلمات الا ان ذلك لا يكون على نحو ما يستخدمها المتحدثون والكتاب العاديون الذين تكون مهمتهم اسهلاك الكلمات،وانما يستخدمها-بخلاف ذلك-على ذلك النحو الذي تصبح به الكلمة كلمة وتبقى كلمة بحق« (12) وعلى هذا الاساس فان الشيء في الاثر الفني يكون حاضرا على عكس الشيء في المنتوج الضناعي الذي يتلاشى وجوده في استخدامه،فالاثر الفني يظهر الشيء ولا يحجبه مثلما هو الشان في المصنوعات.
ونستنتج من كل ما تقدم ان هيدجير يعتبر التجربة الفنية تجربة تدرس الاثر الفني لا انطلاقا من مفهوم الشيء كمعطى حسي او كمادة متشكلة،بل هي تجربة تبدا من الاثر الفني نفسه وتدرك اسلوبه في الوجود لا بوصفه شيئا وانما بوصفه ما يمكن من اكتشاف ماهية الشيئ أي شيئيته.فالاثر الفني هو شيء »اكثرمن كونه مجرد شيء«، وهذا الشيء الاخر هو ما يمكن ان يكشف عن الجانب الشيئي فيه.
ان الاثر الفني عند هيدجير يكشف باسلوبه الخاص عن حقيقة الموجودات أي ماهيتها وهو بذلك لا يكون شيئا ولا اداة بل فيه »تنكشف ماهية الشيئ وماهية الاداة«. فكيف يكشف الفن اذن عن حقيقة الموجودات.
2 الأثر الفني وانكشاف حقيقة الموجودات
لبيان الكيفية التي يكشف بها الاثر الفني حقيقة الموجودات يستند هيدجير على التحليل الدقيق للوحة فان جوج"حذاء الفلاحة".ويبدا هيدجير دراسته لهذه اللوحة بالبحث عن الكيفية التي ينكشف بها الجانب الاداتي للحذاء.فالحذاء يتكون من نعل واجزاء من الجلد وخيط ومسمار.فهو مادة تتشكل في صورة معينة لتحمي القدم،لكن مادة وصورة الحذاء تختلفان باختلاف الاستخدام الذي يخضع له الحذاء (في العمل او في الرقص)، ولذلك فان ماهية الحذاء من ناحية الاستعمال لاتكمن في تلك المادة وتلك الصورة ،وانما هي تنكشف في الاستخدام الفعلي للحذاء.فالفلاحة عندما تلبس حذاءها في الحقل :هنا فقط يكون الحذاء ما هو عليه أي ينكشف اسلوبه في الوجود باعتباره حذاء فلاحة لا مجرد حذاء أي امراة.مهما حاولنا ان نتخيل الحذاء وننظر اليه فارغا دون استخدامه او بعيدا عمن يستعمله فاننا لن نكشف ابدا ماهية الحذاء.
لكن ما يلاحظ هنا في هذه اللوحة اننا نجد انفسنا امام حذاء فارغ قاتم اللون وهي بهذا لا تبين اين يكون الحذاء،فليس هناك شيء يحيط بالحذاء ،ورغم ذلك فاننا واجدون في اللوحة الكثير مما يمكن رؤيته كاجزاء الحذاء الداخلية الممزقة ،والتي تعكس تلك الخطوات المنهكة للفلاحة وفي غلظة الحذاء وخشونته نستشف قسوة العمل ومشقته،فهو حذاء ثقيل صعب التحمل مثلما يكون العمل في الحقل ،فمثل هذه الاحذية قد صممت لتستعمل في الحقل فقط،وعلى جلد الحذاء تقع رطوبة التربة وخصوبتها.وفي الحذاء يتردد النداء الصامت للارض.ان هذا الحذاء ينتمي الى الارض وهو في الوقت تفسه يكشف عن العلاقة بين الحذاء ومستعمله بالنسبة الى الارض.انه يكشف عن عالم الفلاحة.وهذه الماهية او حقيقة المنتوج الاستعمالي أي الاداة قد كشفت عنها لوحة فان جوج،وهذا التكشثف لم يحدث نتيجة لوصف زوج من الاحذية حاضر بالفعل،ولا من خلال عملية تقرير عن صنع الحذاء،ولا حتى من خلال ملاحظة الاستعمال الفعلي للحذاء،وانما فقط من خلال حضورنا امام لوحة فان جوج،ووصف ما يحدث هناك في اللوحة وما تقوله لنا ،فاللوحة تتكلم.وهكذا فان الاثر الفني يتيح لنا ان نتجاوزالتمثل الواقعي الساذج للحذاء من اجل اعادة تشكيل حقيقته.لكن ما هذا الذي يظهر في لوحة فان جوج؟وماذا يحدث في الاثر الفني؟
انها الحقيقة يجيب هيدجير.فلوحة فان جوج قد كشفت لنا عن ماهية حذاء الفلاحة ،عن حقيقته.فهذا الكيان ينبجس في الاثر الفني في »لاتحجب وجوده«، وهذا يعني ان الحقيقة تحدث اوتظهر في الاثر الفني ،وبهذا الشكل يقيم هيدجير كل فلسفته الجمالية.
