يورو2024.. إشتباكات بين الجماهير الصربية والإنقليزية    الاحتفاظ بعون ديوانة معزول بحوزته كمية من الكوكايين    فرق التفقد الطبي بكامل الجمهورية تقوم بزيارات ميدانية غير معلنة لعدد من الأقسام الاستعجالية    في ظل انتشار التسممات الغذائية في فصل الصيف: الدعوة إلى اعتماد سلوك غذائي سليم    التلمساني مدربا جديدا لمستقبل سليمان    باكستانية تضع مولودها في جبل عرفات    وزارة الصحة السعودية تصدر بيانا تحذيريا لضيوف الرحمان    الصوناد: الرقم الأخضر 80100319 لتلقي التشكيات    الخارجية الأردنية: وفاة 14 حاجا وفقدان 17 آخرين    تخصيص برنامج متكامل لرفع الفضلات خلال أيام العيد    الدكتور حمادي السوسي: لا وفيات في صفوف البعثة الرسمية للحجيج    بعد ظهر اليوم.. خلايا رعدية مصحوبة بأمطار متفرقة    قائمة الأطباء البياطرة المتطوعين في العيد ونصائح حول أهم القواعد الصحية    أنس جابر تُشارك الأسبوع المقبل في بطولة برلين للتنس    هنية يوجه كلمة بمناسبة عيد الأضحى: نحن في خضم ملحمة تاريخية والمقاومة أبدعت    وزير الشّؤون الدّينية يواكب تصعيد الحجيج إلى المشاعر المقدّسة    أول أيام عيد الأضحى.. الحجاج يؤدون طواف الإفاضة    الليبيون يؤدون صلاة عيد الأضحى وسط مراسم إحياء ذكرى ضحايا فيضان دانيال    في أول أيام عيد الأضحى.. الحجاج يرمون جمرة العقبة الكبرى    المطربة المصرية منى عبد الغني تنهار باكية أثناء أداء مناسك الحج على جبل عرفات (فيديو)    أطباء يحذرون من حقن خسارة الوزن    المهدية: الإحتفاظ بمتحيليدلس وثائق للراغبين في الحصول على عقود عمل بالخارج    مركز الإجهاد الحراري وضربات الشمس بمشعر عرفة يستقبل 225 حالة    أنس جابر تغادر بطولة نوتينغهام العشبية من الدور ربع النهائي..#خبر_عاجل    الرابطة 1 – الترجي الرياضي بطلا للمرة الثالثة والثلاثين في تاريخه    الطقس هذه الليلة..    بعد وقفة عرفة.. الحجاج يتجهون إلى مزدلفة    الليلة: الحرارة تتراوح بين 20 و32 درجة    جندوبة: السيطرة على حريق نشب بغابة سيدي حمادة    ماذا في ندوة المديرين الجهويين للحماية المدنيّة التي أشرف عليها وزير الداخلية؟    النادي الصفاقسي يعود بانتصار ثمين من جوهرة الساحل    جريمة بشعة تهز ألمانيا بالتزامن مع المباراة الافتتاحية ل'يورو 2024'    أول إطلالة للأميرة كايت منذ بدء علاجها من السرطان    وزارة التربية تكشف عن استراتيجية وطنية للقضاء على التشغيل الهش    تشكيلة النادي الصفاقسي في مواجهة النجم الساحلي    قفصة: الإطاحة بوفاق لترويج المخدرات يقوده موظف    مختصون يوصون بتجنيب الأطفال مشاهدة ذبح الأضحية    أعلى من جميع التمويلات الحالية.. تركيا ستحصل على قرض قياسي من صندوق النقد    إقبال ضعيف على الأضاحي رغم تراجع الاسعار الطفيف بهذه الجهة    المهدية: مؤشرات إيجابية للقطاع السياحي    بنزرت : حجز 1380 لترا من الزيت النباتي المدعم    بداية من اليوم: تونس تلغي التأشيرة عن الايرانيين والعراقيين    ذبح الأضاحي : توصيات هامة من المصالح البيطرية    أكثر من مليوني حاج يقفون بعرفة لأداء ركن الحج    اليوم: فتح شبابيك البنوك والبريد للعموم    بشرى لمرضى السكري: علماء يبتكرون بديلا للحقن    «لارتيستو»: الفنان محمد السياري ل«الشروق»: الممثل في تونس يعاني ماديا... !    