سجن سنية الدهماني .. يتواصل    رقم مفزع/ من 27 جنسية: هذا عدد الأفارقة المتواجدين في تونس..    تونس تفوز بالمرتبة الأولى في المسابقة الاسكندنافية الدولية لزيت الزيتون    رئيس الحكومة في زيارة ميدانية للشمال الغربي للبلاد التونسية    مع الشروق .. إدانة... بنصف الحقيقة    الجم: أثناء تأدية عمله: وفاة عون «ستاغ» بصعقة كهربائية    قيس سعيّد يترأس جلسة عمل حول مشروع تنقيح هذا الفصل..    تنبيه/ تحويل ظرفي لحركة المرور ليلا لمدة أسبوع بهذه الطريق..    هل فينا من يجزم بكيف سيكون الغد ...؟؟... عبد الكريم قطاطة    فقدان 23 تونسيا في'حَرْقة': ايقاف 5 متهمين من بينهم والدة المنظّم واحد المفقودين    التضامن.. الإحتفاظ ب3 اشخاص وحجز كمية من المواد المخدرة    الليلة: سحب عابرة ورياح قوية والحرارة تتراوح بين 16 و26 درجة    عاجل: وسائل إعلام رسمية: انتخابات الرئاسة في إيران ستجرى في 28 جوان    تنظيم أيام كندا للتوظيف بتونس يومي 19 و20 جوان المقبل    مدير عام ديوان تربية الماشية: النحل يساهم في ثلث غذاء الإنسان    والي بن عروس: فخور ب"دخلة" جماهير الترجي وأحييهم ب"عاطفة جيّاشة"    التوقعات الجوية لهذه الليلة    نابل: وفاة شاب واصابة 10 أشخاص في حادث خطير    أغنية لفريد الأطرش تضع نانسي عجرم في مأزق !    عروض ثريّة للإبداعات التلمذيّة.. وتكريم لنُجوم الدراما التلفزيّة    وزيرة التجهيز تؤكد على جهود تونس في تحقيق التنمية بالجهات وتطوير الحركة الجوية بالمطارات الداخلية    الافريقي يرفض تغيير موعد الدربي    بودربالة يوجه الى نظيره الايراني برقية تعزية في وفاة إبراهيم رئيسي    وزارة التربية: هذه هي الانشطة المسموح بها بالمؤسسات التربوية خارج أوقات التدريس    إضراب عن العمل بإقليم شركة فسفاط قفصة بالمظيلة    الهلال الأحمر الإيراني يكشف تفاصيل جديدة حول تحطّم المروحية الرئاسية    أبطال إفريقيا: الكشف عن مدة غياب "علي معلول" عن الملاعب    وزيرة السعادة تحافظ على مركزها ال9 في التصنيف العالمي    تقرير يتّهم بريطانيا بالتستر عن فضيحة دم ملوّث أودت بنحو 3000 شخص    تزامنا مع عيد الاضحى : منظمة ارشاد المستهلك توجه دعوة لقيس سعيد    سيدي بوزيد: تواصل فعاليات الدورة 15 لمعرض التسوق بمشاركة حوالي 50 عارضا    نحو الترفيع في حجم التمويلات الموجهة لإجراء البحوث السريرية    الشاعر مبروك السياري والكاتبة الشابة سناء عبد الله يتألقان في مسابقة الدكتور عبد الرحمان العبد الله المشيقح الأدبية    فظيع: غرق شخص ببحيرة جبلية بجهة حمام بورقيبة..    تونس : أنواع و أسعار تقويم الأسنان    النادي الإفريقي: اليوم عودة التمارين إلى الحديقة .. ومعز حسن يغيب عن الدربي    اشادات دولية.. القسّام تتفاعل وإعلام الكيان مصدوم...«دخلة» الترجي حديث العالم    هام/ هذه نسبة امتلاء السدود..    الأولمبي الباجي أمل جربة ( 2 1) باجة تعبر بعناء    موعد تشييع جثمان الرئيس الإيراني    انطلقت أشغاله الميدانيّة: التعداد السكاني دعامة للتنمية الاقتصادية    تونس تقدم التعازي في وفاة الرئيس الايراني    دول إفريقية مستعدّة لتنظيم عودة منظوريها طوعيا من تونس    بينهم زعيم عربي.. زعماء دول قتلوا بحوادث تحطم طائرات    هذه أول دولة تعلن الحداد لمدة 3 أيام على وفاة الرئيس الايراني..#خبر_عاجل    عاجل/ وفاة رئيس ايران تنبأت به الفلكية ليلى عبد اللطيف قبل شهرين..وهذا ما قالته..!!    استدعاء ثلاثة لاعبين لتشكيلة البرازيل في كوبا أمريكا واستبدال إيدرسون المصاب    تحذير من موجة كورونا صيفية...ما القصة ؟    القصرين : الوحدات العسكرية تشارك أبناء الجهة احتفالاتها بالذكرى ال68 لإنبعاث الجيش الوطني التونسي    نهائي "الكاف": حمزة المثلوثي رجل مباراة الزمالك ونهضة بركان    المندوبية الجهوية للشؤون الثقافية بسيدي بوزيد تستعد للموسم الثقافي والصيفي 2024    4 تتويجات تونسية ضمن جوائز النقاد للأفلام العربية 2024    لتعديل الأخطاء الشائعة في اللغة العربية على لسان العامة    دار الثقافة بمعتمدية الرقاب تحتفي بشهرث الثراث    نحو 20 % من المصابين بارتفاع ضغط الدم يمكن علاجهم دون أدوية    ملف الأسبوع...المثقفون في الإسلام.. عفوا يا حضرة المثقف... !    منبر الجمعة .. المفسدون في الانترنات؟    عاجل: سليم الرياحي على موعد مع التونسيين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ما العمل؟
طفل جديد في مدرسة قديمة: إبراهيم بن صالح متفقّد عام للتربية متقاعد
نشر في الشعب يوم 19 - 06 - 2010

المقصود بالطفل كل من أدرك سن الثامنة عشرة من العمر أو يزيد بقليل بحسب منطوق البند الأول من مجلة حقوق الطفل.
