كما المسجد كما المدرسة بيت مقدّس. أراد خوارج الثّورة أن يعبثوا بها: تداس وتنتهك حرمتها ولا نعرف من الفاعل الحقيقي ومن وراء هذه الانتهاكات والاعتداءات التي تشهدها المؤسسات التربوية والعاملين بها خاصّة. فمن قِيَلَ إنّهم «أولياء» وفي أغلبهم غرباء عن الفضاء التربوي إلى منحرفين قيل إنّهم من خريجي السجون حديثًا إلى آخرين لم نتعرف عليهم بَعْدُ. كلّ هؤلاء وغيرهم يعيثون في الأرض فسادا دون عقاب تتالت الحوادث والظواهر الغريبة في الضاحية الجنوبية من تونس كانت بدايتها بمدرسة حي الكعب وبمناسبة لقاء بيداغوجي تطوّعت زميلتي فيه للقيام بدرس شاهد فما راعها والفريق التكويني من متفقد ومساعديه والزّملاء الضيوف والاطار التربوي للمدرسة. ما راعهم إلاّ وجمع يقتحم المدرسة ويتهجّم على الزميلة وينهال عليها سبّا وشتمًا وتجريحًا للزميلة وزملائها. مرّت هذه الحادثة، تعاملنا معها بأسلوب حضاري وغلّبنا المصلحة الوطنية ومصلحة الناشئة وبعد التزام من المتهجمين قلنا عفا اللّه عمّا سلف. لكنّ هذه الحادثة تتكرّر مرّة أخرى لتقتحم وليّة أخرى مدرسة صلاح الدين بوشوشة، وتمسّ من كرامة زميلة تصل إلى اشتراط تنحيتها عن تدريس ابنها قائلة Dégage هذه الكلمة التي خلنا أنفسنا صرخنا بها للجهلة والخونة والسراق و«الخمّاج» والمستبدين ولكنّها لم تصغ إلى المرّبين الذين هم الشمعة التي تذوب لتنير طريق الأجيال القادمة. إلى هذا الحدّ تفاعلنا مع هذه الممارسات بحكمة وصبر وبُعد نظر ومصلحة وطنية وخضنا أشكالا نضالية كالعرائض والتّنديد والوقفة الاحتجاجية والتحاور مع الدوائر المسؤولة من ادارة وأمن. إلى هذا الحدّ وكفى. لكن أن يصل الحدّ الى الاعتداء على الزميلات أمام المدارس وبداخلها فهذا أمر لا نقبله ولا نسمح به أبدًا. أن تذهب المعلّمة إلى عملها وكلّها حزم وجدية ومسؤولية واستعداد للقيام بواجبها حتى تتعرّض إلى تعنيف وسلب Bracage فهذا أمر مرعب ومخيف حتى لا نقول خطير جدّا لأنّنا لم نتعوده حتى في أقاصي الأرياف وفي أمسيات الشتاء الدامس عند العودة إلى البيت أمر محيّر من هؤلاء الشرذمة من الأوغاد المجرمين الجبناء الذين يتعرّضون طريق زميلاتي قصد سلبهنّ وترهيبهنّ وترويعهنّ ممّا أصاب الزميلات هلع وخوف انعكس على أدائِهنّ. وهنّ اللاتي ضحيّن مع زملائهم في أوقات الشدّة، فلا يجب ان ننسى سنة 2011 كيف مرّت على المرّبين والمربيات الذين ضحّوا وعملوا في ظروف صعبة من أجل انجاح السنة الدراسية وأنجزت موعدًا آخر مع الوطنية والمسؤولية والنضج. أهذا جزاء المربين والمربيات أن ينهالوا عليهم شتما وسبّا ويفتكوا بهم ويَقٍلُّ احترامهم؟ إلى كلّ من يهمّهم أمر العلم والمعرفة والتربية والتعليم من أولياء محترمين وادارة مسؤولة وأمن جمهوري أن يتجندوا من أجل احترام مكتسباتنا. وإلى كلّ زملائي وزميلاتي أن نتكتّل من أجل حماية أنفسنا وإلى نقابتنا مزيدا من الحزم والتعامل مع هذه الأشكال المحبّة للعنف الجارف الذي انتهك فضاءنا التربوي الذي يجب أن يحيّد عن كلّ تجاذبات وخلفيات.