»إثم البداية« ديوان شعر من الحجم المتوسط عدد صفحاته 109 صفحة قسمه الشاعر المكي الهمامي إلى جزئين أو إلى عتبتين كما حبّذ هو: العتبة الأولى عنوانها »ذهاب الطفل في الكلمات« وحوت 29 قصيدة هي نبش في الذاكرة وقصائد تكاد تكون ومضة ونلاحظ في قصيدة »أوّل الإثم« بداية الاعتراف بالإثم بقوله: »سأبدأ... من شفتيك... سأبدأ من رعشة في أصابع شخصين يبتدئان...« قصائده تمسّ جلّنا إلى لم أقل كلّنا خاصة منّا الشعراء والادباء ومثل ذلك ما جاء في قصيدة »النّبع« التي نستطيع أن ننسبها إلينا وأن نذيّلها بامضاءاتنا تلك التي يقول فيها: »من غبش الدّهشة... من قامات الضّوء الخالق.. من شيء لا مرئيّ يهجس فينا... يطلع هذا الشّعر« وأطلق الشاعر القديم على هذا الهاجس »بنات أفكاري«. هذا ولقد تكلم باسم كافة العشّاق فقال في قصيدة »أضأت الكون«: أنا العُشّاق صوت ليس يبلى« كما تكلم باسم كل الشعراء فقال: »أنا الشّعراء كلّهم فمنّي... أنا... منّي ستشتعل الفصول« أحيانا يبتهل إلى اللّه في كونه وتارة يشبّه نفسه بالخالق كقوله »كأنّ الرياح العنيدة صوتي... كأني أنا خالق الكائنات وتارة أخرى يطلق على طيشه ب»طيْشٍ إلاَهيّ« ويشبه الاشياء بالانبياء والرسل فيقول: أرى الكلمات تصلّي لظلّ يدين تنامان صامتين على القلب مثل نبيّ خجول أو كقوله: »الرّسولة سيدة الكلمات... وسيّدة الملكوت«. أيضا يشبّه ويمثلّ جميلته بآلة بقوله: »آلهة الشهوات النّبيلة«. يذكر شاعرنا عبث طفولته والحبيبة في قصيدة »حكاية« فيقول: »حين كنّا صغارا، خمشت قباب المدى فوق نهديك« ويسبّح باسمها في قصيدة »تسابيح« قائلا: »أحبّك، قلبي يسبّح باسمك في كلّ يوم جديد... أحبّك بعض الكلام يقال وأجمله.. صدقيني.. يظلّ يحمحم عمق الوريد... يحتوي حبيبته انتشاء في اشتهاء قائلا: »منتهى الابدية أن اشتهيك كأغنية، وأُلامس مرمر وهمك منتشيا يتحنّط سر الأنوثة كالملح في جسدي... تارة يصف حبيبته كقطة بقول: »قطّتي وفتاتي الغريبة جدّا... ومعجزتي في الوجود«. أما العتبة الثانية التي تخطاها وعنونها »الطفل يلعب بالكلمات وحوت 21 قصيدة شبه مطولة لا كالتي جاءت في العتبة الاولى. لقد خطّ فيها تاريخ العشق وتخيّل أنثاه تبرز من قلقه آية في الجمال فيطلق عليها أنثى الكتابة وتعود به ذاكرته الى ما يطلق عليه الاثم ليعترف باثم آخر ارتكبه في خلوة فيقول في قصيدة »كالإثم في ركبتيها« »أخربش في سفر نهديك إسمي.. وألهو بفستانك الفوضوي فتشهق تحتي المرايا ويهذي الصّباح المبلّل بالضوء والشّهوات...« قصيدة »الوردة في أصابع عاشقها« يصف فيها مفاتن خليلته وصفا غير مألوف فيقول: »جميع الغرائب فيك كأنّ جدائل شعرك ليلا... كالغيم في ابطك المتوحّش ينبُتُ حزني أو كقوله: جميع الغرائب فيك كأنّ لبُحّة خصرك قربي طعم الصباحات صاعدة وكأنّك مشكاةُ هذا الزّمان الخراب... في قصيدة »أصوات« وهي قصيدة مطوّلة وجامعة لعدة قصائد ومضة فيها صراخ في وجه الطغاة والمستبدين صراخ في جه مكمّمي الافواد والمنفردين بالرأي وقاتلي الفكر بأنّ الشاعر لا ولن يموت ويبقى خالدا بأشعاره تتناقلها الاجيال فيقول في قصيدة »صوت الشّاعر 3« يا قاتلي مهلا فإن كفّنتني، خلفي من الاشعار ما لا يقتل..« ويقول في »صوت الإدانة«: »قتلوه وكانت تهمته هذي المرّة أفكارا هادفة وكتابات حرّة...« بعض القصائد يكسوها الغموض رغم أنّها تبدو سهلة ولكل قارئ فهمه وتفسيره وتصوّره ولا يعرف كنهها سوى شاعرنا المكي الهمامي الذي ارهقته هذه الرحلة الطويلة فينهي ديوانه قائلا: »أنا الآن عدت وضيئا من الرحلة المرهقة وفي باحة القلب غيم وعشب وشيء غريب تبقّى من اللحظة الخافقة...