أمّا صفة الجديد فيقصد بها جملة الخصال التي صار يتحلى بها التلميذ التونسي إيجابا وسلبا.
❊ ❊ ❊
عرفت تونس المستقلة ثلاثة قوانين تربوية هي:
❊ قانون الرابع من نوفمبر من سنة 1958:
وانبنت على أساسه مدرسة استكمال التحرير، فعمّم التعليم بما يستجيب لحاجيات المجتمع من الإطارات وفنون المهن والحرف والوظائف رغم انتقائيته الشديدة (مناظرة السنة 6 ابتدائي باكالوريا في جزأين) وصيغت برامجه على أساس وثائق مرجعية كانت من إعداد الأستاذ المرحوم محمود المسعدي ومن معه.
❊ والقانون الثّاني هو قانون التاسع والعشرين من جويلية من سنة 1991:
وتأسست عليه ما أسمّيه بمدرسة المعرفة والتنوير وهو قانون تمادى في تعميم التعليم بل وإجباريته إلى سنّ السادسة عشرة والمحطّة الانتقائية الأساسية فيه هي السنة التاسعة من التعليم الأساسي وصاغت برامجه لجان قطاعية مختصّة استنادا إلى وثائق مرجعيّة من إعداد المجلس الأعلى للتربية وعرفت مدرسة هذا القانون نوعا من الاستقرار والتوازن.
❊ والقانون الثالث هو قانون الثالث والعشرين من جويلية من سنة 2002:
وهو قانون تعميم التعليم وإجباريته وديموقراطيته وتحديثه وبنيت برامجه على أساس مرجعية صيغت كالتالي:
عند بناء برامج 2002 انتظمت لجان مختصّة للغرض وانطلقت هذه اللّجان من وثائق مرجعية هي حصيلة تحاليل سياسية واجتماعية واقتصادية خاض فيها جامعيون وكفاءات من أهل الاختصاص .ومن بين ما خاضت فيه هذه اللجان المختصة الوضع الدولي الجديد وانعكاساته على الاختيارات التربوية . ومن ملامح السياق الدولي الجديد نذكر ثلاثة ملامح مهمة سيكون لها ثقل كبير في رسم صورة المدرسة وملامح المتخرجين، هذه الملامح هي: العولمة الانفجار المعرفي والنمو المتسارع للتكنولوجيات وتعقّد الحياة الاجتماعية.
وكان يقصد بالعولمة:
نهاية عزلة المجتمعات عن بعضها البعض.
تنامي وسائل الاتصال وكثافتها.
توسّع الأسواق.
حرّية التجارة التي ضاعفت من المنافسة بين الأمم.
انتقال أماكن الإنتاج والتبادل التجاري بيسر الأمر الذي أدّى إلى حركة رؤوس الأموال والأفراد والأفكار والقيم الثقافية.
الهجنة الثقافية التي غيّرت من طريقة نموّ الأمم.
أمّا عن الانفجار المعرفي والنمو المتسارع للتكنولوجيات فرأت هذه اللجان أنّه لم تعد الثروة لدى أمم العالم في المواد الأوّلية وإنما في المعارف وفي التكنولوجيات.
ورأت أنّ التطوّر السريع للمعارف والتكنولوجيات زاد كثيرا من استهلاكها والتخلّي عن أجيالها القديمة وأفضى هذا إلى ضرورة التكوين المستمر والرفع الدائم من سقف التخصّص قصد الظفر بمواطن الشغل.
ومن بين كلّ التكنولوجيات التي عرفت تطوّرا نوعيا وأحدثت صدمة غيّرت من وجه الحياة المهنية، تكنولوجيات الاتصال والإعلام: فحصلت جرّاء ذلك تحوّلات في المهن والوظائف، وتيسير الوصول إلى المعلومة بسرعة وبطريقة تفاعلية، وضمور في بعض الكفايات المهنية وتغيّر في نظام العمل بالمؤسسات) كالتراتبية والعلاقات بين الأفراد) وترتّب على هذا خاصّة تأثيرات في طرائق التفكير والإبداع والتنظيم الاجتماعي.
