للذين حاولوا منع المفكرة ألفة يوسف والفيلسوف يوسف الصديق من تقديم الدرس. بدار الثقافة بقليبية نقول إن محاولات اغتيال العقل كلها باءت بالفشل لأن العلم والمعرفة أقوى من الجهل والظلمات لأن تنوير العقول وتغذية النفوس وإنارة الشعوب قدر العلماء والفلاسفة ورسالة المفكرين والمبدعين للإنسانيّة جمعاء. إن محاولات اغتيال العقل وقتل الفكر وتكفير الاختلاف عبر العصور لم تكن سوى محاولات يائسة وبائسة عبّرت عن جبن وهروب من المقارعة الفكرية والمجادلة العلمية. كما عبّرت عن فقر معرفي وتضليل وخوف ورعب من الحكمة والبرهان مثلما كان الخوف من القمع والاستبداد ساكنا فيهم . لماذا نستقبل الدعاة الدجّالين الغرباء عن مِصْرِنَا وعصرنا ونمنحهم المساجد لإلقاء سمومهم رغم رفضنا لهؤلاء المشعوذين؟ لماذا يحرم علماء تونس ومفكريها من إلقاء الدرس؟ لماذا يكفّر فلاسفتنا وعباقرة تونس ويمنعون من بيوت الحكمة «دور الثقافة» للتحاور والجدال والتنوير والمقارعة «قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين» الجواب واضح وجليّ هنا في بلدنا الجميل من وهو الغريب عنها وعن ثورتنا من يحاول تجميد الفكر واغتيال العقل في وطن عرف التميّز بعلمائه ومفكّريه منذ أبد الآبدين. عرف الاجتهاد والتنوير منذ أزل السنين وعرف التنوّع والاختلاف منذ قدم السنين. أعود وأقول لماذا تهان نساء الفكر ورجاله على أرض قرطاج؟ لماذا يحرم رجال العلم ونساءه من الكلام من قبل فئة نخالها غريبة عنا ؟ شاءت أقدار هذه الثورة أن تظهر على حين غرّة رغم أنّنا لم نر لها وجوها و لم نسمع لها عويلا ولم نعترض لها طريقا سنوات الجمر وأيام الثورة. لماذا يهدد هؤلاء المتسلقون خيرة قومنا ويحدثون البلبلة والفرقة في جمعنا عنوة وإكراها؟ لماذا يستبدّ هؤلاء الدخلاء عن ثقافتنا بزماننا ومكاننا؟ حتما لأن جهلوتهم يمقت العلم ولأن ظلامهم يهاب النور ولأن مشروعهم يخشى الفكر والاجتهاد. رغما عنكم سنقرأ لألفة يوسف وسنستمع للفيلسوف يوسف الصديق وسندافع عن رجاء بن سلامة وآمال القرامي و سنقرأ لمحمد الطالبي مثلما قرئنا كتاب «السياسة» لأرسطو و«المقدمة» لإبن خلدون وسنستمع ونستمع وسنقرأ ونقرأ لأحمد أمين وفرج فودة والطاهر الحداد وسنردّد شعر الشابي «إذا الشعب يوما أراد الحياة فلابد أن يستجيب القدر » وقدرنا اليوم هو محاربة الظلمات أينما كانت. وهؤلاء الصبية الدّخلاء المتسلّقون على ثورتنا التي رويت بدماء شهدائنا وهم منهم ومن استبدادهم وظلماتهم براءة. البارحة استباحوا المساجد واستهدفوا المسارح واليوم انتهكوا دور الثقافة والإعلام وغدا سيستبيحون بيوتنا لا محالة لأن حماة البلد غائبون أو في سباتهم نائمون. متغافلون عن بيوت حرّمت الثورة تدنيسها. ألم يقدّم شهدائنا أنفسهم قربانا للحرية في كل تجلّياتها جسدا و روحا وفكرا وعلما ومعرفة؟ حتى الطاغية المخلوع الجاهل بالعلم والمعرفة والمهين للعلماء والمفكرين والمبدعين لم يحاول اغتيال العقل. أين نحن من هذا التعنيف لذوقنا والتكفير لعلمنا والتحنيط لعقلنا؟. أفق أيها الشعب فمن نام لم تنتظره الحياة ... خذ هذا على الحساب، حتى يأتيك العقاب وفاءا لشهيد الفكر النيّر المصلح الاجتماعي والمناضل النقابي وبمبادرة من مناضلات نقابيات الاتحاد العام التونسي للشغل ودعما من المكتب التنفيذي الوطني توجه جمع من المناضلات النقابيات والنقابيون إلى مقبرة الزلاج موشحين بعلم تونس والاتحاد وصور الزعماء النقابيين محمد علي الحامي وفرحات حشاد وأحمد التليلي والحبيب عاشور. ذهبوا إلى قبر المفكر التونسي الطاهر الحداد لقراءة الفاتحة على روحه الطاهرة ووضع باقة زهور على قبره الذي طاله الاعتداء بالتدنيس. وقد عبر كل من حضر يوم 5 ماي 2012 بمقبرة الزلاج من نقابيين وحقوقيين ومناضلات المجتمع المدني عن تنديدهم بهذه الممارسات المشينة والغريبة عن بلدنا المسلم والمتسامح، كما عبروا عن رفضهم لكل أشكال العنف والاعتداءات التي طالت حتى المقابر مثلما عبّر سابقا التونسيون والتونسيات عن رفضهم للاعتداء على العلم المفدى وضريح الزعيم حشاد وبعض مقرات الاتحاد العام التونسي للشغل برمي القمامة والمؤسسات العلمية والإعلامية . كما تمت قراءة بيان المكتب التنفيذي الوطني للاتحاد العام التونسي للشغل الذي شدد على إدانته لهذا الاعتداء الخسيس مطالبا بفتح تحقيق للكشف عن هؤلاء المعتدين .