احتفل لفيف من الأساتذة بالمعهد النموذجي بصفاقس تحت إشراف النقابة الجهوية للتعليم الثانوي وبحضور أعضاء النقابة العامة بتكريم الأستاذين الأخوين محمد الشريف ومحمد الحمزاوي . الرجلان فضلا عن سجلّيهما الحافلين بالنضال النقابي مدة تفوق ثلاثة عقود فقد وساهما في تخرج عديد الإطارات العليا، وقد تداول العديد من الأساتذة على الكلمة أثناء الاحتفاء ليعبروا عن مشاعر التقدير و الامتنان نثرا وشعرا للأستاذين، وقد ابتُدئ الاحتفال بتكريم الأخوين محمد الشريف و محمد الحمزاوي بكلمة الأخ عامر المنجة كاتب عام النقابة الجهوية للتعليم الثانوي بصفاقس و التي رحب فيها بالحاضرين من أساتذة و متفقدين وضيوف عن النقابة العامة للتعليم الثانوي ثم تطرق عن ما تميز به الزميلان المحتفى بهما في أدائهما للرسالة التربوية من تفانٍ وعطاء وما قدماه لنقابة التعليم الثانوي من مساهمات جليلة كانت خير سند ومناصر لها خاصة أيام المحن وزمن الأزمات النقابية، ثم أحيلت الكلمة إلى الأخ سامي الطاهري الكاتب العام النقابة العامة للتعليم الثانوي الذي عبر عن فرحته لبلوغ المحمدين سن التقاعد وهما في حالة صحية جيدة وأكد أن نقابة التعليم الثانوي تعودت ومازالت على تكريم أبنائها المناضلين ومذكرا بأن محطات نضالية كثيرة وكبيرة مازالت تنتظر الأساتذة حتى تكنس بقايا النظام البائد وتحقق مطالبها المشروعة التي ناضلت من أجلها و ستواصل المسيرة بدءا من 14 سبتمبر 2011 حيث أنه لاسبيل لبقاء رموز التجمع و الفساد على رأس المؤسسات التربوية وأنه لا بد من مراجعة المنظومة التربوية التي تهرأت: ثم تناول الكلمة الأخ الشاذلي قاري الكاتب العام للنقابة العامة للتعليم الثانوي سابقا و الذي أكد بأنه تعرف على الأخ والأستاذ محمد الحمزاوي أثناء محنته و الضيم الذي سلط عليه من قبل زبانية النظام البائد، وقد اكتشف فيه رباطة الجأش و صبر أيوب كما أشاد الأخ الشاذلي بحنكة ودهاء الأستاذ الأخ محمد الشريف و الذي قال عنه بأنه كان بحق منقذا للتعثرات و تعطل لغة الحوار التي كانت تسود من حين إلى آخر الهيئات الإدارية لقطاع التعليم الثانوي. وفي كلمتة »للشعب« قال: الأخ محمد الشريف: أولا: شكري و تقديري لزوجتي على ما تحملته معي وما تحملته ما تقدر عليه إلا مناضلة أصيلة ولابنيّ خلدون ويسر لا تسعفني اللغات بعبارة للاعتذار لهما عن تقصيري في حقهما ولكن ليعلما أني أكن لهما كل الحب وإني بهما لفخور. ثانيا: إني أشعر بالإعتزاز بالإنتماء إلى هذا القطاع الذي عملت فيه طيلة 36 سنة وقد دخلته مختارا عاشقا حيث رفضت منحة جامعة لدراسة الحقوق في زمن لا يوجه إلى كلية الحقوق إلا المتفوقون وآثرت عليها كلية الآداب شعبة العربية لممارسة المهنة التي تمكنني من المساهمة و لوبقسط قليل في تربية الناشئة و فق ما أومنوا به من قيم . كما أشعر بالامتنان لزملائي الذين شملوني بعطفهم و دثروني بعبارات الحب. إليهم جميعا كل التقدير و الشكر كما لا يفوتني أن أشكر أعضاء النقابة العامة الأخوة سامي وزهير ولسعد وأخص بالذكر أخي ورفيق دربي الشاذلي قاري الذي تجشم مشقة السفر و شرفني بالحضور . في لحظة التكريم أحسست أن الماضي لحظة و المستقبل دهر وقد و لدني المكرمون ثانية و لادة جديدة و بعثوا فيّ من الحماس ما يدفعني إلى تكريس كل جهدي ووقتي الذي سيكون متسعا للمساهمة ولو بقسط قليل فيما سيقدمون عليه من بناء يزيد تونس جمالا و رفعة و منعة . في لحظة التكريم أيضا ترسخت لدي قناعة قديمة متأصلة بأن الاتحاد العام التونسي للشغل منظمة شامخة عتيدة و مازال عليها واجبات تجاه الوطن والشغالين ولا يستقيم أمر في تونس إلى باتحادها العظيم أما الأخ محمد الحمزاوي فقال: بعد 41 سنة بين التعليم الابتدائي و الثانوي أحلنا على التقاعد في جو شعرت من خلاله بالسعادة لأن التكريم هو في حد ذاته عودة إلى الماضي ولكن الأهم من ذلك أن التكريم حاضر يطمئن الأجيال القادمة بأنها ليست معزولة و أن المربي يعمل داخل أسرة متوحدة ومتضامنة مهما تكن الاختلافات في المواقف الفكرية و الرؤى الإيديولوجية. الحمد لله أني بلغت سن التقاعد في صحة جيدة جسمية وذهنية هذا في حد ذاته كسب لأن التعليم مهنة من أشق المهن ترهق المربي و تجعله خاضعا باستمرار إلى ضغوطات عديدة . كما نحمد الله على انتصارنا على الأزمات التي عشناها و التي تجاوزناها بسلام وعلى سبيل الذكر لا الحصر 26 جانفي 1978 والاعتداء على الاتحاد العام التونسي للشغل في 1985 وغيرها من المحطات النضالية التي ساهمنا فيها بقسط متواضع مع بقية المناضلين . نحال اليوم على سن التقاعد و قد انتفضت البلاد وهي في طريقها لإنجاز المهمات الثورية وهذا كسب وحلم راودنا منذ 1967. سنحال على التقاعد لنبدأ مرحلة جديدة من النشاط والعمل الدؤوب لأن النضال في سبيل حقوق الانسان والتصدي للظلم والاستبداد لا يتوقف و لا يخضع إلى التقاعد وإلا يصبح المرء متخليا عن القضايا الإنسانية التي ترفع من شأن الفرد والأمة وتحافظ على عزتها وكرامتها. تجربتي في التعليم فريدة وطريفة من نوعها إذ رافقت مختلف الأجيال معلما في المدارس الابتدائية أستاذا في المعاهد الثانوية ومدرسا ومؤطرا للكهول. إن الرسالة التربوية لا تختلف في جوهرها مهما يكن مستوى التدريس لأنها تقوم أساسا على الصلة بين الباث والمتلقي . أشكر كل من حضر من الزملاء الكرام أساتذة و متفقدين وأعضاء النقابة العامة للتعليم الثانوي الذين أبَوْا إلا أن يحضروا تكريم أخي وزميلي محمد الشريف وتكريمي رغم حرارة الطقس ومشاغلهم المتعددة وأتمنى للأجيال القادمة ظروفا أحسن من الظروف التي عملنا فيها ويتحقق لهم ذلك بالتآزر فيما بينهم وبالشعور بالمسؤولية بأنهم في صدارة من يحرر البلاد من الضيم ويدافع عن مناعتها وليسوا مجرد موظفين يتلقون أجورهم في آخر الشهر.