وأمّا عن الملمح الثالث والمتعلّق بتعقّد الحياة الاجتماعية، فرأى المحلّلون المختصّون أنّ الحياة الاجتماعية في السياق الدّولي الجديد صارت تنزع إلى التعقيد بسبب من صعوبة المحافظة على المناخ الطبيعي لضغوطات اقتصادية شتّى وللخلل الحاصل في توزيع الثروات بين الأمم وبين طبقات الأمّة الواحدة وهجرة الشعوب والتنوّع الاتني والثقافي في المجتمعات والنزوع إلى التجانس الثقافي الذي أدّى إلى ردود فعل تؤكّد الهويّات القومية وهويّات الأقلّيات والتمسّك المتزايد بالمعتقدات والأديان وتصاعد العصبيّات والقوميات الرّاديكاليّة ومواجهة الأنظمة السياسيّة الديموقراطيّة لقضيّة التوفيق بين حقوق الأفراد وحقوق الأقلّيات ومقتضيات التضامن والمسؤوليات المدنيّة.
على أساس من هذا ومن برنامج البرامج بني قانون 2002 ونصّ خاصّة على أنّ رسالة المدرسة هي جماع مقاصد ثلاثة هي التعليم والتربية والتأهيل
التعليم هو الوظيفة التي تضطلع بها المدرسة ولا تستطيع أيّ مؤسسة غيرها أن تضطلع بها (معارف وكفايات ومهارات).
التربية هي الوظيفة التي لا تستطيع مؤسسة غير المدرسة أن تقوم بها على قاعدة النهوض بالقيم الجماعية وكل ما يهيّء الشباب ليصبحوا مواطنين مسؤولين يتحلّون بالرّوح الوطنية والحسّ المدني وحبّ العمل واحترام الآخرين .
التأهيل وهو وظيفة إعداد الشباب للحياة العملية بتمكينهم من المؤهلات التي تسمح لهم بالاجتهاد والابتكار والعمل الجماعي واصطناع المشاريع.
كنّا نظنّ أنّنا بتوصيف السياق الدّولي على هذا النحو وبهذه المقاصد التي رسمت للمدرسة قد توفقنا إلى بناء قاعدة تفكيرتسمح بصياغة صورة لمدرسة الغد وللمحتويات التي ينبغي أن تؤدّى فيها و التمشيات التي يجب اتباعها في إنجاز برامجها و طريقة تنظيم الجماهير التلمذية التي تتردّد عليها لكن يبدو وبالنظر إلى ما تعانيه المدرسة اليوم أنّ التوفيق كان جزئيا ودون المؤمّل أحيانا:
ارتباك شديد في اختيار المقاربة بالكفايات
تراجع مربك عن التعلّمات الاختيارية
بعث تنظيمات مدرسية وعدم العمل بها لأسباب كثيرة
واقتبال جماهير تلمذية واسعة دون اتخاذ الحيطة لذلك... وغير هذا
فصارت المدرسة موضوع جدل و أخذ وردّ ولم تكن كذلك مثلما هي عليه اليوم، وصار المرء يتنازعه إزاءها إحساسان:
الأوّل: يشعرك أنّ شيئا لم يتغيّر منذ أن اخترع القسم يتصدّره المعلّم و يستوى أمامه التلاميذ صفوفا.
والثاني: يشعرك بأنّ كلّ شئ تغيّر في المدرسة، من المعارف إلى الطّرائق إلى التلاميذ.
فأين الحقيقة؟
الحقّ أنّ المدرسة كانت دائما موئل التغيير و المحافظة في آن حتّى اليوم.
فلقد أخذت مهنة التدريس في التغيّرو بصفة سريعة. وصارت تتأرجح بين التغيّر والمحافظة فلا تعرف حقيقة دورها و جوهر قيمتها.
ولا يعزى هذا التّحوّل إلى مهنة التدريس في ذاتها وإنما يعود إلى تحوّلات عرفتها المدرسة نفسها والمجتمع برمّته، وعلّة هذه التحوّلات هي تعميم التعليم وتحديثه وديمقراطيّته أي التوجّهات التي اخترناها لأنفسنا من دون استعدادات تناسب هذه الاختيارات. فقد ارتفعت نسبة التمدرس، وتمدّد سنّ الدّراسة الإجبارية إلى سنّ الستّة عشر عاما وعرف المجتمع المدرسي نموّا وتنوّعا كبيرين جدّا أدّيا إلى ازدياد الحاجيات التعلّيمية وإلى تباينها وازداد، تبعا لهذا، الشباب الذي يتعلّم كيف يتعلّم، ولم يعد في سوق الشغل موقع لمن لم يمرّ بالمدرسة إن قليلا أو كثيرا.
لهذا أضحى المدرّسون ينهضون إزاء تلاميذهم بعدّة أدوارمنها دور العالم النفسي والمرشد الاجتماعي و البيداغوجيّ، والقيّم وحتى الشرطيّ أو المؤتمن على الأسرار، فيكونون بذلك قد تجاوزوا حدّ عمل التدريس وحدّ هويّتهم المهنيّة الخالصة.
❊ صار لنا تلميذ جديد .
تلميذ جديد ذو نضج مبكّر قويّ البدن يكتشف الجنس قبل سنّ المراهقة بفعل المحيط السمعي /البصري الجديد. سريع وحركيّ قادر على الاندماج السريع في عالم التكنولوجيات الحديثة.