رواق الفنون ببن عروس : «تونس الذاكرة»... في معرض الفنان الفوتوغرافي عمر عبادة حرزالله    المبدعة العربية والمواطنة في ملتقى المبدعات العربيات بسوسة    مجموعة السّبع تؤيد مقترح بايدن بوقف إطلاق النار في غزة    يحذر منها الأطباء: عادات غذائية سيئة في العيد!    حصيلة منتدى تونس للاستثمار TIF 2024 ...أكثر من 500 مليون أورو لمشاريع البنية التحتية والتربية والمؤسسات الصغرى والمتوسّطة    الرابطة 1 : نجم المتلوي ينتزع التعادل من مستقبل سليمان ويضمن بقاءه    الدورة الخامسة من مهرجان عمان السينمائي الدولي : مشاركة أربعة أفلام تونسية منها ثلاثة في المسابقة الرسمية    "عالم العجائب" للفنان التشكيلي حمدة السعيدي : غوص في عالم يمزج بين الواقع والخيال    قفصة : تواصل أشغال تهيئة وتجديد قاعة السينما والعروض بالمركب الثقافي ابن منظور    جامعة تونس المنار ضمن المراتب من 101 الى 200 لأفضل الجامعات في العالم    تعيين ربيعة بالفقيرة مكلّفة بتسيير وكالة إحياء التراث والتنمية الثقافية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



التكوين الأكاديمي ضروري ولكنّه غير كاف ولابدّ من غربلة القطاع
منير الطرودي:
نشر في الشعب يوم 18 - 09 - 2010

برز الفنّان منير الطرودي بالجمع بين التراث والأكاديمي في الموسيقى التي يقدّمها فأحيا الموروث برؤيته الفنية وأضاف إليه ألحانا وأغاني حلوة. إلتقيناه لسؤاله حول علاقة التكوين الأكاديمي بالإبداع الفنّي وعن تقييمه لواقع الموسيقى وكان لنا معه الحوار التالي:
❊ السيد منير الطرودي كيف تقيّمون علاقة الحركة الثقافية بالحراك الثقافي داخل الجامعة؟
في الحقيقة أنّ التجارب الفنية والثقافية داخل الجامعة قليلة وتعدّ على الأصابع في كافة المجالات من مسرح كتابة ونقد (وأذكر النقد لأنّ عددا كبيرا من النقاد لا يمتّون بصلة للنقد الفنّي) والموسيقى التي أعتبرها وسط مخترقا .
والملاحظ في الآونة الأخيرة هو موجة كبيرة من انتحال الصفة بإمتياز ففي مجال الموسيقى هناك عدد هام من المنتسبين الى الموسيقى والحقيقة انّ لا علاقة لهم بها أصلا، كما أصبح هذا الواقع يتسلّل إلى مجال التمثيل خاصة في التلفزات حيث لا يقع اللجوء إلى الكفاءات والمحترفين من خريجي المعاهد المختصة بل يعتمدون على الإنتقاء من خلال »كاستينغ« قد لا يحترم الشروط الموضوعية وهو ما أسّس ظاهرة »»الكاشي كاشو«.
❊ ما الخلل في الإعتماد على مواهب فنية وتشجيعها رغم غياب التكوين؟
الخلل هو خلل ثقافي يمسّ كامل المجالات فعلى سبيل المثال هناك مظهر ثقافي ديني أو مظهر ديني فلكلوري واضح المعالم حيث كثرت الفتاوى في ظلّ غياب العلماء ففي انعدام المثقفين الجادين تكثر الفتاوى الثقافية ويتعزّز الإختراق حتى أنّ سلطة الإشراف سلّمت بالأمر بعد ظهور شركات الاستثمار »الثقافي« التي تتنافى مع المقاييس الثقافية ولا تؤسس للثقافة وهو ما خلق حالة غياب لسلطة تنظّم قطاع الثقافة وأعتقد أنّ حضور السلطة ضروري بل هو الأساس إذ لا بدّ أن ترجع كلّ الأمور إلى يد السلطة كي تضبطها ويقتصر دور هذه الشركات على التحريك وتنشيط الانتاج الثقافي وليس فرض نهج وسياسة ثقافية كاملة، اذ لا يجب أن يحدّد هؤلاء ملامح الثقافة في البلاد فهو دور الدولة وعلى الخواص الدخول تحت غطاءها دون تشكيل سلطة موازية للوزارة.
