تعتبر الامتحانات الوطنيّة حلقة مركزيّة ومحورا أساسيّا من محاور العمليّة التّربويّة، وتعدّ مراقبة الامتحانات أهم جزء في الامتحانات الوطنيّة انطلاقا ممّا يقتضيه الامتحان من مصداقيّة وما يكتنفه من ضغوط وما يتطلّبه من فطنة وتحفّز بدني وحضور ذهني وجهود إضافيّة. إنّ خصوصيّة مهنة التّدريس بوصفها مهمّة معرفيّة وتربويّة تتجسّد في الامتحانات إعدادا وإنجازا ومراقبة ومتابعة وإصلاحا، إلاّ أنّ عمليّة المراقبة تتميّز بخاصّيات ومخاطر يتعرّض لها الأستاذ من قبل الممتحنين والمحيط وما يسبّبه التّوتّر وحساسيّة هذه العمليّة من تأثيرات على الأستاذ، يشهد على ذلك ما يلاقيه المكلّفون بالمراقبة من استفزاز وما يتعرّضون له من حالات تعنيف وتتبّع إداري يصل إلى العزل أحيانا. إنّ هذه الخصوصيّات المتولّدة أساسا عن طبيعة المهنة والمسؤوليّات المناطة بعهدة المكلّفين بالمراقبة في أحسن الظروف حفاظا على مصداقيّة الامتحانات وشفافيّتها ومردوديّتها وصونا لسمعة المؤسّسة التّعليميّة وهيبة المدرّس ومصداقيّة الشّهائد العلميّة دعت القطاع إلى طرح مطلب منحة مراقبة الامتحانات الوطنيّة بأجزائها. وإذا كان المكلّفون بعمليّة الإصلاح وكذلك الشّأن بالنّسبة للإداريّين المعنيّين بهذه العمليّة في مراحلها المختلفة يتمتّعون بمنحة فلا شيء يحول دون تمتيع الأساتذة المراقبين بمنحة قارّة بحجم المسؤوليّات والمهام الموكلة إليهم. إنّ عمليّة المراقبة ليست مجرّد مسألة فنّية بقدر ما هي مسؤوليّة أدبيّة ومعنويّة على درجة من الخطورة والدّقّة،... إنّ العديد من المهام والخصوصيّات في قطاعات كثيرة تفترض تمتّع القائمين بها بحوافز ومنح بقطع النّظر عن اختلاف تسمياتها (منحة الخطر، منحة المسؤوليّة، منحة التّغطية، منحة الإشراف، ومنحة الشرف والأمانة) ولعلّ شعار أنّ التّعليم يحتلّ مكانة كبرى في تونس يقتضي النّظر الجدّي في تمكين كافة المعنيين بالمراقبة من هذه المنحة. الخصوصيات تتطلّب هذه العمليّة مجهودات بدنيّة ونفسيّة وحضورا ذهنيّا وتتميّز بالخصوصيّات التّالية 1- طول ساعات المراقبة التي قد تبلغ 5 ساعات باحتساب نصف ساعة قبل انطلاق عمليّة الاختبار ونصف ساعة تقريبا تستوجبها عمليّة ترتيب أوراق الامتحان والتثبّت منها وتسليمها وما يترتّب عن كلّ ذلك من إرهاق مادّي ومعنوي ونّفسي.. 2- ضغط الوقت بحيث يجبر المدعو للمراقبة إلى اعتماد وسائل نقل قد تكون مكلفة أكثر من العادة. 3- مصاريف متعدّدة( تنقّل وأكل). 4- تأدية مهام إضافيّة تتطلّب التّركيز وتستوجب الحضور الذهني المستمرّ بداية بإمضاء أوراق الاختبار وتسليمها بعد التثبّت من الهويّات ورسم قاعة الامتحان... والاحتفاظ ببطاقات التعريف الوطنيّة وإجراء المناداة ومواكبة الخروج الاضطراري وتوفير فرص متكافئة لإجراء الامتحان بالمراقبة الصّارمة والموضوعيّة ووصولا إلى تسليم أمانة أوراق الامتحان. 