له حاصل ذكاء أرفع من أنداده في الأجيال السابقة ولعله يشتغل أكثر منهم. ولكنه يرفض المدرسة التي تريد أن تسلّم التلميذ إلى المجتمع (PRET à PORTER) أو (CLEF EN MAINS) يريد المعرفة الوافدة عليه من طريق فنون التسويق (MARKETING) التي نسميها بالاصطلاح البيداغوجي الدافعية والتحفيز (LA MOTIVATION) ويفهم الاستقلالية ضربا من) تدبير الرأس) ويضحي التفكير لديه نمطا من أنماط الاستهلاك ولكنّ هذا التلميذ مشوّش مهرّج أيضا يعيش في عصابات يرتبط أعضاؤها بقيم التضامن (Consumérisme) إذ هي التي تسوسهم جميعا في حضور الدّروس أو التغيب عنها و في تنظيم العلاقات مع المدرّسين. والتلميذ »القرّاي« بلهجتنا الدّارجة صار سبّة تردّد في راحات التلاميذ أو لقبا يتنابز به، و السبب في ذلك هو قوّة الإعلام الذي صار يهيكل تفكير التلاميذ ومخيّلتهم ويخرج الصناعة الثقافية التي تتلاعب بسلوكهم و أهوائهم.
صارت الهوّة تتسع يوما بعد يوم بين تلاميذ تسوسهم روح التضامن الاستهلاكية وإطار تدريس ينحدر من جامعات أخذت تفقد هيبتها ويضعف دورها.
إن التلاميذ اليوم يتعلّمون وهم واعون بأنّهم يعرفون أشياء أخرى غير المعارف المدرسيّة، فهم عرضة يوميّا إلى ثقافة جماهيريّة واسعة وتكنولوجيات اتصال، وتلفزة وانترنات وهذا جميعه أضرّ كثيرا بمركزيّة الثقافة المدرسيّة وخلخل منزلة المدرّس وصدّع العلاقة معه.
لذلك دخلت في العشرية الأخيرة الأنظمة التربويّة في العالم بأجمعه في طور التغيّر قصد التكيّف مع اقتصاد المعرفة الجديد و مع التغيّرات التكنولوجيّة والتحوّلات في سوق الشغل ومجال التكوين بصنوفه، فأصبحت تبعا لهذا المعارف والكفايات المدرسيّة والشهادات العلميّة سلعا تدعو التلاميذ والأولياء والمدرّسين أيضا إلى توخّي استراتجيات نفعيّة بحتة.
صار التلاميذ »مستهلكين للمدرسة« وصارعدد لا بأس به من الشباب المدرسي يناقشون الأستاذ في الأعداد المسندة إليهم، أو يختبرون أساتذتهم أو يجادلون حول حضورهم وغيابهم، بل إنّ الكثير منهم صار يعبّر بصوت مرتفع عن تذمّره من أستاذ أو يقدّم شكوى في شأنه هذا إن لم يجنح إلى الانتقام منه باستعمال العنف اللّفظي أو المادّي.
❊ أمّا أولياء التلاميذ اليوم فصاروا لا يرون أنفسهم في الأطفال الذين يربّونهم. لقد أصبح هؤلاء الأطفال أكثر مطالبة وأكثر فضولا وأقلّ مبادرة و فعلا، وأكثر انتظارية وأكثر استهلاكا فهم لا يتبنّون نفس قيم الأجيال السابقة، لا يلبسون ما نلبس، ولايأكلون ما نأكل ولا يتذوّقون ما نتذوّق. فقد مررنا بهم من طور الطفل الملك إلى طور التلميذ الحريف. الطفل الملك الذي اشتققنا منه البند الذي يقول إنّ التلميذ محور العملية التربويّة والتلميذ الحريف الذي صار يوفّر له كلّ شيء من دون بذل أدنى جهد يذكر.
❊ إنّ قدوم جماهير جديدة إلى المدرسة، طرح مشكلا مزدوجا يتّصل بالمستوى لأنّها جماهير غير منتقاة.
❊ فهذه الجماهير لا تتحلّى بنفس الكفاءات التي كانت لسابقاتها لذا صارت الشهادات العليا تقتضي سنوات دراسة أطول من ذي قبل.
وهذه الجماهير أضعفت بصورة معتبرة الحاجز الذي كان يقوم بين المدرسة والحياة الاجتماعيّة. ففي السابق عندما كانت الجماهير التلمذية تتوجّه من الثانوي إلى العالي كانت الفئات الهشّة تتساقط و تبقى خارج أسوار المدرسة. لكنّ المدرسة اليوم فتحت أبوابها للجميع وهذا مهم ولكنها، أدخلت إلى داخل أسوارها المشاكل الاجتماعيّة التي كانت من قبل مبعدة عنها، و لم يعد مجال لإنكار البطالة التي تنعكس بظلالهاعلى المدرسة و لا الفقر و لا النزوح و لا مشاكل المراهقين وضروب الجنوح في صفوفهم.
و بما أنّ تعميم التعليم صادف أزمات عالميّة متوالية فإنّ الصدمة التي عرفتها المدرسة كانت شديدة الوطأة عليها.
