هي موجة غير مسبوقة من المجاعة في الصومال نتيجة توالي موسمين من الجفاف في القرن الافريقي اضافة الى النزاع المسلح بين القوّات الحكوميّة وقوات حركة الشباب الاسلامية. مجاعة هي الأخطر منذ 60 عاما التي ضربت الصومال ولا أدل على ذلك من المشاهد المروعة التي نقلتها الفضائيات حول الوضع الانساني في القرن الافريقي... والعالم يتفرّج! فهل هناك أخطر وأسوأ من اضطرار النساء الصوماليات إلى ترك أبنائهن على قارعة الطريق ليموتوا جوعا وهن في طريقهنّ نحو مراكز الاغاثة البعيدة جدّا بعد أن خارت قواهم (الأطفال من شدّة الجوع وهو ما نقلته وكالة «رويتر» للأنباء والعالم يتفرّج! وقد طلب الأمين العام للأمم المتحدة مبلغ 6،1 مليار دولار من منظمة الأغذية والزراعة «فاو» لانقاذ ملايين البشر من الموت جوعا فكان الاجتماع الوزاري الطارئ الذي عقد بايطاليا دون الانتهاء إلى أيّة خطّة لمواجهة أخطر مجاعة تضرب الصومال والبلدان المجاورة لها لتفشل «الفاو» في جمع المبلغ المدكور والعالم الحرّ يتفرّج! رغم أنّ المديرة التنفيذية لبرنامج الغذاء العالمي «جوزيت شيران» قد كشفت عن تفاصيل مروعة يواجهها الصوماليون أثناء تنقلهم إلى مراكز الاغاثة القليلة والبعيدة حيث قالت: «انّ الكارثة تحالفت فيها الطبيعة والنزاعات الاقليميّة ممّا جعل الأمهات الصوماليات يجدن أنفسهنّ أمام خيار كريه.. هو ترك أطفالهنّ الموتى على قارعة الطريق الذي يقودهنّ الى مراكز طعام ازدحمت عن آخرها كما هو حال معسكر «باداب» الكيني الذي ضجّ ب 400 ألف شخص بينما لا يتسع الاّ لتسعين ألفا.. والعالم المتقدم المتحضّر يتفرّج! هذا العالم الذي يتعامل ببرودة ولامبالاة مع هذه الكارثة الانسانية والذي تحرّك بسرعة فائقة بدفع من مجلس الأمن والدول الكبرى عندما تعلّق الأمر بآبار النفط الموجودة في ليبيا تحت عنوان حماية المدنيّين. من كتائب القذافي. وعلى ذكر ليبيا فها هو عقيدها ومنذ انقلابه على الملك ادريس السنوسي أي منذ الفاتح لم يطلق رصاصة واحدة نحو أي عدو من الأعداء ولكنّه واجه الثوار الأحرار بالحديد والنار، وهو الذي يتحدّث طيلة أكثر من أربعين عاما عن خطر الصهوينية والامبريالية والاستعمار و.. ويتظاهرُ بانشغاله وعطفه عن البلدان الفقيرة والجائعة ، ولم يحرك ساكنًا للكارثة التي تضرب الشعب الصومالي! وأقسم لكم بأغلظ يمين أنّني ضحكت وقهقهت وأنا أطالع خبرًا في المترو باحدى الصحف إلى درجة أنّني جلبت انتباه الركاب القريبين منّي.. هذا الخبر يقول: انّ العقيد الليبي طالب بتنحّي رئيس الوزراء البريطاني «ديفيد كاميرون» معتبرًا أنّه فقد شرعيته بسبب أعمال الشغب التي تشهدها عدّة مدن بريطانية منذ أيّام «ونسي أو تناسى حربه الدائرة بكامل مدن الجماهيرية والتي أتت على الأخضر واليابس وذهب ضحيّتها العدد المهول من الليبيين وهاهي ما تزال متواصلة! لقد هرب مائة ألف صومالي إلى العاصمة «مقديشو» خلال شهرين بسبب المجاعة التي تهدّد حوالي أربعة ملايين في الصومال وحده من بين 12 مليونا بالقرن الافريقي.. أيّها العالم الحرّ!