مآسٍ عديدةٌ دفعت بهؤلاء العاملات و العمال الى تنفيذ اعتصام مفتوح، فقد فتح هذا المعمل أبوابه في نهاية سنة 2009 و قام بتشغيل حوالي 1200 عامل و عاملة في إطار المناولة بين شركة ألمانية و شركة تونسية و قد استغل الطرف التونسي فساد السلطة و تواطؤها و انتشار البطالة في منطقة السعادي من ولاية صفاقس و المعتمديات الأخرى مثل جبنيانة و العامرة و الكتاتنة و البدارنة ليفرض على العمال صيغ تشغيل هشة و مؤقتة تتمثل فيما يسمى بعقود التأهيل المهني لا تتجاوز سنة واحدة لذلك تخلّى العرف منذ فتح المعمل الى فيفري 2011 على أكثر من 2500 عامل بدعوى انتهاء عقودهم و ضعف الانتاجية، كما استغل العرف ما تمنحه الدولة لهذا الصنف من المؤسسات من امتيازات جبائية و مالية ليفرض على العمال أجورا متدنية 981 (ملّيم و 865 مليم للساعة الواحدة) لتتراوح أجور العاملات في شهر جانفي بين 66 و 128د الى جانب كثرة ساعات العمل و عدم احتساب الساعات الزائدة و سوء المعاملة و غياب التغطية الاجتماعية و منحة العمل الليلي. كل هذه الظروف اللاانسانية و المزرية دفعت بالعمال الى تنفيذ وقفة احتجاجية يوم 2 مارس 2011 دفاعا عن كرامتهم و للمطالبة بتطبيق نص الاتفاقية المبرمة في الجلسة التي عقدت بين لجنة مفوضة باسم العمال (في غياب نقابة أساسية حاول العمال تكوينها و أجهضها العرف) و صاحب المؤسسة بحضور الاتحاد المحلي للشغل بجبنيانة و تفقدية الشغل التي نصت على الترفيع في الأجور و الحفاظ على كرامة العمال و تعويض مالي عن شهر جانفي و انشاء نقابة أساسية و تحسين ظروف العاملات المقيمات في مبيت المعمل. و قد أبرم صاحب المؤسسة التونسي الجنسية عديد الاتفاقات مع الجانب الألماني بخصوص منح بعض الامتيازات للعمال لكنه قام بالاستحواذ عليها من وراء ظهرهم. بعد الجلسة التي أشرنا اليها سابقا قام المستثمر التونسي بإغلاق المعمل مما أجبر العمال على الاعتصام بمؤسستهم من أجل الدفاع عن حقهم في الشغل خاصة أن أغلبهم من أوساط مفقرة و أمام تعنت صاحب المؤسسة و المعروف بتصلبه في مؤسسات أخرى كان يملكها اضطر العمال الى الاعتصام أمام مركز ولاية صفاقس من أجل لفت النظر السلط الجهوية لمأساتهم ورغم تدخل الوالي لدى هذا المستثمر الذي تعهد بإعادة تشغيل المعمل على مراحل لكنه أخل بتعهداته ضاربا عرض الحائط بكل الأعراف و القوانين الجاري بها العمل و قد وصل به الأمر الى حد تهديد العمال من مغبة مواصلة الاعتصام. ان عمال الكابل الذين افترشوا الأرض و برهنوا على وحدتهم و تضامنهم ضد هذا المستثمر الذي استغلهم و راكم الثروة على حساب قوتهم اليومي مصممون على تحقيق مطالبهم و يحتاجون الآن الى دعم كل مكونات المجتمع المدني و الاتحاد العام التونسي للشغل خاصة في ظل عجز السلطة عن إجبار العرف على إعادة فتح المؤسسة و تواطؤها المفضوح مع الأعراف و الرأسماليين على حساب العمال و هذا دليل على عجزها عن حل أبسط المشاكل وهي إرجاع عاملات يشتغلن من اللّيل الى الليل في غياب تام للحد الأدنى من الكرامة. و للاشارة فان المناطق التي أشرنا اليها أعلاه تفتقر لأبسط مقومات التنمية رغم أنها مناطق ذات أولوية فقد عمدت السلطة و منذ »الاستقلال« الى حرمانها من مشاريع تنموية قادرة على انتشال الآلاف من البطالة و التهميش.