❊ لقد حصل تعميم التعليم في الوقت الذي كان فيه الشباب واقعا تحت التأثير المتنامي لثقافة العامّة، بحيث صارت المدرسة و هي تتقدّم في استيعاب الشباب تفقد جانبا من مركزيّتها الثقافية، هذا بالإضافة إلى دور أجهزة الإعلام التي تطوّرت وصارت تسمح لهؤلاء الشباب بالتعرّف إلى العالم من غير وساطة المدرسة. ومهما كانت الأحكام الصادرة في شأن طبيعة هذه الثقافة الجماهرية التي اقتحمت المدرسة وهي أحكام سلبية في نظر إطار التدريس فإنّ المدرسة لم تعد قادرة على إنكارها شأنها في ذلك مع تكنولوجيات الاتصال الحديثة.
غير أنّ هذا التعميم رافقه نوع من الديموقراطية التمييزية (Démocratisation ségrégative) بحيث صارت الجماهير التلمذية توجّه نحو المسالك التعليمية وفق كفايات كلّ طائفة منها، و بالتابع صار التمييز الاجتماعي يتم عبر التمييز في التوجيه المدرسي عموما بل وصرت ترى تبعا لهذا أيضا تمييزا بين الفصول في المؤسسة الواحدة وتمييزا بين المدارس و المعاهد على أساس الضوابط المدرسيّة والنتائج المتحصّل عليها، وصار عندنا ترتيب الجهات مرجعا معترفا به في بناء الخارطة المدرسية
❊ اليوم تعيش المدرسة أزمة الحداثة على طريقتها، أزمة الحداثة التي من أهمّ ميزاتها تصدّع فكرة التقدّم.
في البدء كانت التربية تؤخذ على أنّها غزو المجاهل المظلمة بواسطة أنوار المعرفة وكانت العقليات تذهب إلى أنّ شعبا متعلّما هو شعب محصّن ضد البربرية.
و أنّ من تعلّم جيّدا سار بحكمة على سكّة العقل السويّة.لكنّ هذا لم يعد صحيحا اليوم فالتخلّي عن المثال الإنساني لعصر الأنوار ترك مكانه لصورة جديدة هي صورة »الإنسان ذي الكفاءة« (L'homme de Compétence) وبمجرّد تبخر مثال التربية الإنسانية قامت الرأسمالية المعولمة بتعويضه بهذا النموذج من البشر أي الإنسان ذي الكفاءة وهو الصورة العصريّة للبربريّة: إنسان مرن (homme flexible) صالح لكلّ شيء (polyvalent) لا يظفر بأوقات للراحة و المتعة لكي تكتشف طباعه و سجاياه ولاينظر إلى العالم إلاّ من خلال مصالحه ولايهمّه الآخر إلا بمقدار ما يحققه له من منافع.
لذلك صارت في المدرسة جماهير جديدة تتصرّف في فضائها عبر ثلاثة أصناف من الاستراتيجيات هي استراتيجية الانسحاب واستراتيجية التقاليد المدرسية واستراتيجية الرفض والعنف:
الاستراتيجية الأولى: و هي استراتجيّة الانسحاب: (Le retrait)
يرى أصحابها من التلاميذ أنّ المدرسة لم تجعل لأمثالهم.
فهم من فشل إلى آخر و من مسلك مأزوم إلى آخر فإذا بهم لا يعملون بل هم ينتظرون أن تدفعهم الموجة المدرسية نحو باب الخروج ليفضي بهم إلى باب الدّخول إلى عالم الشغل أو البطالة.
❊ هؤلاء يشعرون أنّ المدرسة تحميهم ولكن لا تسمح لهم بأن يكبروا وينضجوا فالمدرسة لديهم فضاء استقبال لحياتهم الطفولية و الشبابية أكثر منها فضاء للتعلّم الفكري أوالتكوين الشخصي.
الاستراتجيّة الثانية: هي استراتجيّة التقاليد المدرسيّة.
وأصحابها ينتظرون من المدرسة اعترافا شبه آليّ لما ينجزونه من أعمال، فهم يظنّون أنّ مجرّد الإجابة عن التعليمات والقيام بالتمارين وحضور الدّروس، يعتبر كافيا لضمان الاعتراف الأدنى بهم. فيتصرّفون كبعض العمال أوالموظفين الذين يبحثون عن ضمانات نقابيّة والعدد هوالأجر عندهم والمعدّل هو الأجر الأدنى.
لا شك أنّ هؤلاء التلاميذ لا يزعجون المدرسة، و لكنهم يفرغونها من جانب كبير من محتواها. ولفيف واسع من هؤلاء يعتقدون أنّ الحياة الحقيقيّة لا تجري في المدرسة وأنّ التكوين الحقّ يكون خارج أسوارها لذلك تجدهم قادرين على توخي طريق يخصهم في التكوّن الذاتي في أعمال صغيرة في العطل أو غيرها، لأنّ المدرسة لا تضمن الجدوى للشهادات التي تمنحها في نظرهم الاستراتجيّة الثالثة: هي استراتجيّة الرّفض والعنف.