بقي انا ان نتاول معنى ان الحقيقة تحدث في الاثر الفني ان تجربة التواصل من الاثر الفني هي تجربة لاندلاق الحقيقة.اعتمد هيدجير في هذا المجال لكشف حقيقة الحذاء على مفهومين رئيسيين هما مفهوم الارض ومفهوم العالم.لذلك فان تعقب هذين المفهومين سيمككننا من التعرف على معنى حدوث الحقيقة في الاثر الفني ،ومنه الى التجربة الفنية في كليتها.يقول غدا مار: »لقد كانا مصطلحا العالم والارض رئيسيين في مناقشة هيدجير.فمنذ البداية الاولى كان مفهوم العالم احد المفاهيم التاويلية الرئيسية لدى هيدجير« (13).
ان الاثر الفني يكشف عالما.فما هو هذا العالم اذن؟ ان العالم المقصود ابداعيا حسب هيدجير ليس عالم الاشياء او العالم الطبيعي او الموجودات المرئية بل هو عالم الانسان.فالاحجار والنباتات تبقى صامتة خرساء في غياب الاثر الفني. وتساوقا مع ذلك فان للفلاحة عالم وهو عالم يكشف عن تحجب الموجودات التي تقيم فيها الفلاحة. والعالم بهذا المعنى هو ذلك الافق او المجال الذي يحيى فيه الكيان الانساني، ويشكل مجال اهتمامه.
ومن هنا يمكن القول بان مصطلح العالم في مقالة هيدجير يوازي بشكل دقيق ما سماه هوسرل بعالم »الحياة« او التجربة المعيشة،فالعالم المعيش-بالنسبة الى هوسرل-هو اطار الدلالة الشامل للذات الحية أي الافق المحيط الذي تحدث داخله التجربة البشرية.
وهذا العالم المعيش هو تاريخي أي انه »يحدث« فهو يظهر ذاته في فلسفته وعلمه ولغته ومؤسساته السياسية وفي فنه. وهكذا فإنّ جزء من ماهية الاثر الفني يكشف عن العالم عندما يحدث. فالأعمال الفنية هي احدى التجليات التي يحدث فيها العالم، »فهي تنكشف في المسجد او الكنيسة على سبيل المثال عن تدين شعب ما في عصر ما«. وهكذا نرى ان التعبيرات الفنية تظهر عالم الانسان.ان العالم كما يظهر في الاثر الفني انما هو علامة »التكشف الذاتي« في مقابل الارض التي هي رمز التحجب الذاتي .فما المقصود بقول هيدجير: »ان الارض علامة التحجب«؟
ان كل الجانب الشيئي الذي يرسي الاثر ذاته وعليه يتاسس عالم الاثر الفني هو ما يسميه هيدجير الارض. والاثر الفني يظهر الارض أي ينقلها الى انفتاح عالم ما. »واظهار الارض يعني جلبها الى الانفتاح بوصفها تحجبا ذاتيا«. نصل هكذا الى بيان خاصيتين للاثر الفني: مشاركته في التحجب الذاتي للشيء الذي هو مظهر من مظاهر الارض،وخاصيته في الكشف واللا تحجب عن طريق ارساء عالم ما.
خاتمة:
وهكذا نصل الى ادراك الاثر الفني عند هيدجير بوصفه حدوثا للحقيقة،وهذا يعني ان الموجود-من خلال الاثر الفني-قد استضاء وتجلى من اقبية الخفاء فهو قد بلغ مرحلة اللاتحجب من خلال التفاعل بين الارض والعالم. وقد كشفت لوحة فان جوج عن هذا.ان حدوث الحقيقة عند هيدجير من خلال الاثر الفني هو في النهاية تكشفا للوجود تفسه،فنصل بذلك الى تحديد طبيعة الفن:ان طبيعة الفن تعني ان الحقيقة كانكشاف للوجود تحدث في الاثر الفني.وبذلك فان هيدجير يضع الفن في علاقة مع الحقيقة والوجود،وليس مع الجميل والجمال ، فالجمال هو أحد الافانين والطرائق التي تحدث الحقيقة بوصفها انكشافا مضمخا بالمعنى والرمزيستجيب لنداء الانسان في سعيه للتحرر من اللامعنى المحدق به.
(يتبع)
المراجع:
1 هيدجير،الوجود والزمان، باريس، غاليمار، 1964، ص، 259
2 هيدجير، نفس المرجع،ص259.
3 هيدجير، نظرية افلاطون عن الحقيقة في نداء الحقيقة (الترجمة العربية) القاهرة، ص 350.
4 سعيد توفيق: الجماليات الفينومنولوجية، لبنان،1992.
5 هيدجير، اصل الاثر الفني في »الشعر، اللغة والحقيقة« ص17.
6 هيدجير، نفس المرجع،ص19.
7 نفس المرجع السابق، ص26.
8 توفيق الشريف، فلسفة الفن، تونس 1995
9 .نفس المرجع السابق.
10 هيدجير،اصل الاثر الفني، مرجع سابق، ص 40
11 هيدجير، نفس المرجع، ص 46
12 هيدجير نفس المرجع، ص 47
13 هيدجير نفس المرجع، ص 47


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.