تحيي المرأة التونسية اليوم عيدها الوطني الاول بعد الثورة تساورها عديد التساؤلات حول ضمان مكاسبها المادية والاجتماعية والسياسية التي تحققت لها بقرارات سياسية متباينة المقاصد والاهداف من بورقيبة الذي تبنّى مجمل تصورات وأفكار الاصلاحي الوطني نير الفكر الطاهر الحداد التي جمعها في مجلة الاحوال الشخصية التونسية والتي اعتبرت ثورة في الوطن العربي بالنسبة الى حقوق المرأة والعلاقة الزوجية وبناء الاسرة التونسية والتي هي في الاساس مستوحاة من التشريع الاسلامي الى زين العابدين بن علي الذي لم يتناول موضوع المرأة الا بعد مرور بعض الوقت على توليه رئاسة البلاد حيث كانت كل الامتيازات التي أعطيت للمرأة التونسية بابا للرياء والتفاخر امام المؤسسات الدولية والمنظمات الحقوقية العالمية فقط لكسب الدعم السياسي والتغاضي عن الممارسات الداخلية والتجاوزات القانونية والحقوقية لأن المرأة البوابة المربحة في هذا الجانب الذي تشترط اعتماده كل المنظمات الدولية حتى ان المرأة اصبحت ديكورا تزين به المنصات الشرفية وهذا كلام كنت شخصيا تناولته في مثل هذه الاحتفالية السنوية وطالبت بأن تناضل المرأة من أجل افتكاك حقوقها ومكتسباتها لا أن تهدى لها وكل الحقوق التي تمنح من باب المنّة والتفضّل سهل جدا شطبها والانقلاب عليها من مانحيها قبل اعدائها ان كان لها أعداء لأن من يعاديها واضح في مواقفه اما من منحها فهو دائما يطالب وينتظر رد الجميل ولقد عشنا عديد الشعارات التي رفعت تمجيدا للرئيس المخلوع من قبل النساء المثقفات والمواليات لولي نعمتهن دون ان ينقص ذلك من قيمة عديد المناضلات والحقوقيات اللاتي يقف لهن الواحد منا احتراما وتقديرا لمواقفهن وصمودهن وليس هنا المجال لتعداد بعضهن لكن السواد الاعظم كانوا على غير هذا الاتجاه لأن الدفاع عن حقوق المرأة في العهدين السابقين لم يتناول قط مشاكل المرأة بكل ابعادها ولم تكن عديد الاصناف من النساء في أجندة التنظيمات النسائية الرافعة لشعارات الدافع عن حقوق المرأة لانه اكثر من ذاقت الامرين في الفترة السابقة عاملات التنظيف اللاتي عشن المعنى الحقيقي للاستعباد والرق واللائي ساومهن بعضهم على شرفهن وقوت عيالهن مقابل دراهم معدودات ولانه لم تكن في حساباتهم المشاكل الحقيقية للمرأة الريفية وما تعيشه من غبن وتهميش وما نشاهده في الاونة الاخيرة من مشاهد مزرية للعائلات الريفية والمحيط الذي تعيشه المرأة الريفية الذي يشبه كثيرا حياة ما قبل التاريخ وهي التي مازال كل الشعب التونسي يستغربها ويستنكر وجودها بعد ستين سنة من الاستقلال ولم يكن في أجندة المنظمات النسائية بتونس ان تقوم بحملة تحسيسية للفتيات المشردات في شوارع العاصمة والمدن الكبرى وهن شبه عاريات في فصل الصيف مدمنات على التدخين وشرب المسكرات واتيان المحرمات يكاد يكون الامر على قارعة الطريق لم يكن في أجندة تلك المنظمات ان تقوم بحملات تحسيسية للفتيات الطالبات اللاتي يتم التغرير بهن من عديد الاطراف التي كثيرا ما تسفر عن مآسٍ عائلية كارثية ان الدعائم التي ارتكز عليها كل من (بورقيبة وزين العابدين بن علي والمرأة التونسية) لتوظيف ما جاء في فكر الحداد وعملت على تطويعه لتنال اهدافها المتباينة والمتباعدة بتباعد تركيبتهم وتفكيرهم وانتماءاتهم اقتبس كل منهم ما يناسبه وطالب البقية بأن تتخذه دينا لابد من