وهذه هي الاستراتيجية الأخطر. فإذا أدّى الفشل المدرسي بالتلميذ إلى الإحساس بأنّ كرامته الشخصيّة قد خدشت أو أنّ الثقافة المحليّة التي يستند إليها قد زعزعت صورتها فإنّ ردّ الفعل يكون الرّفض والعنف. وكثيرون هم الشباب الذين يرفضون المدرسة التي تحطّمهم ولا تثمنّ حضورهم في الحياة و تجعلهم من السواقط و تفرض عليهم تضحيات قد تكون على حساب نرجسيتهم دون تقديم مقابل لذلك. هؤلاء الشباب هم الذين لم يندمجوا في المجتمع المدرسي بل هؤلاء هم الذين يتكوّنون ليصبحوا قوّة ضاربة ضد المجتمع المدرسي.
لذلك تجدهم يشكلون عصابات تفرض قوانينها على جماهير التلاميذ وعلى المؤسسة وتجد المدرسة نفسها عاجزة بتشريعاتها القديمة عن الدّفاع عن نفسها.
لقد أصبحت المدرسة العموميّة مدرسة الجميع دون أن تشعر و نحن نعني بمدرسة الجميع جميع فئات المجتمع (لا فئات التلاميذ وحدهم(كثرة التلاميذ و عدم تجانسهم وكثرة المدرّسين وعدم تجانسهم والأولياء خاصّة الذين صاروا صوت مطالبة واحتجاج وقوّة تهديد أحيانا لإطار التدريس.
جهود تبذل سدى لإدخال لفيف واسع من التلاميذ في أرحاء لم تنحت لهم لذلك وجب إعادة النظر في المقاصد التربويّة التي تهدف إليها المدرسة.
لقد تعرّضت المدرسة إلى تحوّلات متنوّعة وعديدة سواء في المستوى الهيكلي أو في مستوى البرامج المدرسيّة أو تكوين المدرّسين أو الممارسات المدرسيّة، وذلك بحكم الضّغط الذي يسلّط عليها من الايديولوجيات المدرسيّة الجديدة والنّظريّات البيداغوجيّة ومحاولات التجديد والإصلاح. والإصلاحات المتتالية للمدرسة تدلّ بما لا يدع مجالا للشكّ على أنّ أسس الثقافة المدرسيّة صارت اليوم هشّة جدّا: فهي متأرجحة بين ثقافة النخبة، أو التي لا تقدر عليها إلاّ النخبة، وثقافة الكافيتريات والمقاهي أو قل هي متأرجحة بين الحنين إلى الكلاسيكيّات من ناحية والأقراص المضغوطة.من ناحية أخرى.
لقد عرفت المدرسة بما هي تنظيم، نوعا من التركيب وحتى التعقيد أثقل كاهلها:
فحول المدرّسين صار هناك جهاز إداري ثقيل ومتفقدون ومرشدون وموجّهون وخلايا إصغاء ومجلس تأديب ومنظمة التربية والأسرة وشبيبة مدرسية... وهذا جميعه يتجاوز طاقة المجتمع المدرسي.
لذلك صار لزاما على المدرّسين أن يتحاوروا مع هذه الأطراف أو أن يتعاونوا معها بشكل أو بآخر و أن يشركوا بعضا من هذه الأطراف في مهمّتهم و خاصّة الأولياء أو من يقوم مقامهم، فأدّى كلّ هذا إلى إثقال جهاز الرّقابة و صارت طاقات كبرى تنفق في هذا الإطارحتّى خلنا أنفسنا اليوم و قد خرجنا تماما عن مجال التعليم و التعلّم اللّذين يخصّان التلاميذ.
❊ و بما أنّ المدرّسين هم الفاعلون الرّئيسيون في العمل التربوي ويشتغلون يوميّا على الجبهة الأولى، كان المنتظر منهم الانخراط في سلسلة من التغيّرات في ممارستهم البيداغوجيّة، ليواجهوا الضغوط المختلفة ويدرؤوا عن علاقتهم بالتلاميذ إمكانية التصدّع، إلاّ أنّ الدّراسات بيّنت أن التعليم الذي ينجز في الأقسام بعيد كلّ البعد في تقدّمه وتطوّره عن النّسق الذي تبحث عنه الإصلاحات المختلفة. فالمدرسة تمثّل فضاء رحبا لمقاومة التغييرات و ضروب التطوير التي يقع إدخالها على الممارسات البيداغوجيّة.عندنا وعند كثير غيرنا.
يقول كلّ من (David Tyack) و (Larry Cubon) المؤرّخين الأمريكين للتربية إنّ المدرّسين في الولايات المتحدة الأمريكية كانوا يعملون في سنة 1990 مثلما كان يعمل زملاؤهم قبل قرن من الزمن و هذا أمر غريب رغم ما عرفته المدرسة الأمريكية من تحوّلات. و شبيه بهذين المؤرّخين (Hargreaves) عالم اجتماع التربية الكندي الذي يرى أنّ التعليم حاليا وخاصّة المرحلة الثانوية منه أضحى كالدينصور.