وليس من المعقول أن تفقد وزارة الإشراف دورها كمحل الثقة الوحيد لتعطيه لفائدة شركات خاصة.
❊ ولكن هذه الشركات مازالت تعمل تحت اشراف الوزارة خاصة وأنّ جلّ العروض والإنتاجات مدعومة؟
هذه الصورة ظاهرة ولكن الواقع حصول شبه تفاهم أو تقليد بربط الشركات الخاصة بالوزارة التي تعوّل على »الانبريزاريو« في العروض والنشاطات الثقافية وقد تكون نقابتهم من أقوى نقابات الاعراف وأكثرها تأثيرا في حين نجد أنّ نقابة الموسيقيين لا تستطيع القيام بوظيفتها رغم المجهودات الكبيرة التي تبذلها خاصة أمام ضعف انخراط الفنانين داخلها وتردّدهم من منطلق ما يمكن أن تحققه لهم ويعود ذلك لكون بعض الذين يمثّلون الموسيقى والفن، الثقافة عموما هم من المتمعشين وليسوا متمرّسين على الفن وقد تكون هذه العقلية هي أهم دوافع الكارثة التي انفجرت منذ أسابيع بذهاب بعض هؤلاء المتمعشين الى اسرائيل والغناء لفائدة الكيان الصهيوني معتدين بذلك على الشعب التونسي المنحاز تاريخيا الى القضية الفلسطينية وشوّهوا صورة الفنان التونسي. وهذا الإختراق هو ما جعل الوسط الفنّي بهذه الحالة من السوء.
❊ هناك من يرى أنّ ضعف الحراك الثقافي داخل الجامعة قد أضعف الحركة الثقافية بصفة عامة فماهو تعليقكم؟
إنّ الفن عمل ثقافي من القاعدة، فلا يمكن للأجوف والغبي أن يمارس الثقافة فالمتردية والنطيحة والعرجاء لا يجب أن تجد مكانا في المشهد الفنّي ولابد للسلطة أن تحسم أمرها في هؤلاء وأن تمنعهم من تشويه المشهد الثقافي فالعمل الثقافي لابد أن يكون امتداد وتواصلا من الجامعة إلى التخرج الى الفعل الثقافي داخل الساحة الثقافية وهذا التدرج الإحترافي يجب أن يؤسس على وعي ثقافي مستمد من الوعي الثقافي الجامعي فلابدّ من الإمتداد والتواصل. ويسألني البعض كم عمرك فأجيب أنّ عمري 2000 سنة لأنّي امتداد ثقافي فأنا السبب في ظهور أجدادي ولذلك فإنّي أعمل على الذاكرة الثقافية لأنّ من لا يعلم أصوله لا يعلم وجهته. والمتمعشون الذين ذكرتهم مسقطون على الفن ولا يعرفون هدفه ومصيره لذلك يغني أحدهم بإسم سيء الذكر »ناتنياهو« دون أدنى تفكير ولا يجب الإعتقاد أنّ ذلك الشخص يحب »نتنياهو« فهو لا يعشق سوى المال.
❊ ماهي الحلول التي ترونها لبناء حركة ثقافية جادة؟
أوّلا أنا لا أمثل الاّ نفسي ولست أنتم.
❊ استعمال صيغة الجمع من باب الإحترام لا أكثر ولا أقل؟
ومع ذلك أريد التأكيد على أنّي لا أمثّل سوى نفسي ليس لعدم الثقة في الآخرين ولكن لأتحمّل وحدي مسؤولية ما أقوله وما أعبّر عنه من آراء وأفكار وفق إمكانياتي.
وبالنسبة للحلول التي أراها فإنّي أعتقد أنّ الوقت حان لإعادة مراجعة الحركة الثقافية وإعادة النظر في الهيكلة مع التأكيد على ضرورة اقصاء المتسبّبين في المشكل الحالي الذي تعانيه الثقافة في أي تقييم أو إعادة نظر، لأنّ ما يحصل هو أنّ الإستشارات الموسيقية التي وقعت والتي أذن بها رئيس الجمهورية في مناسبتين بعد علمه بسوء حال الموسيقى تضمّنت بعض الوجوه من المتسببين في رداءة الواقع الموسيقي والثقافة وهو أمر لا يستقيم.