اعتناقه واتباعه مغمضي الأعين في حين ان الطاهر الحداد ما طالب بأن تكون المرأة التونسية العربية المسلمة خارج محيطها البيئي والديني والثقافي لان الموروث الثقافي النسوي ببلادنا ما كان فقيرا او منقوصا بل هو في تنوع ثري على جميع الاصعدة انطلاقا من السلوكيات والمعاملات والتواصل بين المرأة والرجل والترابط الاسري وغيرها من القيم النبيلة بما فيها اللباس وخصوصيته حتى ان الحداد لم يحارب يوما الحجاب او طالب المرأة التونسية بالسفور ولقد خصص حيزا من كتابه للتعريف بالسفور الماجن واعتبره مروقا من الفتاة عن التقاليد والاخلاق الاجتماعية وعدد بوضوح بعض مظاهره لدى المرأة بل هو دعا إلى ما هو اكثر احتراما وقيمة ذاتية للمرأة باعتبارها كائنا حيا ونصف المجتمع وتعتني بالنصف الآخر في كل جوانبه منذ نشأته الاولي وقد اعترض ان تكون المرأة أداة متعة في صورة آنية تباع وتشترى وتترك متى رغب الرجل فيها ومتى نفرها لقد رفض الحداد للمرأة التونسية ان تعيش معصوبة العينين لا تعرف من الدنيا سوى ما يقدمه لها الرجل ولما تحاول ان تعتمد على ذاتها دون ذلك تزل قدمها وتنغمس في المهالك وتكون مجلبة للعار لأهلها والسخط على نفسها من الجميع لقد أراد الحداد للمرأة ان تكون مالكة لقرارها في زواجها وطلاقها في ممتلكاتها وميراثها في نمط عيشها وتربية عيالها في مشاركتها في الحياة العامة وابداء رأيها في تعلمها والذهاب بعيدا في اثبات قدراتها العلمية والفكرية في تواجدها داخل المجتمع على انها طرف فاعل ينظر اليه بكل احترام لا على انها كتلة متحركة لاثارة الغرائز البهيمية عند جل الرجال الذين وان جاملها البعض وادعى التحضر الزائف فانه حتما يحدث نفسه واصدقاءه من بعدها حديثا اخر من نفس المنطلقات الشهوانية لقد رفض لها الحداد ذلك منذ سنة 1930 ورفض لها مثل تلك الوضعيات وقد حذر الجميع من المستعمر ومخاطر المستعمر والانبهار بما هو آت من الغرب من لباس وتبرج وسفور والسجائر وارتياد الاماكن العامة دون موجب فقط للظهور المجاني اولربط علاقات مشبوهة كلها نبذها الحداد وتأتيها للأسف بعض فتياتنا هذه الايام ثم هل أحسنت المرأة توظيف الحرية التي ارتضاها لها الحداد وأودي لأجلها ونعت بالزندقة والالحاد؟ هل اعترفت المرأة بالجميل لمن مات غبنا وكمدا لأجل افكاره المناصرة لها؟ هل كانت مكاسبها في العهدين السابقين اكبر مما طالب له لها الحداد؟ الذي نادى بضرورة تقديمها في احسن صورة من حيث التعليم والعمل والاخلاق والسلوك الاجتماعي العام والدفء العائلي لانه يؤمن بأن المرأة العربية قادرة على ان تذهب بعيدا في كل الميادين لو فسح المجال امامها ولما نقول ان تعطي المرأة فرصة لاثبات قدراتها المقصودة طبعا الفكرية والاخلاقية والعلميّة والمساهمة في الحياة العامة وان تأخذ من كل طرف بسبب وهي قادرة على ذلك نحن لا نريد لها حرية مشروطة بل نريد للمرأة التونسية ان تتخلص من رداء الوصاية الابوية لرجل السياسة عليها لتبني حريتها وتنحت شخصيتها الاجتماعية وتحدد نوعيتها من منطلقاتها الشخصية وتقتحم على الجميع مناطقهم المحرمة عليها بنضالاتها ومساهمتها الفعلية انطلاقا من ثورة 14 جانفي التي تحملها مسؤولية النهوض بالوطن وارساء الديمقراطية والعدالة الاجتماعية على قدم المساواة مع أخيها الرجل دون افراط ولا تفريط وكل عام والمرأة التونسية بخير وسلامة.