فالتعليم ركّز في المدارس أوان الثورة الصّناعية وهو يواصل سيره وكأنّ شيئا لم يحصل والمدرّسون لا يعنّون أنفسهم كثيرا لإدخال تغييرات على ممارساتهم فبدا التعليم المدرسي بناء جامدا ونظاما متخلّفا غاية التخلّف. وإذا وجدت بعضهم لا يرفض التغيير وينزع إلى بعض التجديد فكثيرا ما يتم ذلك بإدماج الجديد في القديم، وبتجسيد التجديدات في نطاق التقاليد القائمة. بعبارة أخرى إذا غيّر هؤلاء المدرّسون في ممارساتهم البيداغوجيّة وكيّفوها مع واقع الأقسام، فذاك لا يحدث إلاّ ببطء وببطء شديد.
فهل يحقّ لنا أن نطالب المدرّس التونسي بأكثر مما ينجزه المدرس في البلدان المتقدّمة؟
على كل فإنّ الناظر في المدرسة التونسية اليوم بعين فاحصة لا تخطئه الكثير من النقائص، ولكنّ أنكاها وأدهاها أنّها مدرسة تخلو من الخيال تقريبا فالمعارف تركّم تركيما وبتمشيات تعليمية أساسها في الغالب الإملاء والتلقين والآليات التي لاتفتح كوّة للذهن لكي يتخيّل التلميذ فبدع أو يبتكر (دون أن ننكر جهود بعض المدرسين المجددين وعددهم مع الاسف الشديد غير كبير). المتعلّم محروم من حقّه في ارتكاب الخطإ كي يتوخّي تمشّيا تعلّمياّ طبيعياّ للارتقاء بكفاياته ومهاراته المختلفة، بل مطلوب إليه إرضاء معلّمه ووليّه ومجتمعه أكثر من إرضاء نفسه قصد الاقتناع بها ذاتا حرّة مستقلة صاحبة إرادة خلاّقة والتدريس منمّط خال من كلّ متعة ويفتقر إلى التواصل الحيّ وهذا لا يعود إلى المدرّس بقدر ما يعود إلى مهندسي البرامج والمقاربات البيداغوجية الذين مع تقديرنا لطموحهم كانت تنقصهم الواقعية.
فهل مازال التدريس ممكنا في ظلّ هذا السياق الذي لم يعد يجد فيه المدرّسون معايير أو مراجع يحتكمون إليها حتى صاروا يلجؤون إلى أنفسهم وإلى تجاربهم وخبراتهم لاختراع هويّات ومشاريع تمكّنهم من البقاء على قيد الحياة المهنية؟
❊ وهل مازلنا مقتنعين بعد هذا بأنّ التلميذ هو محور العملية التربوية؟ أم يجب أن نعيد النظر في هذا فنجعل المعرفة المدرسية محور كلّ عمل تربوي؟
❊ ألسنا إلى اليوم نعيش وهما قيام المدرسة بدور التحرير والتنوير وتنمية الشخصيّة مع تلاميذ يستخفون بالمعارف المدرسيّة ولا يقبلون إلاّ على ما له انعكاس مباشر على حياتهم الشخصيّة أو الاجتماعيّة ؟
❊ أليس من الحكمة أن نعيد النظر في مسألة الارتقاء شبه الآلي بممارسة التمييز الإيجابي وغربلة المتعلّمين في محطّتين أساسيتين على الأقل هما السادسة أساسي و التاسعة أساسي ؟
❊ كيف نحلّ معضلة الانفصام الحاصل بين: عائلة تدلّل ابنها وتوفّر له كلّ شيء وتحفظه من كلّ أذى أو نقص وبين مدرسة تطالبه بالانضباط والصّرامة والتفكير العقلاني والسلوك المنهجي الدقيق؟
❊ هل ستصل بنا الحال إلى أن يصبح التلميذ هو الذي يحدّد أين نعلّمه وكيف نربّيه، ويصبح بالتالي النظام التربوي برمّته يجري لاهثا وراءه؟.
❊ هل مازالت إمكانية لرأب الصدع الذي أصاب العلاقة بين المعلّم والمتعلّم؟ بعد أن كانت علاقة يطغى عليها الأدبيّ والأخلاقيّ فصارت علاقة يطغى عليها المادّي والنفعي؟
❊ كيف ننظر اليوم إلى التشريعات التي تحمي المتعلّم من صنوف العنف والمعاملة القاسية وتحفظه من كلّ أنواع الحرمان دون وجود إطار بديل لردعه وتوجيهه نحو الوجهة المطلوبة؟
❊ ما مسؤولية وسائل الإعلام التي ما تنفكّ تنشر قيم الرّبح السريع و الثراء السّهل والإيهام بالحياة المرفّهة الميسور.
❊ ما الذي ينبغي أن تبتعثه المدرسة من جديد؟
يسعفني فيليب ميريو بالجواب فيقول:
الذي ينبغي أن تبتعثه المدرسة ثلاثة أشياء:
تجديد المعارف و ضرورة تنمية قدرات عامّة في التلاميذ تتجاوز مجرّد إتقان محتويات بعض المواد.
مقاومة تضخّم قوّة التلفزيون الذي يمضي أمامه الأطفال أوقاتا أطول ممّا يقضونه أمام معلّميهم.