وفي تصوّري فإنّ التكوين الأكاديمي ضروري لبناء حركة فنية وثقافية جيّدة الاّ أنّ هذا التكوين في حدّ ذاته يشكو من عديد النقائص فالتوجه الى المعاهد المختصة لا يقوم على أسس فنية وثقافية وإنّما على أسس التوجيه الجامعي العادية دون أي خصوصية بل قد تكون هذه المعاهد قبلة للطلبة من أصحاب المعدلات الضعيفة وهو ما قد ينتج في ما بعد جيلا ضعيفا فنّيا وموسيقيا ذلك أنّ التكوين الأكاديمي غير كاف رغم أهميّته لأنّ هناك ارتباط وثيق بين الثقافي والفكري ففي غياب الوعي الثقافي والحراك الفكري لا يمكن أن نتحدّث عن حركة ثقافية.
وفي الحقيقة فإنّ المشكل يمسّ هيكلة البلاد فالكتاب غائب والأمّة لا تقرأ ومطالعاتهم قليلة ونادرة، اضافة الى غياب الرموز وإن وجدت فهي رموز رديئة. أذكر هنا أنّ أحد المعاهد العليا للموسيقى ولا أريد ذكر إسمه نظّم مناظرة للمواهب الصوتية (Performance vocale) عرضوا خلالها برنامجا للطيفة العرفاوي وفاضل شاكر وهو أمر مغلوط تماما، سيعطّل إفراز موسيقيين وفنّانين جادين لأنّ الأمثلة المقدمة رديئة.
❊ هناك من اقترح حلولا عاجلة قبل الحديث عن إعادة الهيكلة والمتمثّلة في احترام نسبة المحترفين في الأعمال الفنية التي حدّدها القانون فماهو تعليقكم؟
نعم أنا مع هذه المطالب ولابد للدولة أن تتدخّل لأجل احترام هذا القانون فوجود أصحاب التكوين الأكاديمي ضروري في كلّ الأعمال للتحسين من مستواه وقيمته إلاّ أنّ القانون لا يطبّق لأنّ هناك اختراق إذ يتصادف أن يكون مدير المهرجان من خارج الوسط الفني، فماذا يمكن أن ننتظر منه لفائدة الثقافة.
لذلك أرى ضرورة الغربلة عبر لجان تشكّلها وزارة الثقافة تضمّ أُناسا أكفّاء ومختصين ونزهاء وهم موجودون، وإعادة منح بطاقة الاحتراف دون الخوف من أي اسم وأن نطالب »بالتوزيع العادل للقمع« على حدّ تعبير سليم دولة.
لأعطيك مثالا، وهو أنّ »أركوسترا فيينا« وهي من أشهر الأركسترات السمفونية في العالم، تقوم بإخضاع أعضائها كلّ سنة إلى اختبار يقصي كل من نزل في المستوى. ومثل هذه الحالات موجودة بكثرة في البلدان المتقدّمة عكس ما نلاحظه اليوم فهناك بعض الفنانين يعرضون في مهرجان قرطاج بناء على كذبة، كونهم فنّانين.
ومن ناحية أخرى فإنّ وزارة الداخلية مطالبة بمراقبة كافة الأعراس والحفلات التي تقام في الأحياء والمدن والقرى في كامل الجمهورية بالتنسيق طبعا مع وزارة الثقافة ومنع غير المحترفين من إحيائها لأنّه نصب وتحيّل وهناك من يشغّل 800 عامل ويربح يوميا 80 ألف دينار من الحفلات والأعراس رغم الشك الذي يرافق بطاقة إحترافه.
لذلك لابد من غربلة ومن تحديد دور الشركات الخاصة لأنّ الربحيّة والثقافة لا يلتقيان والدليل ما وصلت إليه الأوضاع في مهرجان قرطاج الذي أصبح يشهد سلسلة من الحفلات الفاشلة التي بدأ الجمهور يقاطعها بعد الهزال الفنّي الذي أصابه وإذا كان هذا واقع مهرجان قرطاج فالمهرجانات الأخرى أتعس وأشد هزالا فنيا وثقافيا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.