كان أحد ضحايا من الذين تمّ التنكيل بهم يوم الجمعة الأسود في ساحة القصبة بكل وسائل العنف بشاعة من ضرب وقنابل غاز وكلاب وعصي وميلشيات وأعوان مئات. مئات المعتصمين تمّت ملاحقتهم في أزقة »المدينة العربي« وشوارع العاصمة وايقافهم وجرحهم لا لشيء إلاّ لأنهم أفصحوا عمّا في صدورهم من رفض للحكومة القائمة ورموز الفساد والافساد. يتحدّث الشاب ماهر الخشناوي عن كلّ تلك الصور المفزعة التي عاشها معتصمو ومعتصمات القصبة منذ أوّل يوم من تحرّكهم. فقد حاولت عدّة جهات تفريقهم وبثّ الفرقة فيهم واختراقهم سعت مجموعات فاشية إلى اغراء المناضلين بالفتيات والخمر والأموال والتّهديد والوعيد لكن الارادة القوية والعزيمة الفولاذية لنمور القصبة حالت دون محاولات بقايا الدكتاتورية. ❊ تضامن بامتياز المبادئ النبيلة لمعتصمي القصبة كانت بارزة لا من حيث الشعارات المرفوعة والداعية لاسقاط الحكومة بل ظهرت من خلال أبهى مشاهد التضامن والتآزر يقول محدّثنا إنّ المحتجّين كانوا يتعاونون بالمأكل والملبس والماء والأغطية والدفء ورفع المعنويات وشدّ الأزر والدعوة إلى مواصلة النضال.. النضال من أجل تحقيق أحلام الشعب التونسي وطموحاته. ❊ الضربة الغادرة واصل المحتجّون حركتهم بكل بسالة وبقدر ما كانت هذه البسالة تقوى كانت قوى الجذب إلى الوراء تكثّف من سعيها المحموم لبترها ويؤكد محدّثنا أنّ المفاوضات في الكواليس بين منسّقي لجان الاعتصام وهرسلتهم والضغط عليهم كي يعلّقوا اعتصامهم وكانت اللّجان ترفض باعتبار أنّ الحكومة غير شرعيّة ولا يمكن بأي حال من الأحوال التفاوض معها. في الأثناء بدأت آذان المعتصمين تتلقّى خبر عزم قوّات القمع الهجوم بعنف لكن في نفس الوقت تلقوا تطمينات من الوزير الأول أنّه لن يتمّ ذلك ولن يتمّ التعرّض للمحتجّين. لكن ما راع الجميع الاّ ووحدات الجيش تنسحب وتعوّضها فرق متنوعة من البوليس... وفجأة انطلقت عصا الغدر على ظهور الأبرياء بقنابل الغاز المحرّمة دوليا بكثافة رهيبة وكان الكل فزعًا، متفاجئًا وقلبه يتحدّث مع عقله على أنّ العمليّة ليست لتفريق المحتجّين بل هي عمليّة إبادة. وامتدّ القمع إلى الشوارع والأزقة والناس يصرخون من أنّ العشرات من الجرحى قد سقطوا هكذا تمّ الأمر وهكذا أنهت »الحكومة« احتجاجات القصبة وقمعتها بطابع فاشستي دكتاتوري لا يخلو من غدر. الأخ ماهر الخشناوي يُطالب باسم كلّ محتجّي القصبة ومعتصميها بردّ الاعتبار إليهم والاعتذار لهم فليس من المعقول أن نواجه الدعوات إلى الحريّة بالتنكيل والقمع بل بالعكس يجب توسيم هؤلاء وتوجيه تحيّة إكبار وإجلال إليهم.