مقاومة استقالة العائلات و تمزّق النّسيج الاجتماعي الأمر الذي يعطّل نقل الثقافة إلى الأجيال الموالية.
ويقول:
إذا كانت هناك مهامّ جديدة للمدرسة، و تحدّيات مستجدّة تواجهها فلأنّ المجتمع أصبح صارما مع نفسه و حازما في توجّهه نحو ديمقراطية اقتحام المعارف و الالتزام بالصّراع ضدّ التبعات السلبية لتعميم التعليم و يكفي أن يكفّ المجتمع عن هذه الطلبات حتى تتعافى المدرسة وتحلّ مشاكلها، فتنظم المصبّات المدرسيّة وتسيطر عليها، ولا تقبل إلاّ من يرغب في التعلّم.
هذا هو حجر الزاوية: تعليم من يرغب في التعلّم مع وضع المعرفة في محلّ المرغوب فيه
❊ وإعطاء المعارف مكانها في العالم الرمزي بحيث يسمح النقل بجعل المتعلّم يشعر بأنّه يكبر و يخرج من وحدته.
❊ وإدراج المعرفة على أنّها فعل يربك المقبل عليها لأنّها تضعه محلّ سؤال.
أمّا برامجنا اليوم فبيداغوجيا بنكية بعبارة (pédaogie bancaire):
و من أين نبدأ؟ اقتراحات للنظر
في المستوى الهيكلي:
1 لعله لمزيد تحسين المستوى التعليمي قصر المرحلة الأولى من التعليم الأساسي على أربع سنوات لتلحق السنتان الخامسة والسادسة من التعليم الأساسي بالتعليم الإعدادي لاستعصاء العمل بمعلم المجال والافتقار إلى المعلم المختص دون أن يمس هذا الإجراء وضع المدرسين بالمرحلة الأولى من التعليم الأساسي بأيّ صورة من الصور.
2 تطوير التنظيمات التربوية في الاتجاه الذي يساعد على تحسين الحياة المدرسيّة
3 دعم مبدإ تعميم التعليم ولكن بربطه بمسالك وشعب منذ سنّ مبكّرة وأعني توجيها في السادسة وآخر في التاسعة من التعليم الأساسي.
في المستوى التشريعي:
1 تعديل البند الثاني من قانون 2002 الذي يقول إن التلميذ هو محور العمليّة التربويّة ليعوّض بالمعرفة المدرسيّة هي محور العملية التربوية لأنّ التلميذ كان دوما محور عملية التعلم وفي كل الاختيارات التربوية أمّا المعرفة المدرسية التي صار يستخفّ بها فينبغي أن يردّ إليها الاعتبار.
2 تركيز نظام تقويم صارم يسمح بالفرز الدّقيق قصد توجيه المتعلّمين حسب طوائف نحو مسالك تتناسب وامكانيّات كلّ طائفة واستعدادات أفرادها ومدى انضباطهم لضوابط الثقافة المدرسيّة.
3 العمل بالعقد التربوي الذي يلتزم به المتعلّم قبل الدّخول إلى أيّ مرحلة تعليميّة ويتضمّن هذا العقد عناصر تخصّ الاستقامة واحترام العلم والمدرّس، والانضباط لتراتيب المؤسسة والعمل المنزلي وقواعد العمل بالفصل.والتنصيص على العقوبات الصارمة في صورة الإخلال بالعقد.
❊ في مستوى البرامج وبناء التعلمات
1 توفير المعنى في التعلّم و الدّلالة في البرامج
2 التقليل من الدّروس النظريّة والنزوع إلى التطبيقات والعمل الفرقي.
3 الزيادة في أنشطة العروض.والميل أكثر إلى عمل التحقيقات.
4 النزوع بالتعليم نحو المهارات.
5 إعادة بناء طرائق نقل المعرفة أخذا في الاعتبار بسيكولوجيا التلاميذ.
6 التنويع في الدافعيّة و زرع المحبّة.
7 إقرار نظام امتحانات في السادسة و التاسعة من التعليم الأساسي والرابعة من التعليم الثانوي.
في مستوى إطار التدريس
انتداب المدرّسين وفق معايير مرجعية من أهمّ عناصرها الكفاءة العلميّة والمهارة الصناعيّة وقوّة الشخصيّة و القدرة على فهم طبيعة الجمهور التلمذي وفرض الانضباط بالفصل و المدرسة.
مؤازرة المدرّس لأنّه أصبح اليوم أعزل ومعزولا يواجه الواقع المدرسيّ المرير وحده من غير أيّ سند وإذا وجده فبطرائق كثيرا ما تزيد في أزمة المدرسة
على سبيل الخاتمة
سئل التلاميذ الفنلنديّون عن المهنة التي يرغبون فيها في مستقبل حياتهم فأجاب أغلبهم: معلّم
وبحث في السبب فكان الجواب التالي:
المعلّم في المجتمع الفنلندي محترم جدّا . لعلمه الغزير ومهارته الصناعية العالية .
ولأنّ دخل المعلّم في فنلندا يصل إلى 45000 ألف أورو في السنة فهل عرفنا السبب في ترتيب المدرسة الفنلندية الأولى في العالم|؟ وفي اعتبارها مدرسة جديدة لجماهير تلمذية جديدة؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.