ينفّذ العشرات من أبناء أمّ العرائس والمتلويوالمظيلة والڤطار اعتصاما بمقر شركة فسفاط قفصة منذ حوالي الاسبوعين احتجاجا على المماطلة والتسويف الذي تواجههم به وزارتا الصناعة والتنمية الجهوية بخصوص تشغيل أبناء الجهات المذكورة. المعتصمون جاؤوا ممثلين عن جهاتهم التي دخلت منذ مدة في اعتصامات وحركات احتجاجية، جاؤوا للتفاوض مع القائمين على الحكومة في مستقبلهم ومصيرهم. فماهي مطالبهم وكيف تعاملت الحكومة معهم؟ ❊ الڤطار والحق الضائع يعتبر أهالي جهة الڤطار أن منطقتهم تعرّضت إلى الحيف والظلم منذ عقود وخاصة مظلمة سنة 2008 التي حصلت اثر انعقاد المجلس الجهوي بقفصة على خلفية أحداث الحوض المنجمي وذلك بإقصاء المنطقة من الحوض المنجمي واعتبروا هذا الاجراء لا دعامة له قانونيا وجغرافيا وتاريخيا، فمدينة الڤطار تبعد عن منطقة المظيلة ب10كم وتساهم بشكل كبير في تشغيل منجم المظيلة من خلال تزويده بالمياه اللازمة من خلال الآبار كما تحتوي »الڤطار« على أغلب الاحتياطي من الفسفاط وأغلب المقاطع اضافة إلى وجود منجم »العنق« الذي كان لفترة سابقة بصدد الاستغلال وسيتم اعادة تشغيله في القريب. السيد محسن فرج، وهو أحد المساندين للاعتصام يؤكد أيضا أن المنطقة تاريخيا كانت من المساهمين الاوائل في تركيز منجم المظيلة وضحّى أبناؤها بأرواحهم نتيجة عملهم بالداموس الذي كان يفتقر لأبسط شروط السلامة المهنية ويضيف أن الڤطارية تاريخيّا هم أول من اسّسوا نقابة تونسية تابعة للاتحاد العام التونسي للشغل سنة 1946. منطقة الڤطار تعاني ايضا من عديد التأثيرات السلبية المتأتية من المعامل المركزة بمنطقة المظيلة كالمعمل الكيمياوي وغسل الفسفاط وهو الأمر الذي أثر سلبا على البيئة وعلى القطاع الفلاحي الذي أُتلف تماما بسبب الغازات المنبعثة الى جانب تلوث المائدة المائية بالمنطقة وتدهور الوضع الصحي العام الذي أدى إلى ارتفاع نسبة الوفيات بسبب تفشي الامراض السرطانية فضلا عن الاضرار التي لحقت بالمنازل مثلما يشير الشابان عبد المنعم وسليم. أمراض وظلم وضيم وبطالة تعاني منها المنطقة وهي محرومة من أبسط شروط التنمية العادلة، لذلك يرفع ابناء »الڤطار« صوتهم عاليا للمطالبة بحقهم في اعادة تصنيف المنطقة ضمن الحوض المنجمي باعتبارها معتمدية منجمية خامسة والمطالبة أيضا بحق شباب الجهة في الكرامة وتشغيلهم المستحق بشركة فسفاط قفصة والمجمع الكيمياوي. ❊ أبناء أم العرائس يخلقون الحلول لمشاكلهم الوفد الثاني المعتصم، هم ممثلون عن أهالي معتمدية أم العرائس، وهي مدينة »منكوبة ومهمّشة ومقصية« على حدّ تعبير الشاب علي السعيدي إذ تبلغ نسبة البطالة فيها 38٪، لذلك وأمام الوضع التنموي المتردّي التي تعيشه المنطقة فقد أوجد شباب أم العرائس أرضية واضحة تتضمن برنامجًا لحلول واقعية ومعقولة ومن شأنها ان تقلّص بشكل كبير البطالة المتفشية في الجهة وخاصة لدى أصحاب الشهادات العليا ومنها بعث فروع للمؤسسات المفقودة مثل إدارة التجهيز والاسكان وديوان التطهير وصندوق الضمان الاجتماعي ومكتب التشغيل وغيرها فبعث هذه الفروع يساهم في بناء النسبة التحتية وإحداث مواطن شغل جديدة تمتص تراكمات البطالة، يقول طارق الذيب (34 سنة) وعاطل عن العمل إن »أهالي أم العرائس ينفذون اعتصاما متواصلا الى الآن بكل وعي ومسؤوليّة« فالمؤسسات التربوية تعاني ضربا في البنية التحتية ونقصا في الموارد المالية وسوء تصرّف في الموارد الموجهة إلى قطاع الصحة وتهميشا في قطاعات البلديات والفلاحة والبريد والثقافة والشباب، أليس بسبب كل هذه المعاناة يحتج أهالينا؟ هكذا يتساءل طارق الذيب. الوفد التفاوضي بأم العرائس يطالب أيضا بتسوية وضعية المعوقين وضحايا حوادث الشغل وتحسين وضعية المتقاعدين وتوسيع الاختصاصات فيما يتعلق بالانتداب بشركة الفسفاط ودراسة ملف التلوث، ومن أجل اكساب هذه المطالب المشروعية اللازمة يطالب الوفد التفاوضي بالمصداقية والشفافية في التعامل معها، لكن يبدو أن الحكومة مازالت تتعامل مع ملف المحتجين بالتسويف والمماطلة. ❊ أهالي المتلويوالمظيلة وجدية المفاوضات المتلويوالمظيلة كغيرهما من جهات الحوض المنجمي لم تكونا معزوليْن فقط، بل محرومتين من أبسط ضروريات الحياة في ظلّ تفشّي البطالة والتلوث. ويساهم الوفدان المفاوضان الممثلان للجهتين بنشاط في الاعتصام متمسكين بمطالبهم وفي الوقت ذاته يتحليان بالمرونة في التفاوض. يقول فتحي القاسمي (37 سنة) تقنيٌّ سامٍ عاطل عن العمل وأحد عناصر الوفدين التفاوضيين أنه »منذ أول جولة تفاوضية مع المدير المساعد لشركة الفسفاط الى حدود جلسة التفاوض مع الإدارة العامة ووزارتي الصناعة والتنمية الجهوية لم نتلمس أي تقدم في اقتراحات الجانب اللحكومي بل راوحت المفاوضات مكانها رغم تنازلنا وتخفيضنا لنسبة مطالبنا ب 15٪ لاثبات حسن نيّتنا تجاه الحكومة بعد اتهامنا بعرقلة الاقتصاد، فإنه الى حد يوم (17 فيفري 2011) لم نشهد أي تقدم. وينتظر الوفدان المفاوضان، وأهاليهما في المظيلةوالمتلوي ما ستسفر عنه المفاوضات في الايام القادمة. وللاشارة يطالب الوفدان بالتشغيل في المصالح العمومية للدولة وعلى رأسها شركة فسفاط قفصة. الاعتصام في شركة فسفاط قفصة والاحتجاج في جهات الحوض المنجمي، يمثلان انطلاق شرارة ثانية تبرز مدى عمق المشاكل الاجتماعية في المنطقة وعمق معاناة الاهالي الذين يرزحون تحت كلكل الفساد المتواصل الى اليوم وكذلك عجز الحكومة المؤقتة في التعامل الجدّي مع المطالب والمشاغل المطروحة. تحقيق: خليفة شوشان وصبري الزغيدي