يا أبي ... تمدد ظلك في أيام عمري . أحادثك هناك حيث الموت أرحم ويخنقني فيض روحي فابكي أحدث طيفك بعد الغياب فبعدك ... عز التواصل بين البشر أبي ... يا ابي رايت وجه أمي حين «قانا» أحرقت شعر الحواة سمعت صرخة الموت و»قانا «طفلة تحبو على سطح الحياة تضيق المساحات في أفقها وترسل نظرتها في إختناق تلملم ذكراك تسأل مثلي لماذا إنطفا الفرح ؟ وصار البشر بقايا بشر ؟ تلوث فيهم لسان ... ويد ؟ وصار زبد ؟ وبتنا جميعاً كأحجار رند
تلوث وجه الزمان تلوث وجه المكان واليأس عشش فينا ؟ ومتنا ... كموتك يا أبي للأبد ؟ ماذا أكتب يا ابي وفي الحلق بحر من الملح وصوت الحروف فجيعة ؟ أبي طفلتك لم تعد الجريئة أصبحت ... تخاف تخاف من كل الأشياء الممنوعة من الغضب من كل الأجساد الموجوعة في سجن التاريخ أصبحت تخاف من تلك النيران الموبوءة تمطر فوق صحاري الجدب أصبح وطني مومس ... شيخ سكير مسجد .. صليب .. ماخور كلها في وجه اليأس .. وأنهار الحزن سنوات صمت صاخبة عاشتها ضمائرنا دون أن تتخطى العتبة الأخيرة إلى أين ذهبت يا أبي ؟؟ كنت تحدثني عن الوطن .. وعن الأرض .. وما تعنيه اليوم تغير منطقنا يا أبي تغير لون الأصابع شكل العظام ومات الشباب وأصبحنا نأكل لحم البشر ويهرب منا الوضوح وماتت في دمنا الكبرياء أبي ...
أخجل أن أروي لأطفالنا حكايتنا نحن الصغار فعجلة الموت تدور سوداء كالموت تمحي الأطفال تهرس تحت الأحجار أغنياتهم البريئة تلك التي تشبه ضحكات الآخرين وألعابهم أأنتحب يا أبي كما إنتحبت أمهات الوطن أولئك الأطفال الذين يقتلون في السجون وتحت الأنقاض تلد النساء أطفالاً نبتت أرواحهم ... زهوراً في ضفة الجرح كبرت ... أورقت غصوناً تتقاتل ... وتقاتل فمن يسمي الشهيد .. شهيداً ... وهو طفلاً حتى الصدى ... تلاشى لم يبق .. سوى .. بعض الشيوخ ... ونداء أم إمتلأت الأرض ضحايا ولا مكان للجندي المجهول فحضن الموت ضاقت وحجاب الصمت تكاثف حين نطقت الأحزان غربة الديار وضاعت مفردات العمر القديمة لم يبق من لغة الحياة والموت
غير لهيب دموي ينتفض القدر فيه رعباً حوافر الغدر تنهش تاريخ ومجد ... هذا الوطن الذي توضأت .... جبين الطفولة في ينابيعه كيف يستعيد الرجال ملامحهم والنار تجتر أسماء مضت قبل موتها . وأنا غريبة الموطن يا أبي أسمع صدى صوتي غابراً عبر السنين ...
كنت أنتظر ... أنتظر طيفك ...كي أراك اليوم أومي إليك لا تعد يا حارس الماضي المضيء فلا مكان للأنبياء صلبناهم من جديد وقبعنا على عتبة التنين يدثرنا اليأس والدمار ومتنا كموتك يا أبي ... إلى الأبد