5- تزامن عمليّة المراقبة مع إصلاح الفروض التّأليفيّة وإعداد مجالس الأقسام وإنجازها والمشاركة في التّوجيه، وغير ذلك من العمل اليومي للأستاذ في مؤسّسته الأصليّة. صيغة المنحة ومقدارها إنّ معدّل موازنة مراقبة الامتحانات الوطنيّة كالتّالي المعمول بها حاليّا تكون كالتّالي : - الدّورة الرّئيسيّة : 4 أيّام - دورة المراقبة : يومان - امتحان شهادة ختم التّعليم الأساسي : يوم واحد المجموع : 7 أيّام فيكون معدّل ساعات العمل حاليّا وتقريبا 25 ساعة (1) وتختلف ساعة المراقبة عن ساعة العمل العادي كما تتجاوز بكثير حجم السّاعات الإضافيّة لجملة الخصوصيّات التي تمّ التّطرّق إليها آنفا وعليه فإنّ قيمة ساعة المراقبة أكثر بالضّرورة من ساعة عمل عاديّة أو إضافيّة. وتتضاعف قيمة ساعة المراقبة عندما ترتبط بما ينجزه المدرّس في هذه الفترة من إصلاح الفروض التّأليفيّة وإرجاعها والمشاركة في مجالس الأقسام والتّوجيه وتنزيل الأعداد وحضور الاجتماعات الإخباريّة كما أسلفنا. لذلك يتبيّن أنّ المقدار المقترح من قبل وزارة الإشراف لا يتماشى وطموحات الأساتذة ومقترح النّقابة ولا يشكّل الحد الأدنى المطلوب. وتأسيسا على ما تقدّم من أنّ الامتحانات عنصر أساسي في العمليّة التّربويّة وأنّ مهمّة المراقبة حلقة جوهريّة في الامتحانات الوطنيّة يتطلّب إنجاحها توظيف جهود كافّة الأطراف التّربويّة ويفترض دعوة كلّ المدرّسين غير المعنيّين بالإصلاح (باستثناء الحالات الخاصّة) للمراقبة. وتأكيدا على ثوابت القطاع في تحقيق التّوزيع العادل للحصص والأيّام بين الأساتذة المراقبين وتخفيفا لعبء عدد ساعات المراقبة وتحفيزا للمدرّسين بما يتماشى وجسامة المهمّة المناطة بعهدتهم وتجنّبا للحيف والتّمييز في توزيع حصص المراقبة وساعاتها نقترح توحيد المنحة المقترحة في امتحاني البكالوريا وشهادة ختم التّعليم الأساسي في منحة واحدة هي منحة الامتحانات الوطنيّة. أهمّّ الإجراءات التّرتيبيّة 1- يتمتّع بهذه المنحة كلّ الأساتذة المدعوّين إلى المراقبة . 2- يدعى كلّ المدرّسين غير المعنيّين بالإصلاح إلى مراقبة امتحاني البكالوريا وشهادة ختم التّعليم الأساسي. 3- أساتذة التربية البدنيّة معنيّون بمراقبة الامتحانات الوطنيّة وتسحب عليهم المنحة. 4- يتمتّع الأساتذة المشرفون على الامتحانات التّطبيقيّة (تقنية، إعلاميّة، مسرح) بهذه المنحة ويعفون من مراقبة بقيّة الامتحانات. 5- تصرف هذه المنحة في آجالها على غرار منحة الإصلاح. 6- تشرّك الهياكل النّقابيّة في ضبط حصص المراقبة. ------------------------- (1) أوردنا هذا المعدّل التّقريبي بوصفه واقعا معمولا به في أغلب الجهات وليس معيارا لاحتساب المنحة.